Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد أكثر من 17 عاما... الجيش العراقي يغادر المدن إلى معسكرات خاصة

ستكون فرصة لأفراد هذه المؤسسة لإعادة التدريب وبناء القدرات لكي يكونوا على أهبة الاستعداد في حال حصول أي طارئ

يبلغ عدد المنتسبين للجيش العراقي 350 ألفاً بين جندي وضابط (أ ف ب)

غادرت وحدات من الجيش العراقي عدداً من مناطق العاصمة بغداد وبعض المدن العراقية خلال الأيام الأخيرة عائدة إلى معسكراتها في خطوة هي الأولى منذ 17 عاماً، كان للجيش أثناءها دور رئيس في حفظ الأمن داخل المدن ضمن قيادات العمليات التي تشكلت منذ مطلع عام 2007.

ومنذ إعادة تأسيس الجيش العراقي بعد عام 2003 عقب حله من قبل الحاكم المدني السابق للعراق بول بريمر، تم نشر ألوية وفرق الجيش ووحداته داخل المدن للمشاركة في إدارة الملف الأمني في معظم المدن العراقية، بل إن مدن بغداد والموصل وكركوك والبصرة وميسان والأنبار وصلاح الدين، كان يدار الملف الأمني فيها قبل عام 2014 حصرياً من قبل الجيش وبدعم من بقية الأجهزة الأمنية.

ويتضمن البرنامج الحكومي لحكومة محمد شياع السوداني الذي أقره البرلمان العراقي سحب جميع وحدات الجيش من المدن وتسليم الملف الأمني فيها إلى وزارة الداخلية وأجهزتها الأمنية بالتنسيق مع بقية الأجهزة الأمنية مثل الأمن الوطني وجهاز الاستخبارات.

ويركز البرنامج الحكومي على إعادة تأهيل وحدات الجيش العراقي وتعزيز قدراتها وتسليحها بأسلحة حديثة بعد انسحابها من معظم المدن.

وأدت المعارك العنيفة مع تنظيم "داعش" الذي احتل ثلث مساحة البلاد عام 2014 قبل أن يطرد منها عام 2017، إلى تضرر نسبة كبيرة من آليات الجيش العراقي ومعداته في مختلف الصنوف بشكل يصعب إرجاع بعضها إلى الخدمة، فضلاً عن أن عمليات الصيانة والتأهيل اختصرت على عجلات "الهامفي" الأميركية وبعض المدرعات والدبابات الروسية والأميركية الصنع.

ويتكون الجيش العراقي من 14 فرقة عسكرية وقيادات القوة الجوية والبحرية والبرية والدفاع الجوي ومديرية الاستخبارات العسكرية ودوائر أخرى، إذ يبلغ عدد منتسبيه 350 ألفاً بين جندي وضابط، تنتشر قطعاته في جميع المدن العراقية باستثناء مدن إقليم كردستان العراق.

تسليم القطعات الداخلية

وقال المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العراقية اللواء تحسين الخفاجي إن عملية تسليم جرت من قبل الجيش للملف الأمني إلى قطاعات وزارة الداخلية في بعض مناطق بغداد وعدد من المحافظات.

وأضاف لـ"اندبندنت عربية" أن "تحويل المهمة من الجيش إلى وزارة الداخلية بدأت منذ فترة في بعض مناطق بغداد وفي عدد من المحافظات"، مبيناً أن "هناك خطة لتسلم المهمات الأمنية من قبل قطعات وزارة الداخلية داخل المدن وإرسال الجيش إلى معسكرات خاصة".

الشرطة الاتحادية

وأوضح الخفاجي أن هناك تحريكاً لعدد من قطعات الجيش وجاءت قطعات وزارة الداخلية من الشرطة الاتحادية لتتسلم المهمات في بعض المناطق، لافتاً إلى أن تسليم الملف الأمني يتم حالياً في بابل والكوت والسماوة والديوانية إضافة إلى العاصمة بغداد، وبعد ذلك للمحافظات الأخرى عندما يتم الإعلان عن جاهزية قوات وزارة الداخلية.

الاستعداد لأي طارئ

وتابع أن قوات وزارة الدفاع التي ستنسحب ستذهب إلى معسكرات خاصة وستكون فرصة لأفراد الجيش العراقي لإعادة التدريب وإعادة بناء القدرات لكي يكونوا على أهبة الاستعداد في حال دعت الحاجة إلى تدخلهم عند أي طارئ.

استلام شبه كامل

وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء خالد المحنا إن عملية تسلم الملف الأمني من قبل قوات وزارة الدفاع سيتم في المناطق التي تنتشر فيها هذه القوات بنسبة 90 في المئة، وأضاف في تصريحات صحافية أن "بعض القطعات استبدلت القواطع المسؤولة عنها قوات الجيش من قبل قوات الشرطة الاتحادية، والعمل ما زال يسير بوتيرة متصاعدة"، مبيناً أن هذا الأمر يتم تنفيذاً للبرنامج الحكومي الذي أكد ضرورة أن يكون تسليم الملف الأمني إلى أجهزة وزارة الداخلية.

وأوضح أن العمل حالياً هو لتسلم الملف الأمني وأن ظروفاً في السابق استدعت وجود الأجهزة الأمنية كافة في المدن لدحض التهديدات ولكن هذه التهديدات تبددت.

ونجحت القوات المسلحة العراقية في خفض معدلات هجمات تنظيم "داعش" منذ شهر مايو ( أيار) الماضي في محافظات كركوك وديالى وصلاح الدين عبر سلسلة من العمليات العسكرية، إلا أن هذه العمليات لم تمنع التنظيم من شن هجمات بين الحين والآخر تستهدف مناطق جلولاء وخانقين وأطراف المقدادية في ديالى ومحيط الحويجة في كركوك وأطراف قضاء طوز خرماتو والجزيرة وأطراف بلد والدجيل في محافظة صلاح الدين.

كما أن التنظيم موجود في بعض أطراف محافظة نينوى، لكن عملياته محدودة قياساً بما سبق، وكانت آخرها الاشتباكات العنيفة بين الأجهزة الأمنية وعناصر "داعش" في منطقة الحضر التي أسفرت عن مقتل عدد من عناصر التنظيم.

قرار صائب

وفيما يعتقد عضو لجنة الأمن والدفاع وعد القدو بأن قرار سحب الجيش من المدن قرار صائب، أكد أن انتشارهم سيكون بحسب الحاجة الفعلية وأوامر القائد العام للقوات المسلحة.

وقال إنه "إجراء لا بد منه باعتبار أن الجيش هدفه الأساسي هو حماية الحدود العراقية ومكانه في المعسكرات وليس التموضع في المدن" وتابع أن لجنة الأمن والدفاع تؤيد القرار وأن إعادة انتشارهم ستكون وفق خطة يضعها القائد العام للقوات المسلحة بما تتطلبه المصلحة العامة والحاجة الفعلية.

الداخلية قادرة

فيما يرى مدير أحد مراكز الدراسات الاستراتيجية معتز محيي عبدالحميد أن قوات وزارة الداخلية قادرة على حفظ الأمن داخل المدن، رجح إعادة انتشار قوات وزارة الدفاع على الحدود وبعض الفراغات الأمنية.

وقال إن "تسليم الملف الأمني إلى وزارة الداخلية جاء بعد سلسلة مطالبات سابقة لوزراء داخلية تسلموا مهماتهم، مما يؤكد قدرة الداخلية على تسلم الملف الأمني من القيادات العسكرية التابعة لوزارة الدفاع"، مشدداً على ضرورة أن تأخذ وزارة الداخلية زمام المبادرة من قبل الجيش، بالتالي يتفرغ الأخير لإدارة العمليات خارج المدن، وأوضح أن هناك معسكرات للجيش بجميع تشكيلاته ودورياته بعيدة من المدن ويمكن أن تشرف على مساحة جغرافية واسعة.

الانتشار على الحدود

ورجح عبدالحميد أن تكون هناك تفاهمات جديدة بين الجانبين العراقي والإيراني تم التوصل إليها خلال زيارة رئيس الوزراء محمد السوداني إلى طهران، تقضي بانتشار بعض القوات على الحدود بالتنسيق مع حكومة الإقليم، وذلك لوجود مخيمات لجهات معارضة لإيران داخل الحدود، إضافة إلى حزب العمال الكردستاني الموجود في جبال قنديل.

وأكد أنه من الضروري أن يكون انتشار قوات وزارة الدفاع بالقرب من شواطئ الأنهر والمستنقعات، فضلاً عن تشكيل قوات محمولة جواً تكون على أهبة الاستعداد لأي طارئ، وتصل إلى جميع مناطق العراق بما فيها المناطق المشتركة مع الإقليم.

قيادة موحدة

وعن قدرة القوات الأمنية التابعة لوزارة الداخلية في حماية المدن، بين عبدالحميد أن هناك أفواج طوارئ وألوية مدربة على حفظ الأمن داخل المدن، فضلاً عن الاتحادية وتشكيلاتها والشرطة المحلية وشرطة النجدة، داعياً إلى أن تكون تحت قيادة المحافظة كالسابق من أجل الحفاظ على النظام في المدن.

المزيد من تقارير