Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"العوم في عز البرد" طريقة سكان غزة للتخلص من التوتر

ينصح بها الأطباء كـ"رياضة علاجية" لآلام المفاصل وتسهم في علاج الاكتئاب وتنشط الدورة الدموية وتقوي جهاز المناعة

تعد ممارسة السباحة في الشتاء رياضة جديدة في غزة (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)

"السباحة في الشتاء صحية وآمنة للجسم على رغم البرودة التي تجعل ممارستها صعبة، إلا أن هذه الرياضة تعد طريقة علاجية"، تغريدة كتبها الطبيب عدنان البرش الاستشاري في جراحة العظام والمفاصل، جعلت كل من يقرأها يشعر بالقشعريرة لمجرد تذكر الماء البارد في فصل الشتاء الذي يبحث فيه الجميع عن أية وسيلة تدفئة.

هذه الدعوة المباشرة للنزول إلى البحر في فصل الشتاء وعند ساعات الصباح الأولى، انتشرت بين سكان غزة، بخاصة لدى كبار السن، بعد أن استخدمها الأطباء وصفة علاجية لمن يعانون آلاماً في العظام والمفاصل، ولمرضى القلب والدورة الدموية، واعتبارها علاجاً فعالاً للأشخاص المصابين بالتهابات الأعصاب أو ضعفها.


تمارين رياضية

عند السادسة صباحاً يبدأ عشرات الأشخاص في التجمع عند ميناء غزة، استعداداً للسباحة في المياه الباردة، وما أن يكتمل عدد الفريق يبدأ المدرب ماهر مرزوق في تجهيزهم للنزول إلى البحر وممارسة نشاطهم الذي بات هواية لا مفر منها.

يبدأ ماهر مع فريقه في أنشطة إحماء الجسم، إذ يجعلهم يمارسون تمارين رياضية متنوعة من بينها اليوغا والركض الخفيف، وبعدها يسمح لهم بالنزول إلى الشاطئ. يقول "لم يكن هناك إقبال على السباحة في الشتاء، لكن مع مرور الوقت تغير الأمر وأصبح الناس على دراية بالفوائد الصحية التي سيكسبونها من الماء البارد المالح".

تعد السباحة في فصل الشتاء من الرياضات الجديدة في غزة، إذ بدأت تجد لها مكاناً عام 2018، وكانت تمارس بشكل فردي من الهواة، إلا أنها باتت رياضة علاجية وتشهد إقبالاً متزايداً عليها، وأصبح هناك مجموعات على طول ساحل بحر قطاع غزة من شماله إلى جنوبه تمارسها.

يوضح ماهر أن السباحة شتاء باتت أكثر تنظيماً في غزة، وأن هناك ما يزيد على 30 فرقة تمارس هذه الرياضة في جميع محافظات غزة الخمس، ولكل واحدة منهم مدرب معتمد ويملك خبرة وشهادة في الإنقاذ البحري، فيما يراوح أعضاء المجموعة ما بين 25 إلى 50 شخصاً.

ويشير ماهر إلى أن السباحة في الشتاء لا تجري بشكل يومي، إذ يتم فحص درجات حرارة الطقس وارتفاع الموج وتحديد إذا كان هناك دوامات بحرية، وبعدها تتم دراسة المواقع المناسبة للإبحار والسباحة وإبلاغ المشاركين في الأمر.

10 دقائق

ويلفت ماهر إلى أنه يمنع نزول أي شخص للبحر من دون مدرب، ودائماً ينصح المشاركون بعدم البقاء في المياه لمدة تزيد على 10 دقائق حتى لا تنخفض درجة حرارة الجسم، ولتفادي أية مضاعفات صحية.

في فصل الشتاء تتراوح درجات الحرارة في قطاع غزة بين أربعة إلى 11 درجة مئوية، وتكون في أدنى حالاتها عند ساعات الصباح الأولى وعادة ما يتشكل خلالها الصقيع، لكن على رغم هذه البرودة ينزل عدد كبير من كبار السن إلى مياه البحر لممارسة السباحة.

من بين هؤلاء، رامي الذي تجاوز عمره الـ60. يقول إن السباحة في الشتاء لها متعتها الخاصة وتحولت إلى نشاط روتيني بالتحديد عند كبار السن الذين يفتقرون إلى الأماكن الخاصة للاستجمام والترفيه وإشغال وقتهم، لهذا كانت الفكرة جميلة ومشجعة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كلما اشتدت البرودة كانت السباحة بالنسبة إلى رامي أفضل، يوضح أن المياه تكون باردة جداً للوهلة الأولى، إلا أن الجسم يعتاد تدريجاً ولا يعود يشعر بالبرد، ومباشرة يزول التعب ويتجدد النشاط ويشعر أن لديه طاقة أكبر، مشيراً إلى أنه في إحدى المرات أصيب بنزلة برد، لكنه شعر بتحسن كبير مباشرة بعد السباحة.

يؤكد رامي أنهم لا يخاطرون في الشتاء أثناء السباحة، إذ يمتنعون عنها إذا كانت الرياح قوية أو البحر هائجاً، لأن ذلك يشكل مجازفة، مضيفاً أن أجسادهم اعتادت السباحة شتاء، لكنهم لا يجازفون بالنزول مباشرة في المياه بل يضعون المياه الباردة على أجسامهم تدريجاً قبل السباحة.

غالباً ما ينزل أطباء من غزة لممارسة السباحة شتاء كنوع من التشجيع على ممارسة هذه الرياضة، ومن أجل الإشراف على المرضى وكبار السن الذين يمارسونها بهدف العلاج، وهذه الرياضة ليست مقتصرة عليهم، بل أيضاً يشاركهم الأمر فئات عمرية مختلفة، فالمجال مفتوح للجميع.

غايات علاجية

يقول استشاري جراحة العظام والمفاصل عدنان البرش إن فاقد الشيء لا يعطيه، ولذلك فإنه يمارس هذه الرياضة وينصح مرضاه دوماً بممارستها، ويشرف عليهم في البحر ويتابع حالهم الصحية وتطورها.

ويضيف "مياه البحر عموماً مفيدة للمفاصل وتخفف من الالتهابات، وكلما كانت المياه باردة، تكون أفضل للمفاصل الملتهبة، لكن ذلك مشروط بضرورة الاستماع إلى تعليمات المدرب الميداني الذي يحدد مدة السباحة وطريقتها".

والأمر غير مقتصر على مصابي هشاشة العظام والمفاصل، بل أيضاً تعد السباحة شتاء مفيدة للدورة الدموية. يقول استشاري أمراض القلب والأوعية الدموية منتصر إسماعيل "قبل بدء السباحة خلال فصل الشتاء يجب إجراء فحوص للتأكد من سلامة القلب بشكل كامل، حتى لا يحدث شيء مفاجئ خلال السباحة يعرض القلب للخطر".

ويضيف "عموماً السباحة في الشتاء تنشط الدورة الدموية وتضفي النشاط واللياقة، إضافة إلى أنها تخلص الجسم من الطاقة السلبية كما أنها تقوي جهاز المناعة، إذ يساعد الماء البارد في زيادة عدد خلايا الدم البيضاء، لأن الجسم يضطر إلى التفاعل مع الظروف المتغيرة بمرور الوقت، ويصبح الجسم أفضل في تنشيط دفاعاته، إضافة إلى أن السباحة في الماء البارد تغسل الأوردة والشرايين والشعيرات الدموية كما أنها تؤدي إلى حرق مزيد من السعرات الحرارية".

ويشير إلى أن السباحة شتاء تدفع المخ إلى إفراز هرمون الأندروفين الذي يمنح شعوراً بالسعادة والاسترخاء، كما تسهم في علاج الاكتئاب وتجاوز الألم والشعور بالتوتر والقلق وأخيراً تخفف الضغط العصبي.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات