Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معركة قانونية في ليبيا بين النائب العام و4 من أعضاء مجلس الدولة

اعتبرت المؤسسات القضائية أن الحملة على الصديق الصور سببها حربه على الفساد

النائب العام الليبي الصديقي الصور في مؤتمر صحافي سابق (أ ف ب)

بدأت بعض الشخصيات السياسية الليبية في غرب البلاد محاولة إسقاط النائب العام الصديق الصور، "في أرضه وملعبه" أي في ساحات المحاكم، وذلك عبر رفع جملة قضايا تشكك في شرعية تعيينه في منصبه، على رغم نيل قرار تعيينه الحصانة الدستورية باعتماده من مجلس النواب منذ سنة.

هذه الحملة التي تقودها مجموعة من القيادات المعروفة في غرب ليبيا، على رأسهم رئيس مجلس الدولة السابق عبدالرحمن السويحلي، قوبلت برفض شديد من المؤسسات القضائية والنيابية والمنظمات الحقوقية التي رأت فيه "ثورة" من "القطط السمان" (مصطلح سياسي يصف الطبقة الغنية والمترفة والجشعة في المجتمع) ضد جهود مكافحة الفساد الذي ينخر مؤسسات الدولة.

إجراء غير دستوري

المعركة القانونية بين النائب العام وخصومه أججها السويحلي وعدد من أعضاء مجلس الدولة، حين تقدموا قبل أيام بطعن أمام المحكمة العليا ضد القرار الصادر عن مجلس النواب في عام 2021 في شأن تكليف المستشار الصديق الصور نائباً عاماً، معتبرين أنه "غير دستوري".

وتزامنت خطوة الطعن بشرعية هذا التعيين مع حملة شرسة شنها ناشطون وشخصيات بارزة في طرابلس ضد الصديق الصور، مدافعين بشراسة عن خطوة السويحلي ورفاقه.

وأطلق الصور في الأعوام الأخيرة حملة غير مسبوقة ضد الفساد السياسي والمالي في ليبيا كشفت عن قضايا ضخمة هزت المجتمع الليبي، وأدى بعضها إلى سجن وزراء في حكومة عبدالحميد الدبيبة لاتهامهم بالمسؤولية عن ارتكاب تجاوزات مالية في وزاراتهم.

دعم للنائب العام

في المقابل، أعرب أعضاء النيابة العامة ووكلاء النائب العام، في عدة مدن ليبية بينها طرابلس ومصراتة، عن دعمهم الصديق الصور، وذلك من خلال تنظيم وقفات احتجاجية ضد القضايا المرفوعة عليه من قبل أربعة أعضاء في مجلس الدولة.

ودعم أعضاء النيابة في طرابلس "الجهود التي يبذلها النائب العام في مكافحة الفساد والتغول على ممتلكات الدولة والمواطنين، وحرصه على تطوير القدرات المهنية لوكلاء النيابة وتوفير الإمكانات التي تسهل لهم أداء عملهم بكفاءة واقتدار". وشجبوا في بيان "الحملات التي تنفذها معاول الهدم وأعداء النجاح، والتي تستند إلى حجج واهية الغرض منها النيل من تلك الجهود التي كشفت فسادهم".

وتقدم نقيب المحامين عبدالرؤوف قنبيج، للدفاع عن النائب العام، "في الطعن المقدم أمام المحكمة العليا من قبل أعضاء مجلس الدولة عبدالرحمن السويحلي ونعيمة الحامي ومصطفى التريكي وحسن الأحيول، بدستورية انتخاب مجلس النواب الصديق الصور وتكليفه بمهامه نائباً عاماً".

السويحلي يهاجم الجميع

في المقابل، هاجم عبدالرحمن السويحلي أعضاء النيابة العامة، بعد تنظيمهم احتجاجاً في مدينتي طرابلس ومصراتة ضد الطعن بقرار البرلمان تعيين الصور.

وقال السويحلي في حسابه على "تويتر" إن "أعضاء النيابة المنوط بهم الدفاع عن حقوق الناس وعدم السماح بتجاوز التشريعات يحتجون على حق الناس في الاعتراض والطعن في قرارات مخالفة للدستور".

واستنكر المستشار السياسي السابق لمجلس الدولة صلاح البكوش احتجاج أعضاء النيابة ضد السويحلي. وقال البكوش "احتج أعضاء النيابة على لجوء عبدالرحمن السويحلي وآخرين إلى القضاء للطعن في دستورية تعيين النائب العام، وفي كل دول العالم يحتج القضاة وأعضاء النيابة والمحامون على تغول السلطة التنفيذية، أما في ‎ليبيا فيحتجون على حق مواطنين في الوصول إلى العدالة واللجوء للقضاء".

طعن مستغرب

في المقابل، أبدى عضو مجلس الدولة سعد بن شرادة استغرابه من طعن زملائه في المجلس بشرعية تعيين الصديق الصور. ورأى أن "المناصب القيادية في المحكمة العليا والنائب العام هي المناصب الوحيدة التي جرى الاتفاق عليها بين مجلسي الدولة والنواب".

ووصف بن شرادة منصب النائب العام ورئيس المحكمة العليا بأنها "أكثر المناصب شرعية في ليبيا"، نافياً أن "يكون لديه علم بالدوافع التي جعلت بعض زملائه في المجلس يقدمون طعناً في شرعية النائب العام". وأضاف "في رأيي الشخصي هذا الطعن لن يتقدم خطوة واحدة، ومجلس الدولة يرى أن هذا الطعن غير دستوري، والقضاء هو من له حق الفصل في ذلك".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


استياء حقوقي

من جانبها، أعلنت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، في بيان، التضامن مع مكتب النائب العام الصديق الصور. واستنكرت اللجنة "تصاعد حملات الإساءة والتطاول الممنهجة على السلطات القضائية، والتشكيك بشرعية رؤساء هياكلها والتدخل في شؤونها في المحافل والمناسبات، والتي تستهدف الزج بها في دائرة الصراع السياسي، وهو أمر مستهجن ومرفوض، والتي كان آخرها الطعن بالنقض المرفوع من قبل عبدالرحمن السويحلي وعدد من أعضاء مجلس الدولة، والمتعلق بمشروعية وسلامة إجراءات انتخاب واختيار النائب العام الصديق الصور".

واعتبرت اللجنة أن "التشكيك بشرعية هياكل السلطة القضائية، والتي على رأسها مكتب النائب العام، باعتباره رافداً أساسياً من روافد السلطة القضائية وتحقيق العدالة وإرساء دعائم دولة القانون والمؤسسات، والتدخل في شؤونه، يعد إساءة متعمدة للسلطة القضائية تهدف إلى النيل منها وإعاقة جهودها في ترسيخ سيادة القانون والعدالة، وإنهاء الإفلات من العقاب وحماية الحقوق والحريات ومكافحة الفساد والجريمة والجريمة المنظمة".

لا سبيل للطعن

وأكد عضو مجلس النواب عن مدينة الزاوية علي أبوزريبة، أنه "وفقاً للقانون لا سبيل للطعن في شأن القضاء الإداري". وقال أبوزريبة إن "مواد هذا القانون تنص على أن يكون لذوي الشأن وللنيابة العامة حق الطعن بالنقض في تلك الأحكام خلال ستين يوماً من تاريخ إعلان الحكم".
وتابع قائلاً إن "اختيار المناصب السيادية بما فيها تسمية النائب العام، هو اختصاص أصيل لمجلس النواب الليبي، واليوم يقوم بعض معرقلي العدالة من مافيا الفساد الذين طالتهم يد العدالة أو هددت فسادهم بالزوال بمحاولة الطعن بقرار البرلمان المشار إليه بتسمية النائب العام".

قضاء مسيس

أما وزير الثقافة الليبي الأسبق الحبيب الأمين، فهاجم القضاء متهماً إياه بأنه "مسيس وموال للنظام السابق". وشن الحبيب هجوماً على القضاء. وقال "يهتف قضاة لقضاة آخرين ويخرجون في تظاهرات لم نرها حين عطلت القوانين ودنست المحاكم وانتهكت الحرمات وحقوق الإنسان وارتكبت جرائم الحروب وفتحت مقابرها وأقفلت الأفواه عنها". وأضاف الحبيب "إذا كان ما زال هناك من رجال قانون وعدل وحقوق فليقولوا كلمة الحق، فهم من أقسموا على ذلك وهم تعلموا القوانين ودرسوها وهم عاملون ويعملون بقوانين ملزمة لهم وضمائرهم كذلك، فهل وصلنا بصمتهم إلى درجة ما بعد الدولة الفاشلة والفاشية إلى الفاسدة بكل سلطات الواقع والخيال".

أفضل تعيين بالمناصب العليا

من جهة أخرى، دافع عضو مجلس الدولة، صفوان المسوري، عن قرار مجلسي النواب والدولة الخاص بتعيين النائب العام ورئيس المحكمة العليا، قائلاً إنه "يعد من أفضل ما قام به المجلسان، حيث اتخذا هذين الخيارين بشفافية عالية وبالإجماع".

ورفض المسوري "التشكيك المفاجئ والمتأخر بزملائه في ما يتعلق بسلامة الإجراءات من دون وجود مبررات منطقية"، وعبر عن تخوفه من أن "يكون من تصدروا المشهد في هذه المعركة يخوضون بوعي أو من دونه معركة نيابة عن آخرين تستهدف جهود مقاومة الفساد".

المزيد من العالم العربي