Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بريطانيا تواجه أزمة إمدادات غذائية كارثية تهدد أعياد الميلاد

متاجر التجزئة تستنجد بالحكومة لسد عجز 90 ألف سائق مركبات ثقيلة

تعطل الإمدادات الغذائية يجبر المتاجر الكبرى على تقليص التنوع (أ ف ب)

تقاوم الحكومة البريطانية دعوات رؤساء بعض أكبر المتاجر في البلاد لتخفيف قواعد الهجرة سداً للنقص الكبير في سائقي الشاحنات، وسط تحذيرات من نقص المنتجات في أعياد الميلاد.

وحذر ريتشارد ووكر العضو المنتدب لأيسلندا وجون ألان رئيس مجلس إدارة سلسلة سوبر ماركت الأغذية "تيسكو"، من أن الوقت "بدأ ينفد" لحل المشكلة.

ويواجه تجار التجزئة وسلاسل المطاعم نقصاً بسبب الصعوبات التي يعانيها السائقون والعمال في شركات تعبئة اللحوم والألبان والشركات المصنعة الأخرى.

من جانبه، حث اتحاد التجزئة البريطاني الذي يمثل كبار تجار التجزئة كواسي كوارتنغ وزير الأعمال على المساعدة في تغطية عجز 90 ألف سائق مركبات بضائع ثقيلة، من خلال توفير تأشيرات مؤقتة لسائقي الاتحاد الأوروبي.

ومع ذلك قال مصدر في الحكومة البريطانية لـ "ذا صنداي تايمز" إن تجار التجزئة بحاجة إلى تقديم أجور أعلى للسائقين، والاستثمار في تدريب عاملات المنازل بدلاً من الاستمرار في الاعتماد على العمالة الرخيصة من الخارج.

وقال المصدر "إن تجار التجزئة يعرفون ما هو الجواب، إنه مكلف للغاية". وأضاف، "هناك ملايين العاطلين من العمل و90 ألف وظيفة شاغرة، إنهم بحاجة إلى دفع المزيد وتسريع التدريب، والحكومة لن تتزحزح عن موقفها".

وذكر ووكر أنه جرى إلغاء بعض عمليات التسليم إلى متاجر أيسلندا، وحث الحكومة على إدراج سائقي الشاحنات في قائمة الحكومة للعمال الأساسيين والمهرة، الأمر الذي سيسمح لمن يقيمون في الخارج بالتقدم للحصول على "تأشيرة عامل ماهر".

وأضاف، "القلق الحقيقي هو أن الوقت ينفد بسرعة مع اقترابنا من فترة أعياد الميلاد المزدحمة للغاية، التي تعد خلالها سلسلة التوريد القوية أمراً حيوياً للجميع".

شح النقانق

وأخبر جون آلان قناة "بي بي سي 4" الإذاعية أن تيسكو واجهت تأخيرات في بناء مخزون أعياد الميلاد نتيجة لنقص السائقين، وقال "لدينا نقص كبير في السائقين في الوقت الحالي ونعمل بجد لمجرد مواكبة الطلب الحالي، وليس هناك قدرة على بناء المخزونات التي نرغب في رؤيتها، لذلك أعتقد أنه قد يكون هناك بعض النقص في مخزون عيد الميلاد".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقالت رابطة مصنعي اللحوم البريطانية إن النقانق وعجينة الكرواسون وغيرها من المنتجات التي يصعب إنتاجها من المرجح أن يكون هناك "نقص في المعروض منها في عيد الميلاد هذا العام".

وبدأ تجار التجزئة بما في ذلك تيسكو وآسدا ووماركس آند سبنسر، بالفعل في تقديم مكافآت بقيمة 1000 جنيه استرليني (1300 دولار أميركي) لسائقي شاحنات البضائع الكبيرة الجُدد، وغادر نحو 14000 سائق أوروبي خلال الوباء ولم يعودوا بعد، وارتفع الطلب على السائقين وسط تحول في الإنفاق الاستهلاكي من الخدمات إلى السلع.

"غريغز" للفطائر تتعثر

وتتعرض متاجر غريغز للفطائر الإنجليزية الشهيرة، أحدث سلسلة غذائية للوجبات الجاهزة، إلى ضربة بسبب "الانقطاعات المؤقتة في الإمداد لبعض المكونات التي تؤدي أحياناً إلى عدم قدرة المتاجر على الحفاظ على التوافر الكامل في جميع الخطوط".

