Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف أثبت ليوناردو دي كابريو أنه أكثر من مجرد فتى هوليوود الوسيم؟

بالتزامن مع إعادة عرض "تيتانيك" الشهر المقبل احتفالاً بالذكرى السنوية الخامسة والعشرين لإصدار الفيلم الذي حول دي كابريو إلى نجم، ننظر كيف تحدى بطله التوقعات وحول نفسه إلى نجم هوليوودي مقتدر من العيار الثقيل

في دور جاي غاتسبي في فيلم "غاتسبي العظيم" للمخرج باز لورمان في عام 2013 (وارنر بروس)

لقد مر 25 عاماً على وصول "الهوس بليو" ذروته. تلك الفترة المثيرة التي كان خلالها متابعو ليوناردو دي كابريو يتجمهرون حوله بحماسة كانت ستجعل تصرفات حتى أكثر معجبي البيتلز إخلاصاً تبدو تافهة. في حالة بيتلز، كانت الهيستريا تنتشر حول الفريق في الأقل. أما مع دي كابريو، فكان كل شيء يركز على شخصه. لا يزال بإمكانكم مشاهدة مقاطع فيديو على يوتيوب تظهر فيها حشود من المراهقين أمام سينما أوديون في ساحة ليستر سكوير بلندن وهم يهتفون "ليو، ليو، ليو" قبل عرض فيلم "تيتانيك" Titanic للمخرج جيمس كاميرون لأول مرة في المملكة المتحدة. سيعاد الشهر المقبل عرض الفيلم الناجح من عام 1997. حصل على الدور وهو في سن العشرين، لكن بفضل مظهره الرائع بدا أصغر بكثير. كان له حضور مختلف على السجادة الحمراء، وراح يلوح بأدب للمتفرجين، غير مدرك على ما يبدو أنه على وشك الوصول إلى نجومية عالمية.

زعمت التقارير الإخبارية أن المراهقات "المشحونات بالهرمونات" قد خيمن لمدة 12 ساعة أو أكثر كي يلمحنه فقط. إذا كان دي كابريو قد أحدث فوضى في العرض الأول لتيتانيك في لندن، فقد ترك فوضى واضحة في أعقابه عندما وصل الفيلم إلى طوكيو. ذكرت إحدى المحطات الإخبارية الأميركية عن التدافع: "بدت الشوارع كما لو أن وحش غودزيلا كان يندفع فيها مثل المجنون".

ما الذي حصل بعد ذلك؟ هل سيفسد النجاح دي كابريو؟ كيف ستتطور مسيرته المهنية عندما كانت صور وجهه تغطي الجدران فعلاً في جميع أنحاء العالم؟ كانت هذه الأسئلة التي أقلقت حتى معجبيه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لا يبدو أن الإخلاص المجنون لمعجبيه الشباب كان يزعج الممثل نفسه، في الأقل في البداية. قال دي كابريو في بدايات مشواره، "إنه أمر ممتع... لطيف ومنعش". كانت ملاحظة ساذجة، فسرعان ما أصبح هذا المستوى من الاهتمام لا يطاق. كان دي كابريو رجلاً لافتاً. تحدث عن قلقه عندما كان يستيقظ في غرفة الضيوف في منزل والدته، حيث كان لا يزال يعيش في لوس أنجليس، ليكتشف وجود عديد من سيارات الدفع الرباعي المتوقفة أمام المنزل والمليئة بمصوري المشاهير المصممين على التقاط صورة له. قال باستياء محير: "استمروا في ملاحقتي... في كل يوم من أيام حياتي".

أصيب رواد السينما بالإغماء بسببه، وشاهد كثيرون تيتانيك مرات عدة، على أمل أنهم لو شاهدوه بما يكفي ربما سينجو البطل من السفينة الغارقة في النهاية. في أحد المشاهد الشهيرة للفيلم، يسند جاك، الذي يجسده دي كابريو، ذراعه على باب يطفو فوق مياه المحيط الأطلسي المتجمد بينما تستلقي حبيبته روز، التي تلعب دورها كيت وينسلت، فوقه منتظرة إنقاذها. زادت وفاته نتيجة انخفاض حرارة الجسم على الأرجح سحره الرومانسي. بالكاد بدأت مسيرته المهنية، لكن يمكن القول إنه كان بالفعل أكبر شخصية مشهورة في العالم.

