Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ليبيا تفتح الباب أمام عودة الاستثمارات الأجنبية لقطاع الطاقة

يرى مراقبون صعوبة تحقيق تلك الخطوة في ظل غياب الحل السياسي

ترى المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا أن الوضع الأمني بدأ بالتحسن (أ ف ب)

فتحت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط الباب من جديد أمام الشركات العالمية للعودة إلى البلاد والتنقيب على مصادر الطاقة، بعد سنوات على خروجها من ليبيا بسبب الظروف الأمنية المعقدة طوال العقد الأخير.
وجاءت هذه الدعوة بعد أيام من رفع حكومة الوحدة حال "القوة القاهرة" عن كل المواقع النفطية بعد التحسن الملحوظ للأوضاع الأمنية خلال الفترة الماضية، وتوافر الظروف الملائمة للشركات النفطية الأجنبية لاستئناف نشاطها في ليبيا.
ويتوقع باحثون أن تشعل هذه الدعوة المنافسة بين الشركات والدول التي كانت تحظى لعقود طويلة بنصيب الأسد في مجال الطاقة الليبي، مثل فرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة وبريطانيا، وبعض المنافسين الجدد الذين بدأت استثماراتهم النفطية في ليبيا أخيراً، مستفيدين من تحالفات عقدت مع الأطراف القوية سياسياً وعسكرياً خلال السنوات الأخيرة، مثل روسيا وتركيا.

دعوة إلى استثمارات جديدة

ودعت المؤسسة الوطنية للنفط الشركات الأجنبية إلى العودة واستئناف أعمالها في مجالي التنقيب والإنتاج، معللة طلبها بـ "التحسن التدريجي" للوضع الأمني في البلاد. وقالت مؤسسة النفط الليبية في بيان نشرته عبر موقعها على الانترنت، إنها "تدعو الشركات العالمية التي وقعت معها اتفاقات استكشاف وإنتاج النفط والغاز لاستئناف أعمالها في ليبيا".
وبحسب البيان تأتي هذه الدعوة "في ظل مساعي المؤسسة إلى رفع القوة القاهرة بعد متابعة وتقييم موضوعي مبني على تحليل واقعي ومنطقي للوضع الأمني الذي بدأ يتحسن بشكل كبير، وأدى إلى مباشرة أعمال الحفر في مواقع كانت من الصعوبة بمكان العمل فيها في الماضي القريب، والتي يوجد بها الآن عدد كبير من الشركات الخدمية العالمية".
ووصل إنتاج النفط الخام الليبي، بحسب آخر بيانات صادرة عن مؤسسة النفط 1.2 مليون برميل، بينما بلغ إنتاج المكثفات 51 ألف برميل، وتبلغ القدرة الإنتاجية القصوى من الخام الليبي نحو 1.7 مليون برميل يومياً، وهو المعدل الإنتاجي قبل الأزمات التي تعرض لها قطاع النفط الليبي خلال السنوات الماضية.

خطة لزيادة الإنتاج

وربط باحثون في ليبيا بين الدعوة التي وجهتها المؤسسة النفطية للشركات الأجنبية لاستئناف أعمالها في قطاع الطاقة، وبين خطتها التي أعلنتها قبل أشهر على لسان رئيسها فرحات بن قدارة، والتي تسعى من خلالها لرفع معدلات الإنتاج من النفط الخام إلى قرابة 3 ملايين برميل خلال السنوات المقبلة.
وباتت هذه الخطة ضرورة ملحة بعد زيادة الإنفاق الحكومي خلال السنوات الفائتة، وحاجة البلاد إلى مليارات الدولارات لإعادة الإعمار بعد سنوات من الحروب خلفت دماراً كبيراً في معظم مدن البلاد، خصوصاً طرابلس وبنغازي.
وكانت وزارة المالية في حكومة الوحدة في طرابلس برئاسة عبدالحميد الدبيبة، كشفت بداية الأسبوع الحالي في تقرير الإفصاح والشفافية عن عام 2022، أن إجمال الإيرادات العامة التي يأتي جلها من إيرادات النفط بلغ 93.7 مليار دينار (19.5 مليار دولار)، وبلغ الإنفاق العام 88.8 مليار دينار (18.4 مليار دولار)، بفائض يقارب 5 مليارات دينار (مليار دولار).

عودة صعبة

ويرى أستاذ الاقتصاد في جامعة بنغازي علي الفايدي أن "عودة الشركات النفطية الأجنبية في ليبيا لن تكون سريعة، وقد تنتظر حتى تأتي حكومة ليبية متفق على شرعيتها بعد الانتخابات المقبلة حتى تحصل على عقود موثوقة بالنظر إلى عدم اعتراف جهات ليبية كثيرة بحكومة الدبيبة، مثل مجلسي النواب والدولة". وأضاف الفايدي أن "الظروف السياسية ستكون العائق الوحيد في نظري أمام عودة هذه الشركات، أما الجدوى الاقتصادية فهي متوافرة لإغراء هذه الشركات للتنقيب في مواقع جديدة، إذ تحتاج الشركات إلى بيئة من أسعار النفط المرتفعة لتكون مثل هذه المشاريع ذات جدوى بسبب زيادة أخطارها وتدني ربحيتها، مقارنة بالمشاريع المتوافرة للشركات الوطنية، وهذا الشرط متوافر مع ارتفاع أسعار النفط وتوقعات بمعدلات طلب مرتفعة للطاقة خلال السنوات المقبلة".

شروط الاستثمار في النفط الليبي

وخلال السنوات الأولى لاستكشاف النفط في ليبيا وخلال عقود تالية مضت، كانت شركات النفط الأوروبية تتمتع بصفقات درت عليها نصف إنتاجها من النفط المستخرج، وبعد رفع العقوبات الدولية عن ليبيا عام 2004، وبعد استئناف شركات النفط الأميركية العمل في ليبيا، خفّض نظام القذافي حصص الشركات الأجنبية في حقول النفط إلى 12 في المئة، واستمر حصول شركة النفط الوطنية على نصيب الأسد من الإنتاج.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


أهم الشركات النفطية الأجنبية

وترتبط ليبيا بعقود كثيرة وطويلة الأجل مع شركات عالمية نفطية عدة متخصصة في البترول والغاز، لكن من بين كل هذه الشركات تظهر بعض الشركات العالمية الكبرى التي لها حضورها الأبرز وينتظر دخولها في منافسة شرسة مع بعض الشركات التركية والروسية التي حصلت على امتيازات مهمة في قطاع الطاقة الليبي خلال السنوات الأخيرة.
ومن أبرز هذه الشركات "أوكسيدنتال بتروليوم"، وهي شركة أميركية تعمل في مجال التنقيب عن النفط والغاز بدأت أعمالها في ليبيا منذ العام 1965، وواصلت العمل إلى حين فرض العقوبات الأميركية على نظام القذافي عام 1986، ثم عادت إلى النشاط عام 2004 بعد رفع الحصار.

وفي عام 2008 وقعت "أوكسيدنتال بتروليوم" خمسة عقود تنقيب وإنتاج بالمناصفة مع المؤسسة الوطنية الليبية للنفط، كما نجحت في تمديد آجال عقودها في البلاد، وبدءاً من عام 2011 سحبت الشركة كوادرها من البلاد بسبب الحرب وأعمال العنف وغياب الأمن، مما أثر كثيراً في معدلات إنتاج الشركة في ليبيا.
وتملك شركة "إيني" الإيطالية أكبر حصة بين الشركات الأجنبية في مجال النفط والغاز، إذ يبلغ إنتاجها اليومي حوالى 600 ألف برميل نفط مكافئ، أي النفط الخام والغاز الطبيعي والمكثفات الغازية، إضافة إلى إنتاج نحو 450 طناً من عنصر الكبريت يومياً.
كما تدير "إيني" عدداً من الحقول النفطية البرية المنتشرة على الجغرافيا الليبية الشاسعة، وحقولاً بحرية متمثلة في ثلاث منصات بحرية وخزان عائم، وتدير الشركة أيضاً شبكة خطوط أنابيب برية مختلفة الأحجام وممتدة لآلاف الكيلومترات.

ويتم تصدير جزء من الغاز الطبيعي المعالج من "مجمع مليته الصناعي" غرب ليبيا، عبر خط أنابيب بحري يربطه بالساحل الجنوبي لإيطاليا، وهو خط التصدير البحري الأول الذي يربط بين ليبيا وأوروبا.
وتعتبر شركة "توتال" الفرنسية من أكبر الشركات النفطية الموجودة في ليبيا، وتقوم بتشغيل حقل المبروك وحقل الجرف، ويصل متوسط إنتاج الحقلين معاً إلى 60 ألف برميل في اليوم، كما تشارك الشركة في إنتاج بعض الحقول الأخرى مثل حقل الشرارة الأكبر في ليبيا.

وتعمل "توتال" في ليبيا منذ 60 عاماً، وتركز في نشاطها على الاستكشاف والتنقيب عن النفط في الحقول البرية والبحرية، ولديها 87 موظفاً داخل البلاد وفق موقعها الإلكتروني.
كذلك تعد شركة "بريتش بتروليوم" البريطانية من أقدم الشركات التي تستثمر في قطاع الطاقة الليبي منذ بداية الاستكشاف والتصدير في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وهي التي تعتبر ثالث أكبر شركة نفط خاصة في العالم.

ووقعت الشركة اتفاقاً مع المؤسسة الوطنية للنفط عام 2007 للتنقيب واستخراج النفط، تشمل امتيازات للتنقيب عن النفط على مساحة 54 ألف كيلومتر مربع في حوض غدامس على الأرض، وحوض سرت قبالة الساحل الليبي، وبعد العام 2011 إثر الانفلات الأمني في ليبيا الذي أثر في أعمالها، سحبت الشركة طواقمها من البلاد مرات عدة وأوقفت أعمالها.

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز