Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حملة ترمب تنطلق السبت... فكيف سيكون طريقه إلى البيت الأبيض؟

أعضاء لجنة الحزب الجمهوري لا يفضلونه لكن قاعدته الشعبية لا تزال قوية

أظهرت استطلاعات الرأي تذبذب دعم ترمب بين الناخبين الجمهوريين واكتساب حاكم فلوريدا ديسانتيس زخماً أكبر (أ.ف.ب)

بعد شهرين من إعلان نيته الترشح لانتخابات الرئاسة الأميركية عام 2024، يبدأ الرئيس السابق دونالد ترمب أولى حملاته الانتخابية، السبت 28 يناير (كانون الثاني)، بجولتين في ولايتي ساوث كارولينا ونيو هامبشاير، حيث من المتوقع أن يكشف عن فريق قيادة حملته، فهل سيكون طريق ترمب سهلاً إلى البيت الأبيض، وهل سيغير استراتيجيته؟ وإذا كان لا يزال هو الخيار الأول بين الناخبين الجمهوريين، فكيف سيواجه عدم تفضيل قيادات الحزب ترشحه وعدم تحمس كبار المانحين تمويل حملته؟

الخطوة الأولى

يمثل أول ظهور جماهيري للرئيس السابق منذ الإعلان في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عن نيته الترشح للانتخابات الرئاسية عام 2024، الخطوة الأولى في طريق الألف ميل نحو البيت الأبيض، حيث يسعى مع انطلاق حملته عملياً، السبت، والإعلان عن فريق قيادة هذه الحملة، إلى إنهاء تذمر أنصاره الجمهوريين بأن بداية مباراة العودة التنافسية على البيت الأبيض مع الرئيس الديمقراطي جو بايدن، تأخرت كثيراً، وشككت في قوة قبضته على الحزب، إذ من المتوقع أن يقدم ترمب إشارات قوية على أنه ما زال زعيم الحزب الجمهوري من خلال مشاركة بعض الرموز المعروفة مثل السيناتور ليندسي غراهام والحاكم هنري مكماستير، في هذا الحدث الاحتفالي في مبنى "الكابيتول" بولاية ساوث كارولينا.

لكن بعض الجمهوريين الآخرين المشهورين في الولاية، يبدو أنهم ينأون بأنفسهم عن هذا المشهد ومن بينهم اثنان لهما طموحات محتملة في البيت الأبيض، هما نيكي هيلي التي شغلت منصب الحاكم سابقاً في الولاية، والسيناتور تيم سكوت، بينما يتحدث أعضاء سابقون في حملة ترمب بالولاية عن أن بعض المانحين الجمهوريين، يبحثون الآن عن خيارات أخرى لتحدي حملة إعادة انتخاب بايدن المتوقعة، بما في ذلك دعم نيكي هيلي وكذلك حاكم فلوريدا رون ديسانتيس.

أرض صلبة

وتنطلق حملة ترمب على رغم الشكوك التي يثيرها خصومه، من أرضية صلبة، فهو المرشح الوحيد حتى الآن المعلن عنه، كما أن السنوات الأربع التي قضاها في البيت الأبيض تمنحه ميزة هائلة في التعرف على اسم وشعار ترمب لدى عامة الأميركيين مقارنة بالأسماء الأخرى التي قد تتنافس ضده ولا يعرفها عامة الناس أو يتذكرونها بصعوبة، والأهم من ذلك أن استطلاعات الرأي تظهر بانتظام أنه الخيار الأول بين الناخبين الجمهوريين، وهو ما عبر عنه المتحدث باسم الحملة ستيفن تشيونغ حين أكد أن الرئيس ترمب هو زعيم الحزب الجمهوري الذي لا يمكن إنكاره وأن أي شخص يشكك في ذلك، هو ببساطة يعيش في واقع زائف.

