Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حظوظ تدويل قضية مرفأ بيروت تتزايد... فهل تفعلها فرنسا؟

الفيتو الروسي قد يقطع الطريق على باريس لكن هناك حلولاً أخرى

مظاهرة لأقارب ضحايا انفجار مرفأ بيروت خارج قصر العدل في العاصمة اللبنانية (أ ف ب)

لم تقتصر مفاعيل الانقسام داخل السلطة القضائية في لبنان على خلفية ملف التحقيقات في تفجير مرفأ بيروت على نعي القضاء ومعه العدالة، بل باتت قناعة كثيرين بأن القرار اتخذ بدفن القضية، خصوصاً بعد التناقضات والقرارات المضادة التي شهدتها أروقة قصر العدل.

تلك التناقضات كانت، خصوصاً بين المحقق العدلي القاضي طارق البيطار والمدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات، محصناً بدعم ستة أعضاء من مجلس القضاء الأعلى من المحسوبين على قوى سياسية في السلطة.

ونتيجة لتلك القرارات المتضاربة يمكن القول إن ملف التحقيقات علق حتى إشعار آخر، بعدما مر على توقيف التحقيقات بفعل دعاوى الرد بحق البيطار 13 شهراً.

فهل باتت شروط التدخل الدولي متوافرة بعد ما تبين أن التحقيق المحلي لن يتمكن من الكشف عن حقيقة ما حصل في جريمة العصر التي أودت بأكثر من مئتي ضحية؟ وهل يعيد التاريخ نفسه وتكون فرنسا هي السباقة بالمطالبة بتدويل التحقيق، كما حصل بعد اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري عام 2005؟


فرنسا: القضاء اللبناني عاجز

أدرك المطالبون بتشكيل لجنة تحقيق دولية في قضية المرفأ ومن بينهم "القوات اللبنانية" و"الكتائب" و"الحزب التقدمي الاشتراكي" منذ اللحظة الأولى لوقوع التفجير أن ظهور الحقيقة مستحيل في ظل نظام طائفي كهذا يشكل محميات مذهبية، كما يقول عضو اللقاء الديمقراطي النائب هادي أبو الحسن.

وأمام استحالة وصول أي قاض إلى الحقيقة، كما يؤكد عضو تكتل الجمهورية القوية النائب جورج عقيص لأنه ستتم عرقلته، خصوصاً أن هناك جهات لبنانية متورطة في استقدام نيترات الأمونيوم وحمايته وحفظه وتخزينه واستخدامه.

هذه الجهات لديها القدرة، بحسب عقيص، على تعطيل التحقيق، كما أن معظم السفراء الذين التقاهم الوفد النيابي القواتي لطلب المساعدة في إنشاء لجنة تحقيق دولية، كانوا يحيلون الوفد إلى الجانب الفرنسي، على اعتبار أنه إذا لم تقبل فرنسا فلا يمكن لأي دولة أن تتدخل.

باريس بقيت على موقفها لجهة عدم تخطي الإرادة اللبنانية الرسمية بإجراء تحقيق محلي لقضية تفجير المرفأ، وكانت حتى أيام قليلة من التطورات التي شهدها قصر العدل التي اعتبرتها لاحقاً بحسب مصادر دبلوماسية في فرنسا، دليلاً واضحاً على عجز القضاء اللبناني عن المضي بهذه القضية، لا تزال متمسكة بموقفها في احترام خيار السلطات اللبنانية.

وهو ما أكدته وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا أمام مجلس النواب منذ أيام، علماً أن كلمتها التي جاءت رداً على سؤال عن زيارة القاضيين الفرنسيين إلى بيروت وما آلت إليه التحقيقات لدى القضاء الفرنسي، خصوصاً أن من بين الضحايا فرنسياً وعدداً من الجرحى، تضمنت إشارة واضحة إلى تدخل السياسيين اللبنانيين في التحقيق، إذ دعت إلى "استئناف التحقيق ومن دون تأخير وبكل شفافية واستقلالية، بعيداً من أي تدخل سياسي".

الفيتو الروسي

وكشفت مصادر دبلوماسية في فرنسا لـ"اندبندنت عربية" عن تغير في الموقف الفرنسي سببه التطورات الأخيرة التي شهدها قصر العدل بعد قرار البيطار استئناف التحقيقات في 23 يناير (كانون الثاني) الحالي، استناداً إلى دراسة قانونية، مقابل اعتراض عويدات وإصداره، على رغم تنحيه عن القضية، قراراً مفاجئاً بإخلاء سبيل كل الموقوفين والادعاء على البيطار وتحويله إلى التفتيش القضائي، بعدما كان البيطار ادعى من ناحيته على ثمانية أشخاص جدد من بينهم عويدات.

بدأ الكلام في فرنسا عن عجز القضاء اللبناني عن استكمال قضية تفجير المرفأ للوصول إلى الحقيقة، وباتت لدى باريس قناعة بأن التحقيق صار شبه مستحيل في ظل الظروف القضائية والسياسية الأخيرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحصل بحث جدي في إمكانية تدويل التحقيق واللجوء إلى مجلس الأمن، والمعلوم أن لفرنسا صلاحيات في القيام بهذه الخطوة استناداً إلى أنها جهة متضررة جراء وجود ضحايا فرنسيين في التفجير.

وكشفت المصادر عن اتصالات دبلوماسية جرت خلال الأيام الأخيرة بحثاً عن كيفية تحريك هذه القضية، خصوصاً أن القضاء الفرنسي بات لديه تصور كامل وأنجز بحسب المعلومات تحقيقاته وكان ينتظر إنهاء القضاء اللبناني مهمته.

لكن اللجوء إلى مجلس الأمن، بحسب المصادر، اصطدم باحتمال وضع روسيا "فيتو" على أي قرار دولي قد يطرح على مجلس الأمن، خصوصاً من قبل فرنسا، في ظل توتر العلاقة بين باريس وموسكو على خلفية الموقف الفرنسي من الحرب الأوكرانية الذي كانت آخر فصوله زيارة الدعم التي قامت بها كولونا منذ أيام إلى مدينة أوديسا جنوب أوكرانيا.

وربما تكون لروسيا أيضاً أسباب أخرى في رفض تدويل تحقيق تفجير المرفأ، خصوصاً إذا صدقت الاتهامات التي تحدث عنها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي كشف عن أن نيترات الأمونيوم كانت تنقل من مرفأ بيروت إلى النظام السوري لاستخدامها في البراميل المتفجرة.

الحل ربما يبدأ من جنيف

يؤكد متخصصون في القانون الدولي أن اللجوء إلى مجلس الأمن لطلب تشكيل لجنة تقصي حقائق، يليها إنشاء محكمة دولية، يحتاج إلى موافقة الحكومة اللبنانية أو أن يكون الطلب مقدماً من السلطات الرسمية اللبنانية، على غرار ما حصل في قضية اغتيال الحريري.

وطلبت الحكومة اللبنانية التي كان يرأسها فؤاد السنيورة آنذاك من مجلس الأمن تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية حضرت إلى لبنان وصنفت الاغتيال بالعمل الإرهابي ورفعت توصيتها بعدم قدرة القضاء المحلي على التحقيق في قضية كهذه.

المعلوم أن فرنسا أسهمت في هذا المسار ولم يتعرض القرار الدولي بإنشاء المحكمة إلى أي "فيتو" من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن.

وكشف النائب جورج عقيص عن أن الأمين العام للأمم المتحدة كان حازماً في هذه المسألة عندما أبلغ وفد القوات اللبنانية عبر ممثلته الخاصة بلبنان يوانا فرونتسكا أنه لن يقبل السير في تحقيق دولي بقضية تفجير المرفأ إلا إذا وصله الطلب من الحكومة اللبنانية.

وأمام استحالة تقديم الحكومة الحالية طلباً مماثلاً، سلك تكتل الجمهورية القوية مساراً آخر لتحقيق الهدف، يبدأ من جنيف حيث مقر مجلس حقوق الإنسان الذي يتمتع بصلاحية تشكيل لجنة تقصي حقائق دولية من دون أن يفرض أن تكون جهة رسمية صاحبة الطلب، بل يكفي أن يأتي من أي جهة متضررة أو حزب أو مجموعة شرط أن تتبناه دولة من الدول الـ47 الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان وتعرضه على اجتماع الهيئة العامة.

معلوم أيضاً أن الاجتماع المقبل للهيئة العامة لمجلس حقوق الإنسان بجنيف سيعقد في 23 مارس (آذار) المقبل والاحتمال بات كبيراً بأن تتبنى فرنسا مطلب إنشاء لجنة تقصي حقائق دولية في جنيف أو أن تدفع في اتجاه تبني أي دولة أخرى هذا المطلب.

كما معظم السفراء للدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان الذين التقاهم وفد القوات اللبنانية ومن بينهم سفراء الأرجنتين وأستراليا وألمانيا وقطر وبلجيكا، ربطوا موقفهم بالموقف الفرنسي، فإذا مشت فرنسا مشوا هم أيضاً.

المزيد من متابعات