في حين قالت مصادر في صناعة الحانات إنهم كانوا يضغطون على الحكومة منذ يونيو (حزيران) لإضافة ناقلات إلى قائمة النقص المهني، وكانوا محبطين لعدم وجود استجابة.

ويتعين على بعض تجار التجزئة غير المتخصصين في المواد الغذائية تقليل نطاقات منتجاتهم للتعامل مع ضغوط سلسلة التوريد، إذ قررت متاجر إيكيا "تقليل حجم نطاقها بنحو 10 في المئة استجابة لكورونا ونقص العمالة، مما أثر في النقل والمواد الخام والمصادر، ويواجه بائع الأثاث بالتجزئة طلباً أعلى من العملاء، إذ يختار مزيد من الأشخاص قضاء بعض الوقت في المنزل.

"ماكدونالدز" توقف بيع مخفوق الحليب

وانضمت شركة سبواي وويثرسبون إلى ماكدونالدز في معاناتهما من إمدادات الغذاء إلى المتاجر، إذ تسبب نقص سائقي الشاحنات في استمرار التعطيل. وقالت شركة الألبان العملاقة "آرلا" إنه طُلب منها التوقف عن إرسال مزيج اللبن المخفوق إلى ماكدونالدز بعد مشكلات سلسلة التوريد التي ألقي باللوم فيها على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ووباء كورونا. وأزالت ماكدونالدز اللبن المخفوق من قائمتها في 1250 منفذاً في إنجلترا واسكتلندا وويلز. وقالت شركة "صب واي" إنها تعاني "نقصاً طفيفاً في سلسلة التوريد"، لكن تعطل العملاء "كان ضئيلاً".وقال الرئيس التنفيذي للمجموعة التعاونية "كو أوب" ستيف موريلز، إنها تقلل من بعض النطاقات حيث تأثرت قدرة الصناعة على إيصال الطعام إلى المتاجر بقواعد الهجرة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وفيروس كورونا. وأضاف مويلز، "النقص في مستوى أسوأ من أي وقت مضى".

   إغلاق المطاعم

وذكرت وكالات أنباء أن سلسلة مطاعم "ناندوز" اضطرت الأسبوع الماضي إلى إغلاق نحو 50 مطعماً، بسبب نقص إمدادات الدجاج، وتؤثر المشكلة أيضاً في مطاعم "نوفيكوف" الراقية التي تفتقر إلى لحوم البقر الياباني واغيو. وفي القطاع الصناعي، أوقفت مصانع السيارات عمليات الإنتاج بسبب نقص المكونات الإلكترونية، ما أدى إلى انخفاض مبيعات السيارات في يوليو (تموز) الماضي 30 في المئة تقريباً، فيما هبط الإنتاج إلى أدنى مستوياته منذ الخمسينيات. كذلك، أثّرت أزمة الإمدادات في الشركات الصغيرة والمتوسطة، خصوصاً في مجال البناء، إذ يفتقر بعضها إلى المواد، إضافة إلى نقص العمال.وأفاد اتحاد الصناعة البريطاني "سي بي آي" بأن مخزونات الموزعين "بلغت مستويات منخفضة قياسية منذ قرابة 40 عاماً".

تضرر الإمدادات

وتضرب مشكلات الإمداد المستمرة منذ أشهر الشركات البريطانية وأصبحت تهدد بالتأثير في الانتعاش الاقتصادي. وتفاقمت الأزمة بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذي دخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي، ما يصعّب دخول عمال من الاتحاد الأوروبي إلى المملكة المتحدة. ويشكّل هؤلاء الجزء الأكبر من القوى العاملة في شركات الخدمات اللوجستية، إذ يتجنّب البريطانيون هذه المهن، التي تتّسم بساعات عمل طويلة مقابل أجور غير مغرية.وتسبب وباء كورونا، الذي أثّر لأشهر في نشاط مجالات التوزيع والخدمات اللوجستية والنقل والمطاعم، من بين أمور أخرى، في زيادة هجرة العمال الأجانب، فيما سعى موظفون أجبروا على البطالة القسرية أو فُصلوا من العمل، إلى الحصول على فرص في أماكن أخرى.وأشار جوناثان بورتيس، الأستاذ في كينغز كوليدج لندن، إلى أن هذه الاضطرابات المرتبطة بفيروس كورونا لوحظت "في كل أنحاء أوروبا"، لكن في المملكة المتحدة "ازداد الوضع سوءاً بسبب تأثير بريكست"، لأن عدداً كبيراً من العمال الوافدين من الاتحاد الأوروبي "لم يعودوا إلى بريطانيا، وربما لا يرغبون بالعودة. كما من الممكن أن يؤثّر نظام الهجرة بعد بريكست في أساليب التوظيف للشركات". وحذّر الاتحاد البريطاني للتوزيع "بي آر سي" أن الوضع "قد يزداد سوءاً" اعتباراً من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، عندما تدخل حيز التنفيذ قواعد جديدة على استيراد المنتجات الحيوانية من المملكة المتحدة.

وقال جوناثان أوينز، متخصص اللوجستيات من جامعة سالفورد، "إمدادات عيد الميلاد في طريقها إلى المملكة المتحدة، وعدد من الشركات تكافح لحجز أماكن على السفن، خصوصاً تلك الآتية من الصين، التي ما زالت المصدر الرئيس للبضائع المصنعة".وتحاول الشركات التكيف. ولا تتردد سلسلة "تيسكو" لمتاجر السوبرماركت وعملاق التجارة الإلكترونية "أمازون" في إعطاء وعود بمكافآت توظيف في المملكة المتحدة، من أجل جذب سائقين أو أصحاب متاجر يحتاجون إليهم لخدمة زبائنهم.وتدرس صناعات اللحوم إقامة شراكات مع سجون لجعل بعض السجناء يعملون بهدف إعادة دمجهم.ويضغط ممثلو القطاع وأرباب العمل بشكل متزايد على الحكومة لتعديل قواعد الهجرة بعد "بريكست"، بحيث يمكن لسائقي الشاحنات الأجانب، خصوصاً الآتين من دول في أوروبا الشرقية، السفر بسهولة إلى المملكة المتحدة.

تسهيلات الهجرة

ويطالب البعض بأن يكونوا قادرين على الاستفادة من تسهيلات الهجرة الممنوحة للعمال المؤهلين. وأوضح ريتشارد ووكر، رئيس مجموعة "أيسلند" أن سائقي الشاحنات "يجب استبدالهم بسائقين بريطانيين، لكن الأمر سيستغرق وقتاً لتدريبهم. وقبل ذلك، لدينا الكثير من المنتجات المخصصة لعيد الميلاد التي يجب شحنها".

ثقة حكومية والشح يخلق ترشيداً

وقال متحدث الحكومة البريطانية للصحيفة، "لدينا سلسلة إمداد غذائية عالية المرونة، ولدينا طرق راسخة للعمل مع قطاع الأغذية، ونعمل معهم لضمان حصول الشركات على العمالة التي تحتاجها". وأضاف، "وضعنا مجموعة من الإجراءات لمعالجة النقص في سائقي الشاحنات الثقيلة، وإضافة إلى ذلك تساعد خطتنا للوظائف الأشخاص في جميع أنحاء البلاد على إعادة التدريب وبناء مهارات جديدة والعودة إلى العمل، وكجزء من هذا نعمل على تبسيط العملية حتى يحصل الأشخاص على ترخيص قيادة الشاحنات الكبيرة". من جانبه، قال نائب رئيس الاتحاد الوطني للمزارعين توم برادشو إن تعطل الإمدادات الغذائية "يجبر المتاجر الكبرى على تقليص التنوع، فبدلاً من الرفوف العارية نرى محال السوبر ماركت ترشد خطوطها، وبدلاً من ثلاثة أصناف مختلفة للفراولة هناك واحد فقط". وأضاف، "تجهيز اللحوم والدواجن تضرر بنقص الجزارين، فكثيرون غادروا المملكة المتحدة أو اختاروا أن يكونوا سائقي توصيل بدلاً من ذلك بعد زيادة التسوق عبر الإنترنت في ظل الوباء".

اقرأ المزيد