وعلى رغم أن بعض استطلاعات الرأي التي أجريت عقب النتائج المخيبة للآمال للجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي، أظهرت تذبذب دعم ترمب بين الناخبين الجمهوريين واكتساب حاكم فلوريدا ديسانتيس زخماً أكبر، إلا أن استطلاعات الرأي الأخيرة كشفت عن أن ترمب يتقدم عليه، فقد أظهر استطلاع جديد أجرته جامعة "هارفرد" قبل أيام، أن ترمب يتفوق على ديسانتيس بنسبة 48 في المئة إلى 28 في المئة، كما أظهر استطلاع آخر أجرته مؤسسة "مورننغ كونسلت"، أن ترمب يتقدم على ديسانتيس بنسبة 48 في المئة مقابل 31 في المئة.

دعم الإنجيليين البيض

ومن بين أهم عناصر القوة التي يتمتع بها الرئيس السابق، دعم غالبية البروتستانت الإنجيليين البيض له، الذين يشكلون كتلة مهمة من الناخبين في الحزب الجمهوري، فعلى رغم أن ربع الأميركيين غير منتسبين دينياً، فإن المسيحيين البيض يشكلون نصف عدد السكان، بينما يصل عدد البروتستانت الإنجيليين البيض إلى نحو 100 مليون يمثلون أكثر من 30 في المئة من الشعب، وفقاً لمعهد "ويتون" الأميركي.

وخلال الانتخابات الرئاسية في عامي 2016 و2020 لعب البروتستانت الإنجيليون البيض دوراً رئيساً في تحالف المؤيدين لترمب وكانوا تاريخياً كتلة تصويت جمهورية مخلصة وفقاً لمركز "بيو" للأبحاث، إذ صوت 84 في المئة من البروتستانت الإنجيليين البيض لصالح ترمب عام 2020، بينما صوت 77 في المئة لصالحه في عام 2016، ويعود ذلك جزئياً إلى مواقف ترمب المعارضة للإجهاض والهجرة فضلاً عن قضايا أخرى، كما ينسب إلى ترمب، الذي عين ثلاثة قضاة محافظين في المحكمة العليا، الفضل إلى حد كبير في إلغاء الحق في الإجهاض والذي كان أحد وعوده الرئيسة في حملته الانتخابية.

وعلى رغم انتقاد ترمب قبل أسبوعين القادة الإنجيليين الذين قال إنهم يظهرون علامات عدم الولاء لأنهم لم يعلنوا بعد دعمهم لترشحه الرئاسي الثالث، فإن هناك انقساماً كبيراً في المجتمع الإنجيلي حول هذا الأمر بحسب ما يشير روبرت جونز، مؤسس "معهد أبحاث الدين"، ومع ذلك، فإن موقف القادة الدينيين لا يعبر بالضرورة عن طريقة تصويت الغالبية العظمى من الإنجيليين البيض، وإن كانت نسبة من الأصوات قد تذهب إلى مرشحين جمهوريين آخرين مثل مايك بنس نائب ترمب السابق، وهو إنجيلي ملتزم إذا قرر خوض الانتخابات.

أقوى جهاز لجمع الأموال  

ويمتلك ترمب إلى حد بعيد أقوى جهاز لجمع الأموال، فمنذ أن ترك منصبه في البيت الأبيض، تمكن الرئيس السابق من جمع عشرات الملايين من الدولارات التي من المتوقع أن تفيده كثيراً في الوصول إلى الناخبين، على رغم أن مؤسسته الأساسية لجمع التبرعات "أنقذوا أميركا" مسجلة لتمويل حلفاء ترمب السياسيين، وليس لتمويل حملته للانتخابات الرئاسية، الأمر الذي أدى إلى اتهامه من مجموعات المراقبة، باستخدام أموال تبرعات "أنقذوا أميركا" بشكل غير قانوني للمساعدة في ترشيحه للرئاسة، وطلب "المركز القانوني"، وهو مؤسسة غير حزبية، من لجنة الانتخابات الفيدرالية في نوفمبر الماضي، التحقيق في تحويل 60 مليون دولار من أموال "أنقذوا أميركا" والتي تم تسجيلها باعتبارها لجنة عمل سياسي مستقلة "سوبر باك"، إلى مؤسسة "اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى"، المعروفة اختصاراً باسم مؤسسة "ماغا"، على اعتبار أنها تنفق الأموال لدعم حملة ترمب، وليس المرشحين الجمهوريين للانتخابات بحسب تسجيلها الرسمي.

وبينما أفادت "ماغا" بإنفاق نحو 15 مليون دولار لمساعدة المرشحين الجمهوريين في انتخابات مجلس الشيوخ النصفية قبل نوفمبر، إلا أن التحقيق يركز على تقديم نحو 40 مليون دولار من مساهمات لجنة العمل السياسي "أنقذوا أميركا" بعد أن أنهت "ماغا" إنفاقها الانتخابي، لكن المؤسسة أعلنت أن لديها 54 مليون دولار نقداً اعتباراً من 28 نوفمبر، كما أفادت منظمة "أنقذوا أميركا" بوجود نحو 21 مليون دولار في حسابها البنكي في التاريخ نفسه.

وترفض حملة ترمب نفسها فكرة ضعف دعمه داخل الحزب التي يروج لها خصومه، ومع ذلك يعتقد روب جيسمر، المدير التنفيذي السابق لذراع حملة الجمهوريين في مجلس الشيوخ أن جمع التبرعات سيهيمن عليها ترمب وديسانتيس أكثر من أي متنافسين آخرين، غير أن عودة حساب الرئيس السابق في كل من "فيسبوك" و"إنستغرام" بعد أن قررت الشركة الأم "ميتا" رفع الحظر على ترمب، سيعد أداة فعالة جداً لاستعادة 34 مليوناً من متابعيه على "فيسبوك" و23 مليوناً على "إنستغرام" قبل تعليق حسابه عام 2021، وهو ما سيمكن حملته من شراء الإعلانات مرة أخرى لجمع الأموال، بحسب ما يقول الخبير الاستراتيجي الجمهوري أليكس كونانت.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

سلاح وسائل التواصل

ويستحوذ ترمب على ميزة هائلة لا يمتلكها جميع خصومه الجمهوريين، وهي نسبة متابعيه على وسائل التواصل الاجتماعي، التي اكتسبت قيمة مضاعفة بعد عودة حسابه في "فيسبوك"، وأكثر المستخدمين ولاء هم كبار السن، وبعضهم يتقبل رسائله وهم أيضاً ناخبون موثوقون، ما يمنح ترمب ميزة كبيرة على خصومه الجمهوريين الأساسيين، كما يمكنه "إنستغرام" من الوصول إلى الشباب، بينما يتوقع كثيرون أن يعود إلى أكثر من 87 مليوناً من متابعيه على "تويتر" ويتخلى عن قراره السابق، ما سيمنحه السرعة التي يحتاج إليها الآن لإثارة الحماس الجمهوري في محاولة العودة إلى البيت الأبيض عام 2024.

ويرى المحلل الاستراتيجي الجمهوري بريان لانزا، الذي عمل في حملة ترمب عام 2016، أن وسائل التواصل الاجتماعي أمر بالغ الأهمية لأنها كانت السلاح الرئيس الذي استخدمه الرئيس السابق عام 2016 للفوز بالرئاسة وتجاوز وسائل الإعلام الرئيسة، واستخدم "فيسبوك" و"تويتر" لتوجيه أجندة الجمهوريين، وتوليد تغطية إخبارية، والسخرية من المعارضين، كما كانت لجان حملته من بين أكبر المعلنين على "فيسبوك"، إذ أنفقت أكثر من 105 ملايين دولار على ما يقرب من 756500 إعلان خلال محاولة إعادة انتخابه عام 2020، وفقاً لتحليل أجرته جامعة "نيويورك" للأمن السيبراني.

ومع ذلك، يشعر كثيرون بقدر من القلق، إذ تحذر رئيسة الأبحاث في مختبر أبحاث الدعاية بجامعة "تكساس" في أوستن إنجا كريستينا تراوثيغ، مما وصفته بالمخاطرة الكبيرة في أن يستأنف ترمب نشر نوع المواد الكاذبة والمثيرة للفتنة على جمهور كبير، الذي أدى إلى منعه من الوصول إلى المنصات، لأن إعادته إليها يمكن أن يكون ضاراً بالسياسة الأميركية، حتى لو لم يرشح نفسه للرئاسة.

رفض قادة الحزب

لكن طريق ترمب إلى البيت الأبيض لن يكون يسيراً بالمرة، فقد عبر العشرات من أعضاء اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري، التي تعد بمثابة الهيئة الحاكمة للحزب، عن شكوكهم في شأن قدرته على استعادة البيت الأبيض ويأملون أن تفرز الانتخابات التمهيدية التنافسية مرشحاً أقوى عام 2024.

ومن بين 168 عضواً في اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري من المنتظر أن يجتمعوا في جنوب كاليفورنيا خلال ساعات لاختيار زعيم اللجنة، وجدت صحيفة "نيويورك تايمز" أن 59 منهم (أكثر من ثلث اللجنة) أبدوا عبارات غاضبة في شأن ترشح ترمب ويتخوفون في شأن عمره (76 عاماً) ومزاجه الحاد وقدرته على الفوز في الانتخابات، كما توقع بعض أعضاء اللجنة أن ما بين 120 و140 منهم يفضلون شخصاً آخر غيره ليكون المرشح الرئاسي لحزبهم، وهو ما يثير كثيراً من الدهشة بالنظر إلى الدور القيادي للجنة الوطنية للحزب الجمهوري في الدفاع عن تورط ترمب في هجوم السادس من يناير على مبنى "الكابيتول".

ويكمن سبب الدهشة في أن اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري تغيرت خلال حقبة ترمب، وانضم لها 99 من بين 168 عضواً، منذ ترشحه للرئاسة عام 2016 وسعيه إلى تنحية العشرات من الأعضاء ذوي التوجه المؤسسي الذين تربطهم صلات سياسية بأسرتي الرئيس السابق جورج دبليو بوش والسيناتور الجمهوري الراحل جون ماكين، وحل محلهم الموالون لترمب، ما جعل الرئيس السابق يتمتع بمكانة صلبة خلال الفترة التي شغل فيها المنصب وما بعدها.

بدائل ترمب

وفي حين تملي قواعد اللجنة الوطنية الجمهورية أن تكون محايدة في الانتخابات التمهيدية، لكن الأعضاء أحرار في دعم من يريدون، ولهذا بدأ بعضهم في المجاهرة برأيه إزاء ترشيح ترمب، ونشرت صحيفة "واشنطن بوست"، ما كتبه أوسكار بروك، عضو اللجنة عن ولاية تينيسي في رسالة بريد إلكتروني جماعية إلى الأعضاء الآخرين، بأنه ساند دونالد ترمب في 2016 و2020، لكن الوقت حان لكي يبتعد الحزب الجمهوري عن الرئيس السابق.

ويبحث الجمهوريون المتلهفون لبدائل ترمب عن مرشحين يمكنهم السيطرة على الشعبوية التي تحفز قاعدته من دون إحداث فوضى أو انقسام، وأول من يذكر هو دائماً حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس، على رغم أن الأعضاء استشهدوا بمنافسين محتملين آخرين، بمن في ذلك نيكي هيلي ومايك بنس.

ويعتقد كثيرون من قادة الحزب، أن الموقف السياسي المستقطب لترمب، أدى إلى إغراق الحزب في مشهد لا يمكن التنبؤ به بعمق، وهو وضع لا مثيل له منذ عام 1912، عندما أدت محاولة الرئيس ثيودور روزفلت لاستعادة الرئاسة إلى تقسيم الحزب الجمهوري بعد أربع سنوات من تركه منصبه، ويرون بالمثل وضعاً مشابهاً الآن يتمثل في أن صورة الخاسر التصقت بترمب بعد هزيمته عام 2020 أمام الرئيس بايدن، الذي من المتوقع أن يعلن عن ترشيحه لإعادة انتخابه في الأسابيع المقبلة.

هل من تغيير؟

وفي كل الأحوال، سيراقب الجميع أداء الرئيس السابق في نورث كارولينا ونيو هامبشاير، ليروا ما إذا كان بإمكانه التغير وإيصال رسالة تتطلع إلى المستقبل أو سيلجأ إلى الهجمات الشخصية أو الادعاءات الكاذبة بتزوير الانتخابات.

وبحسب مسؤول جمهوري، يظل السؤال الأساسي هو: هل سيتحدث ترمب عن المستقبل أم أنه سيتحدث فقط عن "الانتخابات المسروقة"؟

المزيد من تحلیل