Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"قمة سلام" أم استعداد لجولات معارك جديدة؟

"الناتو" يعلن مواصلة تسليح كييف وموسكو تؤكد ضرورة استعادة كل "المناطق الأوكرانية الأربع"

كييف التي تواصل التمسك بما سبق وطرحته من شروط لبدء مباحثات "السلام" مع روسيا (أ ف ب)

يتساءل كثيرون عن الأهداف الحقيقية للقمة التي أعلن الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي عن انعقادها في كييف في الثالث من فبراير (شباط) مع رؤساء حكومات وبلدان الاتحاد الأوروبي. فمن قائل إن القمة المرتقبة سوف تركز، وحسب نتائج مباحثات زيلينسكي في واشنطن، على أن تكون "قمة سلام"، إلى آخر يستند إلى المكتب الصحفي لزيلينسكي فيما قاله حول إن الهدف من عقد هذه القمة هو "بحث دعم السلطات الأوكرانية لأطول فترة ممكنة في مواجهة روسيا"، بموجب ما توصل إليه زيلينسكي في مكالمته الهاتفية مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، حول القمة المرتقبة. وكانت المصادر الأوروبية كشفت أن الاتحاد الأوروبي سيقدم لأوكرانيا 18 مليار يورو كمساعدة وقروض عام 2023، وتقديم ما تحتاجه كييف من "مولدات، ومصابيح كهربائية، وحافلات مدرسية". وذلك فضلاً عما كانت مجموعة السبع الكبار أقرته في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، ووعدت به حول دعم كييف في مختلف المجالات، ومنها الدعم الإنساني والمالي والدبلوماسي والعسكري والقانوني، بحسب البيان الصادر عقب الاجتماع الطارئ لقادة مجموعة "السبع الكبار". وننقل عن الإعلام الروسي ما أشار إليه حول أن الاتحاد الأوروبي قدم لأوكرانيا منذ عام 2014 (تاريخ اندلاع الأزمة -الأوكرانية) ما يبلغ 90 مليار يورو.

على أن كييف التي تواصل التمسك بما سبق وطرحته من شروط لبدء مباحثات "السلام" مع روسيا، وفي مقدمتها العودة إلى حدود 1991، ودفع التعويضات، بل ورحيل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تظل عند موقفها من هذه الشروط التي تعلم سلفاً أنها غير قابلة للتحقيق في أي من بنودها، في الوقت الذي تعلق الكثير من آمالها على نتائج قمة فبراير المرتقبة في كييف من أجل المزيد من الدعم المالي والعسكري من جانب، وفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية والسياسية ضد روسيا من جانب آخر. ويقول مراقبون إن القمة المرتقبة التي تنعقد تحت شعارات "تستهدف التوصل إلى مباحثات السلام"، لن تتوصل إلى ما ترومه من أهداف حقيقية، لأسباب منها ما يعود إلى أن روسيا صارت تدرك أكثر من أي وقت مضى مدى وأبعاد أهداف مثل "هذه المباحثات"، وما يمكن أن تتوصل إليه من نتائج تستهدف في حقيقة الأمر إطالة "الفسْحَة" الزمنية اللأزمة للمزيد من الاستعداد للحرب، كما حدث مع "اتفاقيات مينسك" التي جرى توقيعها في عامي 2014 و2015. ويذكر المراقبون ما اعترفت به المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل، والرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند حول أن هذه الاتفاقيات "كانت تستهدف توفير المدة الزمنية اللأزمة لإعداد القوات المسلحة الأوكرانية للحرب ضد روسيا".

