Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عام التحولات الناقصة

فما فعلته حرب أوكرانيا حتى الآن هو دفع "عصر اللايقين" إلى الذروة

مركبة مشاة أوكرانية مقاتلة من طراز "BMP" في مدينة بخموت بشرق أوكرانيا في 31 ديسمبر 2022 (أ ف ب)

كان لينين يقول "هناك عقود لا يحدث فيها شيء، وأسابيع تحدث فيها عقود". أسابيع في عام 1979 أحدثت تبدلات هائلة بالشرق الأوسط، ثورة الإمام الخميني في إيران، وسلام كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل.

أسابيع في مطلع العقد الأخير من القرن الـ20 قادت إلى أهم تطور جيوسياسي واستراتيجي في العالم، حيث سقوط الاتحاد السوفياتي. وأسابيع بدأت في فبراير (شباط) عام 2022 خلخلت النظام العالمي القائم منذ الحرب العالمية الثانية، حيث الحرب الروسية ضد أوكرانيا.

فما فعلته حرب أوكرانيا حتى الآن هو دفع "عصر اللايقين" إلى الذروة، وليس أهم مما كشفته سوى ما لا يزال غامضاً، لا أحد يستطيع التحكم بمجرى الحرب، لا عسكرياً ولا في إطار الدعوات إلى التفاوض على تسوية، ولا أحد يعرف كيف سيكون العالم بعدها.

هي نوع من حرب عالمية ثالثة بالوكالة، لكنها تدور فوق خريطة بلد واحد، وكل بلد في العالم يتأثر بمضاعفاتها، سواء لجهة نقص الغذاء والغاز والنفط وارتفاع الأسعار أو لجهة الاصطفاف في هذا المعسكر أو ذاك، فضلاً عن خيار اللااصطفاف الكامل والتزلج بين المعسكرين.

الرئيس فلاديمير بوتين صاحب قرار الحرب يبحث عن أهداف يصعب تحقيقها، لا فقط على أرض المعارك، بل أيضاً على طاولة المفاوضات، من التسليم له بضم مناطق من أوكرانيا فوق شبه جزيرة القرم إلى الترحيب بأن تلعب روسيا دور قوة عظمى في نظام متعدد الأقطاب على قمة العالم.

والرئيس فولوديمير زيلينسكي محكوم بأن يلعب دوراً أكبر من قدرة بلاده مع كل المساعدات العسكرية والمالية التي تأتيه من أميركا وأوروبا واليابان وكوريا الجنوبية. وما لا يقوله بوتين يترك لرجله ديمتري ميدفيدف، الذي جعله رئيساً ثم رئيساً للوزراء ثم نائباً لرئيس مجلس الأمن القومي أن يقوله.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومنذ بداية الحرب يتابع ميدفيدف خطابه على طريقة "مجنون يحكي وعاقل يفهم"، يهدد بحرب نووية ثم يطلب ضمانات أمنية لروسيا من الغرب، ويقوم بدور قوي خائف في مواجهة ضعيف مخيف.

وتقول تامارا مورشاكوفا، التي وصفها بوتين بأنها "أهم محام في روسيا"، "لدينا محامون على رأس السلطة، كل من بوتين وميدفيدف يحمل إجازة في الحقوق، لكنهما لا يعرفان ماذا يعني حكم القانون"، وهذا داخل روسيا، كذلك الأمر بالنسبة إلى ما يسمى القانون الدولي، حيث تشكل الحرب أكبر خرق له.

والسؤال الكبير في حرب أوكرانيا وما بعدها هو كيف سيكون شكل الحرب الباردة الجديدة؟ وأي نظام متعدد الأقطاب يولد؟ المستشار الألماني أولاف شولتز يرى صعوبة قيام "حرب باردة في نظام متعدد الأقطاب"، فهي ارتبطت بالصراع بين قطبين، أميركا والاتحاد السوفياتي.

وما يتصوره شولتز هو أننا على الطريق إلى "عالم قطب ونصف"، أميركا قطب ومعها الاتحاد الأوروبي والعالم الأنغلوقوني بريطانيا وأستراليا وكندا ونيوزيلندا ثم اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان. والصين ومعها روسيا ودول العالم الثالث هي نصف قطب.

نظام القطب هو "الرأسمالية الديمقراطية الليبرالية"، ونظام نصف القطب هو "الرأسمالية الاستبدادية"، وهي في روسيا "الرأسمالية الفاسدة"، لكن الكون يحتاج إلى اهتمامات أهم مثل مكافحة الاحتباس الحراري، حيث يقدر الخبراء ضرورة إنفاق أربعة تريليونات دولار سنوياً ابتداء من عام 2030 للتوقف عن الاعتماد على الفيول.

وليس ما يراه شولتز سوى تصور يصطدم بكثير من الحقائق على الأرض، وبينها الدور الصيني المتقدم على قاعدة اقتصاد قوي، ولا أحد يضمن أن تبقى الحرب العالمية الثالثة بالوكالة وعلى أرض بلد واحد، صعوبة الحرب الباردة؟ ربما، لكن الحروب الساخنة ممكنة حتى في قلب أوروبا.

المزيد من تحلیل