Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سيناريو حادثة مقتل نائب القنصل التُركي في أربيل والجهات المسؤولة

أغلقت الأجهزة الأمنية الكُردية كل المنافذ الخارجية للمدينة وشددت إجراءات الدخول والخروج

تعرض العديد من موظفي القنصلية التُركية في مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، لإطلاق نار، أدّت إلى جرح ومقتل العديد منهم، بما في ذلك نائب القنصل العام، التي قالت وسائل إعلام تركيا إنه فارق الحياة، مع ثلاثة من مرافقيه.

الحادثة وقعت ظهر اليوم الأربعاء 17 يوليو (تموز) 2019 في مطعم مقابل مبنى القُنصلية التركية، حيث كان نائب القنصل متوجهاً لتناول وجبة الغداء. وفي التفاصيل فقد هاجم شخص واحد بمسدسين آليين كاتمين للصوت، مكان وجود القنصل، وبدأ بإطلاق النار العشوائي على الموجودين، بما في ذلك عُمال المطعم، ولاذ بالفرار مع مجموعة كانت تنتظر خارجاً، قبل أن تتمكن الأجهزة الأمنية المنتشرة في المنطقة من إلقاء القبض عليهم.

إجراءات أمنية

وأدى الحادث إلى انتشار الأجهزة الأمنية الكُردية في كامل المنطقة حيث القنصلية التُركية، بين منطقتَي "عين كاوا" و"شورش"، وحيث تنتشر العديد من القنصليات الأجنبية والأماكن العامة والتجارية والسياحية، فالمنطقة تُعتبر الوسط التجاري لمدينة أربيل.

كذلك فقد أغلقت عناصر الأمن جميع المنافذ الخارجية لمدينة أربيل، وشدّدت إجراءات الدخول والخروج من المدينة، وتحديداً في الطريق الجنوبي، الذي يؤدي إلى مخيم مخمور عند الحدود الفاصلة بين محافظتَي أربيل والموصل، حيث مخيم لأكراد تُركيا مُنذ أواسط الثمانينيات، وثمة سيطرة سياسية وأمنية لحزب العُمال الكُردستاني على ذلك المخيم.

وكانت الأجهزة الأمنية الكُردية قد أصدرت بياناً، قالت فيه إنها "تُدين بشدة الحادث المأساوي، وتعلن للرأي العام قيامها بواجبها تماماً في حماية الموظفين والرعايا الأجانب في إقليم كُردستان، وإنها فتحت تحقيقاً موسعاً وشاملاً حول ما جرى، وسوف تُعلم الرأي العام بنتائجه عما قريب".

كذلك أصدرت وزارة الخارجية العراقية بياناً مشابهاً دانت فيه حادث الهجوم على الدبلوماسيين الأتراك في أربيل، وأكدت أن أحد مرافقي القنصل كان عراقياً. الخارجية العراقية وعلى لسان المتحدث باسمها أحمد الصحاف، أكدت في البيان المُقتضب تواصلها التام مع الأجهزة الأمنية لإقليم كُردستان العراق، لمعرفة الجهة الفاعلة.

ثلاثة احتمالات للفاعلين

لم تظهر حتى الآن أية إشارات إلى الجهة التي تقف وراء الحادثة، لكن مصدراً أمنياً كُردياً، أوضح لـ "اندبندنت عربية" أن "ثمة ثلاثة احتمالات تقف وراء الحادثة، سوف تسعى الأجهزة الأمنية الكُردية إلى التحقق منها خلال الفترة القريبة المقبلة".

المصدر الأمني قال إن "إمكان أن يكون الحادث جنائياً صغيراً للغاية، فطريقة الهجوم العشوائي على القنصل ومرافقيه، وفي مكان عام قرب مركز عمله، وليس في فضائه الشخصي، يُثبت أن الجريمة ذات رسالة سياسية، تسعى الجهة المنفذة إلى أن توجهها إلى كُل من تُركيا وإقليم كُردستان العراق".

الشكوك الأولى تتوجه إلى حزب العُمال الكُردستاني والجهات المُرتبطة به. فالحزب يخوض صراعاً سياسياً مديداً مع أنقرة، في أكثر من ساحة إقليمية، تحديداً في شمال سوريا وإقليم كُردستان. فوق ذلك، فإن العُمال الكُردستاني يعاني طوال الأشهر الأربعة الأخيرة من هجوم الجيش التُركي على المقار والمعسكرات الخاصة به عند الحدود الفاصلة بين تُركيا وإقليم كُردستان العراق، حيث تخوض أنقرة عملية عسكرية تحت مُسمى "المخلب"، قالت قبل أسبوع واحد إنها "ستوسّعها لتصل إلى كامل المنطقة الجبلية التي يتحصّن فيها العُمال الكُردستاني، بما في ذلك الحدود التي تفصل الإقليم عن إيران، في جبال قنديل الحصينة".

المصدر الأمني أشار إلى الجهة التي أعلنت قبل قُرابة الأسبوعين تشكيل نفسها تحت مُسمى "قوات الدفاع الذاتي"، والتي هدّدت في بيان مصوّر القوات والمصالح التُركية في إقليم كُردستان العراق، معتبرة أن ما تقوم به تُركيا بحجة محاربة الإرهاب أنما هو شكلٌ من أشكال الاحتلال والسيطرة على الإرادة الكُردية. ذلك البيان الذي أثار حفيظة قوات البيشمركة والأجهزة الأمنية الكُردية، التي حذّرت العُمال الكُردستاني من القيام بأية أعمال داخل إقليم كُردستان، أو ما يضر بعلاقات الإقليم مع دول الجوار.

لكن مُراقبين أكراداً قريبين من حزب العُمال الكُردستاني، استبعدوا قيام حزبهم بمثل تلك الأعمال، لعدم قيام الحزب بأعمال شبيهة من قبل، وهي كانت قادرة على ذلك، وفي العديد من الدول. فالعُمال الكُردستاني يعتبر الدبلوماسيين جزءاً من الموظفين المدنيين، الذين وإن اختلفوا معهم سياسياً، إلا أنهم لا يتعرضون لهم.

إجراء انتقامي

احتمال صغير آخر يتعلق بالتنظيمات التُركية المُرتبطة بالداعية فتح الله غولن. فالمنتمون إلى هذا التنظيم، بما في ذلك المئات من الموظفين والناشطين السابقين في أعمالها التجارية والتعليمية في إقليم كُردستان، ربما يكونون قد قاموا بإجراء انتقامي من تُركيا.

الجهة الأخيرة التي يُمكن لها أن تكون قد نفّذت الهجوم، هي بقايا تنظيم داعش الإرهابي. فالعديد من أفراد التنظيم المُتطرّف تسللوا مع النازحين إلى المُدن والمناطق الشمالية، حيث تُعلن الأجهزة الأمنية بين فترة وأخرى إلقاء القبض على واحدة من الخلايا النائمة، التي تُنفذ مثل هذه الأعمال المحدودة، التي لا تحتاج إلى جهد تنظيمي واسع.

الرئاسة التُركية أصدرت بياناً خاصاً، وصفت الحادث بـ "الشنيع"، مؤكدة أن الإجراءات والتدابير اللازمة لتعقّب الجُناة قد اتخذت، وأنها على تواصل مع السلطات العراقية والمحلية للتوصل إلى معلومات في هذا الإطار، متوعدة بالرد اللازم على المرتكبين. 

المزيد من العالم العربي