Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إغلاقات كورونا وقيود العقارات... ضربتان للاقتصاد الصيني

تراجع الطلب بثاني أكبر اقتصاد في العالم جراء حملات كبح الوباء وارتفاع أسعار المنازل

لم تكن الصين مكاناً سهلاً للشركات الغربية لممارسة الأعمال التجارية لكنها كانت تستحق العناء بسبب حجم السوق وآفاق النمو (أ ف ب)

تراجع إنفاق المستهلكين الصينيين في ظل الحملات المزدوجة التي تشنها البلاد ضد ارتفاع أسعار العقارات وتفشي فيروس كورونا، مما يطلق تحذيراً للشركات العالمية التي علقت آمالها على عميل صيني يتمتع بإنفاق أكثر حرية. 

انخفضت مبيعات التجزئة بشكل غير متوقع الشهر الماضي، ومن المتوقع أن تستمر في المعاناة مع إطلاق السلطات الصينية عمليات إغلاق واسعة النطاق لاحتواء أحدث تفشي لفيروس كورونا الأسرع انتشاراً، في حين لا تفعل إجراءات التخفيف شيئاً يذكر لعكس انهيار سوق العقارات المتفاقمة. 

وسجلت مجموعة "علي بابا" القابضة العملاقة للتجارة عبر الإنترنت خسارة صافية مفاجئة الأسبوع الماضي، بعد أيام فقط من خروجها عن السابق بعدم الكشف عن رقم مبيعات التسوق السنوية في يوم العزاب 11 نوفمبر (تشرين الثاني).

وتراجع التكتل الفرنسي الفاخر "لوي فيتون" بنسبة 0.45 في المئة، وكانت أعمال المجموعة الباريسية بالصين خافتة فعلياً خلال الربع الأخير، حتى بعد أن سجلت ارتفاعاً بنسبة 19 في المئة بالمبيعات العالمية.

وقال المدير المالي لشركة "لوي فيتون" جان جاك جويوني للمستثمرين الشهر الماضي، "السوق الصينية لا تعمل أو تعمل بالطريقة العادية، لا تزال لدينا بعض الاضطرابات، سواء من حيث طلب الأشخاص، أو من حيث إغلاق بعض المتاجر".

ولم تكن الصين مكاناً سهلاً للشركات الغربية لممارسة الأعمال التجارية، لكنها كانت تستحق العناء بسبب حجم السوق وآفاق النمو المحتملة.

وللحظة، بدا أن الوباء يسلط الضوء على جاذبية الصين في ذلك الوقت، إذ كان الانتعاش السريع نسبياً من تفشي الموجة الأولى من كوفيد-19، وجعلها الاقتصاد العالمي الرئيس الوحيد الذي ينمو في عام 2020، مما وفر شريان الحياة لعديد من الشركات الغربية.

وبدلاً من ذلك، يبدو أن التراجع الصيني المطول الناجم عن الوباء في إنفاق التجزئة سيمتد إلى عام رابع، إذ تتعرض البلاد لموجة تلو أخرى من اضطرابات كوفيد-19، لا سيما بعد وصول متحور أوميكرون القابل للانتقال بدرجة كبيرة، وإصرار بكين المستمر على التخلص من حتى التفشيات الصغيرة.

ومن المتوقع أن تنمو مبيعات التجزئة في غضون ذلك بنسبة واحد في المئة فقط هذا العام، وفقاً لخبراء اقتصاديين، في حين نمت مبيعات التجزئة بمعدل سنوي يبلغ نحو أربعة في المئة خلال عامي 2020 و2021، بعد ارتفاعها بمتوسط سنوي يبلغ نحو سبعة أو ثمانية في المئة بالسنوات الخمس السابقة لعام 2019.

سوق العقارات راكدة

في الوقت نفسه، فإن سوق العقارات الراكدة، وهي المخزن الأساسي للثروة لعديد من الأسر الصينية ومساهمة بنحو ربع النمو الإجمالي، وفقاً لبعض التقديرات، لا تظهر أية علامة فورية على التراجع مع تسارع انخفاض أسعار المساكن على مدار أشهر في أكتوبر (تشرين الأول).

وبينما كشفت بكين عن تدابير جديدة في وقت سابق من هذا الشهر للتخفيف من عبء السياسات، أعادت السلطات في كلتا الحالتين تأكيد المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نهجها الصارم للسيطرة على أسعار العقارات والوباء.

وقال كبير الاقتصاديين الصينيين في "بانثيون ماكروإيكونوميكس" دنكان ريجلي لـ"وول ستريت جورنال"، "هذه قضايا صعبة سيستغرق حلها بعض الوقت".

ويمكن للسياسات أن تدفع الشركات للبدء في إعادة تقييم آفاق البلاد، إذ يخفض الاقتصاديون بشكل مطرد توقعاتهم للنمو الصيني لبقية العقد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويبدو أن قطاع العقارات بالصين ليس مستعداً بعد للتعافي السريع، على رغم الارتفاع هذا الشهر في أسهم شركات التطوير العقاري الكبرى.

