Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عقد من المطاردات... 3 مطلوبين ليبيين في "شباك واشنطن"

منذ 2013 نفذت الاستخبارات الأميركية عمليات خاصة لاعتقالهم ومحاكمتهم على أراضيها بتهمة الإرهاب

لم تكن عملية تسليم المتهم بالتورط في عملية لوكربي الأولى إذ تم اعتقال آخرين من خلف ظهر السلطات الليبية (أ ف ب)

على مدار العقد الماضي نصبت الولايات المتحدة الأميركية شباكها لاصطياد قائمة من المطلوبين الليبيين لديها بتهم تعددت تسمياتها وتصنيفاتها ويرتبط أغلبها بعمليات أمنية استهدفت مواطنيها ومؤسساتها. كما نجحت الولايات المتحدة في استجلاب كثير من هؤلاء إلى أراضيها لمحاكمتهم، وكان آخرهم بوعجيلة المريمي الذي أثارت عملية تسليمه إلى واشنطن زوبعة من الجدل في ليبيا وخارجها.

وإذا كانت عملية تسليم ضابط الاستخبارات الليبي السابق لاتهامه بالتورط في عملية لوكربي الشهيرة، تمت بأياد ليبية تابعة لحكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، فإن عملية القبض على بعض المطاردين الآخرين من السلطات الأميركية في السنوات الماضية، مثل القياديين في تنظيم "القاعدة" أبو أنس الليبي وأحمد أبو ختالة، نفذتها قوات خاصة تابعة لواشنطن في بنغازي وطرابلس من خلف ظهر السلطات الليبية.

وعلى رغم المسوغات التي دأبت الإدارة الأميركية على سردها لتبرير تنفيذ هذه العمليات المثيرة للجدل فوق الأراضي الليبية، فإن كثيراً من الليبيين يعتبرونها تعدياً على سيادة بلادهم، واستغلالاً صريحاً لضعف القبضة الأمنية والسلطة السياسية فيها.

اعتقال أول مطلوب

في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) 2013 نجحت الولايات المتحدة في اصطياد أول وأخطر المطلوبين لديها في ليبيا، حين أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أن "وحدة خاصة أميركية تمكنت من القبض على القيادي في تنظيم (القاعدة) نزيه عبد الحميد الرقيعي، المعروف باسم أبو أنس الليبي، والمتهم بالمشاركة في هجمات على سفارتيها في كينيا وتنزانيا عام 1998".

وأثارت العملية جدلاً كبيراً وقت تنفيذها، كونها تمت في قلب العاصمة الليبية طرابلس من دون علم المسؤولين الليبيين، على رغم إعلان الإدارة الأميركية أنها تمت بالتنسيق معهم، قبل أن تنفي ليبيا علمها بأية تفاصيل عن العملية قبل وأثناء تنفيذها.

وطلبت الحكومة الليبية التي كانت برئاسة علي زيدان حينها توضيحات من الولايات المتحدة في شأن العملية التي تمت فوق أراضيها ومن دون علمها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال مكتب زيدان في بيان رسمي "تتابع الحكومة الموقتة الأنباء المتعلقة باختطاف أحد المواطنين الليبيين المطلوبين لدى سلطات الولايات المتحدة الأميركية بزعم علاقته بتفجيرات سفارتي أميركا في نيروبي ودار السلام منذ سنوات".

وأضاف البيان "منذ سماع النبأ تواصلت الحكومة الليبية مع السلطات الأميركية وطلبت منها تقديم توضيحات في هذا الشأن".

ولاحقت واشنطن أبو أنس الليبي، 13 عاماً، قبل اعتقاله، وعرضت خلالها مكافأة مالية قيمتها خمسة ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه، على خلفية اتهامه بتفجير سفارتيها في كينيا وتنزانيا، ما أسفر عن مقتل 224 شخصاً.

وأوضحت صحيفة "واشنطن بوست" بعد العملية أن "عناصر من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) ومكتب التحقيقات الفيدرالي وفريقاً من (دلتا فورس) ووحدة من القوات الخاصة في سلاح البر الأميركي شاركوا في العملية التي أدت إلى القبض عليه في طرابلس".

وكشفت الصحيفة أنه "بعد اعتقاله في طرابلس نقل أبو أنس الليبي إلى سفينة عسكرية أميركية هي (يو أس أس أنطونيو) ثم إلى الولايات المتحدة حيث مثل أمام القضاء".

في قلب بنغازي

في يونيو (حزيران) عام 2014 كانت مدينة بنغازي أكبر مدن الشرق الليبي تغلي بعد اندلاع معارك عسكرية شرسة في شوارعها بين قوات الجيش وكتائب مسلحة تتبع تنظيمي "القاعدة" و"داعش"، بينما كانت قوة عسكرية أميركية تتستر بدخان المعارك وضجيجها المدوي لتتسلل إلى منزل أخطر قائد عسكري متطرف في المدينة هو أحمد أبو ختالة، القيادي في تنظيم "القاعدة" والمطلوب الأول في عملية اقتحام القنصلية الأميركية ببنغازي في سبتمبر (أيلول) عام 2012، وتعود به بعد اعتقاله إلى بلادها في غفلة من الجميع.

وفي عام 2018 قضت المحكمة الفيدرالية الأميركية في واشنطن بسجن أبو ختالة لمدة 22 عاماً بعد أن أدانته بالتورط في الهجوم الذي استهدف القنصلية الأميركية في بنغازي في 2012، وأسفر عن مقتل السفير الأميركي في ليبيا وثلاثة أميركيين آخرين.

وتطلبت عملية القبض على قيادي متطرف خطير مثل أبو ختالة سنوات من التخطيط من جانب الاستخبارات الأميركية، بحسب التفاصيل التي تكشفت تباعاً في وقت لاحق من تنفيذ العملية.

وتبين أثناء محاكمة أبو ختالة أن عملية القبض عليه جرت بمساعدة رجل أعمال من بنغازي ظهر في إحدى جلسات المحاكمة كشاهد باسم مستعار هو علي المجريسي، ليؤكد أن أبو ختالة اعترف له بأنه كان ينوي قتل مزيد من الأميركيين وتنفيذ عمليات أخرى أوسع.

وقال المجريسي في شهادته إن "أبو ختالة احتفظ بعد هجومه على مقار البعثة الدبلوماسية الأميركية بعدد من الوثائق وجهاز حاسوب نقله من داخل السفارة إثر اقتحامها مكنه من معرفة زوار السفير الأميركي".

وأوضحت صحيفة "نيويورك تايمز" أن "المجريسي بدأ العمل مع الأميركيين منذ عام 2012 بعد وقوع الحادثة في مقر السفارة ببنغازي، والتي قتل فيها سفير واشنطن في ليبيا كريس ستيفنز وثلاثة من مرافقيه، إلى حين القبض على أبو ختالة".

وقالت الصحيفة إن "المجريسي أقر في شهادته أمام المحكمة بأنه عمل لسنين من أجل توثيق علاقته بأبو ختالة ليثق فيه ويتحول إلى صديق ويكشف كثيراً من أسراره، كما أقر المجريسي بحصوله على سبعة ملايين دولار من وزارتي الدفاع والخارجية الأميركيتين في مارس (آذار) 2015 و2016، إضافة إلى مدفوعات شهرية بقيمة 100 ألف دولار منذ 2013، ومبالغ أخرى كمصاريف لإقامته في ليبيا وتونس والولايات المتحدة".

وكشف عن أنه "اشترى لأبو ختالة منزلاً في بنغازي ليستدرجه في نهاية الأمر إليه، حيث تمت عملية استخباراتية أميركية دقيقة تم القبض جراءها عليه في ذلك المنزل ونقل إلى الولايات المتحدة".

وذكر المجريسي في شهادته أن "أبو ختالة كان يحتفظ بقذائف وأسلحة أخرى في بيته ببنغازي، كما كان ينوي قتل جميع الأميركيين حتى فرقتهم التي انطلقت من طرابلس لإنقاذ الوضع في مقر السفارة ببنغازي، غير أن قيادياً آخر منعه من إتمام نواياه".

وظهر لاحقاً أن المجريسي هو من كشف تورط مصطفى الإمام في عملية الهجوم على مقر السفارة في بنغازي، والذي اعتقل بعملية أميركية ثالثة في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) 2017 بمدينة مصراتة.

صيد في مصراتة

تمت عملية القبض على الإمام في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي أعلن أن قوات بلاده اعتقلت في 30 أكتوبر 2017 ليبياً يدعى مصطفى الإمام تتهمه واشنطن بالضلوع في الهجوم الذي استهدف في 2012 القنصلية الأميركية في بنغازي.

وأعلن ترمب في بيان أن "القوات الأميركية اعتقلت بناءً على أوامري مصطفى الإمام في ليبيا"، مضيفاً أن "الإمام سيواجه العدالة في الولايات المتحدة لدوره المفترض في هجمات 11 سبتمبر 2012 في بنغازي".

وينتمي الإمام لأسرة ذات أصول فلسطينية واعتنق أفكار التيارات المتطرفة منذ تسعينيات القرن الماضي وأودع سجن "بوسليم" في طرابلس عام 2007 على خلفية هذه الانتماءات، وخرج من المعتقل عام 2011 ليشارك الثوار في القتال ضد نظام القذافي، ثم انتقل إلى بنغازي حيث نشط مع آخرين في تأسيس "جماعة أنصار الشريعة" الموالية لتنظيم "داعش".

وحكم قاضي محكمة في واشنطن على مصطفى الإمام الذي دين بتهم الإرهاب وجرائم أخرى في عام 2019 بالسجن 19 عاماً وستة أشهر بعد محاكمة استمرت ستة أسابيع.

المزيد من تقارير