Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اقتحام بن غفير لـ"الأقصى" يثير عاصفة انتقادات عربية ودولية

واشنطن ترفض أي تحرك يقوض الوضع القائم والسعودية والإمارات والأردن تندد بالخطوة "الاستفزازية"

رداً على زيارة وزير الأمن الوطني الإسرائيلي الجديد اليميني المتطرف إيتمار بن غفير للمسجد الأقصى، قال متحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض، الثلاثاء، إن أي عمل أحادي يقوض الوضع القائم للأماكن المقدسة في القدس غير مقبول.

وأوضح أن "الولايات المتحدة تؤيد بقوة الحفاظ على الوضع القائم في ما يتعلق بالأماكن المقدسة في القدس، وأي عمل أحادي يقوض الوضع الراهن غير مقبول"، مضيفاً أن الولايات المتحدة تدعو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى الحفاظ على التزامه تجاه الوضع القائم للمواقع المقدسة.

وقال السفير الأميركي في إسرائيل توم نيدس، "أوضحت إدارة بايدن للحكومة الإسرائيلية أنها تعارض أي خطوات ربما تضر بالوضع الراهن في الأماكن المقدسة".

وأجرى بن غفير الذي ينتمي إلى اليمين المتطرف زيارة قصيرة لمجمع المسجد الأقصى، الثلاثاء.

انتقادات عربية

زيارة بن غفير لاقت انتقادات عربية عدة، وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان إن الرياض تدين "الممارسات الاستفزازية" التي قام بها أحد المسؤولين الإسرائيليين باقتحام باحات المسجد الأقصى.

وذكر البيان أن "وزارة الخارجية تعرب عن تنديد وإدانة المملكة العربية السعودية للممارسات الاستفزازية التي قام بها أحد المسؤولين الإسرائيليين باقتحام باحات المسجد الأقصى الشريف".

كما قالت وكالة الأنباء الرسمية، الثلاثاء، إن الإمارات تدين بشدة "اقتحام" وزير إسرائيلي لباحة المسجد الأقصى بالقدس. وكانت الإمارات وقعت اتفاقاً للسلام مع إسرائيل في 2020.

وقال دبلوماسيون إن الإمارات والصين طلبتا من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الاجتماع علناً، يوم الخميس على الأرجح، لمناقشة التطورات الأخيرة في المسجد الأقصى. 

كما دانت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي "اقتحام بن غفير للمسجد الأقصى بحماية قوات الأمن الإسرائيلية".

وكذلك استنكرت دولة الكويت هذه الخطوة وقالت الخارجية في بيان إن "هذا الاقتحام الذي يشكل استفزازاً لمشاعر المسلمين وانتهاكاً لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، يأتي في إطار محاولات سلطات الاحتلال الإسرائيلية المستمرة لتغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها".

كما نددت مصر بالخطوة وكذلك فعلت تركيا التي أنهت في الآونة الأخيرة خلافاً دبلوماسياً طويلاً مع إسرائيل، واصفة الزيارة بأنها "استفزازية".

دانت وزارة الخارجية الأردنية، في بيان الثلاثاء، قيام بن غفير بـ"اقتحام" باحة المسجد الأقصى، معتبرة إنها "خطوة استفزازية" و"تنذر بالمزيد من التصعيد".

استدعاء السفير

قالت وزارة الخارجية الأردنية في بيان، الثلاثاء، أنها استدعت السفير الإسرائيلي في عمان وسلمته مذكرة احتجاج على خلفية إقدام وزير إسرائيلي على "اقتحام" باحات المسجد الأقصى في القدس.

ونقل البيان عن الناطق الرسمي باسم الوزارة سنان المجالي قوله إن "الوزارة استدعت السفير الإسرائيلي في عمان لنقل رسالة احتجاج حول إقدام وزير الأمن القومي الاسرائيلي على اقتحام المسجد الأقصى المبارك لنقلها على الفور إلى حكومته".

وأوضح أن الرسالة "أكدت وجوب امتثال دولة إسرائيل بصفتها قوة قائمة بالاحتلال لالتزاماتها وفقاً للقانون الدولي، لا سيما القانون الدولي الإنساني في شأن مدينة القدس المحتلة ومقدساتها، خصوصاً المسجد الأقصى المبارك والامتناع عن أية إجراءات من شأنها المساس بحرمة الأماكن المقدسة ووضع حد لمحاولات تغيير الوضع التاريخي والقانوني القائم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف المجالي أن "مذكرة الاحتجاج أكدت أن المسجد الأقصى المبارك، الحرم القدسي الشريف بكامل مساحته البالغة 144 دونماً مكان عبادة خالص للمسلمين، وطالبت الحكومة الإسرائيلية بإنهاء كافة الإجراءات الهادفة إلى التدخل غير المقبول في شؤونه".

وتابع أن الرسالة "ذكرت بأن إدارة أوقاف القدس والمسجد الأقصى المبارك هي الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة كافة شؤون المسجد الأقصى المبارك، الحرم القدسي الشريف وتنظيم الدخول إليه".

وأكد أن المذكرة "حذرت من أن الانتهاكات والاعتداءات المتواصلة على المقدسات تنذر بمزيد من التصعيد وتمثل اتجاهاً خطراً يجب العمل على وقفه فوراً".

الوصاية الأردنية

تعترف إسرائيل التي وقعت معاهدة سلام مع الأردن عام 1994 بإشراف المملكة ووصايتها على المقدسات الإسلامية في القدس التي كانت كسائر مدن الضفة الغربية تخضع للسيادة الأردنية قبل أن تسيطر عليها تل أبيب عام 1967.

وكان العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني قال في نهاية الشهر الماضي وفي إجابته عن سؤال لمحطة "سي أن أن" الإخبارية حول ما إذا كان الوضع الراهن ودوره بصفته الوصي على الأماكن المقدسة في القدس مهددين بسبب التوقعات المرتبطة بالحكومة الإسرائيلية الجديدة، إن "هناك دوماً أشخاصاً يحاولون الدفع باتجاه ذلك، وهذا مصدر للقلق، لكن لا أعتقد بأن هؤلاء الأفراد تحت أنظار الأردن فقط، بل هم تحت أنظار المجتمع الدولي".

وأضاف الملك عبدالله "نحن نعيش في منطقة صعبة وهذا أمر اعتدنا عليه، وإذا أراد جانب ما أن يفتعل مواجهة معنا، فنحن مستعدون جيداً، لكن أود دوماً أن ننظر إلى النصف الممتلئ من الكأس".

وتابع "في المقابل، لدينا خطوط حمراء، وإذا ما أراد أحد تجاوز هذه الخطوط الحمراء، فسنتعامل مع ذلك، ولكن ندرك أن كثيراً من الجهات في إسرائيل تشاركنا القلق".

وزار بن غفير باحة المسجد الأقصى، الثلاثاء، للمرة الأولى منذ توليه منصبه، وفق ما أفاد ناطق باسمه، مما أثار حفيظة الفلسطينيين الذين يعتبرون الخطوة استفزازية.

وقال بن غفير في بيان عقب الزيارة، "لن تستسلم حكومتنا أمام تهديدات حماس"، بعدما حذرت الحركة الفلسطينية من أن هذه الخطوة "خط أحمر".

وفي ظل الوضع التاريخي الراهن، يمكن لغير المسلمين الذهاب إلى زيارة المكان في أوقات محددة، لكن لا يمكنهم الصلاة هناك، ومع ذلك زادت في الأعوام الأخيرة أعداد الزوار من اليهود القوميين في كثير من الأحيان الذين يصلون خلسة هناك، في خطوة اعتبرها الفلسطينيون "استفزازاً".

وعلى رغم أن بن غفير أجرى زيارات متكررة للموقع منذ دخل إلى البرلمان في أبريل (نيسان) 2021، أعلن عزمه الذهاب إلى هناك وزيراً، وهو ما وصفته حركة "حماس" الإسلامية التي تسيطر على قطاع غزة بأنه "تمهيد للتصعيد في المنطقة".

الموقع الأهم

وأضاف بن غفير أن "جبل الهيكل هو الموقع الأهم بالنسبة إلى شعب إسرائيل ونحافظ على حرية الحركة بالنسبة إلى المسلمين والمسيحيين، لكن اليهود أيضاً سيتوجهون إلى الجبل وينبغي التعامل مع أولئك الذين يوجهون تهديدات بيد من حديد".

وطالب بن غفير بإدخال تغييرات على إدارة الموقع للسماح بالصلوات اليهودية فيه، وهو أمر تعارضه السلطات الدينية اليهودية التقليدية.

وأفاد حراس من دائرة الأوقاف وكالة الصحافة الفرنسية بأن بن غفير زار الموقع برفقة وحدات من قوات الأمن الإسرائيلية بينما حلقت مسيّرة فوقه. وبعدما غادر الموقع، صباح الثلاثاء، وصل زوار إليه وبدا الوضع هادئاً.

استفزاز غير مسبوق

ورأت الخارجية الفلسطينية أن الزيارة "استفزاز غير مسبوق وتهديد خطر لساحة الصراع".

وحذر الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة من مغبة هذه الخطوة، معتبراً أن "استمرار هذه الاستفزازات بحق مقدساتنا الإسلامية والمسيحية سيؤدي إلى مزيد من التوتر والعنف وتفجر الأوضاع".

وحمل "الحكومة الإسرائيلية المتطرفة المسؤولية عن أية نتائج أو تداعيات حيال ما تتخذه من سياسات عنصرية بحق أبناء شعبنا ومقدساته".

ودعا رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية الفلسطينيين إلى "التصدي لمثل هذه الاقتحامات في المسجد الأقصى"، واتهم بن غفير بترتيب الزيارة في إطار استهداف تحويل المسجد الأقصى إلى "معبد يهودي"، في حين تنفي إسرائيل وجود أي مخططات من هذا القبيل.

مواصلة الدفاع

من جانبه اعتبر الناطق باسم "حماس" حازم قاسم "اقتحام الفاشي بن غفير جريمة" وتعهد بأن الأقصى "سيبقى فلسطينياً وعربياً وإسلامياً"، مضيفاً أن "شعبنا الفلسطيني سيواصل دفاعه عن مقدساته ومسجده الأقصى وقتاله من أجل تطهيره من دنس الاحتلال".

وكانت زيارة مثيرة للجدل أجراها عام 2000 زعيم المعارضة آنذاك أرئيل شارون من بين أهم العوامل التي أشعلت الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي استمرت حتى عام 2005.

في مايو (أيار) اندلعت حرب مميتة استمرت 11 يوماً بين فصائل فلسطينية وإسرائيل بعد مواجهات عنيفة بين فلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في باحات الأقصى وأماكن أخرى في القدس الشرقية.

وأطلق بن غفير، وهو محام يعيش في واحدة من أكثر المستوطنات تطرفاً في الضفة الغربية، مسيرته المهنية كوزير في 29 ديسمبر (كانون الأول) كعضو في الحكومة الإسرائيلية الأكثر يمينية في التاريخ بزعامة بنيامين نتانياهو.

الوضع القائم

وفي محاولة على ما يبدو لتهدئة الغضب من الزيارة، قال مسؤول في مكتب نتنياهو إن رئيس الوزراء ملتزم تماماً بالوضع الراهن للموقع منذ عقود الذي يسمح فقط للمسلمين بالعبادة هناك.

وأوضح مسؤول إسرائيلي أن الزيارة التي استغرقت ربع الساعة جاءت وفقاً لترتيب الوضع الراهن الذي يعود لعقود مضت ويسمح لغير المسلمين بزيارة المجمع شريطة عدم الصلاة فيه.

ولم يقترب بن غفير من المسجد، ومع أن الزيارة مرت من دون وقوع أي حوادث، فإنها ربما تؤدي إلى تأجيج التوتر بعد تزايد العنف في الضفة الغربية العام الماضي.

وقال مسؤول في مكتب نتنياهو "نحافظ على الوضع القائم، وفي الأعوام الماضية زار وزراء أكثر من مرة الحرم القدسي، ومنهم وزير الأمن الداخلي السابق... المزاعم بتغيير الوضع الراهن لا أساس لها من الصحة".

وتشمل واجبات بن غفير الوزارية الإشراف على الشرطة الإسرائيلية المكلفة رسمياً إنفاذ حظر صلاة اليهود في المجمع.

وتعتبر إسرائيل أن مدينة القدس بالكامل عاصمة لها لا يمكن تقسيمها وهذا وضع لا يحظى باعتراف دولي، ويريد الفلسطينيون اتخاذ القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية التي ستضم الضفة الغربية وقطاع غزة أيضاً.

اقرأ المزيد

المزيد من الأخبار