في حادثة تعد الأولى من نوعها منعت الشرطة الإسرائيلية السفير الأردني لدى إسرائيل من دخول المسجد الأقصى في القدس "بسبب عدم التنسيق المسبق" معها، في خطوة رفضتها عمان بشدة واعتبرتها، "محاولة لتغيير الوضع القائم في المسجد، والمساس بمكانة الأردن كراع للمقدسات في القدس". فيما نفت الشرطة الإسرائيلية منعها السفير من دخول المسجد.
حق الوصاية الأردنية على المقدسات
وبعد ساعات قليلة على اعتراض السفير الأردني غسان المجالي، عاد الأخير إلى المسجد الأقصى وتجول في ساحاته في إشارة إلى التمسك بالوصاية الأردنية عليه، ورفض الإجراءات الإسرائيلية.
تزامنت الحادثة مع قمة فلسطينية - أردنية مصرية في القاهرة شددت على "ضرورة الحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس بما يضمن احترام حقيقة أن المسجد الأقصى مكان عبادة خالص للمسلمين، وأن دائرة أوقاف القدس هي الجهة الوحيدة المخولة إدارة شؤونه".
وأكد الرئيسان المصري عبدالفتاح السيسي والفلسطيني محمود عباس "أهمية الوصاية الهاشمية التاريخية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية بالقدس ودورها في حماية هذه المقدسات وهويتها العربية الإسلامية والمسيحية".
ولم يكن السفير الأردني لدى إسرائيل غسان المجالي يعلم بأن زيارته الاعتيادية إلى المسجد الأقصى التي كانت تتم في السابق بسهولة، ومن دون تنسيق مسبق مع تل أبيب ستنتهي بأزمة دبلوماسية.
واعتبر المجالي أن الحادثة تأتي في "ظل محاولات إسرائيل لتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى، والمساس بمكانة الأردن كراع للأوقاف الإسلامية والمسيحة في القدس".
وعقب ترجله من مركبته ومحاولته دخول المسجد الأقصى عبر باب الأسباط، اعترض شرطي إسرائيلي السفير المجالي، وأوقفه للتأكد من هويته بحسب مدير المسجد الأقصى الشيخ عمر الكسواني.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضح الكسواني لـ"اندبندنت عربية" أن السلطات الإسرائيلية "تعمدت إيقاف السفير الأردني ومرافقيه"، مشيراً إلى أن الشرطي الإسرائيلي الذي اعترض المسؤولين الأردنيين "دفع القنصل الأردني عند محاولة الأخير الدخول من دون إذن إسرائيلي". وأضاف أن السفير الأردني "غادر باب الإسباط احتجاجاً، ورفض اعتذار أحد ضباط الشرطة الإسرائيلية على السلوك الإسرائيلي الاستفزازي المقصود".
وشدد الكسواني على أن السفراء والقناصل والمسؤولين "يدخلون الأقصى من دون تنسيق مع السلطات الإسرائيلية"، مشيراً إلى أن الطلب الإسرائيلي بضرورة "التنسق المسبق غير مسبوق".
إسرائيل تنفي
لكن الشرطة الإسرائيلية نفت منعها السفير الأردني من دخول المسجد الأقصى، وقالت إن أحد ضباطها المتمركزين على أحد أبواب المسجد "لم يتعرف على شخصية السفير، ولم يكن يعلم بزيارته".
وأوضحت الشرطة الإسرائيلية أن "الضابط أوقف طاقم السفارة الأردنية بانتظار تعليمات قيادته، التي وافقت بعدها مباشرة على دخولهم، قبل أن يغادروا".
وأشارت الشرطة الإسرائيلية إلى أن السفير الأردني كان سيدخل الأقصى "لو انتظر بضع ثوان"، قائلة إن "التنسيق المسبق معها كما هو معتاد، كان سيمنع أي تأجيل في دخول السفير".
عمان تستدعي السفير
ولم يتأخر رد عمان على الحادثة، إذ استدعت وزارة الخارجية الأردنية السفير الإسرائيلي لدى الأردن، وسلمته "رسالة احتجاج شديدة اللهجة لنقلها إلى حكومته على الفور".
وشدد المتحدث باسم الخارجية الأردني سنان المجالي أن عمان "ترفض الإجراءات كافة الهادفة إلى التدخل غير المقبول في شؤون المسجد الأقصى".
ويتولى الأردن منذ عشرينيات القرن الماضي إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى عبر وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية.
وأكد المجالي على "وجوب امتثال إسرائيل بصفتها القوة القائمة بالاحتلال لالتزاماتها وفقاً للقانون الدولي، والامتناع عن أي إجراءات تمس بحرمة الأماكن المقدسة، ووضع حد لمحاولات تغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم فيها".
من جانبه اعتبر المتخصص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور أن اعتراض السفير الأردني على أبواب المسجد الأقصى يأتي ضمن "محاولات إسرائيل الاستفزازية لتغيير الوضع التاريخي والقانوني في المسجد الأقصى، والحد من الوصاية الأردنية على الأماكن المقدسة".
وقال منصور إن تلك الحادثة "ليست بريئة أو عفوية، لكنها مقصودة لتنفيذ أجندة الحكومة الإسرائيلية في المسجد الأقصى بهدف تقسيمه وتهويده وسحب الوصاية الهاشمية عنه".
وأضاف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "يعمل على سحب الوصاية الأردنية على الأقصى ومنحها لدولة إسلامية كثمن لتطبيع العلاقات الإسرائيلية معها".
وقبل أسبوعين استدعت وزارة الخارجية الأردنية السفير الإسرائيلي لدى الأردن إيتان سوركيس لتوبيخه إثر اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير المسجد الأقصى.
وأبلغ سوركيس المسؤولين الأردنيين "التزام إسرائيل بالحفاظ على الوضع القائم بالمسجد الأقصى وبحرية العبادة في القدس".
وخلال اجتماع استثنائي لها، حذرت منظمة دول التعاون الإسلامي من المساس بالمسجد الأقصى، ودعت إلى فرض عقوبات على بن غفير، مطالبة المجتمع الدولي بتحرك عاجل في هذا الصدد.
ودان المجتعمون بـ"أشد العبارات اقتحام المسجد الأقصى من قبل وزير معروف بتطرفه في الحكومة الإسرائيلية"، من دون ذكر اسمه. وأكد البيان الختامي للاجتماع أن الاقتحام "استفزاز خطر يمس بمشاعر المسلمين في أنحاء العالم كافة، وانتهاك للقانون الدولي وقرارات الأمم".