Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عقوبات أميركية جديدة تطوق "حزب الله" ماليا

مصرف لبنان يجمد حسابات شركة صرافة مرتبطة بالحزب تأسست منتصف عام 2021

واجهة مبنى مصرف لبنان في بيروت كما بدت في 25 يناير الحالي (رويترز)

بعد آخر دفعة من العقوبات التي كانت فرضتها وزارة الخزانة الأميركية في الثاني من ديسمبر (كانون الأول) 2022 على أفراد وشركات تدير الجهاز المالي لـ"حزب الله" وتساعده، واستهدفت المدير التنفيذي لمؤسسة "القرض الحسن" عادل محمد منصور وشركة "المدققون للمحاسبة والتدقيق" وأحد ممثليها ويدعى ناصر حسن نصر، إضافة إلى حسن خليل الضالع وفق الخزانة الأميركية في مساعدة "حزب الله" للحصول على الأسلحة، فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية (OFAC) يوم الثلاثاء الـ 24 من يناير (كانون الأول) عقوبات على الصراف والباحث المالي اللبناني حسن مقلد وشركته "سيتكس" CTEX)) للصرافة بتهمة تسهيل الأنشطة المالية لـ "حزب الله"، ولعب دوراً رئيساً في تمكين الحزب من الاستمرار في استغلال الأزمة الاقتصادية في لبنان وتفاقمها كما جاء في القرار.

وشملت العقوبات الجديدة أيضاً أبناء حسن مقلد ريان وراني الذين يسهلون أنشطة والدهم المالية وشركته لدعم الحزب، وفق ما ذكرت الخزانة الأميركية.

أما اللافت فكان الإشارة في معرض قرار العقوبات للمرة الأولى إلى مصرف لبنان المركزي ووجود علاقة بينه وبين "حزب الله"، بحيث لفتت وزارة الخزانة إلى أن مقلد "اعترف علناً بدوره عام 2016 كوسيط للمفاوضات بين البنك المركزي وحزب الله".
وتعليقاً على ما سبق اعتبرت الباحثة في مجال الأسواق المالية سمر القزي أن "الحديث عن مصرف لبنان في معرض القرار الأميركي لناحية منحه الترخيص لشركة مقلد يعني أن الاحتمال بات كبيراً بأن العقوبات قد تصل إلى المصرف المركزي والحاكم رياض سلامة". 

بيان مصرف لبنان

لكن وفي تطور لافت ذي صلة، صدر عن حاكم "مصرف لبنان" بياناً جاء فيه أن هيئة التحقيق الخاصة المنعقدة بتاريخ الـ 26 من يناير (كانون الثاني) الحالي بحضور جميع أعضائها اتخذت قراراً بتجميد حسابات حسن أحمد مقلد وراني حسن مقلد وريان حسن مقلد وشركة "ستيكس" للصيرفة (ش.م.ل) والشركة اللبنانية للإعلام والدراسات والتي أدرجت على قوائم مكتب مراقبة الأصول الأجنبية OFAC بتاريخ الـ 24 من يناير 2023 لدى جميع المصارف والمؤسسات المالية العاملة في لبنان.

مقلد يعلق على الخزانة

من جهته نشر حسن مقلد بياناً جاء فيه أنه "تعليقاً على إعلان وزارة الخزانة الأميركية بتاريخ الـ 24 من يناير 2023 فرض عقوبات على كل من حسن مقلد وابنيه ريان مقلد وراني مقلد، وعلى شركة ’سيتكس‘ للصيرفة (ش.م.ل) وبعض الشركات الإعلامية والبيئية الأخرى، يهمنا توضيح أن شركة ’سيتكس‘ للصيرفة هي شركة مساهمة لبنانية مسجلة أصولاً في السجل التجاري، وهي مدرجة رسمياً على لائحة مؤسسات الصرافة بموجب القرار الصادر عن مصرف لبنان رقم (13349) وتاريخ الـ 30 من يوليو (تموز) 2021، وذلك بعد أن استوفت كافة الشروط المطلوبة قانوناً، وهي بدورها خاضعة لرقابة كل من لجنة الرقابة على المصارف وهيئة التحقيق الخاصة، مع الإشارة إلى أن سجلات وقيود ومحاسبة الشركة لا تخضع لأحكام قانون سرية المصارف الصادر بتاريخ الثالث من سبتمبر (أيلول) 1956 عملاً بالمادة التاسعة من قانون تنظيم مهنة الصرافة في لبنان، الأمر الذي ينفي إمكان قيامها بأي نشاطات مشبوهة لها علاقة بالفساد أو الإرهاب أو إمكان أن تكون واجهة لأية جهة أو غطاء لأي أموال غير معروفة المصدر".

واعتبر البيان أن "كل ما ورد في إعلان وزارة الخزانة الأميركية عن ملكية شركة ’سيتكس‘ وعن دور استشاري وتنفيذ صفقات تجارية نيابة عن جهة سياسية محددة، وتنسيق مزعوم مع شخصيات حزبية منسوب إلى الدكتور حسن مقلد وابنه ريان ليس سوى روايات من نسج الخيال تفتقر إلى الجدية والدقة"، مشيراً إلى أن هذا البيان سيستتبع بمؤتمر صحافي توضيحي قريباً.
 


علاقة مقلد بالحزب

وكان القرار الصادر عن وزارة الخزانة الأميركية أشار إلى حسن مقلد كخبير اقتصادي مقيم في لبنان، وأنه "عمل بالتنسيق الوثيق مع كبار المسؤولين الماليين في حزب الله لمساعدة الحزب على ترسيخ وجوده في النظام المالي اللبناني".

وكشف القرار الأميركي عن أن مقلد يعمل مستشاراً مالياً للحزب وينفذ صفقات تجارية نيابة عن مجموعته المالية في جميع أنحاء المنطقة، وتضم المجموعة المالية للحزب مؤسسة القرض الحسن والوحدة المالية المركزية، واللافت ما ذكره القرار الأميركي لناحية تنسيق مقلد الوثيق مع المسؤول المالي الكبير في "حزب الله" محمد قصير الخاضع للعقوبات أيضاً، إضافة إلى تمثيله الحزب في المفاوضات مع المستثمرين والشركاء المحتملين وحتى المسؤولين الحكوميين الأجانب، كما نسق حسن مقلد وفق الخزانة الأميركية مع محمد قصير في قضايا عدة، بما في ذلك الصفقات التجارية التي تشمل روسيا، فضلاً عن الجهود المبذولة لمساعدة "حزب الله" في الحصول على أسلحة.

ترخيص استثنائي لشركة مقلد

في منتصف عام 2021 أسس حسن مقلد نيابة عن "حزب الله" شركة "سيتكس" كواجهة مالية في بيروت، وكشفت الخزانة الأميركية أن المسؤول المالي الكبير في "حزب الله" محمد قصير ونائبه محمد قاسم البزال كانا وراء إنشاء "سيتكس".

وللمفارقة فإن مقلد حصل على ترخيص من مصرف لبنان لتحويل الأموال داخل لبنان والخارج، فيما لم تكن لشركته أية علاقة بحركة الأموال المحولة من الخارج إلى لبنان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولفتت الباحثة في مجال الأسواق المالية سمر القزي أن "حسن مقلد مقرب من رئيس البرلمان نبيه بري وعلاقته به سهّلت حصول شركته على الترخيص من مصرف لبنان، أسوة بالترخيص المعطى لشركة "أو أم تي" للتحويلات المالية (OMT) التي يملكها النائب السابق أمل أبو زيد وهو من التيار الوطني الحر وشركة "بوب فايننس" (BOB FINANCE) لرئيس جمعية المصارف سليم صفير، واللافت أن ’سيتكس‘ حصلت خلال فترة قصيرة على حصة كبيرة من السوق في قطاع تحويل العملات في لبنان، وهي وفق ما ذكر في قرار الخزانة الأميركية كانت تجمع ملايين الدولارات الأميركية لمصلحة مصرف لبنان المركزي لقاء عمولات تصل إلى ثلاثة في المئة".

وأضافت القزي أن "’سيتكس‘ كانت تقدم دولارات أميركية لمؤسسات حزب الله وتجند صرافين موالين للحزب"، وهو ما أكدت عليه الخزانة الأميركية أيضاً. وشرحت القزي أن "مقلد أسهم في رفع سعر الدولار كلما كان يجمع كمية الدولارات من الصيارفة بسعر منخفض ليعود ويبيعها بسعر أعلى، والمعلوم وفق القزي أن 90 في المئة من الصيارفة في لبنان موزعين بين الحزب في الدرجة الأولى وحركة أمل في الدرجة الثانية".
وكان البيان الصادر عن الخزانة الأميركية ذكر أن حسن مقلد عمل ولا يزال مع مسؤولي "حزب الله" للاستفادة من جهود المستثمرين والمغتربين لكسب المال في القطاع المالي اللبناني وتحويل الأموال النقدية إلى الخارج، وأفادت القزي بأن "حسن مقلد يعمل أيضاً على توسيع ’ستيكس‘ خارج لبنان من خلال نقل أموال بالعملة الصعبة من أفريقيا إلى لبنان لمساعدة أصحابها في شراء عقارات وشقق مقابل حصوله على عمولات كبيرة".

العقوبات تطاول أبناء مقلد

وطاولت العقوبات الأميركية الصادرة الثلاثاء راني وريان مقلد لتسهيلهما أنشطة والدهما حسن مقلد، ووجدت وزارة الخزانة الاميركية أن ريان "اشترك في مشاريع مختلفة بما في ذلك استخدام الحسابات المصرفية الأجنبية لتسهيل النشاط المالي غير المشروع"، وتم إدراج ريان كمدير إداري للشركة اللبنانية للمعلومات والدراسات، علماً أن الشركة تابعة لوالده.

كما شملت العقوبات أيضاً الشركة اللبنانية للنشر والإعلام والبحوث والدراسات والمملوكة أيضاً من حسن مقلد، وكشف القرار الأميركي أن ريان عمل "في عام 2021 مع البزال، نائب محمد القصير، في قضايا تتعلق بالتمويل".

أي تأثير للعقوبات على "حزب الله"؟

وبموجب القرار الصادر عن الخزانة الأميركية يتم حظر جميع الممتلكات والمصالح المملوكة بشكل مباشر أو غير مباشر من قبل مقلد وولديه، كما يمنع على أي فرد أو كيان الانخراط معهم بمعاملات تحت طائلة تعرضهم للعقوبات أيضاً، ويمكن لمكتب مراقبة الأصول الأجنبية أن يحظر أو يفرض شروطاً صارمة على الفتح أو الاحتفاظ في الولايات المتحدة بحساب مراسل أو حساب قابل للدفع من قبل مؤسسة مالية أجنبية أجرت عمداً أو سهلت أية معاملة لـ"حزب الله" أو بعض الأشخاص المحددين لارتباطهم بالحزب،
وقد يكون أثر العقوبات مباشراً على الأشخاص أو الشركات التي طاولتها هذه العقوبات، لكنه بالتأكيد سيلحق ضرراً بالحزب إذا كان المستفيد الأول من أموال هذه الشركات، ففي هذه الحال وبنتيجة العقوبات عليها فمن المتوقع أن تتراجع قدرة شركة الصيرفة التابعة لحسن مقلد على تحويل أموال من وإلى الخارج عبر النظام المالي الرسمي، مما يحد من قدرتها على التوسع وتهريب الأموال، وستتحول بذلك إلى مؤسسة مالية تعمل فقط في الداخل اللبناني.

ومن هنا فإن الإشارة إلى مصرف لبنان في معرض قرار العقوبات الصادر عن وزارة الخزانة الأميركية قد تكون بحسب ما يوضح نائب رئيس مجلس الوزراء السابق غسان حاصباني لـ "اندبندنت عربية" بهدف "حث المصرف المركزي على سحب الترخيص من الشركة لمنعها من العمل بموجبه داخل لبنان أيضاً، لكن حاصباني أضاف أنه "في الأحوال كافة هناك مؤسسات مثل القرض الحسن التابعة لـ ’حزب الله‘ باتت بمثابة مصارف بديلة عن النظام المصرفي الرسمي، وهي تعمل داخل الأراضي اللبنانية حصراً وتتعامل بالنقد الذي لا يمكنه دخول القطاع المصرفي الرسمي أو التحويل إلى الخارج، وتفتح حسابات للذين يخضعون للعقوبات أو الذين لا يمكنهم تقديم أوراق رسمية لفتح حسابات في المصارف المرخصة".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات