Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يواجه فلسطينيو 48 خطة بن غفير لتهويد الجليل والنقب؟

فرض السيطرة والقانون خطوة استباقية لبناء المستوطنات والعرب مهددون بمنع البناء وعودة الحكم العسكري

قرارات الحكومات الإسرائيلية لهدم بيوت عرب 48 تشمل أيضاً أكواخ الصفيح (أ ف ب)

يشكل إصرار اليميني المتطرف، إيتمار بن غفير، على تولي حزبه "عوتسما يهوديت"، وزارة تطوير النقب والجليل في الحكومة الإسرائيلية للتوقيع على اتفاق الائتلاف، تهديداً لوجود فلسطينيي 48 ومستقبل قراهم ومدنهم العربية، سواء في منطقة الشمال والجليل خصوصاً، أو في النقب، الذي يعاني أبناؤه محاولات تهجير منذ إقامة الدولة الإسرائيلية.

ويقف فلسطينيو 48 اليوم أمام مفترق طرق خطير، فإما يصعدون نضالهم ويضعون خططاً عملية وفعالة للحفاظ على وجودهم أو يفقدون المسكن والأرض في ظل وزارة ينطبق عليها تسمية وزارة "تهويد النقب والجليل"، وفق ما يخطط بن غفير ووزراء حزبه.

حكم عسكري بأدوات عصرية

قبل توقيع الاتفاق اشترط بن غفير تعديل تسمية الوزارة لتصبح "وزارة تطوير الجليل والنقب والصمود الاجتماعي"، الموجهة في الأساس ضد فلسطينيي 48، واستهداف ما تبقى من أراضيهم.

مفهوم هذا الشرط كما فسره كثيرون يمثل شكلاً جديداً من إعادة الحكم العسكري لكن "بأدوات عصرية وجديدة"، فوفق الاتفاقية سيتولى الوزارة اليميني المتطرف إسحاق فاسرلاوف، وسيتم توسيع مجالات الوزارة وصلاحياتها، بحيث تكون إدارة التخطيط فيها مسؤولة عن مجال استيطان الشباب بعد الاتفاق على تخصيص أكثر من 700 مليون دولار سنوياً بهدف زيادة محركات النمو في مراكز الشباب، وتنفيذ "مشاريع وطنية لصالح تعزيز المجتمع الإسرائيلي"، وفق ما ورد في الاتفاق الذي يشدد على توسيع الاستيطان للشباب اليهودي في مقابل ضمان الأمن والنظام في المجتمع العربي، وفي الحالتين يكون فلسطينيو 48 مستهدفين.

في عام 2005 أقيمت "وزارة لتنمية النقب والجليل" بقرار الحكومة الإسرائيلية بهدف تطوير المنطقة، وفي أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2015، تم توسيع الوزارة وإعادة تسميتها وأصبحت "وزارة تطوير الضواحي والنقب والجليل".

وتعد منطقتا الجليل والنقب، حيث الغالبية الساحقة من فلسطينيي 48، أكثر المناطق التي تواجه سياسة التمييز والعنصرية منذ سنوات طويلة، وتعرضتا لمصادرة واسعة لأراضي هذه الشريحة الفلسطينية رافقتها سياسة تضييق وخناق تؤدي في النهاية إلى تحقيق هدفين للمؤسسة السياسية الإسرائيلية، الأول هو "ترانسفير للعرب"، حيث تدفع السياسة العرب، خصوصاً الشباب إلى ترك بلداتهم العربية والانتقال للسكن في مدن مختلطة أو ترك البلاد والهجرة للدراسة أو العمل من دون العودة، والهدف الثاني هو تحقيق الخريطة الديموغرافية بما يضمن أكثرية لليهود وأقلية للعرب.

هذه السياسة التي طالما نفذتها الحكومات الإسرائيلية بشكل غير مباشر أحياناً وبعلنية أحياناً أخرى، تعود هذه الأيام مع عودة الكهانية (رجال اليميني المتطرف مئير كهانا) إلى الحكومة متمثلة في بن غفير وعموم وزراء حزبه وأحزاب الائتلاف الحكومي. ومن خلال وزارة تطوير الجليل والنقب ستنفذ الحكومة تلك السياسة بشكل علني، بل وبوتيرة متسارعة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يقول حنا سويد، عضو الكنيست السابق ورئيس المركز العربي للتخطيط البديل لـ"اندبندنت عربية" إن "الهدف من مطالبة بن غفير بهذه الوزارة مزدوج، فمن ناحية يرغب في فرض السيطرة والقانون على هاتين المنطقتين، إذ يدعي غياب القانون، بخاصة في النقب والشمال الأقصى وتحديداً ما يتعلق بالعرب البدو في طوبا شمالاً والقرى غير المعترف بها جنوباً، ومن ناحية ثانية توسيع الاستيطان".

وحول ما إذا كان بنيامين نتنياهو سيوافق على تنفيذ مشاريع وأهداف بن غفير، يقول سويد، "نتنياهو في مأزق وكل ما يهمه هو إنقاذ نفسه من المحكمة التي تنتظره، وهو يدرك جيداً بأن وضعه صعب وبحاجة إلى دعم لإقرار قوانين ليس له فحسب، إنما أيضاً لشريكه في الائتلاف رئيس حزب "شاس"، أرييه درعي والملاحقين قانونياً، لذلك هو بحاجة ليمين متطرف لضمان قوانين تخدم ذلك، ومن ناحية ثانية دفع الثمن بالخضوع لأجندة متطرفة لم يصل إليها اليمين الإسرائيلي التقليدي من قبل".

وحول تداعيات سياسة بن غفير واليميني المتطرف، بتسلئيل سموطرتش، يقول عضو الكنيست السابق، "إذا ما تمت السيطرة على التنظيم والبناء سيقع مزيد من مصادرة الأراضي وتقييد خطوات العرب ومنع توسيع مسطحات البناء وعدم إقامة مناطق صناعية، وسيتخذ إجراءات وقرارات حتى في مجال التنقل، ربما يعيدنا إلى الحكم العسكري".

ويحذر سويد قائلاً، "نحن إزاء مرحلة دقيقة وصعبة ما يستدعي عملاً منظماً ومكثفاً سواء من قبل الأحزاب العربية أو المؤسسات الفاعلة في المجتمع العربي لمنع فرض هذه السياسة العنصرية إلى جانب الشراكات اليهودية – العربية من خلال إقامة نشاطات وفعاليات مشتركة وإقامة تحالفات في قضايا معينة".

يشار إلى أن فلسطينيي 48 يملكون نحو ثلاثة ونصف في المئة فقط من مساحة البلاد، علماً بأنه في عام 1948 سيطرت ما تسمى بالوكالة اليهودية والمؤسسات الاستيطانية على ثمانية في المئة من الأرض، فيما كان 92 في المئة بملكية دولة الانتداب أو المواطنين العرب، أما اليوم فتسيطر الدولة على 93 في المئة من مساحة البلاد بواسطة دائرة أراضي إسرائيل وسبعة في المئة من الأراضي بخاصة (ثلاثة ونصف للعرب وثلاثة ونصف لليهود مثل المستوطنات).

خطة جاهزة

بعد فشل مخططات الحكومات الإسرائيلية في ضمان الأغلبية اليهودية، عبر دفع عشرات الآلاف من اليهود في إسرائيل للسكن بمستوطنات وبلدات يهودية في الجليل والنقب وإقامة بلدات جديدة على أراض عربية سبق وأن صودرت، وضعت وزيرة الداخلية السابقة إييلت شكيد خطة لضمان غالبية يهودية في الجليل والنقب.

وفق خطتها أقرت خطوات تنظيمية وتخطيطية لزيادة عرض الشقق السكنية وتسريع عمليات البناء والتنظيم وخفض أسعار الوحدات أمام اليهود في الجليل والنقب عبر بناء 12 مستوطنة في منطقة النقب وحدها، كما تشمل الخطة زيادة عدد البيوت والشقق السكنية في ما أطلق عليها "المستوطنات القروية".

وإزاء ما سمتها شكيد "الأزمة الديموغرافية الشديدة لليهود في الجليل"، فإن خطتها وبتقدير سابق للجان التخطيط والبناء الإسرائيلية ستؤدي إلى زيادة عشرات آلاف الشقق السكنية المعدة لليهود، بالتالي رفع عدد اليهود في الجليل تحديداً".

بدو النقب إلى أين؟

كثفت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة من سياسة هدم البيوت في النقب، في قرى لم تعترف بها منذ عام 1948 التي لا يتوفر فيها الحد الأدنى من الخدمات الضرورية للسكان.

بحسب معطيات سلطة تنفيذ القانون وصل عدد أوامر هدم البيوت في عام 2021 إلى 1061، في مقابل إصدار نحو 300 أمر لهدم البيوت في المناطق الأخرى في إسرائيل، وتستخدم سلطة تنفيذ القانون الحوامات لتصوير أراضي النقب لتحديد أي بناء جديد غير مرخص.

وفي حال أقام بن غفير، كما يخطط، وحدة خاصة ونوعية، كما وصفها البعض، بهدف القضاء على البناء غير القانوني في النقب، سيبقى السكان هناك من دون مأوى وستصبح المعركة على وجودهم أكثر شراسة، إذ إن قرارات الهدم تشمل أيضاً أكواخ الصفيح التي يعيش المعظم فيها حالياً.

المزيد من تقارير