Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انطلاق أعمال الكونغرس الأميركي وسط استمرار مشكلات الجمهوريين

كيفن مكارثي مكلف بتوحيد صفوف الجمهوريين في المجلس لكن الحزب يفتقد أي خطة

 مكارثي يؤدي اليمين الدستورية رئيسا لمجلس النواب الأمريكي (أ ب)

"إننا نعيش كابوساً حقيقياً هنا في واشنطن"، هذه هي الكلمات التي قالها رئيس مجلس النواب الأميركي الجديد كيفن مكارثي بعد نجاحه في نهاية خمس عشرة دورة تصويت لأعضاء المجلس لاختيار رئيس من الغالبية الجمهورية، "لكن بشكل من الأشكال إنها بداية جديدة أيضاً ـ وصفحة جديدة".

الأسبوع الماضي كان قد بدأ باعتراض عشرين من نواب حزبه على عملية انتخابه، مما منعه من الحصول على أصوات 218 نائباً المطلوبة للفوز برئاسة مجلس النواب، وحسم مكارثي الأمر مع قبول ستة نواب من أصل العشرين الممتنعين أساساً بإعلان مجرد حضورهم في المجلس، مما يقلص نسبة الغالبية المطلوبة، الأمر الذي سمح له بالنجاح بصعوبة في الفوز بتكليف نواب حزبه لرئاسة البرلمان بنسبة أصوات بلغت فقط 216 صوتاً. في دورة التصويت الأخيرة لم يصوت أي من النواب الجمهوريين ضد الرئيس الجديد للمجلس. وسيتمكن مكارثي الادعاء بأن الدورة البرلمانية الـ118 ستكون بداية جديدة لأعمال الكونغرس، مع استعادة الحزب الجمهوري سيطرته على غرفة مجلس النواب، لكن طبيعة الحزب المهشمة تعني أن اتخاذ خطوات حوكمة فاعلة سيكون أمراً مستعصياً.  

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

دعونا نبدأ من نقطة التنازلات التي كان على كيفن مكارثي تقديمها كي يفسح أمامه المجال ليتبوأ منصب رئيس المجلس. وأسهل السبل لفهم ذلك هو من خلال مطالبته بالالتزام بتغيير القواعد للاتفاق على خفض ما يعرف في الكونغرس الأميركي "تقديم طلب برلماني بالإخلاء" motion to vacate. ومضمون ذلك ببساطة هو أنه يمكن لمشرع واحد أن يطرح طلباً بالتصويت من أجل إطاحة رئيس مجلس النواب، وهو ما من شأنه أن يعني إعادة تفعيل الإجراء الذي كان معمولاً به قبل تولي نانسي بيلوسي المنصب، حيث إن "تقديم طلب بالإخلاء" على أرض المجلس كان ممكناً في السابق فقط "بتوجيه من أحد التجمعات الحزبية أو مؤتمر الحزب العام party caucus or conference، ولكن إذا أخذنا في الاعتبار طبيعة الانقسامات التي تشهدها الساحة السياسية الأميركية فإن الدعوة لإجماع على التصويت من أجل هدف كهذا، يصبح أكثر صعوبة للغاية، مما يبرر المطالبات بتغيير القواعد المعمول بها.

إن القواعد الحالية للجمهويين تسمح لغالبية من النواب الجمهوريين في المجلس أن يفرضوا عملية تصويت على "تقديم طلب برلماني بالإخلاء" motion to vacate. كان النائب مكارثي قد طرح تعديل هذه الإجراءات والعمل على خفضها لتسمح بطرح "تقديم طلب برلماني بالإخلاء" motion to vacate لتقتصر على حق أي تجمع من خمسة نواب للسماح [بطرح الثقة أو إطاحة رئيس المجلس]، ولكنه وفيما تعثرت مساعيه لينتخب رئيساً للمجلس بعد عدة محاولات، كان لا بد لذلك العدد بأن ينخفض بنسبة أكبر. وإذا تمت المصادقة على قاعدة "النائب الواحد" عندما يعود الكونغرس للاجتماع بعد عطلته في الأسبوع المقبل، فإن هذا الأمر سيكون بمثابة سيف مسلط فوق عنق مكارثي طوال فترة رئاسته للمجلس ــ وإن التهديد بإطاحة ه [ومن قبل نائب واحد] سيكون في غاية السهولة. إن اعتراضات المختلفين على ترؤس كيفن مكارثي لمجلس النواب والتي أصبح شعارها "لا لكيفن أبداً" never Kevins، كانوا قد التزموا عدم انتهاك الإجراء الجديد إذا تمت المصادقة عليه، لكنه ومن دون شك أن أساس قوة مكارثي ستكون أقل استقراراً بوجود مثل هذا الإجراء.

مكارثي كان قد أعلن أنه لا يرغب في إعادة عقارب الساعة إلى الوراء واعتماد إجراءات على الطراز القديم في الكونغرس بشكل أو بآخر، خصوصاً فيما يتعلق بطريقة المصادقة على القوانين. تقليدياً كان مشروع القرار يقدم من قبل أحد النواب، ومن بعد ذلك يتم إرساله إلى إحدى اللجان البرلمانية لمراجعته وتعديله، بما يتناسب ومضمونه وكلفته، وغيرها من الاعتبارات. إن مشاريع القرارات تعود إلى أرض مجلس النواب، حيث من الممكن أن تواجه مطالب بإدخال مزيد من التعديلات عليها قبل أن يصار إلى التصويت للمصادقة عليها أو رفض مشروع القرار برمته من جميع أعضاء مجلس النواب، وبعدها يحال ذلك القرار إلى مجلس الشيوخ، ولكن إذا أخذنا في الاعتبار طبيعة الانقسامات التي يشهدها الحزبان ــ أما كيف ستكون عليه الأمور في حالة مكارثي، فإنه كلما زاد تشدد جناح حزبه اليميني المتطرف، وبقيت الغالبية ضئيلة لأي من الحزبين في غرفتي الكونغرس، فإن مشاريع القرارات لطالما تم تمريرها في فترة زمنية قياسية للغاية، ويتم عادة مناقشتها قبل ذلك خلف الأبواب الموصدة. ويكون هناك عادة وقت ضئيل مخصص لمناقشة مشروع القرار [الجديد المطروح]، بخاصة أن مجموعة صغيرة من النواب أو مجرد نائب واحد منهم قد يلجأ إلى عرقلة تمرير مشروع قرار لفترة أيام أو أسابيع بسبب مظلومية ما، ربما كان يعانيها.  

وبما أن الافتراض الإيجابي يقول إنه حتى من هم خارج رأس هرم القيادة في الحزب الجمهوري يجب أن يكون لديهم قوة تأثير أكبر في كيفية تطور عملية التوصل إلى قوانين جديدة، وهو هدف جدير بالثناء، إلا أن ذلك العمل يكون مجدياً إذا كان كل عضو من هؤلاء يعمل من أجل الهدف نفسه، أو على الأقل أنهم جميعاً يعترفون أن هناك معارك أيديولوجية أوسع جداً يتم خوضها [على أكثر من جبهة على المستوى الحزبي]. إن عملية إدراج مشاريع قوانين جديدة أمر صعب، وإن الخطر الذي يشكله ذلك لمكارثي [خلال رئاسته مجلس النواب] هو أن يضيع الجمهوريون وقتهم في رئاسة مجلس النواب في الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية في عام 2024 وجهودهم يتم صدها من قبل أعضاء في مجلس النواب تابعين لحزبهم في مساعي هؤلاء لتسجيل نقطة يتيمة ــ أو مجرد أنهم يسعون من خلال ذلك العرقلة بحد ذاتها.

مكارثي كان قد وعد أيضاً بتخصيص مناصب محددة لنواب من حزبه ضمن هيكيلية اللجان النيابية المؤثرة في الكونغرس. وتأثير ذلك سيكون على مستويين. الأول هو تمتع من تم ترفيعه إلى عضوية هذه اللجان المهمة، بهالة أكبر من الأهمية، الأمر الذي سيسمح لهم بالبروز إعلامياً خلال جلسات اللجان المتلفزة، كما يمنحهم هالة أكبر بشكل عام. المستوى الثاني، هو أن هناك عدداً محدوداً جداً من مقاعد اللجان البرلمانية، فأي من هذه المقاعد التي سيتم منحها إلى أعضاء يمثلون التيار المتشدد في الحزب الجمهوري يعني انتزاع ذلك المقعد من أحد النواب الموالين لرئيس المجلس مكارثي، مما سيجعل من واجب مكارثي حفظ النظام، أكثر صعوبة ويضعف قدرته في الدفع لتنفيذ برامج تشريعية ترغب بتنفيذها القيادة.

لنأخذ مثالاً على ذلك لجنة تحديد الإجراءات الداخلية لمجلس النواب. فكما توحي تسمية اللجنة فهي مولجة بتحديد قواعد التعامل في بهو مجلس النواب ــ فمن يتولى مقعداً في تلك اللجنة سيمنح القدرة على المساهمة في تقرير متى تتم جدولة مشروع القرار هذا أو ذاك للتصويت عليه، والفترة الزمنية المحددة لذلك، إضافة إلى تحديد نوع التعديلات المسموح في إدخالها على مشروع القرار خلال عرضه على أعضاء المجلس. لقد ضمن مكارثي أن يكون هناك شخص واحد يمثل الفصيل المتشدد من الجمهوريين بين أعضاء تلك اللجنة. نعم، بمفردهم ربما لن يكون في امكان ذلك الفصيل المتشدد القدرة على التأثير وتغيير القرارات بشكل كامل، لكنهم سيكونون مشمولين في النقاشات التي من شأنها البت في أي من مشاريع القوانين التي سيتم تمريرها في الكونغرس ــ وربما أيضاً قد ينجحون في السماح بتأجيل النظر في مشاريع قوانين لا تعجبهم. والأمر نفسه قد يهدد عمل أي لجنة أخرى من خلال المقاعد التي كان مكارثي قد وعد في التنازل عنها لهؤلاء في المفاوضات [التي سبقت انتخابه رئيساً لمجلس النواب] مما قد يبطئ عمل مجلس النواب [برمته].

والمشكلة الأخرى هي إمكانية أن يضطر مكارثي إلى التنازل عن كثير من ميزات واجباته [ودوره كرئيس للمجلس] بالتالي أن يؤدي ذلك إلى توليد امتعاض بين النواب المؤيدين له في معسكره. إن الهشاشة لو أتت من جناح واحد من أجنحة الحزب الجمهوري هي شيء، فليس لدى مكارثي القدرة على القتال على أكثر من جبهة في الوقت نفسه. قد تطرأ الاختلافات فيما بين المعتدلين وأجزاء أخرى في الحزب، لكن على رئيس المجلس النيابي أن يكفل بقاء معظم أعضاء الحزب القديم العظيم GOP، موحداً فيما هو يسعى إلى احتواء الأعضاء الأكثر تشدداً.

في ملاحظاته التي أدلى بها بعد انتخابه رئيساً لمجلس النواب الأميركي، شرح مكارثي بعضاً من أولوياته خلال الدورة البرلمانية المقبلة في الكونغرس. وقال إن الجمهوريين سيسعون إلى التحقيق في عدد من السياسات والقرارات التي اتخذتها إدارة الرئيس جو بايدن، ومن ضمنها قضايا تتعلق بالهجرة وغيرها. "إحدى أولى جلسات التحقيق ستعقد عند الحدود الجنوبية"، بحسب مكارثي. وعن اللجان الأخرى التي سيصار إلى تشكيلها قال مكارثي إنها ستتضمن تحقيقاً حول كيفية الفوز في المنافسة الاقتصادية مع الصين، وقرار سحب القوات الأميركية من أفغانستان، وأصول نشأة مرض كورونا. وقال مكارثي أيضاً "إننا سنستخدم قوة المحفظة المالية وقوة مذكرات الجلب كي ننجز المهمة [الموكلة إلينا]".

رئيس مجلس النواب الجديد مشهور بقدراته الاستراتيجية وليس قوة رؤيته ــ لكنه مضى على وجوده في قيادة الحزب الجمهوري أكثر من عقد من الزمن، وسيكون واثقاً من قدرته على البدء في تحريك الأمور. المشكلة الأكبر التي سيواجهها هي الرؤية الأوسع حول ما ستكون عليه الأمور مع اقتراب عام 2024. قد ينجح مكارثي في الفوز في المعارك الفردية حول من يجلس على مقاعد اللجان و[السيطرة] على المواقف التي يتخذها المشرعون، ولكن هل سيكون في إمكانه أن يقدم مشروع استراتيجية متماسكة للفوز في الحروب السياسية الأوسع؟

لقد ربط مكارثي في السنوات الأخيرة عربته السياسية بالرئيس السابق دونالد ترمب، وقام أيضاً بالإشادة صباح السبت الماضي بترمب والدور الذي لعبه الرئيس في السيطرة على المعطلين في حزبه ــ وكثيرون منهم مقربون من الرئيس الأميركي الخامس والأربعين ــ ونجح في وضع حد لاندفاعاتهم في النهاية. وقال مكارثي "إنني أود على وجه الخصوص توجيه الشكر للرئيس ترمب. لا أعتقد أنه على أي كان أن يشكك في نفوذه، فهو كان معي منذ البداية، ولقد بذل كل الجهد المتاح".

وأضاف مكارثي "إنني كنت أتحدث معه الليلة، في محاولاتي الحصول على هذه الأصوات الأخيرة".

من الواضح أن ترمب لا يزال يتمتع بالتأثير، على رغم أن هذا التأثير قد بدأ يضعف إذا نظرنا إلى أن مساعيه لإطلاق حملة إعادة انتخابه الجديدة كانت باهتة في أفضل أحوالها (ولم يكتب لها حتى الآن أن تنطلق)، بخاصة أن عدداً من المرشحين الذين اختارهم ترمب بيده لخوض الانتخابات النصفية في نوفمبر الماضي لم يتمكنوا من تحقيق الفوز كجزء من "الموجة الحمراء" التي كان يتوقع منها أن تحمل الحزب الجمهوري للسيطرة على مجلسي النواب والشيوخ في الكونغرس، وكل ذلك قد فشل في أن ينعكس على أرض الواقع. هل هذا ما ستكون عليه حقاً الاستراتيجية العظيمة التي سيتبعها الجمهوريون مع اقتراب انتخابات عام 2024؟ أم أن ذلك هو كل ما يمكن لمكارثي أن يفعله للمحافظة على وحدة الحزب؟ وهناك أيضاً خطر من أن يتحول بعض المشاغبين ــ الذي أسهم ترمب في وصولهم إلى مجلس النواب ــ بعد أن راق لهم طعم تعطيل العمل الحكومي، بوصفهم من منصة "الخارجيين" outsider التي انتخبوا وفقهاــ بشكل يضعف قدرة ترمب على التأثير فيهم بشكل أكبر.

ويقول مايك مادريد، وهو مستشار جمهوري وعلى معرفة بكيفن مكارثي منذ سنوات طويلة لصحيفة "أل أي تايمز" LA Times، "لقد أصبح موقف كيفن ضعيفاً للغاية، وهذا سيصيبه بضرر كبير غير مسبوق، فهؤلاء المعترضون على انتخابه رئيساً لمجلس النواب يعتبرونه من الديمقراطيين. إنه جزء من المستنقعات التي يودون تجفيفها والتخلص منها. فكيفن هو آخر الجمهوريين الوطنيين الصامدين".

وفيما نجح ترمب في موازنة الخط الانتخابي بانتباه شديد بشكل أبقى على علاقته بالجناح المتشدد ومن هم من جناح الحزب الموجود من أجل المشاغبة، والمعتدلين الجمهوريين والذين نجحوا في استقطاب أصوات الناخبين المستقلين إلى خيمة الحزب في 2016، إلا أن فترة حكمة في البيت الأبيض قد جعلت من ذلك أمراً صعب للغاية تكراره. وكان كل ذلك قد انتهى بعملية اقتحام الكونغرس الأميركي في السادس من يناير 2021. إن القطب المخفية التي تبقي الحزب الجمهوري موحداً قد وهنت للغاية، ويتوقف الأمر على مكارثي أن يعمل على وقف التشظي [بسبب الخلافات الحزبية]. وهذا يجب ألا يفهم منه أن الحزب الديمقراطي هو محصن تماماً لمثل هذه المشكلة، لكن يسار الحزب يبدو ظاهرياً بأنه يتشارك بعض من القيم مع قيادة الحزب. رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي كانت قد شرحت ذلك في حديثها أخيراً إلى موقع "بوليتيكو" Politico.

وقالت بيلوسي في تلك المقابلة "إن الناس يعتبرونني مسؤولة عن وحدة الديمقراطيين، ويقولون لي (آه، أنت تبقينهم موحدين)"، وتستخدم صيغة الحاضر في كلامها. "وأنا أرد عليهم بأنه لا فضل لي بذلك، إن قيمنا هي ما تبقينا متحدين. فنحن لدينا التزام تجاه العائلات العاملة الأميركية، فإن لم يكن لديك ذلك فلن يكون لديك أي شيءآخر".

من الصعب أن يرى المرء ما هي القيم الجوهرية التي يتشارك بها كل من مكارثي مع النواب مثل مات غايتز Matt Gaetz النائب عن فلوريدا ــ الذي صوت لصالح ترمب في إحدى جولات التصويت لانتخاب رئيس المجلس ــ ولورين بوبارت Lauren Boebert، النائبة عن كولورادو، والعامل المشترك الذي يمكن أن يتضمنه وعد انتخابي واحد للناخبين، إذ يبدو أن النائب غايتز وجماعته مهتمون في إعاقة عمل إدارة بايدن وإعاقة عمل الكونغرس أكثر من أي شيء آخر.

فمن دون ركيزة القيم المشتركة يبدو الحزب الجمهوري أكثر فأكثر مفتقرا لدفة توجه عمله [الوطني]. يتوقف الأمر على مكارثي أن يقود حزبه نحو تمرير التشريعات في مجلس النواب، والتي تظهر بأن الحزب العتيق العظيم GOP، لا تزال لديه رؤية، وهي رؤية يمكن للناخبين أن يدعموها.

إن المهمة ستكون صعبة للغاية، لذلك توقعوا رؤية كثير من المفرقعات السياسية طوال المرحلة المقبلة.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير