Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استراتيجية من 3 محاور للنهوض بقطاع الأدوية في الجزائر

كلف خزينة الدولة 2.5 مليار دولار بسبب عدم وجود إنتاج وطني يلبي الطلب المحلي

تلقى صناعة الأدوية اهتماماً في الجزائر (وسائل التواصل)

تسابق الحكومة الجزائرية الزمن لتفعيل إصلاح منظومة الصناعة الصيدلانية ومحاربة الفساد، ضمن مسعى إلى تقليص فاتورة واردات الأدوية عبر حصر الاستيراد في الأدوية الأساسية غير المنتجة محلياً، أو التي يشهد إنتاجها نقصاً ولا يغطي الحاجة الوطنية لكبح تآكل احتياطي البلاد من العملة الصعبة.

وكشف وزير الصناعة الصيدلانية علي عون عن اختلالات و"ممارسات غير لائقة" من طرف شركات جزائرية وأجنبية تنشط في إنتاج الأدوية، وتوعد باتخاذ إجراءات صارمة في حقها إذا لم تراجع استثماراتها وتساير الاستراتيجية الوطنية لترقية الصناعة الصيدلانية في الجزائر.

موضع الداء

وفي زيارة قادته إلى مؤسسات صناعة أدوية في الجزائر، لفت إلى العراقيل التي تواجه قطاع الصناعة الصيدلانية. وتطرق إلى مشكلات في التسيير تتخبط فيها شركات تستثمر في إنتاج الأدوية، و"هي نتاج أوضاع غير سوية متوارثة منذ سنوات".

ولدى زيارته المختبر الصيدلاني الدنماركي "نوفونورديسك" الذي دشن به وحدة تركيب أقلام الأنسولين، قال الوزير إن هذه الخطوة ستوفر نحو 42 مليون يورو على الخزانة العمومية، إلا أنه طالب بالتعجيل في الإنتاج الكامل للأنسولين في غضون 15 شهراً. وأشار بقوله، "كان يجب أن ننتظر 85 عاماً لكي تستثمر (نوفونورديسك) في الجزائر، هذا يجب ألا ينسينا الهدف الأساسي للاستثمار، وهو الإنتاج الكامل وعدم الاكتفاء بالتركيب فقط".

وكانت وزارة الصناعة الصيدلانية قد اتهمت المختبر الدنماركي "نوفونورديسك" بالتسبب في حدوث اضطراب في تزويد الجزائر بمادة الأنسولين، وعدم الوفاء بالالتزامات المبرمة مع الدولة الجزائرية في هذا المجال، ما أضر بمصالح الجزائر.

وطالب عون بالإسراع في مراجعة حجم الاستثمار ونوعيته في الجزائر قبل انقضاء العام الحالي، متوعداً المخالفين لتنفيذ التعليمات والسياسة الوطنية للصناعة الصيدلانية، باتخاذ أقصى التدابير القانونية بحقهم، والتي قد تصل حد إقصائهم من السوق الوطنية.

ولم يسلم مجمع "صيدال" الحكومي المتخصص في صناعة وتوزيع الأدوية من النقد لتصحيح واقع أدخل الشركة مصلحة الإنعاش، حيث أصبح يتذيل الترتيب الوطني والقاري في قائمة المؤسسات الصيدلانية، بعد أن انتقلت نسبة تغطيته لحاجات السوق الوطنية إلى اثنين في المئة بحقيبة إنتاج قاربت 70 دواءً، بعد أن كان ينتج قرابة 350 دواءً، ويغطي 45 في المئة من السوق.

قطاع استراتيجي

ولدى تشخيصه واقع الصناعة الصيدلانية، شدد الرئيس عبدالمجيد تبون، خلال اجتماع مجلس الوزراء، على أهمية القطاع، ووصفه بأنه "استراتيجي"، لافتاً إلى أن توفير الأدوية للمواطنين "مهمة سامية".

ودعا تبون إلى إعادة الاعتبار لمجمع "صيدال" للتكفل بتغطية جزء كبير من حاجات السوق الوطنية للدواء بعد أن انخفضت إلى 5 في المئة، وهي التي كانت تحوز على حصة سوقية تقدر بـ47 في المئة، والانطلاق في إنتاج لقاح الأطفال والأنسولين في الجزائر بدءاً من 2023، مشدداً على ضرورة مكافحة تهريب الأدوية بكل أشكالها، وإلحاق أشد العقوبات بالمتورطين فيها.

وتسعى الحكومة الجزائرية إلى ضبط الواردات الصيدلانية الوطنية. وقالت إنها تمكنت من تقليص فاتورة الاستيراد بنسبة 40 في المئة في 2022، مقارنة بـ2019، لتبلغ 1.2 مليار دولار أميركي بعد أن كانت بحدود ملياري دولار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب أرقام رسمية، بلغت فاتورة الاستيراد للسنة الماضية 2022، 1.2 مليار دولار أميركي بعد أن كانت بحدود ملياري دولار سنة 2019، أي ما سمح بتوفير فارق قدره 800 مليون دولار، فيما تم تخصيص ميزانية لوزارة الصناعة الصيدلانية تبلغ 250 مليون دج، أي ما يقارب مليوني دولار فقط، مع توظيف لا يتجاوز 100 عامل بالوزارة لا أكثر.

منصة رقمية

وارتفع عدد المؤسسات الصيدلانية التي تنشط في مجال الإنتاج إلى 200 مؤسسة صيدلانية، منها 137 مؤسسة متخصصة في إنتاج الأدوية تسمح بتغطية أكثر من ثلثي الحاجات الوطنية.

وبحسب وزارة الصناعة الصيدلانية، فإن هذه الأرقام مرشحة للارتفاع بـ69 مشروعاً استثمارياً جديداً، منها 42 مشروعاً لإنتاج مواد صيدلانية، و27 مشروعاً لإنتاج المستلزمات الطبية، إضافة إلى تسجيل ارتفاع عدد الأدوية المصنعة في الجزائر بإنتاج 2889 دواءً محلياً من أصل 3641 دواءً مسجلاً في المدونة الوطنية.

وعملت الوزارة على تنصيب مرصد وطني للرقابة على توفر الأدوية مع وضع منصة رقمية لتتبع مستويات المخزونات المعلن عنها وبرامج التصنيع والاستيراد.

وأعلن وزير الصناعة الصيدلانية عن صياغة استراتيجية جديدة ترتكز على ثلاثة محاور، أولها مواصلة ترقية الاستثمار والإنتاج عبر مراجعة الإطار التشريعي، وكذا استمرار تعزيز الحاجات الوطنية من التغطية الصحية للإنتاج الوطني، أما المحور الثالث فيتمثل في ترقية الصادرات الصيدلانية والطبية، إذ أوضح الوزير أن مصالح البلاد تلتزم برفع نسبة الصادرات الصيدلانية سنة 2023 بعد تغطية الحاجات الوطنية.

وفي سبيل تطبيق الهدف ذاته، سيتم أيضاً، بحسب وزير الصناعة الصيدلانية، مطالبة المؤسسات الأجنبية بطلب التأهيل المسبق لمنظمة الصحة العالمية، وتعزيز المشاركة في المعارض الدولية، وتكييف الإطار التشريعي والتنظيمي الخاص بالتصدير.

منعرج جديد

ويقول الباحث في الشأن الاقتصادي رمضاني لعلا إنه "في إطار الاستراتيجية الاقتصادية التي تبنتها الجزائر والمتمثلة في إعادة بناء هيكل إنتاجي حقيقي، أخذت السلطات بعين الاعتبار قطاع الأدوية، وأعطته أهمية كبيرة، مما سيعرف منعرجاً جديداً خلال السنوات المقبلة".

وأوضح لعلا أن قطاع الأدوية كان يكلف خزانة الدولة 2.5 مليار دولار بسبب عدم وجود إنتاج وطني يلبي الطلب المحلي. وأضاف أن السلطات أجرت تشخيصاً كلياً للوضع، وتم بموجب ذلك إنشاء وزارة الصناعة الصيدلانية، هذه الأخيرة قامت بتحديد الرهانات والتحديات التي تواجه القطاع، وتخطيط الاستراتيجية التي يمكن من خلالها معالجة الاختلالات للوصول إلى ما يسمى الأمن الصحي، والدخول في شراكات مع متعاملين أجانب يمتلكون التكنولوجيا اللازمة لتطوير صناعات صيدلانية في الجزائر.

وبخصوص التحديات التي تواجه الصناعة الصيدلانية في الجزائر، يقول رمضاني لعلا إنها تتمثل في الطلب المحلي المتزايد على الدواء، ونقص الاستثمارات الأجنبية، بخاصة التي تستخدم تكنولوجيا عالية، وكذلك الارتفاع المستمر في الأسعار، مشيراً إلى ما وصفه بـ"ثغرات" تسمح بتهريب الأدوية عبر الحدود.

وأفاد بأن المبالغ التي تم توفيرها بعد انخفاض فاتورة استيراد الأدوية يمكن استثمارها في التنمية الاقتصادية وقطاع الصناعات الصيدلانية على وجه الخصوص، لتغطية الطلب المحلي والتوجه نحو التصدير إلى دول أفريقية. وتحدث عن قوانين سابقة كانت تعوق الاستثمار في قطاع الصناعة الصيدلانية، وقال إنها شوهت دخول المستثمرين الأجانب إلى الجزائر، مشيراً إلى الفساد الذي نخر القطاع في وقت سابق بسبب سلوكيات بعض رجال الأعمال الذين دمروا بشكل أو بآخر الاستثمارات المحلية.

اقرأ المزيد

المزيد من صحة