لم يكن دي كابريو حتى ممثلاً لديه خبرة، فقد بدأ مسيرته المهنية على الشاشة الكبيرة عام 1991 مع دور في فيلم الرعب الخيال العلمي الكوميدي "كريترز 3" Critters 3، حيث كان يظهر في مشاهد مشتركة مع كائنات غامضة آكلة للحوم من الفضاء الخارجي. كانت له تجارب كثيرة في التلفزيون. الدور الذي يعتبره أول عمل سينمائي حقيقي هو شخصية الشاب جاك في فيلم الإثارة الشهواني "آيفي السامة" Poison Ivy المثير للجدل الصادر عام 1992 من بطولة درو باريمور وسارة غيلبرت. الفيلم الذي يدور حول علاقة صداقة بين مراهقتين تتحول إلى عداوة، تناول مواضيع السحاق وسفاح القربى والانتحار وتعرض للهجوم في مهرجان صندانس السينمائي لكونه غير لائق سياسياً [أي يتضمن إساءات لأفراد مجموعات معينة في المجتمع]. للأسف، خلال عملية المونتاج، استبعد المقطع الذي أداه دي كابريو.

في حديثها إلى "اندبندنت" هذا الأسبوع، أصرت كات شاي، مخرجة "آيفي السامة" على أن اجتزاء دور دي كابريو من الفيلم لم يكن قرارها، فقد كانت معجبة به بشدة. تتذكر، "كان دور [الفتى] لشخص يتنمر نوعاً ما على الشخصية التي لعبتها سارة غيلبرت. لم أستطع أن أقرر الممثل الذي سأسند إليه الدور. كان دوراً صغيراً جداً ولا يتجاوز بضع جمل. حضر ليوناردو وقدم قراءة للدور ولم يكن مناسباً له، لكن ما أعرفه تماماً هو أنني أردت هذا الشاب في فيلمي... لقد كان جذاباً فوق التصديق". كان دي كابريو ألطف بكثير من أن يلعب دور متنمر. تقول شاي، "لا يمتلك ليوناردو صفات وضيعة". كان لديه مونولوغ طويل يهين فيه شخصية غيلبرت، لكنه حذف.

تتابع المخرجة، "لقد أحببته ببساطة. حاولت إبقاءه في الفيلم. حاولت الاحتفاظ بحواره في الفيلم لكن في النهاية تجاوزني المدير التنفيذي في شركة "نيو لاين" [المنتجة للفيلم] وأجبرني على حذفه. لم أتفق مع ذلك لدرجة أنني أبقيت على اسمه في شارة النهاية على رغم أن دوره حذف. اعتقدت، أنني أريده أن يأخذ حقه".

في حفل الانتهاء من التصوير، كان على شاي إخبار ليو أن دوره حذف. تقول، "كان ذلك مؤلماً، مفجعاً حقاً. اعتقدت أنه كان رائعاً".

على رغم هذا التراجع المهين، اتضح أن شاي كانت محقة حيال قدرات دي كابريو النجومية من خلال أدوار البطولة التي حصل عليها في الأفلام اللاحقة التي صدرت بعد عام واحد فقط. في دراما السيرة الذاتية "حياة هذا الصبي" This Boy's Life عام 1993، قام ببطولة دور ربيب روبرت دي نيرو، الكاتب توباياس وولف، الذي يستند الفيلم إلى مذكراته، وفي الدراما الرومانسية "ما الذي يضايق غيلبرت غريب" What's Eating Gilbert Grape الصادر عام 1993. حصل دي كابريو الذي كان في التاسعة عشرة من عمره فقط، على أول ترشيحاته لجائزتي الأوسكار وغولدن غلوب لأفضل ممثل في دور ثانوي عن شخصية "أرني" الأخ الأصغر لجوني ديب في الفيلم، الذي يعاني صعوبات عقلية.

أحبته الكاميرا. لم يقتصر الأمر على شكله الوسيم المتوهج، فقد كانت لديه قدرات عاطفية متأججة أيضاً. كان لديه خلفية ثقافة مضادة قوية [معارضة للقيم الثقافية، والجمالية والأخلاقية السائدة في مجتمع ما]. كان والده جورج دي كابريو موزعاً للمجلات المصورة غير النمطية وكان صديقاً مقرباً من روبرت كرمب مبتكر شخصية "القط فريتز". أسند إلى دي كابريو دور بطل رياضي في المدرسة الثانوية مدمن للهيروين في "يوميات كرة السلة" The Basketball Dairies (1995) وكان بارعاً في لعب شخصيات المتمردين والغرباء. لم يكن مفاجئاً أنه قاوم في البداية الظهور في عمل يتماشى مع التيار السائد وبسيط مثل تيتانيك. قال المخرج كاميرون في مقابلة حديثة مع مجلة "بيبول" People إن دي كابريو اعتقد أن المشروع "ممل" ولا يريد لعب بطولته على أي حال. احتاج إلى بعض الإقناع لوضعه على متن تيتانيك.

بفضل وجود دي كابريو إلى حد كبير، فإن ملحمة السفينة المتحطمة التي أخرجها كاميرون ووصفها بأنها "روميو وجولييت" بحرية، حققت أكثر من ملياري دولار في شباك التذاكر.

بشكل عام، عندما يصل الممثلون إلى هذا المستوى من الشعبية يبدأون بالانحدار بعد ذلك. على عكس كل التوقعات، دي كابريو البالغ من العمر الآن 48 سنة، تابع صعوده الفني. منذ نجاح تيتانيك، حصل على عدة ترشيحات لجوائز الأوسكار. وأصبح كذلك منتجاً له سمعته من خلال شركته "أبيان واي"، التي أنتجت سلسلة من الأفلام الوثائقية البيئية التي لقيت استحساناً مثل "قبل الفيضان" Before the Flood سنة 2016، حول تهديد تغير المناخ، و"نظرية مؤامرة الأبقار" Cowspiracy سنة 2014، الذي استكشف تأثير الزراعة الحيوانية على البيئة.

لا تزال السمات نفسها التي ميزت الممثل في بداية حياته المهنية واضحة. إنه مشاكس ورائع في الوقت نفسه، متمرد لا لبس فيه وشخص يبدو أن لديه قضية ما دائماً. قد يكون في صراع مع دب، كما اشتهر في فيلم "العائد" The Revenant الصادر عام 2015، وهو الدور الذي أكسبه جائزة أوسكار، أو مشلولاً في حالة سبات لكنه ما زال يحتفظ بكرامته بعد الإفراط في تناول المخدرات كما رأيناه في فيلم "ذئب وول ستريت" The Wolf of Wall Street عام 2013.

مثله مثل البطل جاي غاتسبي الثري والغامض في فيلم "غاتسبي العظيم" The Great Gatsby للمخرج باز لورمان عام 2013، يتمتع بصفات متجردة وماكرة وغالباً ما يبدو منفصلاً عن الأحداث التي يشارك فيها.

بعد فترة وجيزة من تيتانيك، لعب دي كابريو دور البطولة في "الشاطئ" The Beach للمخرج داني بويل سنة 2000، حيث جسد شخصية رحالة اختير لأدائها في الأصل الممثل إيوان ماكغريغور. لم يلق الفيلم ترحيباً حاراً ورشح دي كابريو لجائزة التوتة الذهبية الساخرة في فئة أسوأ أداء في تلك السنة. للمفارقة، كان للفشل النسبي للفيلم أثر مهدئ على حياته المهنية، حيث خفف من الهستيريا التي أحاطت به.

كان عديد من شخصيات دي كابريو السينمائية اللاحقة مشابهاً لجاك في تيتانيك. في أحد أفضل أدواره، بشخصية الفنان الشاب المتهور فرانك أباغنيل في فيلم "أمسكني إن استطعت"Catch Me If You Can الذي أخرجه ستيفن سبيلبرغ عام 2002، استخدم مرة أخرى سحره المميز لتجاوز الحدود الاجتماعية، لكنه كان هذه المرة مشغولاً بخداع ضحاياه. إنهم يحبونه لدرجة أنهم يستمتعون بخداعه لهم.

عندما لعب دور أمستردام فالون، اللص الإيرلندي الذي انطلق في مهمة للانتقام لموت أبيه في فيلم مارتن سكورسيزي "عصابات نيويورك" The Gangs of New York سنة 2002، الذي تدور أحداثه في الأحياء الفقيرة القذرة في نيويورك في القرن التاسع عشر، اعترض أحد النقاد السينمائيين الأميركيين على أن دي كابريو كان "أوسم بكثير من أن يكون من الحي".

كان هذا النقد مألوفاً. كان ليوناردو شاباً ووسيماً لدرجة أنه بدا من غير اللائق إقحامه في الأعمال الدرامية شديدة القتامة. بغض النظر عن مقدار الماكياج الذي يضعه أو الشعر الذي يغطي وجهه، أو القلق الداخلي الذي يصبه، لم يستطع تحويل نفسه تماماً إلى مارلون براندو أو دي نيرو.

ربما بدأ التعاون بين دي كابريو وسكورسيزي كزواج مصلحة، حيث كان المخرج بحاجة إلى أكثر نجم شاب مربح موجود كي يحصل على تمويل أفلامه، لكنه أسفر عن بعض الأعمال التي لا تنسى، كما أن شراكتهما استمرت حتى الآن لأكثر من 20 عاماً. ومن المقرر إطلاق فيلمهما الطويل السادس المشترك "قتلة قمر الزهرة" Killers of the Flower Moon في وقت لاحق من هذا العام.

كان "ذئب وول ستريت" آخر عمل يمكن أن يتوقعه المرء من الثنائي. يستخدم دي كابريو الذي يلعب دور سمسار البورصة غير النزيه جوردان بلفورت، سحره المميز لجعل شخصية عديمة الضمير ومكروهة تبدو محبوبة. كان هذا أيضاً الفيلم الذي أطلق فيه العنان لنفسه. كانت أعماله السابقة مع سكورسيزي في أفلام جادة. هنا كان يتناول الحبوب المخدرة، ويحطم السيارات الرياضية، ويمارس الجنس تحت تأثير المخدرات، ويقذف الأقزام ويظهر ميلاً غير مستكشف حتى الآن نحو الاستعراض الهزلي المقزز.

كان الفتى الذهبي لحقبة أواخر التسعينيات يلعب الآن أدوار الأشرار، على سبيل المثال الأرستقراطي الجنوبي الخبيث في فيلم "جانغو المتحرر من القيود" Django Unchained عام 2012، ونجم أفلام الويسترن المهلهل المتقدم في السن الذي كان ذائع الصيت ذات يوم في فيلم "حدث ذات مرة في هوليوود" Once Upon a Time in Hollywood عام 2019.

منذ تيتانيك، كان دي كابريو ذكياً للغاية في سعيه الدائم إلى التعامل مع أفضل المخرجين: سبيلبرغ وسكورسيزي وكوينتين تارانتينو وكريستوفر نولان وأليخاندرو غونزاليس إينياريتو وغيرهم، كما أوضح عام 2020 خلال بودكاست [مدونة صوتية] "ما اللعنة مع مارك مارون" WTF with Marc Maron، "أنت تعتمد حقاً على المخرج... بعد قراءة كثير من السيناريوهات الرائعة التي تحولت إلى قمامة بين الأيدي الخاطئة، فأنت تدرك في الواقع أن المخرج هو الشخص الذي يرفع من مستوى المواد ويجلب إليها أشياء لم تكن لتتوقعها أبداً. يستحق الأمر أن نراه بعيونهم".

بعد مرور ربع قرن على تيتانيك، تلاشى هوس المصورين بدي كابريو. لم تعد هناك هستيريا جماعية عندما تطأ قدمه طوكيو أو يحضر العرض الأول لفيلم في ساحة ليستر سكوير. في أواخر التسعينيات، كان كثيرون يتوقعون أن مسيرته ستتحطم حتماً بعد هذا النجاح الضخم وأنه سيغرق مع السفينة التي شهرته. بدلاً من ذلك، حول النجم المراهق السابق خلال هذه السنوات الفاصلة نفسه إلى نجم هوليوودي من العيار الثقيل، مكتمل ومتعدد المواهب.

سيعاد عرض فيلم تيتانيك لمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لإصداره في 10 فبراير

© The Independent

المزيد من سينما