Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إيران تغازل والأردن يتبدل والعراق "عراب المصالحة"

زيارة الصفدي إلى بغداد تضمنت لقاءات مع مقربين من طهران ومراقبون: "عملاً بسياسة الأمر الواقع"

تناولت الزيارة إنجاز خط الربط الكهربائي ومد أنبوب النفط من البصرة إلى ميناء العقبة الأردني (مواقع التواصل)

حملت الزيارة التي قام بها رئيس مجلس النواب الأردني أحمد الصفدي إلى العراق في طياتها كثيراً من الدلالات والمؤشرات، من بينها بوادر تقارب بين عمان وطهران بوساطة عراقية.

الزيارة التي كان عنوانها العريض لقاء الصفدي بنظيره رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، لم تخل من لقاءات جانبية لرئيس مجلس النواب الأردني مع رموز ورؤساء كتل وتيارات سياسية عراقية محسوبة على طهران أو تدين بالولاء لها.

الحلبوسي أكد أن برلمان بلاده يدعم الاتفاقيات الثنائية بين البلدين في القطاع الأمني والصناعي والتجاري وملف الطاقة، وأهمية إنجاز الربط الكهربائي ومد أنبوب النفط من البصرة إلى ميناء العقبة، وهو المشروع الذي يدور الحديث عنه منذ عام 1984.

لقاءات في "بغداد 2"

قبل ذلك بأسابيع، وتحديداً نهاية عام 2022، كان رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني المقرب من إيران، يستغل فرصة انعقاد مؤتمر "بغداد 2" في الأردن ليقوم بمحاولات لحث الأردنيين على الانفتاح على إيران، ومنح العلاقات الفاترة بين البلدين فرصة جديدة.

وفقاً لمصادر سياسية، فقد دعم السوداني خلال القمة في الأردن لقاءات جانبية منفصلة بين مسؤولين أردنيين وإيرانيين، على أمل أن تفيد هذه اللقاءات في دعم المشاريع المشتركة بين الأردن والعراق، والتي كانت محط اعتراض وتعطيل سابقاً من قبل تيارات برلمانية عراقية موالية لطهران.

بموازاة ذلك، كان وزير الخارجية الإيراني حسين عبداللهيان الذي شارك في مؤتمر بغداد الدولي في البحر الميت، يلقي تصريحات داعمة للوصاية الهاشمية في القدس.

تيارات شيعية تغازل

تزامن كل ذلك مع غزل واضح من قبل زعماء تيارات شيعية عراقية للأردن والعلاقات معه، مما يشير إلى تغيير جذري في الموقف الذي كان يعطل سابقاً اتفاقيات أردنية مهمة مع العراق، وعلى رأسها مشروع مد خط أنبوب النفط العراقي من البصرة إلى العقبة الأردنية، العالق منذ سنوات في أروقة البرلمان العراقي.

 من بين زعماء التيارات الشيعية الذين التقاهم الصفدي رئيس "تحالف الفتح العراقي" هادي العامري، ووجه الصفدي دعوة رسمية إلى العامري لزيارة الأردن، كما التقى رئيس الوزراء العراقي الأسبق ورئيس ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي، وأمين عام حركة "عصائب أهل الحق" قيس الخزعلي. وأشاد رؤساء هذه التيارات والكتل البرلمانية المقربة من إيران بالأردن وبالوصاية الهاشمية في القدس، ودور عمان في الحرب على تنظيم "داعش".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يرصد مدير عام مركز "ستراتيجيكس" للدراسات سالم الضمور محاولات إيرانية لإصلاح العلاقات مع الأردن، مؤكداً أن الاتصال الذي أجراه وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان بنظيره الأردني أيمن الصفدي، في 12 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، يجسد أبرز المستجدات في سياق العلاقات الأردنية الإيرانية.

ويضيف الضمور "لم تكن بوادر التقارب الإيراني نحو الأردن نقيضاً لسياسة خارجية جديدة تمارسها طهران تجاه دول الجوار، بينما يأمل الأردن في أن يسهم التقارب مع إيران بإنهاء حال عدم الاستقرار على حدوده مع العراق وسوريا، فضلاً عن أزمات اللجوء وانتشار ظواهر العنف والإرهاب، ومن ثم تغيير السلوك الإيراني في المنطقة".

ويشير الضمور إلى أن السياسة الخارجية الأردنية أصبحت تصب جل تركيزها على عودة أسواقها الطبيعية في سوريا والعراق، وهما البلدان اللذان يعني التقارب معهما بالضرورة تقارباً موازياً مع إيران.

يتحدث الوزير الأردني السابق محمد داوودية عن أخبار سارة حملتها زيارة رئيس مجلس النواب أحمد الصفدي من زيارته إلى العراق، مضيفاً أن أنبوب نفط البصرة - العقبة سيرى النور قريباً.

يؤكد داوودية أهمية دور الدبلوماسية الشعبية لمساندة العلاقات الرسمية الأردنية العراقية، وما يحدثه ذلك من تفهم الجميع لأهمية المشاريع المشتركة لجميع الأطراف، بخاصة المشروع الاستراتيجي أنبوب نفط البصرة - العقبة.

ويعتقد أن إيران الموجودة بقوة في الإقليم لها دور في تسهيل كثير من المشاريع المشتركة بين العراق والأردن، موضحاً أن عودة السفير الأردني إلى طهران وتعيين نظيره الإيراني في عمان ستكون خطوة قريبة في هذا الإطار.

الموقف الأردني يتبدل

في المقابل، يرصد المراقبون تحولات جذرية في الموقف الأردني تجاه إيران منذ نحو عام، حيث انقلبت التصريحات الرسمية من تحذيرات حول الخطر الإيراني إلى الحديث عن دور إيران في المنطقة.

فبعد أن كشف العاهل الأردني عن تعرض بلاده إلى هجمات بطائرات مسيرة إيرانية الصنع، وتحذيره من الفراغ الروسي الذي سيملأه الإيرانيون ووكلاؤهم في الجنوب السوري. خرج رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة، في مقابلة مع شبكة "بي بي سي" ليقول إن بلاده تسعى لعلاقات جيدة مع إيران، ولم تتعامل معها يوماً واحداً على أنها مصدر تهديد للأمن القومي.

وينظر مراقبون إلى تبدل الموقف الأردني من إيران على أنه إشارة واضحة إلى وجود محادثات غير معلنة بين مسؤولين أردنيين وإيرانيين تتم منذ أشهر في بغداد.

يعتقد المحلل والكاتب فايز الفايز أن هذه الاستدارة الأردنية هي شكل آخر لإدراك عمان سياسة الأمر الواقع والبحث عن مصالحها في العراق وسوريا حيث تشكل طهران مفتاحاً لهما.

وكانت وزارة الخارجية الإيرانية رحبت بتصريحات العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في يوليو (تموز) الماضي، في شأن تعزيز العلاقات مع إيران، والتي أدلى بها في حوار مع صحيفة "الرأي" المحلية الرسمية. وقال فيها إن بلاده "لا تريد توتراً في المنطقة، والأردن يريد علاقات طيبة مع إيران مبنية على الاحترام المتبادل وحسن الجوار واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها".

أما القائم بأعمال السفارة الإيرانية في الأردن علي أصغر ناصري فيرى أن علاقة بلاده مع الأردن تاريخية، معلناً استعداد طهران لتعزيز علاقاتها مع عمان في جميع المجالات.

يتحدث ناصري عن إمكانية أن تكون إيران بوابة الأردن لدخول أسواق آسيا المركزية والقوقاز، من ناحية الزراعة والصناعة، وحتى الخدمات الطبية والتعليمية، فضلاً عن السوق الإيرانية.

المزيد من تقارير