Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شبح التقسيم يخيم على ليبيا في ذكرى استقلالها الـ 71

استنفار أمني تشهده مدينة بنغازي التي يرجح أن يتم منها إعلان إقليم برقة الإدارة الذاتية على لسان المشير خليفة حفتر

حذر حفتر من "انعكاس الأوضاع في طرابلس على عرقلة مساعي استقرار ليبيا ووحدتها" (أ ف ب)

يترقب الشارع الليبي الذكرى الـ71 لاستقلال بلاده التي تحل السبت 24 ديسمبر (كانون الأول) أكثر من أي عام مضى، مع وجود أنباء عن نية أطراف فاعلة في إقليمي برقة وفزان إعلان الحكم الذاتي، احتجاجاً على تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية، وتمركز السلطة في طرابلس، وتشبث بعض الأطراف السياسية بها.

وإذا تأكدت في الساعات المقبلة حقيقة هذا القرار الخطر الذي يوشك إقليمي وبرقة وفزان على اتخاذه، فإنها ستكون مفارقة تاريخية غريبة بإعلان ما يشبه تقسيم البلاد في اليوم الذي اجتمع فيه شملها بعد جهود مضنية من الأجداد المؤسسين للدولة عام 1951.

استنفار في بنغازي

وقبل ساعات من حلول الذكرى الجديدة لاستقلال ليبيا تشهد مدينة بنغازي، استنفاراً أمنياً ملحوظاً وغير طبيعي، وهي التي يرجح أن يتم منها إعلان إقليم برقة الإدارة الذاتية على لسان قائد الجيش الوطني المشير خليفة حفتر، بحسب التسريبات التي تم تداولها بشكل مكثف طوال الأسبوع الأخير.

وكان حفتر لمح في آخر خطابين رسميين له إلى احتمال اتخاذ إجراءات مؤلمة لكسر الجمود السياسي في البلاد الذي أثر في كل مستويات الحياة للمواطنين.

وخلال عرض عسكري في مدينة أجدابيا غرب بنغازي الشهر الماضي، حذر حفتر من "انعكاس الأوضاع في طرابلس على عرقلة مساعي استقرار ليبيا ووحدتها". وقال إنه "لم يعد خافياً على أحد محلياً ودولياً، أن أبرز العراقيل التي أدت إلى فشل كل المساعي الرامية للحل الشامل وبناء الدولة هو الوضع القائم في طرابلس مركز السلطة التنفيذية في البلاد".

وأضاف أن "المجموعات المسلحة الخارجة عن القانون في العاصمة، تسيطر على الشأن العام وتفرض إرادتها وسلطتها بالقوة على مؤسسات الدولة التنفيذية، حتى تحولت تلك المؤسسات إلى كيانات هشة خاضعة بالمطلق لها". وأشار إلى أنه "لم يعد أمام أية حكومة من داخل العاصمة إلا أن تعد نفسها لتكون أداة طيعة في يد تلك المجموعات التي تفرض نفسها بقوة السلاح، وهذا الأمر قد يدفع الليبيين من خارج طرابلس، بالمدن والمناطق التي تنعم بالأمن والاستقرار، عاجلاً غير آجل، إلى اتخاذ قرارهم الحاسم بإدارة شؤونهم وبناء مؤسساتهم وتوظيف مواردهم الطبيعية لصالحهم ورسم خريطة الطريق نحو النهضة والتقدم  بمعزل عن العاصمة موقتاً".

تلميح المناصرين

تزامنت هذه الأنباء التي تسببت بتوتر كبير في ليبيا، مع حملة من التبرير من شخصيات سياسية بارزة عرفت بدعمها لقيادة الجيش في بنغازي، للخطوة التي يتوقع أن يعلنها الجيش، بفك الارتباط مع السلطات القائمة في طرابلس، إذ قال المرشح البرلماني عبدالرحيم البركي، إن "البيئة المناسبة للفساد المالي، وانتشار الأمراض من دون رعاية صحية، وتفاقم الانسداد السياسي واستمرار التدخل الخارجي ومنع أي تقارب ليبي أو أي اتفاق ليبي وغيره كثير، هو ما سيقود الجيش والفعاليات الاجتماعية الليبية في أغلب المناطق، إلى إنتاج الحل الأخير والصعب لأجل الوصول للحل الأمثل".

وحذر البركي في سلسلة تغريدات على موقع "تويتر" من "العناد وعدم اعترافنا واستماعنا لبعضنا بعضاً، وشخصنة المؤسسات الوطنية وتكميم الأفواه وتخوين من تمسك بخيار الجيش".

ونبه إلى "خطورة الاعتراف بالإرهاب في مكان من دون آخر وإعادة تدوير المجموعات المسلحة بإجراءات خارجية وداخلية، وإدارة بيت مال الليبيين بعقلية الجهوية وتوجيه الصرف لدعم أشخاص بأسمائهم".

تغيير الواقع

في المقابل قال عبد المنعم العرفي، عضو مجلس النواب، إن "القوات المسلحة تملك تغيير الواقع، بعدما حرمت من تطهير طرابلس من التشكيلات المسلحة". وأضاف العرفي أن "الميليشيات تغولت بتمويل المحافظ المقال للمصرف المركزي الصديق الكبير، وأصبحت تملي شروطها على رئيس مجلس الدولة خالد المشري، ونحن لا نستطيع فرض سيطرتنا على أية وزارة في طرابلس، ولا يعقل الجلوس مع الميليشيات أو التحاور والتفاوض معهم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار إلى أن "رئيس المجلس الرئاسي السابق فايز السراج مسؤول عن شرعنة هذه الميليشيات وتمكينها، وجعلها من الكوادر الأمنية للدولة، والآن هؤلاء نقلوا الأسلحة الثقيلة والمتوسطة ووضعوها وسط المدنيين، ويمنعون كل من يريد الدخول إلى العاصمة، أو المنطقة الخضراء التي أسسها رئيس الحكومة المنتهية عبدالحميد الدبيبة".

من جهته يرى المحلل السياسي من مدينة مصراتة فيصل الشريف، أن "خضوع الشعب للابتزاز السياسي من قبل الأجسام الحالية المهيمنة سيجعله يدفع الثمن الذي لم يتخيله جراء صمته أو قبوله". ويقول إن "قائد الجيش في بنغازي خليفة حفتر سيستغل ضعف الشعب وعدم قدرته على التخلص من الأجسام السياسية ليلعب دور المخلص وينقلب عليهما ليظهر بمظهر البطل ويكسب تعاطف الشعب، وسوف يكون ثمن هذا التعاطف مميتاً، وهذا ما يجعل من الشعب أمام خيار تحركه بذاته واعتماده على نفسه إن أراد الخلاص بالمضي نحو انتخابات هو من يقرر فيها من سيحكمه وكيف سيحكمه".

الموقف الدولي

وعلى غير العادة، ما زالت الأطراف الدولية الفاعلة في ليبيا تنتهج الصمت تجاه الأنباء الخطرة المتواترة عن وجود نية في إقليمي برقة وفزان لإعلان الحكم الذاتي، مع أن كل المؤتمرات الدولية التي عقدت لحل الأزمة الليبية وبيانات مجلس الأمن شددت دائماً على وحدة ليبيا وعدم السماح بتفتيتها تحت أي ظرف كان. وكان مجلس الأمن الدولي أصدر بياناً بشأن ليبيا، ربط بعضهم بينه وبين هذه الأنباء، دعا فيه إلى ضرورة الإسراع بتشكيل حكومة موحدة جديدة في البلاد.

وأكد مجلس الأمن الدولي في البيان، على "ضرورة إنهاء أزمة القاعدة الدستورية، لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في أقرب وقت". وقال  المجلس إنه "يدعم حواراً ليبياً، يهدف إلى تشكيل حكومة موحدة قادرة على الحكم في جميع أنحاء البلاد وتمثيل الشعب الليبي بأكمله"، محذراً أن "استمرار المأزق السياسي في ليبيا وعدم إحراز تقدم يهدد جهود تحقيق الاستقرار ووحدة البلاد".

بيان استباقي

في سياق متصل، اعتبر وكيل وزارة الخارجية الليبي الأسبق حسن الصغير، أن "البيان محاولة استباقية للخطوات التي تتجه لاتخاذها بعض الأطراف الليبية في برقة وفزان"، موضحاً أن "البيان الصحافي لمجلس الأمن يجب أن يؤخذ في حجمه وظرفه فهو مجرد بيان صحافي، ولا إلزام بموجبه لأنه ليس قراراً". وتابع "الأهم أنه يأتي قبل ثلاثة أيام من خطوة أو بيان مرتقب بشأن إدارة إقليمي برقة وفزان، ولذلك فهو محاولة لقطع الطريق بالتشويش على هذه الخطوة التي نتمناها، وكذلك للقول إننا كنا بصدد إجراء حل للوضع القائم لكن خطوتكم عقدت الأمر".

وأضاف الصغير أن "الاستمرار في التوجه نحو إعلان إدارة ذاتية لبرقة وفزان أصبح ضرورة ملحة، حتى وإن صدق بيان مجلس الأمن فسيكون حينها الحوار بين أطراف فاعلة وحقيقية أولاً ويضمن حقوق الأقاليم ثانياً".

وأشار إلى أن "حوار البرلمان ومجلس الدولة لا طائل من ورائه سوى ترحيل المشكلات والأزمات ومصادرة الحقوق وتنصيب أشخاص مكان آخرين، من دون وضع حلول جذرية لأسباب الأزمات".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي