Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمة المهاجرين الأفارقة تعمق الانقسام التونسي

السلطة ترفض اتهامها بالعنصرية وتفند موقفها ومراقبون يشيرون إلى عدم تراجعها ومحتجون يرفضون "خطاب الكراهية"

مظاهرة في تونس ضد تصريحات الرئيس بشأن المهاجرين الأفارقة (أ ف ب)

ملخص

تجرم #تونس #العنصرية منذ 2018 لكن الشكاوى تتصاعد من #خطابات_عنصرية تستهدف الأفارقة أو حتى التونسيين أصحاب البشرة السوداء

أزمة جديدة تضاف إلى أزمات تونس المشتعلة أصلاً بخلافات سياسية وتراجع في المستوى الاقتصادي، إذ خرج المئات من النشطاء، أول من أمس السبت، تنديداً باشتداد الحملة الأمنية والسياسية ضد المهاجرين القادمين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، خصوصاً بعد أن تواتر الحديث عن تسجيل اعتداءات ضدهم، وهو ما أرغم السلطات على الخروج لتوضيح موقفها.

كان الرئيس التونسي قيس سعيد قد حذر في وقت سابق، الأسبوع الماضي، مما سماه "مؤامرة لتوطين المهاجرين"، وهو ما جعل السلطات تواجه وابلاً من الانتقادات تعدى حدود البلاد عندما أعرب الاتحاد الأفريقي، السبت، عن صدمته إزاء "مواقف الرئيس التونسي في شأن المهاجرين غير النظاميين"، داعياً دوله الأعضاء إلى الامتناع عن أي خطاب عنصري من شأنه إلحاق الضرر بمواطنيه.

قيم ومكتسبات على المحك

وضعت هذه الأزمة ضغطاً إضافياً على السلطات التي تواجه أصلاً سلسلة من الانتقادات بسبب الوضع السياسي المتأزم إثر تصاعد المواجهة بينها وبين المعارضة التي لم تنجح في عرقلة خطط الرئيس قيس سعيد.

واضطر وزير الخارجية الجديد نبيل بن عمار إلى كسر صمته، السبت، تزامناً مع الاحتجاج أمام المسرح البلدي بالعاصمة التونسية، حيث رفض بيان مفوضية الاتحاد الأفريقي، قائلاً إنه "تضمن اتهامات لا أساس لها من الصحة".

وفيما استمر الجدل داخل الأوساط الإعلامية والسياسية حول الهجرة، خرج المئات من النشطاء الذين رددوا شعارات مثل "تونس أرض أفريقية لا إخشيدية ولا فاشية"، و"مرحباً بإخوتنا المهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء"، وجاب هؤلاء شوارع العاصمة بدءاً من مقر النقابة الوطنية للصحافيين، وصولاً إلى المسرح البلدي في شارع الحبيب بورقيبة، الشارع الرئيس بالعاصمة التونسية.

وقالت نائبة رئيس النقابة الوطنية للصحافيين أميرة محمد إن "النقابة تساند كل القضايا العادلة، هناك قيم ومكتسبات بدأت تفقدها تونس اليوم على رغم أنها من أول الدول التي ألغت العبودية وجرمت العنصرية".

وتابعت في تصريحات بثتها وسائل إعلام محلية أن "أصدقاءنا من جنوب الصحراء مرحب بهم في تونس، وعلى السلطة أن تراجع نفسها"، لكن السلطات ترفض اتهامها بالعنصرية، بينما قرر مناصروها النزول إلى الشوارع تأييداً لقرارات ترحيل المهاجرين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وزادت قضية الهجرة من حدة الانقسامات في الشارع التونسي المنقسم على نفسه أصلاً بين مؤيدين لترحيل المهاجرين ورافضين لذلك، خصوصاً بعد تواتر بيانات منددة بما سمتها تضييقات تجاه عشرات المهاجرين الذين يعملون في مطاعم ومقاهٍ تونسية.

وقال المتحدث باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أبرز الأطراف المدافعة عن المهاجرين رمضان بن عمر إن "على الدولة إعطاء المثل في احترام حقوق المهاجرين وكرامتهم وتحركاتنا لن تتوقف على مسيرة اليوم"، وهو ما ينذر باستمرار الجدل في المرحلة المقبلة.

ولا توجد إحصاءات رسمية حول المهاجرين في تونس، لكن الرئيس قيس سعيد حذر من "جحافل" تحاول الدخول خلسة إلى بلاده. وقال إثر ترؤسه اجتماعاً لمجلس الأمن القومي، إنه تم اتخاذ إجراءات أمنية لمعالجة المسألة.

واحتجز بالفعل العشرات من المهاجرين من قبل الأمن التونسي حيث يكتنف الغموض مصير هؤلاء، وما إذا ستتم إعادتهم إلى بلدانهم التي تئن تحت وطأة حروب أهلية وتمرد الجماعات المتطرفة، وغير ذلك.

ودان رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد في بيان الجمعة، "بشدة تصريحات السلطات التونسية الصادمة ضد مواطنينا الأفارقة، والتي تتعارض مع روح منظمتنا ومبادئنا التأسيسية". وقال "نذكر جميع البلدان، لا سيما الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي، بأن عليها الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، أي معاملة جميع المهاجرين بكرامة، من أينما أتوا، والامتناع عن أي خطاب كراهية له طابع عنصري قد يلحق الضرر بأشخاص، وإعطاء الأولوية لسلامتهم وحقوقهم الأساسية".

وتجرم تونس منذ 2018 العنصرية لكن الشكاوى تتصاعد من خطابات عنصرية تستهدف الأفارقة أو حتى التونسيين أصحاب البشرة السوداء.

 

لا تراجع في الأفق

وعلى رغم أن احتجاج السبت نجح في كسر الخطاب الأحادي الذي تردد صداه كثيراً في تونس الأيام الماضية، فإنه من غير الواضح ما إذا سيدفع السلطات إلى التراجع، خصوصاً في ظل الضغوط الخارجية التي باتت تواجهها بسبب حملتها.

وكانت هذه الحملة قد سبقتها دعوات وحملة قوية قادها حزب يسمى "الحزب القومي التونسي" تحرك أنصاره وأعضاؤه في الشارع لحض التونسيين على الخروج ورفض ما سماه بمخطط لتوطين المهاجرين غير النظاميين في تونس.

الباحث السياسي حاتم النفطي قال إنه "بحسب المعطيات الأولية لا أعتقد أنه سيكون هناك تغيير في الخطاب مع المهاجرين، لكن قد نشهد تراجعاً على مستوى المعاملة التي لم تسؤ منذ خطاب الرئيس قيس سعيد، بل حتى قبل ذلك".

وأوضح النفطي مؤلف كتاب "تونس نحو شعبوية تسلطية" في تصريح خاص لـ"اندبندنت عربية" أن "لا يوجد اقتناع بخطورة الخطاب، بل بالعكس، السلطات تسعى إلى أن تقول للخارج إن هناك سوء فهم، والثابت أن وزراء الخارجية منذ 25 يوليو (تموز) 2021 في حملة تفسيرية لتوضيح وتبرير مواقف السلطات وتصرفاتها، لذلك لا أعتقد أننا سنرى تراجعاً، لا سيما أن هناك إنكاراً مستمراً للأزمة حتى على المستوى الداخلي".

ويرفض الرئيس سعيد بالفعل الحديث عن وجود أزمات في بلاده على رغم الاشتباك المباشر حالياً بينه وبين الأحزاب السياسية المعارضة من جهة، وبينه وبين الاتحاد العام التونسي للشغل، المركزية النقابية القوية، من جهة أخرى.

وقال النفطي إنه "ليس من طبيعة السلطات التونسية الحالية التراجع، وحتى شعارها هو لا رجوع إلى الوراء، وعلى رغم من تجند جزء من المجتمع المدني للدفاع عن حقوق المهاجرين، فإنه علينا انتظار ما سيحدث بعد الاحتجاجات المعادية للمهاجرين، وأعتقد أنها ستمثل اختباراً حقيقياً لتعامل وخطاب السلطة مع المهاجرين".

المزيد من تقارير