Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاقتصاد البريطاني يتطلع للعام الجديد بـ"منظار أسود"

ارتفاع كبير في كلفة المعيشة وتوقعات باستمرار الإضرابات مع عجز الحكومة عن تحسين الأوضاع

تواجه حكومة رئيس الوزراء ريشي سوناك ووزير خزانته جيريمي هنت مهمة ثقيلة خلال العام الحالي (أ ف ب)

زادت المخاوف في بريطانيا من أن معدلات التضخم ستوالي الارتفاع على عكس تقديرات البنوك المركزية والاقتصاديين والمحللين الذين يرون أن التضخم وصل إلى ذروته.

وبحسب الأرقام الصادرة عن رابطة التجزئة البريطانية ومؤسسة "نيلسن أي كيو" الأربعاء، ارتفع مؤشر أسعار المواد الغذائية في ديسمبر (كانون الأول) بنسبة 13.3 في المئة. وهي أعلى نسبة ارتفاع للمؤشر منذ بدء العمل به عام 2005.

وارتفعت أسعار الأغذية والأطعمة نتيجة الزيادة الكبيرة في أسعار العلف الحيواني والسماد والطاقة، مما أدى إلى تراجع الإنتاج في وقت يرتفع فيه الطلب على الغذاء. وكان أعلى معدل ارتفاع لأسعار السكر نتيجة تأخر حصاد المحاصيل الزراعية التي ينتج منها، إضافة إلى القيود التي فرضت على حجم التصدير من الهند لتلبية الطلب المحلي. وكذلك ارتفعت أسعار اللحوم بقوة، بخاصة لحم الضأن، مع زيادة الطلب عليها في فترة العطلات مع عيد الميلاد ورأس السنة.

في مقابل ارتفاع أسعار الغذاء تراجعت أسعار سلع التجزئة غير الغذائية بشكل طفيف من نسبة 7.4 في المئة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) إلى نسبة 7.3 في المئة الشهر الماضي. ويتم قياس مؤشر أسعار التجزئة الذي تعتمده رابطة التجزئة البريطانية على أساس أسعار 500 سلعة في المحال، نصفها سلع غذائية. ولا يشمل المؤشر أسعار الوقود أو المياه والكهرباء وغيرها من البنود التي تشكل مؤشر أسعار المستهلكين، المعيار الرئيس للتضخم.

ووصل مؤشر أسعار المستهلكين (معدل التضخم) إلى نسبة 11.1 في المئة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي لينخفض بشكل طفيف إلى 10.7 في المئة خلال نوفمبر (تشرين الثاني). ولم تصدر أرقام المؤشر الأوسع لمعدل التضخم عن الشهر الماضي بعد.

مزيد من الضغط

لكن أرقام مؤشر أسعار الغذاء الصادرة الأربعاء تشير إلى أن الأسعار ليست في طريقها للانخفاض قريباً كما توقع مسح نشرته صحيفة "التايمز" هذا الأسبوع. وتوقعت أغلبية الاقتصاديين المستطلعة آراؤهم انخفاض معدلات التضخم ربما بمقدار النصف خلال عام 2023. وقدرت نسبة 55 في المئة منهم انخفاض التضخم إلى ما بين 3.5 و5 في المئة بحلول نهاية العام.

ولا يتسق ذلك مع أرقام مؤشر أسعار السلع الغذائية الصادرة الأربعاء، أي بعد يومين من استطلاع الصحيفة. وتقول الرئيس التنفيذي لرابطة التجزئة البريطانية هيلين ديكينسون "كانت أعياد ميلاد صعبة على كثير من الأسر في كل بريطانيا. ولم يقتصر الأمر على ارتفاع فواتير الطاقة الشهر الماضي بسبب موجة البرد القارس، واستمرار تأثير الحرب على أوكرانيا في أسعار الغذاء والاحتياجات الأساسية. وإن كانت أسعار السلع غير الغذائية لم ترتفع بالقدر نفسه لأن منافذ التجزئة عرضت تخفيضات هائلة للتخلص من المخزون المتراكم في فترة اضطراب سلاسل التوريد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحثت ديكينسون الحكومة البريطانية على تمديد دعم الشركات والأعمال في ما يخص كلفة فواتير الطاقة ما بعد أبريل (نيسان) المقبل حين ينتهي برنامج الدعم الحالي، من أجل تفادي مزيد من ارتفاع الأسعار للسلع المبيعة للمستهلكين.

أما مدير التجزئة في مؤسسة "نيلسن أي كيو" مايك واتكينز فاعتبر أن من غير المحتمل أن يشعر المستهلك العادي بأي تحسن في أوضاعه المالية في الأشهر المقبلة، حتى مع تقديرات تراجع التضخم. فأغلب المستهلكين يدفعون فواتير مؤجلة من الشهر الماضي، إضافة إلى الزيادة المتوقعة في فواتير الطاقة في الربيع المقبل.

وأضاف واتكينز "بعد دفع الأسر كلفة مشترياتها من الاحتياجات الأساسية لن يتوفر لديها أموال لشراء بضائع وسلع أخرى، ما يعني أنه لن يكون هناك أي تحفيز لارتفاع الطلب في غير قطاع السلع الغذائية".

تراجع الناتج الصناعي

تواجه حكومة رئيس الوزراء ريشي سوناك ووزير خزانته جيريمي هنت مهمة ثقيلة خلال العام الحالي مع استمرار معاناة المواطنين من ارتفاع كلفة المعيشة والتراجع الكبير في القيمة الحقيقية للدخول نتيجة معدلات التضخم العالية وارتفاع أسعار الفائدة.

ويضاف إلى قتامة الصورة التي على الحكومة التعامل معها استمرار التراجع في الناتج الصناعي في بريطانيا كما أظهرت بيانات مؤشر مشتريات المديرين للشهر الماضي. ويعد المؤشر أحد العلامات الرئيسة للنشاط الاقتصادي بشكل عام، وشهد في ديسمبر الماضي أسوأ تراجع له ربما منذ الأزمة المالية العالمية في 2008.

وسجل المؤشر، الصادر عن "إس أند بي غلوبال" الثلاثاء، قراءة عند 45.3 نقطة في مقابل 46.5 نقطة في شهر نوفمبر، وذلك خامس انخفاض شهري على التوالي في مؤشر القطاع الصناعي الذي يشكل نسبة 10 في المئة من الاقتصاد البريطاني. وتعني قراءة المؤشر فوق 50 نقطة نمو القطاع، بينما أقل من 50 نقطة فتعني انكماشاً.

وتعزز تلك البيانات تقديرات كثيرين، بمن فيهم بنك إنجلترا (المركزي البريطاني)، بأن الاقتصاد البريطاني في حال ركود بالفعل. ويتوقع أن يستمر الانكماش في الاقتصاد طوال هذا العام ليصل إلى نسبة واحد في المئة ربما بنهاية العام.