Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"دارت" تمويل شعبي في المغرب لا يخلو من مشكلات

يلجأ إليها بعضهم خلال مناسبات كبرى أو لسداد مصاريف استثنائية بعيداً من تعقيدات البنوك والمحاكم لا تحمي ضحايا الاحتيال

"دارت" هي عملية تمويلية شعبية في المغرب تنبني على اتفاق وتعاقد شفوي وأخلاقي غير موثق بين عدد من الأشخاص (أ ف ب)

ملخص

النفور من #الإجراءات_البنكية المعقدة يدفع بعض المغاربة إلى اللجوء لـ"دارت"

من المشكلات التي تحد من شفافية "دارت" #النصب و#الاحتيال من طرف بعض المشاركين

مع قرب حلول مناسبات اجتماعية ودينية كبرى تتطلب مصاريف مالية استثنائية، مثل شهر رمضان وعيد الأضحى أو الدخول المدرسي أو سداد ديون عالقة أو تجهيز البيت واقتناء حاجات خاصة، يلجأ عدد من الأسر المغربية إلى عملية "دارت" أو "القرعة".

و"دارت" هي عملية تمويلية شعبية بالأساس تنبني على اتفاق وتعاقد شفوي وأخلاقي غير موثق بين عدد من الأشخاص أو عائلات، إذ يلتزم كل طرف بأداء مبلغ متفق عليه من المال شهرياً أو أسبوعياً ليحصل أحد الأشخاص على مجموع المبالغ، لتستفيد جميع الأطراف وفق ترتيب يجري إما بالتوافق أو بالقرعة.

دوافع اللجوء إلى "دارت"

ويواجه عدد من الأسر المغربية من ذوات المداخيل الضعيفة أو المحدودة، إكراهات مالية عدة خصوصاً في مناسبات كبيرة معروفة باستنزافها لموازنة هذه الأسر، من قبيل شهر رمضان أو الأعياد أو بداية الموسم الدراسي، مما يدفعها إلى اختيار عملية "دارت" لتغطية المصاريف.

تقول مونية لحبيب، وهي موظفة في شركة صغيرة، لـ"اندبندنت عربية" إنه كلما دنت هذه المناسبات الكبرى التي تستوجب مصاريف إضافية لشراء ملابس وحاجات الأعياد أو رمضان، تنخرط في مجموعات "دارت" لانتشالها من الضائقة المالية والإحراج الاجتماعي، على حد قولها.

ووفق المتحدثة ذاتها فإن راتبها المحدود لا يمكنها من مجاراة ارتفاع الأسعار وتلبية مطالب أولادها، مبرزة أن "المبالغ المالية التي تتيحها ’دارت‘ مع زميلاتها في العمل تجعلها تجتاز هذه المناسبات بضغوط اقتصادية واجتماعية أقل".

ومن العوامل الأخرى التي تدفع عدداً من الأسر المغربية إلى اللجوء لـ"دارت" هو النفور من الإجراءات البنكية المعقدة أحياناً، وهو حال المتقاعد محمد رجيح، الذي قال إنه يفضل "دارت" على علاتها من نيل قرض بنكي يتطلب وثائق وتوقيعات، وهي الإجراءات الروتينية التي تخلو منها "دارت".

وزاد المتكلم ذاته عاملاً آخر يتعلق برفضه التعامل مع القروض البنكية بسبب ارتفاع الفوائد، وأيضاً ابتعاداً من "شبهة الربا"، وهي التخوفات التي لا تتضمنها "دارت" بسيطة التعامل ولا تتطلب سوى توافر شروط الأمانة والوفاء بالسداد في الموعد المتفق عليه.

تمويل غير رسمي

يقول الدكتور أستاذ المناهج الكمية والاقتصاد الاجتماعي عمر إيبورك "إن التمويل غير الرسمي يعد مصدراً سائداً للتمويل في عدد من البلدان النامية، ويمكن أن يلعب دوراً حاسماً في توفير الوصول إلى الائتمان لأولئك المستبعدين من الخدمات المالية الرسمية".

وأوضح إيبورك بأنه "يمكن استخدام المبلغ الإجمالي لـ ’دارت‘ في مجموعة متنوعة من الأهداف، مثل بدء عمل تجاري صغير أو دفع كلف التعليم أو شراء منزل، مبرزاً أنه عادة ما تكون ’دارت‘ غير رسمية ولا تتطلب أي وثائق قانونية، وكثيراً ما تقوم على الثقة والعلاقات الشخصية بين الأعضاء".

واسترسل إيبورك بأنه يمكن لـ "دارت" أن تكون مفيدة للأشخاص الذين ليس لديهم إمكان الوصول إلى المؤسسات المالية الرسمية أو الذين يفضلون تجنب استخدامها، ولأن "دارت" غير رسمية فإنها لا تقدم مستوى الأمان نفسه أو الحماية القانونية مثل المؤسسات المالية الرسمية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وسجل المتحدث بأنه وفقاً لإصدار 2021 من قاعدة بيانات المؤشر العالمي للبنك الدولي فقد زاد استخدام التمويل غير الرسمي في المغرب بين عامي 2017 و2021، وارتفعت نسبة النساء اللائي ادخرن أو اقترضن من نادي ادخار أو شخص خارج أسرتهن من سبعة في المئة إلى 13 في المئة، بينما ارتفعت نسبة الرجال من اثنين في المئة إلى 12 في المئة.

وتبعاً للإحصاءات عينها فقد ارتفعت نسبة النساء اللاتي اقترضن من نادي الادخار من اثنين في المئة إلى خمسة في المئة، بينما ارتفعت نسبة الرجال من واحد في المئة إلى ستة في المئة، ويمكن أن تعزى هذه الزيادة في استخدام التمويل غير الرسمي إلى عوامل عدة، مثل محدودية الوصول إلى الخدمات المالية الرسمية أو المعايير الثقافية أو الاجتماعية.

فوائد وأخطار

وقال أستاذ الاقتصاد الاجتماعي إنه يمكن لجمعيات الادخار والائتمان الدوارة "دارت" أن تفيد العائلات المغربية عبر خلال منحها وسيلة للادخار والاقتراض من دون الاعتماد على المؤسسات المالية الرسمية، كما أنها قد تستفيد أيضاً من دورة الأعمال عبر زيادة الوصول إلى الائتمان وتعزيز ريادة الأعمال.

واستطرد، "من خلال تمكين الشركات الصغيرة والأفراد من الوصول إلى الأموال، يمكن لـ ’دارت‘ المساعدة في تحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، وأيضاً المساعدة في تعزيز المعرفة المالية والمسؤولية من خلال تشجيع المشاركين على ادخار وإدارة أموالهم بحكمة".

واستدرك إيبروك بأنه يمكن أن يكون لـ "دارت" أيضاً بعض الأخطار، فهي تفتقر في الغالب إلى الإشراف القانوني أو التنظيمي مما يزيد أخطار الاحتيال أو الخسارة المالية للمشاركين، وإضافة إلى ذلك فهي لا تقدم المستوى نفسه من الخدمات المالية كالمؤسسات الرسمية، مثل الوصول إلى التاريخ الائتماني أو فرص الاستثمار.

نصب واحتيال

ومن المشكلات التي تعترض عملية "دارت" في المغرب كونها ممارسة مالية مغلقة لا تخضع لإطار قانوني، وبالتالي فإن أي إخلال بسداد المبلغ في وقته يعرض العملية التضامنية كلها للنسف والضياع، وكثيراً ما تحصل مشكلات بين المساهمين في عملية "دارت" عندما يخل أحدهم بالوفاء بأداء المبلغ المطلوب منه عند حلول الموعد، لأنها تخل بالتوازن والترتيب الزمني و تعرض الباقين لمشكلات كبيرة في تدبير أمورهم التي بنوها أساساً على تسلم "دارت".

وتحكي عائشة، وهي معلمة في مدرسة بالرباط، لـ "اندبندنت عربية" كيف أنها تعرضت للصدمة عندما حان وقت تسلمها للمال في إطار "دارت"، لكن جارتها التي حان دورها لأداء ما عليها تخلفت عن ذلك بذرائع شتى، مما راكم عليها مشكلات مع بعض الدائنين.

وتابعت بأن الثقة عامل من المفترض أن يتوفر في أعضاء مجموعة "دارت"، وأن "يكون هناك التزام كامل من طرفهم باحترام الآجال الزمنية، لأن المساهمين ينتظرون حلول نوباتهم لتسلم أقساطهم وقضاء أغراضهم".

ومن المشكلات التي تحد من شفافية "دارت" النصب والاحتيال من طرف بعض المشاركين، وهو ما يحصل أحياناً بين الأفراد والأسر مما يدفع الضحايا إلى طرق باب القضاء، غير أن عدم توثيق العملية يجعل اللجوء إلى المحاكم غير ذي جدوى.

وحدث في المغرب قبل أشهر مضت أن شخصاً ربط علاقات وطيدة طوال مدة زمنية غير قصيرة مع تجار أحد أشهر الأحياء التجارية في الدار البيضاء، لينخرط معهم في عملة "دارت" بمبالغ مالية كبيرة، إذ تحصل منهم في أول دفعة على مبلغ 600 ألف درهم (60 ألف دولار) قبل أن يختفي عن الأنظار ويتم إلقاء القبض عليه بعد ذلك.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير