Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اتفاق جديد يوسع امتيازات تركيا في قطاع النفط الليبي

وقعته حكومة الدبيبة ويرفضه البرلمان ومجلس الدولة وباشاغا والقاهرة وأثينا والاتحاد الأوروبي

أثار الاتفاق مع تركيا استياء كبيراً لدى أطراف كثيرة داخلية وخارجية (أ ف ب)

وقعت حكومة الوحدة في طرابلس وتركيا مذكرة تفاهم جديدة ومفاجئة تشمل منح امتيازات إضافية لأنقرة في قطاع الطاقة الليبي، خصوصاً في مجال التنقيب على الغاز بالمنطقة المتنازع عليها بين دول متوسطية عدة قبالة سواحل ليبيا والدول المتشاطئة معها.

وأثار الاتفاق استياء كبيراً لدى أطراف كثيرة داخلية وخارجية، خصوصاً مجلس النواب وأكثر من نصف أعضاء مجلس الدولة محلياً، ومصر واليونان والاتحاد الأوروبي على المستوى الإقليمي، ومن المتوقع أن تنسف الجسور التي مدتها أنقرة خلال الأشهر الماضية للتقارب مع هذه الأطراف وحل الخلافات المشتركة في شأن الملف الليبي.

ثلاثة مجالات للتعاون

ونص الاتفاق الذي وقع بين حكومة الوحدة والحكومة التركية التي مثلها وزير الخارجية داوود تشاويش أوغلو على التعاون المشترك في مجالات الطاقة والأمن والإعلام، وتضمن منح امتيازات لتركيا للتنقيب على النفط والغاز في مواقع برية وبحرية ليبية، بينها حقول الغاز الضخمة في المناطق المتنازع عليها في المياه الدولية بالبحر الأبيض المتوسط.

وأفاد المتحدث باسم حكومة الوحدة محمد حمودة بأن "مذكرة التفاهم بين الجانبين الليبي والتركي في شأن الطاقة تنص على تعزيز التعاون بين البلدين في الجوانب العملية والفنية والتقنية والقانونية والتجارية في مجال الهيدروكربونات".

وأضاف حمودة في إيجاز صحافي أن "المذكرة تتضمن تعاون الطرفين، بناء على قوانينهما المحلية لتحقيق أهداف المذكرة من طريق تبادل المعلومات والخبرات وعقد المؤتمرات والندوات المشتركة والمعارض وزيادة التعاون بين القطاع العام والخاص، و‏‎تطوير المشاريع المتعلقة بالاستكشاف والإنتاج والنقل والتنقيب والتجارة للنفط والغاز، وفق الإجراءات والقوانين المتبعة في ليبيا".

‏‎وأشار إلى أن "المذكرة نصت على تبادل الخبرات والتدريب وضرورة ضمان المصالح المشتركة والجدوى من عمليات الاستكشاف والتطوير وزيادة الإنتاج للبلدين، وتأسيس شركات مشتركة بين المؤسسة الوطنية للنفط والمؤسسة التركية ودعم الشراكات بين القطاعين العام والخاص".

خدمة للمصلحة المشتركة

من جانبها، قالت وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش في مؤتمر صحافي إن "مذكرة التفاهم تصب في مصلحة البلدين وتسهم في حل الأزمة العالمية بخصوص الطاقة والغاز تحديداً".

وكشفت المنقوش عن "تحضيرات من قبل المجلس الأعلى الليبي - التركي في طرابلس لترسيم الشراكة الليبية – التركية، وأكدت أنها "تحدثت مع نظيرها التركي تشاويش أوغلو حول رؤية الحكومة السياسية للمضي قدماً نحو الانتخابات وفق خريطة طريق مختصرة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابعت، "تفاهمت مع أوغلو على ضرورة التنسيق لحشد التأييد الدولي لهذه الرؤية لضمان تحقيق أهدافها"، ودعت "الأجسام التشريعية إلى إنهاء النقاط الخلافية في القاعدة الدستورية، وفي حال عدم الاتفاق فستلجأ الحكومة إلى حلول بديلة تتمثل في الاستفتاء أو اللجوء للمحكمة الدستورية".

أما وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو فصرح قائلاً، "لقد وقعنا مذكرة تفاهم مع الجانب الليبي في مجالات الهيدروكربونات والتبادل التجاري بين البلدين والتوسع في مجال الطاقة والنفط".

وأضاف الوزير أن "مذكرة التفاهم البحرية مع ليبيا دخلت حيز التنفيذ" مؤكداً أنهم "أبلغوا الأمم المتحدة بها كونها تخص ليبيا وتركيا".

وكشف أوغلو في المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيرته الليبية نجلاء المنقوش عن تفاصيل هذه المذكرة، وأكد أنها "تشمل التنقيب عن النفط والغاز بحراً وبراً عبر شركات ليبية - تركية مشتركة".

رفض المعسكر الشرقي

في المقابل، جاءت معظم ردود الفعل الصادرة عن الأطراف المحلية البارزة، حتى مجلس الدولة، رافضة بنود الاتفاق الجديد بين طرابلس وأنقرة، وحذرت من تداعياتها على الوضع السياسي في ليبيا وعلاقاتها مع دول الجوار.

وقال رئيس مجلس النواب عقيلة صالح إن "أي اتفاق أو معاهدة أو مذكرة تفاهم يتم إبرامها من قبل رئيس حكومة الوحدة عبدالحميد الدبيبة مرفوضة وغير قانونية، لانتهاء ولاية حكومته وانعدام أي إجراء تتخذه منذ انتهاء ولايتها في الـ 24 من ديسمبر (كانون الأول) 2021".

وبحسب المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب عبدالله بليحق فقد أكد رئيس المجلس أن "توقيع أية مذكرة تفاهم أو معاهدة أو اتفاق من قبل الحكومة منتهية الولاية غير ملزمة لدولة ليبيا والشعب الليبي، وأن توقيع الاتفاقات والمعاهدات ومذكرات التفاهم الدولية تتم من خلال رئيس الدولة أو البرلمان، والتعامل مع الحكومة في ليبيا يكون عبر الحكومة الشرعية التي نالت ثقة البرلمان، وهي حكومة فتحي باشاغا".

الحكومة الليبية المكلفة من قبل البرلمان برئاسة فتحي باشاغا عبرت أيضاً في بيان نشرته عبر موقعها الرسمي عن "رفضها الشديد للاتفاق الموقع مع تركيا واستمرار الحكومة المنتهية الولاية في اغتصاب السلطة".

وشدد البيان على عدم قانونية الاتفاق بالرجوع إلى نصوص خريطة الطريق الصادرة عن ملتقى الحوار السياسي الليبي عام 2020، إذ تنص المادة السادسة في الفقرة العاشرة منها على "ألا تنظر السلطة التنفيذية خلال المرحلة التمهيدية في أية اتفاقات أو قرارات جديدة أو سابقة بما يضر باستقرار العلاقات الخارجية للدولة الليبية أو يلقي عليها التزامات طويلة الأمد".

وأكدت حكومة باشاغا أنها "ستبدأ التشاور المباشر مع الشركاء الوطنيين والإقليميين والدوليين للرد بالشكل المناسب على هذه التجاوزات التي تهدد مصلحة الأمن والسلم في ليبيا بشكل خاص والمنطقة بشكل عام، وللحكومة الليبية حق اللجوء إلى القضاء لوقف هذا العبث بمصالح البلاد".

اعتراض مجلس الدولة

وأعلن 73 عضواً بمجلس الدولة في طرابلس، أي نحو ثلثي الأعضاء، رفضهم توقيع حكومة الوحدة الوطنية الموقتة مذكرة تفاهم مع تركيا في المجال النفطي، معتبرين أن "توقيع مثل هذه المذكرات الغامضة البنود والأهداف في مثل هذا التوقيت والظرف السياسي المنقسم يمثل محاولة لفرض سياسة الأمر الواقع".

وعبر الأعضاء في بيان مشترك عن رفضهم ما وصفوه بـ "الانتهازية السياسية من الأشقاء الأتراك"، وحذروا من أن "ذلك قد يضعهم مستقبلاً في مواجهة المصالح الوطنية الكبرى لليبيا وكل المحاولات الوطنية الجادة للتوافق بين الليبيين نحو استعادة الدولة وقرارها الوطني".

استنفار القاهرة وأثينا

وحول ردود الفعل الإقليمية، شدد وزيرا خارجية مصر سامح شكري واليونان نيكوس ديندياس على أن "حكومة الوحدة المنتهية ولايتها في طرابلس لا تملك صلاحية إبرام أية اتفاقات دولية أو مذكرات تفاهم مع أية دولة أخرى".

وتناول الوزيران خلال اتصال هاتفي آخر تطورات العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية، وفي مقدمها مستجدات الملف الليبي، بحسب بيان نشرته الخارجية المصرية عبر صفحتها على موقع "فيسبوك".

ويتوقع محللون أن ينعكس الاتفاق التركي الجديد مع ليبيا على علاقتها بالقاهرة التي شهدت تحسناً ملحوظاً خلال الفترة الأخيرة، وإعادة للعلاقات الدبلوماسية بين الطرفين والبدء في مفاوضات لحسم خلافاتهما التي احتدمت خلال الفترة الأخيرة بسبب السياسات الخارجية لأنقرة، وتدخلها في صراعات إقليمية عدة أبرزها النزاع الليبي.

وأعرب الاتحاد الأوروبي في بيان مقتضب عن "رفضه الاتفاق الذي جاء وفقاً لمذكرة التفاهم الموقعة عام 2019 بين ليبيا وتركيا"، داعياً إلى "تجنب الأعمال التي يمكن أن تقوض الاستقرار الإقليمي".

ونوه الاتحاد إلى أنه "لم يتم الإعلان عن الاتفاق الجديد بين تركيا وحكومة الدبيبة حتى الآن، وهناك حاجة إلى مزيد من الإيضاحات في شأن محتواها".

المزيد من العالم العربي