طاولة المفاوضات

ولعل ذلك هو ما صار جلياً وواضحاً بالنسبة لموسكو التي أعلنت صراحة "ألا طائل من وراء هذه المباحثات"، التي تتواصل الدعوة إليها مقرونة بخطوات المزيد من الدعم العسكري لأوكرانيا. وتعليقاً على تصريحات الأمين العام لحلف "الناتو" ينس ستولتنبرغ، في حديث لـ"بي بي سي"، حول أنه من الضروري للغرب أن يواصل تقديم المساعدة العسكرية لأوكرانيا من أجل "إقناع روسيا بالجلوس إلى طاولة المفاوضات والاعتراف بأوكرانيا كدولة مستقلة ذات سيادة"، قال ليونيد سلوتسكي رئيس لجنة الشؤون الخارجية لمجلس الدوما، "إن أوكرانيا، على رغم تدميرها لذاتها، لا تزال دولة، ولا أحد يتعدى على هذه المكانة". أما عن "السيادة والاستقلال"، فقال سلوتسكي إن "أوكرانيا تخسر الأمرين معاً، بفضل رُعاتها الغربيين وبما تفعله بتحويل البلاد إلى ساحة تدريب مناهضة لروسيا". ودعا المسؤول البرلماني الروسي إلى تخلي أوكرانيا عن "أوهام احتمالات تحقيق النصر على روسيا"، كما دعا آخرون السلطات الأوكرانية، إلى عدم توقع الكثير مما قد يصل إلى أوكرانيا من منظومات "باتريوت"، التي سبق ووعد الرئيس بوتين "بالتسلية بقضمها"، مؤكداً أنها بالِغَة القدم، وأن القوات الروسية كفيلة بتدميرها في حال سلمتها واشنطن إلى كييف. ومن جانبه، كشف سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية، "أن موسكو سألت الأميركيين من خلال القنوات المتاحة، ما إذا كان قرار نقل بطاريات باتريوت، يعني أنه سيكون في أوكرانيا متخصصون أميركيون لاستخدام هذه المنظومات، نظراً لتعقيدات استخدامها". وأضاف لافروف أن الرد تلخص فيما أعلنت عنه المصادر الأميركية حول "أن هذا لم يتم التخطيط له، وعلى وجه التحديد لأن الأميركيين لا يريدون أن يقاتلوا بشكل مباشر ضد روسيا، وأنه سوف يتم وضع باتريوت موضع التنفيذ في غضون بضعة أشهر حتى يتقن الجيش الأوكراني هذه التكنولوجيا". وثمة من يقول أيضاً في هذا الصدد، إن الإدارة الأميركية تبدي الكثير من الحرص على عدم التورط في إرسال جنود أميركيين إلى أوكرانيا، تحسباً لعدم تكرار تجاربها في كل من فيتنام والعراق وأفغانستان، إلى جانب قرب موعد إجراء الانتخابات الرئاسية في العام المقبل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفيما يتعلق بالمزيد من العقوبات، في إطار ما تسميه الأوساط الأوروبية بـ"الحزمة العاشرة"، فإن هناك من العقبات والعراقيل ما يفرغ هذه العقوبات من محتواها، سواء من حيث ضآلة تأثير الكثير من هذه العقوبات على روسيا واقتصادها "المتماسك" من جانب، وخروج بعض بلدان الاتحاد الأوروبي عن الإجماع اللازم في هذا الصدد من جانب آخر. وكان فيكتور أوربان رئيس الحكومة المجرية أعلن في أكثر من مناسبة عن عدم التزام بلاده بمثل هذه العقوبات، التي قال إنها تأتي على طرفي نقيض من مصالح بلاده وأولوياتها التي تعتمد على روسيا، في الكثير من جوانبها. وذلك ما يتسق مع ما يقوله مراقبون كُثُر حول إن لكل عضو في تحالف العقوبات المضادة لروسيا مصلحة في تقليل العبء الفردي لكسر علاقات بلاده الاقتصادية مع موسكو. فضلاً عن أن ذلك لا يقلل من فعالية التسويات الصعبة النهائية وحسب، بل ويمنح روسيا أيضاً الوقت اللازم للتكيف مع العقوبات المستقبلية، ويشجع الشركات الغربية على تكثيف عملياتها التجارية مع روسيا قبل نفاذ القرارات الخاصة بالحظر. وإذا كان هناك من يتصور إمكانية التغلب على هذه المشاكل من خلال تطوير عقوبات أكثر تأثيراً وأفضل تصميماً، أو من خلال تطبيق تدابير أكثر شمولاً تهدف إلى العزلة الاقتصادية الكاملة لروسيا، فقد أثبتت الفترة الماضية، منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية عام 2014، أن الاقتصاد الروسي نجح في مواجهة الكثير من هذه العقوبات، إلى جانب ما تركته من تأثيرات سلبية على الأطراف الأخرى، بما يؤكد ما قالته مصادر غربية، حول إن ما نجم من تأثيرات عن مثل هذه القرارات، أعلى بكثير من الفوائد التي أسفرت عنها". وخلصت هذه المصادر إلى "أن التدمير اللاحق للمؤسسات الاقتصادية الدولية القائمة، أو إنشاء هياكل موازية، ينتقص بشكل كبير من نمو رفاهية النظام الاقتصادي العالمي".

