Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تبدو الصين في أسواق السعودية؟

من الطاقة إلى "علي بابا" فوق إحدى ناطحات المركز المالي بالرياض وصولاً إلى السيارات والمطاعم واللغة

تستعد مجموعة "علي بابا" لفتح مقرها في مركز الملك عبدالله المالي بالرياض (غيتي)

لم يكن الشرق الأوسط محوراً مهماً للصين في يوم من الأيام كما هو عليه حالياً ولم تكن دول المنطقة تنظر إلى بكين على أنها حليف استراتيجي، فقد اقتصر التعاون على التبادل التجاري.

لكن التحولات التي تمر بها الصين اليوم من دولة ذات نفوذ محدود إلى دولة تنافس القوى العالمية في القيادة، متجاوزة التحفظات السابقة للسياسة الصينية القديمة المحافظة، غيرت المعادلة.

التحول الجيوسياسي والاستراتيجي الصيني المتسارع أكد لدول المنطقة أنه لا يمكنها تجاهل صعود القوة الصينية، وفي المقابل لا يمكن لبكين تجاهل المنطقة، فقد زادت الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الشرق الأوسط بالنسبة إليها وذلك لاعتمادها على مصادر الطاقة، خصوصاً من السعودية التي تعتبرها المصدر الأكثر موثوقية.

الطاقة القوة الدافعة

شهدت العلاقات الصينية- السعودية خلال فترة وجيزة تطورات متسارعة تتجه نحو شراكة بعيدة المدى، فالتعاون في قطاع الطاقة هو القوة الدافعة للعلاقات بينهما، فهي منشأ 18 في المئة من إجمالي مشتريات بكين من النفط الخام وبلغ إجمالي الواردات 73.54 مليون طن (1.77 مليون برميل يومياً) خلال الأشهر العشرة الأولى من 2022 بقيمة 55.5 مليار دولار.

كما لدى عملاق النفط السعودي "أرامكو" صفقات توريد سنوية مع عدد من المصافي الصينية من بينها "سينوبك" ومؤسسة البترول الوطنية الصينية والمؤسسة الوطنية الصينية للنفط البحري و"سينوكيم" وشركة شمال الصين للصناعات (نورينكو) وشركة تشجيانغ الخاصة للبتروكيماويات، لذلك يحمل المستقبل آفاقاً واعدة للعلاقات بين بكين والرياض، فمن وجهة نظر الدولة الخليجية تعتبر الصين سوقاً رئيسة لمنتجات الطاقة.

فمن الطاقة التي تعد الدافع الأكبر للعلاقات السعودية الصينية، إلى "علي بابا"، ففوق إحدى ناطحات المركز المالي في الرياض بدأت شركة "علي بابا كلاود"، ذراع التكنولوجيا الرقمية والمعلومات، تقديم خدماتها الرائدة في مجال الحوسبة السحابية الموثوقة.

ضمن استعدادات مجموعة "علي بابا" لفتح مقرها في مركز الملك عبدالله المالي بالرياض وضعت الشركة شعارها على أحد الأبراج، وذلك بعد فترة قصيرة من إطلاق خدماتها في السعودية وضمن توافد الشركات العالمية لفتح مقارها بالعاصمة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وسبق أن أعلنت شركة "علي بابا كلاود" الاستثمار في السعودية بما يصل إلى 500 مليون دولار على مدى الأعوام الخمسة المقبلة عبر توفير موارد شاملة عالية المستوى للمساعدة في بناء الاستدامة وضمان التوطين.

كما تم افتتاح مركزها في الرياض لتقديم خدمات أفضل للعملاء المحليين والإقليميين بالشرق الأوسط، بخاصة أن إجمالي رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر من الصين في السعودية بلغ نحو 3.5 مليار دولار أميركي عام 2021.

وعلى جانب آخر للوجود الصيني، دخلت سيارات بكين في المنافسة على المستهلك السعودي، ففي السابق كان من النادر أن تجد سيارة صينية تجوب شوارع الرياض، لكن اليوم أصبحت من الخيارات الأولى لمن يبحث عن التصميم الخارجي والمميزات الكثيرة مع انخفاض السعر، وهذا ما أسهم في انتشارها بشكل واسع بين الشباب وشهد عام 2021 تصدير الصين 132997 سيارة إلى السعودية.

السياحة الصينية

الوجود الصيني في الرياض تجاوز التبادل والتعاون التجاري إلى بناء شراكة ثقافية واجتماعية، ففي الماضي كانت مصالح بكين تجارية بحتة، إلا أنها تغيرت وأصبحت تنظر إلى حضورها وعلاقاتها من خلال منظور ثقافي ومجتمعي، فالعالم اليوم يبحث عن سبل استقطاب السائح الصيني الذي أصبح الجنسية الأكثر سفراً للخارج.

وبدأ الصينيون بثورة سياحية طاولت مختلف القارات من الجوار الآسيوي إلى أوروبا وأفريقيا وأميركا، وتتميز السياحة الصينية بالأعداد الكبيرة، فهم يسهمون في استمرار السياحة طوال العام وتشغيل المرافق في غير أوقات الإجازات المعروفة مثل رأس السنة والصيف والأعياد الدينية.

في سبتمبر (أيلول) 2019 دخلت السعودية إلى المسرح السياحي العالمي وبدأت تسعى إلى أن تكون إحدى الوجهات العالمية الخمس ونافست على جذب السائح الصيني، وترمي الرياض إلى استقطاب 20 مليون سائح سنوياً، مما جعلها تتجه لإدراج اللغة الصينية في مناهجها التعليمية.

وقال وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب في مقابلته مع وكالة الأنباء الصينية، "نحن نستمتع بثقافة الصين وتراثها لسنوات عدة، خصوصاً الطعام الصيني اللذيذ الذي يمكننا أن نجده في كل مكان بالسعودية".

وأكد الخطيب أن بلاده تتطلع إلى جذب مزيد من السياح الصينيين "لذلك تسعى السعودية إلى استقطابهم من خلال تقديم تسهيلات في استخراج التأشيرة السياحية التي تتوافر عند الوصول، أو من خلال نظام التأشيرات الإلكترونية".

وأشار إلى أن "شركة مطارات الرياض أعلنت بدء العمل على معايير استقطاب السياح الصينيين لتنفيذها في مطار الملك خالد الدولي بهدف جعل تجربة سفرهم أكثر سهولة وإرضاء، بحيث يقتضي هذا الإجراء التغلب على حاجز اللغة وتقديم الخدمات الملائمة لهم مثل أنظمة الدفع المتوافقة مع مثيلاتها في الصين".

ولفت إلى أن وزارة السياحة وشركة "يونيون باي" وقعتا مذكرة تفاهم بهدف تسهيل عمليات الدفع داخل البلاد لحاملي بطاقة "يونيون باي"، سواء من الصين أو من حول العالم، الأمر الذي أسهم في جذب مزيد من السياح الصينيين.

تغيير التصورات

السعودية كشفت عن عدد من جواهرها السياحية التي تقدمها للزوار، من مدينة حديثة إلى آثار قديمة وصحاري مذهلة وشواطئ هادئة، مما أدهش السياح، بل استطاعت التغلب على التصورات الخارجية المسبقة عنها.

الصينية شاوقي هونغ شاوقي تتحدث عبر مقطع فيديو لها توثق من خلاله تجربتها السياحية بالسعودية قائلة "قبل مجيئي كان في خيالي بلد صحراوي محافظ للغاية، ولا يمكن للفتيات سوى ارتداء الحجاب وغطاء الوجه، ولا يمكنهن الخروج بمفردهن، لكن ما شاهدته عكس ذلك، فالفتاة لم تعد تحتاج إلى ارتداء الملابس التقليدية بعد الآن".

وتضيف عن البلد الصحراوي شديد الحرارة "يمكنك اختيار المناسب لك عندما تريد السفر، فهناك أشهر يصبح الجو فيها لطيفاً جداً"، مشيرة إلى رصد عدد من التعليقات الإيجابية "لقد غيرت حقاً انطباعي عن السعودية كثيراً فهي ليست بلداً متحفظاً كما كنت أتخيل".

وتضم الرياض 115 شركة صينية ذات أحجام مختلفة تستثمر إمكاناتها وتقنياتها في السوق السعودية الأكبر بالمنطقة، فضلاً عن مئات الشركات الأخرى التي تسجل حضورها عبر وكلاء محليين لآلاف السلع والمنتجات التي تزخر بها بكين.

اقرأ المزيد