Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف مهدت كتابات إباحية الطريق للمدونات الصوتية؟

حين قرر جيمي مورتون أن قراءة المواد الجنسية المحرجة التي كتبها والده على مسامع الناس ستكون فكرة جيدة لمدونة صوتية، لم يكن يعلم إطلاقاً أنها ستتحول إلى ظاهرة عالمية.

من اليسار إلى اليمين: جيمي مورتون وأليس ليفين وجيمس كوبر يصورون جزءاً خاصاً من "والدي كتب شيئاً إباحياً" على قناة HBO (إتش بي أو)

ما من أحد شعر بالحيرة من نجاح المدونة الصوتية "والدي كتب شيئاً إباحياً" My Dad Wrote a Porno أكثر من الأشخاص الذين كانوا وراءها. منذ بثها للمرة الأولى عام 2015، بدا ما كان يفعله مقدموها، جيمي مورتون وجيمس كوبر وأليس ليفين، عملاً مستحيلاً: تحويل مسودة فكاهية ذات موضوع يناسب الكبار فقط إلى واحدة من أشهر المدونات الصوتية في العالم. شقوا طريقاً جديداً للنجاح في مجال البث الصوتي، مسلحين فقط بكتاب حول البذاءة المحيرة، كتبه مؤلف بعيد كل البعد من امتلاك ناصية اللغة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يقول كوبر إن فرحة حشود المستمعين جاءت من "رؤية ارتقاء هذه الفكرة السخيفة، هذه المزحة الفكاهية عملياً، بمرور الوقت... أولاً، صدر الكتاب، ثم قمنا ببعض الجولات في المملكة المتحدة تحولت بعدها إلى جولة عالمية. ثم أذعنا أضخم مدونة صوتية على الإطلاق، وبعدها قدمنا حلقة خاصة على شبكة "أتش بي أو" HBO فراح الجميع يتساءلون "كيف تحولت تلك الفكرة إلى هذا الشيء""؟. خلال لقائنا عبر تطبيق "زوم" Zoom، بدا الثلاثة محتارين حقاً. تقول ليفين: "يحب الناس القصص التي تبدو فرص نجاحها ضئيلة، أليس كذلك؟... ربما هذا هو السبب؟".

عند استعراض المدونات الصوتية، لن تجد واحدة تحمل عنواناً لافتاً أكثر أو قادرة على إثارة الأحاديث أكثر من "والدي كتب شيئاً إباحياً". تشرح الفكرة نفسها بوضوح: بدأ والد مورتون في كتابة الأدب الماجن (مستخدماً اسماً مستعاراً هو روكي فلينستون) حول امرأة مثيرة تدعى بليندا بلومنتال تعمل في بيع أواني الطبخ. يقرأ مورتون للمستمعين تخيلات والده، فصلاً تلو الآخر، بينما يقوم كوبر وليفين بتحليل كل جملة بشكل دقيق. من بين الأمثلة على أشهر العبارات في كتاب روكي تلك التي يقارن فيها بين حلمتي بليندا بـ "مسامير بطول ثلاث بوصات استخدمت لتجميع هيكل سفينة تايتانيك ذات المصير المقدر". هذه هي المادة التي يتعاملون معها.

بعد مرور سبع سنوات، وقراءة 82 فصلاً، وتقديم ست حلقات خاصة بمناسبة أعياد الميلاد وعديد من الحلقات الإضافية لاحقاً، تصل المدونة إلى نهايتها أخيراً (على رغم أن فريق العمل يلمح إلى أنها قد تستمر في شكل آخر). انتهى العرض بطريقة مميزة من خلال قراءة فصل أخير ملحمي غريب مكون من جزءين، ولمزيد من الإثارة أذيعت يوم الاثنين مقابلة مع الأب الغامض شخصياً.

التعليق المرافق لكل من كوبر وليفين هو العنصر الذي يرفع سوية المدونة، لكن الكوميديا تنبثق من سلسلة الكتب التي ألفها روكي وتحمل عنوان "غمزة بليندا" Belinda Blinke. هذه القصص المكونة من شق إباحي تقشعر له الأبدان وشق على هيئة دليل يعرفنا بعمل بليندا التجاري، تتطرق إلى التجسس والفروسية والكثير جداً من المعاشرة الجنسية. دعوني أكن واضحة، هذا ليس عملاً جميلاً عن الجنس، لو كانت هناك جائزة أدبية للكتب الماجنة لحصل الكتاب على جائزة الجنس السيئ الأدبية. إنها مدونة صوتية تجعلك تقهقه بصوت عال حتى لو كنت في مكان عام، أو كما زعم عديد من المستمعين، تتورط في تصادم سيارات بسبب الضحك الهستيري. مع مثل هذا الرصيد الضخم، كانت شهرة البرنامج تتصاعد مع ازدياد عدد متابعيه واستماعهم إلى حلقاته مرة تلو الأخرى. أخبرني مورتون أن المدونة ما زالت تستقطب 10 آلاف مستمع جديد كل يوم.

التقى مورتون وكوبر وليفين في الجامعة ولدى جميعهم تجربة مع الإنتاج التلفزيوني والإذاعي. يؤكدون أن المدونة هي "أفضل فكرة راودتنا نحن الثلاثة حتى الآن" ويقولون إنهم عرفوا على الفور أنها قادرة على الصمود. لكن معناها لم يكن واضحاً في عام 2015.  لم تكن المدونات الصوتية بنفس الانتشار الذي هي عليه الآن حيث يتوافر أكثر من مليون عرض مختلف على منصة "آبل بودكاست". باستثناء مدونة المسلسل الجريمة الحقيقية التي حققت نجاحاً كاسحاً، لم يقتحم سوى عدد قليل جداً من العناوين التيار السائد في ذلك الوقت، وبالنسبة لكثير من الناس كانت "والدي كتب شيئاً إباحياً" أول مدونة صوتية يستمعون إليها على الإطلاق. تقول ليفين ضاحكة: "أعني، سواء كان ذلك أمراً جيداً أم سيئاً، لقد عرفنا الناس على المدونات الصوتية".

لم تخطر ببالهم فكرة أن بإمكانهم اتخاذ التدوين الصوتي مهنة لهم، حيث كانوا يشتغلون بوظائف بدوام كامل ويقدمون البرنامج في المساء. يتساءل كوبر: "عندما أعود بالذاكرة إلى الوراء لا أعرف تماماً كيف قمنا به بالفعل"، فيجيبه كوبر: "كنا شباباً يا جيمس، كنا شباباً"، يرسم كوبر بسمة ساخرة ويقول: "نعم، وحمقى".

في الوقت الحاضر، يعد التدوين الصوتي شكلاً فنياً مثيراً ومربحاً - فلا عجب أن كل المشاهير من باريس هيلتون إلى ميغان ماركل يقدمون برنامجاً خاصاً بهم، لكن في عام 2015 لم تكن العلامات التجارية القليلة التي ترعى هذه البرامج مهتمة جداً بربط اسمها بمحتوى إباحي. لكن سرعان ما اتضح أن هناك مجالاً أمام "والدي كتب شيئاً إباحياً" ليتجاوز كونه برنامجاً إذاعياً عادياً. بشكل غير متوقع، طُلب من الثلاثي أداء أول عرض مباشر لهم على الإطلاق في دار الأوبرا بسيدني، قبل أن يبدأوا حتى في التخطيط لجولة.

 

في حين أن مدونات عدة غادرت منصاتها، ووقعت على صفقات ضخمة تجعل الاستماع إلى محتوياتها السابقة واللاحقة حصرياً على منصات معينة (مثل مدونتي "تجربة جو روغان"The Joe Rogan Experience و"نادها باسم أبي" Call Her Daddy)، تمكنت "والدي كتب شيئاً إباحياً" من الصمود. يقول مورتون: "بالتأكيد قُدمت لنا عروض كتلك... [لكن] مدونتنا كانت محلية بشدة وكوّنا جمهورنا بطريقة طبيعية جداً... نريد أن تبقى مدونتنا نحن وأن تظل متوافرة بالمجان للمستمعين على أكبر عدد ممكن من المنصات الأساسية". يوافق كوبر على ذلك، مضيفاً: "لو دخل الاستثمار في الموسم الرابع مثلاً وقررنا إزالتها من المنصات المجانية، لكان ذلك بمثابة خيانة للجمهور".

هكذا وبينما ظل العرض مجانياً، توسع ليصل إلى مجالات جديدة. عملت ليفين مذيعة في قناة "راديو 1" لسنوات وشعرت أن البرامج الإذاعية كانت "سريعة الزوال" إلى حد ما. بدت هذه الإنجازات التي شملت حلقة تلفزيونية خاصة والتسويق والجولات (قدم الثلاثي عرضهم لخمس ليال على التوالي في مسرح بالاديوم بلندن في شهر مايو/أيار) أكثر واقعية، والفكرة بأنها "قابلة للاستمرار إلى الأبد، بطريقة ما... [الآن] نحن في الواقع نحضر كتاباً سيتوافر في المكتبات وستوجد نسخة منه في "المكتبة البريطانية" British Library. نوعاً ما، من الناحية القانونية، ليس بإمكانها رفض احتواء هذا الكتاب".

في البدايات، كانت هناك مناقشات حول تحويل المدونة إلى برنامج تلفزيوني (وصف بأنه معالجة مباشرة للمدونة مرفقة بفيديوهات)، لكنهم انسحبوا من المشروع لأنه "لم يكن مناسباً تماماً". بحلول الوقت الذي قدمت "أتش بي أو" عرضها للفريق كانت ماهية الفكرة والشكل الذي يود أعضاؤه أن تأخذه متبلوريَن أكثر: أرادوها على شكل جلسة قراءة لحلقة خاصة لا تمكن إذاعتها في المدونة نفسها. لما كان للأمر أن يسير بشكل أفضل ليكون إثباتاً على حضورهم في المشهد الكوميدي أيضاً. يقول مورتون مقهقهاً: "كان برنامجنا يبث بعد حلقات الموسم الأخير من مسلسل "صراع العروش" Game of Thrones، وكنا نقول لأنفسنا "ما هذا بحق الجحيم؟... إنه أحد الأشياء الغريبة التي يبدو أنها لم تحدث، بطريقة سريالية حقاً، ببساطة لأنها كانت جنونية".

لكن التوسع الهائل للمدونة ترافق بقلق من أنها قد تفقد بريقها. ألف روكي أول أربعة كتب من سلسلة "غمزة بليندا" قبل إطلاق "والدي كتب شيئاً إباحياً". وعندما نفدت المادة الجاهزة التي كان العرض يعتمد عليها بحلول الموسم الخامس، هل كانت الكتابة ستبدو أقل طبيعية ومصطنعة أكثر؟ تقول ليفين إنهم توقعوا "استحضار تعليقاتهم بشكل صارخ" في الأجزاء الجديدة، لكن روكي ظل جاهلاً. تقول: "ما يجعل العرض مضحكاً للغاية هو أنه ظل غافلاً عما هو مضحك فعلياً في هذه الكتب" يعقب مورتون: "نعم، إنه لا يفهم حقاً ما الذي يجعل العرض ناجحاً على الإطلاق، وهذا أمر رائع... يعتقد أنه على دراية لكنه ليس كذلك". لا يزال روكي لغزاً نوعاً ما، لكن مقدمي البرنامج يأملون في أن تسمح الحلقة التي تتضمن مقابلة معه للمستمعين أن يسمعوا أخيراً نسخته من القصة. يقول مورتون: "أجد الأمر عاطفياً جداً... لقد كانت رحلة مجنونة بالنسبة لي ولأبي، ثم نجد أنفسنا في نهايتها نجلس متقابلين والميكروفون يفصل بيننا... أحببت الفكرة تماماً".

على كل حال، لم يتغير سحر العرض أو شكله على الإطلاق. قد يكون هذا النقص في التنوع مملاً نوعاً ما، لكنه تماماً ما يضمن عودة المعجبين، ليست الحبكة مترابطة جداً ويمكنك الاستماع إلى الحلقات بترتيب عشوائي. حتى أن كوبر وليفين ومورتون كانوا يقدمون العرض بالطريقة عينها، حيث يجلسون حول طاولة المطبخ في منزل أحدهم ويقوم مورتون بمونتاج كل الحلقات بنفسه. يشعر المتابعون بأنهم جزء من الفريق وسمحوا للمدونة بالتحول إلى تسجيل يوثق صوتياً أهم الأحداث في الحياة (والعالم). خلال وباء كورونا، تلقى الفريق رسالة من شخص كان يستمع إلى الحلقات القديمة أثناء عمله على تطوير لقاح مضاد للفيروس. يقول مورتون: "قلت لنفسي يا إلهي، هذا غريب لكنه مذهل".

 

في السنوات التي تلت بث المدونة للمرة الأولى، كان البرنامج ووسيط المدونات الصوتية ينموان بالتوازي. هذه الصناعة التي كانت ذات يوم حكراً على "الغرب البري" باتت اليوم "تتخطى كل الحدود التي وصلناها على الإطلاق لتتحول إلى نوع جديد بالكامل من الوسائط، وهو أمر مثير" كما يقول كوبر. وتضيف ليفين "والصيت، أليس كذلك؟... عندما بدأنا، كان [يُنظر إلى المدونات على أنها] القريب المسكين للإذاعة. بالنسبة لي ولكوني عملت في البرامج الإذاعية المباشرة على وجه الخصوص لم تكن المدونات تعتبر وسيطاً بحد ذاتها... الآن يختار الناس الاستماع إلى المدونات أولاً ولم تعد الخيار الثاني".

يشجع الإرث الذي خلفته المدونة على التفاؤل بالاعتقاد بأن الفكرة الجيدة بما يكفي ستنجح، حتى من دون مشاركة شخصية مشهورة جداً أو وجود دعم مالي. بالنسبة لكثيرين، ما وصلت إليه هذه المدونة هو معيار ذهبي، لكن الثلاثي يصر على أن المبدعين يجب أن يخوضوا هذه التجربة لأسباب صحيحة وأصلية (مهما بدت هذه العبارة ممجوجة، على حد تعبير ليفين). يقول مورتون: "ما كان لهذه الفكرة أن تتحول إلى عرض بأي شكل غير المدونة الصوتية أو حتى في زمن آخر ربما... كان نجاحاً شبه مستحيل فعلاً".

يمكنكم حالياً الاستماع إلى الحلقة الأخيرة من مدونة "والدي كتب شيئاً إباحياً".

© The Independent

المزيد من تحقيقات ومطولات