أراضي "المقاطعات الأربع"

وعودة إلى قمة كييف في الثالث من فبراير المقبل، نشير إلى ما قد يكون أكثر خطورة من مجرد انسحاب أو رفض دولة من بلدان الاتحاد الأوروبي، لما قد تتخذه هذه القمة من قرارات أو عقوبات. إذ تشير الشواهد إلى أن محاولات فرض العزلة الاقتصادية الكاملة لروسيا، في حال إذا كان الغرب على استعداد لتحمل التكاليف الضخمة لاتباع مثل هذه السياسة، قد ينال "نسبياً" من الإمكانيات العسكرية الروسية. لكنه لن يعني بأي حال من الأحوال التقليل من قدرات روسيا التي تملك من الأسلحة النووية ما يكفل لها الدفاع عن أراضيها. وذلك لا بد أن يعني بالتبعية، أن ما يشكل تهديداً واضحاً وفورياً لبقاء مثل هذه الدولة، لا بد أن ينجم عنه تزايد نسبة احتمالات التصعيد وإمكانية الانزلاق إلى استخدام الأسلحة النووية. ولعل العالم كله لم ينس بعد ما سبق وقاله بوتين حول "إن لا حاجة لروسيا بعالمٍ لا مكانَ فيه لبلادنا". وذلك ما تدركه الولايات المتحدة التي تظل في "المعسكر الغربي"، الأكثر تمسكاً بمقاليد الأمور في هذا الشأن. وذلك ما تناولته "اندبندنت عربية" في تقارير سابقة لها من موسكو.

ولعل ما تواصل روسيا التأكيد عليه من الاحتفاظ بكل ما وصلت إليه "عمليتها العسكرية الخاصة" من نتائج وحقائق على الأرض، وما ينص عليه دستورها من بنود تنص في الكثير من تفسيراتها على عدم جواز المساس بوحدة الأراضي والسيادة، يقول ضمناً إنها لن تتراجع عما سبق وأعلنت عن ضمه من مقاطعات كانت حتى الأمس القريب تابعة للدولة الأوكرانية. وذلك ما عاد ليعلنه سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية خلال الأيام القليلة الماضية، في حديثه إلى برنامج "اللعبة الكبرى" على شاشة القناة الأولى للتلفزيون الروسي. إذ قال "إن أراضي جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين، وكذلك منطقتت خيرسون وزابوريجيا اللتين أصبحتا جزءاً من روسيا، يجب تحريرها بالكامل". وذلك يعني أن "العملية العسكرية الروسية الخاصة"، ستتواصل إلى حين بلوغ الحدود الإدارية السابقة التي كانت عليها لحظة الإعلان عن زوال الاتحاد السوفياتي في ديسمبر (كانون الأول) 1991. وذلك في الوقت الذي يعترف فيه الاتحاد الأوروبي، بأن أوكرانيا تحرز الكثير من التقدم على طريق مشاورات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، بحسب تصريحات مكتب الرئيس الأوكراني في كييف، وهو ما تعلق عليه السلطات الأوكرانية الكثير من آمال الخروج من أزماتها الراهنة، في توقيت مواكب لما تحرزه القوات الروسية من تقدم "نسبي" لتحقيق ما أشار إليه لافروف حول ضرورة استعادة كامل أراضي "المقاطعات الأربع!".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير