أمام استمرار ممارسات #السطو على عقارات الغير في #المغرب بواسطة #التزوير_والاحتيال، حاولت الحكومة مواجهة هذه الظاهرة التي استفحلت خلال الآونة الأخيرة بالإقرار الرسمي منذ أيام قليلة لاعتماد أجهزة "البصمة الإلكترونية" في مكاتب الموثقين لضبط هوية المعنيين بشراء وبيع العقار.
وعلى رغم حزمة التدابير والترسانة القانونية المرصودة لمحاربة هذه الظاهرة، فإن ممارسات الاستيلاء على عقارات الغير، خصوصاً عقارات الأجانب والمهاجرين المغاربة المقيمين خارج البلاد، لا تزال حاضرة داخل المجتمع المغربي.
شبكات إجرامية
تتداول الصحافة المغربية بين الفينة والأخرى حوادث السطو على ممتلكات يلقب أبطالها بـ"لصوص العقارات"، إما بالقوة وفرض الأمر الواقع، أو عن طريق الاحتيال وتزوير المستندات، خصوصاً ضد أصحاب المنازل المهجورة، أو الأجانب أو المهاجرين الذين لا يقيمون في البلاد.
وقبل مدة اعتقلت الشرطة المغربية شخصين بسبب تورطهما في قضية تتعلق بالاستيلاء على ممتلكات الغير، أحدهما ملياردير معروف بمدينة الناظور شمال البلاد، استولى على ممتلكات لا يوجد أصحابها في البلاد، وذلك بتزوير وثائق الملكية وتواطؤ موظفين يسروا له حيازة وثائق الملكية الجديدة.
وفي واقعة أخرى، أوقف الأمن المغربي شبكة مكونة من خمسة أشخاص تنشط في التزوير والنصب والاحتيال والاستيلاء على عقارات الغير، وذلك عقب شكاية نشرتها سيدة بمواقع التواصل الاجتماعي تتهم فيها شبكة إجرامية بالسطو على عقارها بواسطة عقود شراء وبيع مشوبة بالتزوير.
وتبت أيضاً محكمة مدينة مراكش حالياً في ملف يتابع فيه أربعة أشخاص بتهمة تشكيل شبكة إجرامية تنشط في تزوير محررات رسمية والنصب والاحتيال بغرض الاستيلاء على عقارات الغير، حيث سطوا على ثلاثة عقارات بعد الحصول على وثائق الملكية ومعلومات المالكين من مستخدم في شركة للحراسة الخاصة كان مكلفاً حراسة مؤسسة المحافظة العقارية، قبل أن يبرموا عقود البيع وتحويل الملكية بطريقة تدليسية وبعد انتحال هويات الغير.
وتفيد معطيات رسمية حديثة لوزارة العدل المغربية بأنه يوجد في المغرب 8299 عقاراً مهملاً، من بينها 4037 عقاراً مهملاً لم تتم تسوية أوضاعها القانونية، مما يجعلها مهددة بالسطو عليها من طرف أشخاص ذاتيين، أو من خلال شبكات وعصابات متخصصة في الاستيلاء على عقارات وممتلكات الغير، لا سيما التي يمتلكها المغتربون الذين لا يفدون بكثرة إلى البلاد.
ضحايا السطو
من هؤلاء المغتربين بالخارج مصطفى فخار، مهاجر مغربي في هولندا منذ أكثر من عقد. إنه من ضحايا شبكات الاستيلاء على عقارات وممتلكات الغير، قبل أشهر قليلة مضت، عندما اكتشف أن منزله ذا الطوابق الثلاثة في ضواحي العاصمة لم يعد ملكاً له.
وأوضح المهاجر المغربي لـ"اندبندنت عربية" أنه فوجئ وهو في بلاد الغربة بخبر سطو أشخاص على منزله الذي شيده بـ"عرق الجبين" على امتداد سنوات من الكد والعمل، على حد قوله، مردفاً أنه "لم يستوعب في البداية ما حصل إلا بعد أن تبين الأمر من محاميه في المغرب".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
قال إن "الذي جرى أن شبكة متخصصة قامت ببراعة بتزوير مستندات ووثائق، بتواطؤ من جهات أخرى، لتقوم بتحويل ملكية منزله المهجور إلى ملكية أحدهم، في الوقت الذي كان يعتقد فيه أن منزله محمي بقوة قانون الملكية، قبل أن يصدم بما حصل له من تجريد لملكية منزله، ليبدأ مشوار المحاكم لاسترداد حقه.
وبينما قالت السيدة فريدة إنها لا توجد خارج المغرب، وعلى رغم ذلك فإنها أصيبت بصدمة كبرى عندما جاءها الأمر بالإفراغ من بيتها بدعوى أن منزلها ليس لها، وأن ملكيته تعود إلى "سيدة نافذة"، على حد قولها.
وأضافت في تصريح خاص أنها "لم تشعر بأية خطة أو مؤامرة ضدها من قبل إلى أن جاءها أمر إداري بمغادرة بيتها رفقة أبنائها وفق مهلة زمنية محددة"، مشيرة إلى أنها علمت بعد ذلك بتفاصيل القضية التي امتزج فيها النفوذ بالتحايل والتزوير، لتكون النتيجة السطو على منزلها، لأنه يقع في مكان استراتيجي بأحد أحياء الرباط، إذ ترغب السيدة المستولية على منزلها في تحويله إلى مشروع تجاري.
مشكلة وحلول
أمام تواتر عديد من حالات السطو على الممتلكات بالمغرب، يرى الباحث في قانون العقارات جمال الدين الراسي أن هذه الظاهرة تواصل الاستمرار بالمجتمع، لأن الأمر يتعلق بعقليات تصطاد في الماء العكر، وتبحث عن التحايل والتزوير لنيل ما ليس من حقها.
قال الراسي، في تصريح خاص، إن القوانين موجودة، والإرادة الحكومية في التصدي لهذه الممارسات متوفرة، لكن العقليات والسلوكيات القائمة على الخداع وحيازة أشياء بطرق ملتوية هي التي يتعين أن تتغير.
ولفت إلى أن هناك تعديلاً قانونياً في سنة 2019 منح القضاء حق "عقل العقار" ومنع التصرف فيه لما يكون هدفاً للتزوير، لإرساء حماية قانونية للممتلكات، مضيفاً أن الحكومة أقرت أيضاً أخيراً البصمة الإلكترونية لتحديد وضبط هويات البائع عند إبرام العقد، ليكون الموثق (المكلف إبرام عقود البيع والشراء) عنصراً فاعلاً في حماية عقارات المواطنين.
وفي السياق ذاته، يفرق المحامي بمدينة الدار البيضاء أحمد الحمامي بين عقارات محفظة تخضع لظهير قانوني وعقارات غير محفظة تمتلك بملكية أو سند ملكية.
ولحل معضلة الاستيلاء على العقارات، أفاد الحمامي بأنه يتعين خلق سجل وطني لضبط العقارات، حيث تتيح لصاحب العقار أن يطلع على تفاصيل عقاره، خصوصاً أنه ملزم مخافة التقادم برفع شكاية من أجل استرجاع العقار.
وتابع أنه يجب أيضاً التنسيق بين وزارة العدل والمحاكم لضبط العقارات والترسانة القانونية التي تنظمها، والاطلاع على أرقام والرسوم العقارية لهذه الممتلكات، خصوصاً بالنسبة إلى العقارات غير المحفظة.
البرلمان والحكومة
انتقل ملف لصوص العقارات إلى مجلس النواب المغربي، الذي ناقش في أكثر من جلسة هذا الموضوع، حيث ساءل برلمانيون وزير العدل (المعني بالملف)، بخصوص تداعيات هذه الظاهرة، لا سيما كثرة المنازعات العقارية أمام المحاكم المتخصصة، بعد أن صدت الأبواب في وجه المتضررين لاسترداد ممتلكاتهم العقارية.
ووفق أسئلة عدد من النواب، فإن "لوبيات تستقوي بنفوذها المالي لمراكمة ما تحصل عليه من عقارات، وتقوم بتسخير ذلك لتذليل القانون واستغلال ثغراته للاستيلاء على عقارات الغير بأساليب خبيثة، وهو ما يتوجب معه جدية مصالح الدولة في التصدي لهذه الممارسات.
ورد وزير العدل المغربي عبداللطيف وهبي على هذه الأسئلة، مؤكداً أنه لمواجهة السطو على العقارات والممتلكات استصدرت الحكومة مجموعة من النصوص القانونية بهدف توحيد العقوبات ضد جرائم التزوير بين جميع المهنيين المتخصصين بتحرير العقود، من موثقين وعدول ومحامين.