ويرجع ذلك إلى أن الدعم الأخير من بكين لا يحل بشكل مباشر المشكلة الرئيسة لانخفاض مبيعات المنازل وأسعارها، كما يقول المحللون.

وفي الأسبوع الماضي، ارتفعت أسهم شركات التطوير العقاري بعد أنباء عن إصدار البنك المركزي والمنظم المصرفي إجراءات شجعت البنوك على مساعدة صناعة العقارات، ويأتي ذلك جنباً إلى جنب مع إجراءات الدعم الأخرى في وقت سابق من هذا الشهر.

وكانت أسهم أكبر مطور عقاري في الصين من حيث المبيعات "كونتري غاردن" قد تضاعفت بنسبة 90 في المئة، لكن مكاسبها بدأت بالتراجع هذا الشهر.

في غضون ذلك، ارتفعت العقود الآجلة لشركة الحديد "آيرن أوري" بنحو 16 في المئة هذا الشهر، وقال محللو "مورغان ستانلي" إن نحو 40 في المئة من استهلاك الصين للصلب يستخدم في بناء العقارات.

وقال محلل المعادن الحديدية في معهد "نانهوا للأبحاث" شينج مينجكسينج، لـشبكة "سي أن بي سي"، إن الوضع هو أحد "التوقعات القوية، لكنه واقع ضعيف"، وأسعار السوق انحرفت عن الأساسات. وأضاف أنه من المهم مراقبة ما إذا كان يمكن إتمام وتسليم الشقق خلال فترة ذروة البناء في مارس (آذار) وأبريل (نيسان).

وكان قد توسع الاقتصاد الصيني بنسبة ثلاثة في المئة فقط خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام، مما جعله في وضع أقل بكثير من الهدف الرسمي للحكومة للعام بأكمله عند نحو 5.5 في المئة.

الإجراءات الجديدة، التي تم الإبلاغ عنها على نطاق واسع في الصين، لكن لم يتم إصدارها رسمياً، تنص على تمديد القروض، وتدعو إلى معاملة المطورين بالطريقة نفسها، سواء أكانت مملوكة للدولة أم لا وتدعم إصدار السندات، في حين لم يستجب أي من المنظمين لطلب شبكة الأخبار للتعليق.

وقال المحلل المقيم في هونغ كونغ صمويل هوي، مدير شركات آسيا والمحيط الهادئ بتصنيفات فيتش، "هذا حقاً راحة موقتة من حيث اضطرار المطورين إلى تلبية احتياجات سداد أقل للديون في المستقبل القريب، وتخفيف موقت للسيولة بدلاً من تحول أساسي".

ويختلف المحللون حول الوقت الذي يمكن أن تتعافى فيه سوق العقارات بالصين، وقالت شركة التقييم الائتماني (فيتش) إن الجدول الزمني "لا يزال غير مؤكد إلى حد كبير"، بينما يتوقع لورانس لو كبير مديري التصنيف العالمي في وكالة "ستاندرد أند بورز" حدوث انتعاش في النصف الثاني من العام المقبل.

وقال لو "إذا تم تنفيذ هذه السياسة على الفور، فإن هذا سيوقف دوامة الهبوط للمطورين، وسيساعد في استعادة ثقة المستثمرين في المطورين".

تراجع الإنفاق

كما تأثر السفر وتناول الطعام في المطاعم بشدة بشكل خاص بسبب تراجع الشهية للإنفاق غير الضروري ومخاوف المستهلكين من الانجراف في ضوابط كوفيد-19 التي لا يمكن التنبؤ بها.

وفي أكتوبر انخفض متوسط نمو "يوم تشاينا هولدينغ إنك" وهي شركة صينية لمطعم الوجبات السريعة مدرجة على (فورتشيون 500) ومقرها شنغهاي، بما في ذلك علامتا بيترا هت وكينتاكي فرايد تشيكين، فقد كانت إما مغلقة أو مجبرة على تعليق خدمة تناول الطعام في المتجر موقتاً، أكثر من ثلاثة أضعاف في يوليو (تموز) وأغسطس (آب)، كما قالت الشركة هذا الشهر، مع احتمال حدوث مزيد من عمليات الإغلاق وإنفاق المستهلكين الحذر في المستقبل.

في حين أدى الانهيار بأسعار المساكن إلى خسائر فادحة بشكل خاص، فلعقود من الزمن ارتفعت أسعار المنازل الصينية بشكل مطرد مع ضخ الأسر لنحو 70 في المئة من مدخراتها بالعقارات، مما أدى إلى إحساس بالثروة المتزايدة التي دعمت إنفاق المستهلكين ودفعت المشترين إلى التبذير في شراء الأجهزة المنزلية والسيارات وغيرها من السلع باهظة الثمن.

ونظراً إلى أن بكين شددت الخناق على قطاع العقارات، فقد انعكس هذا الوضع، وأظهرت البيانات الرسمية الصادرة الأسبوع الماضي انخفاض أسعار المساكن الجديدة في 70 مدينة صينية بأسرع وتيرة لها منذ أكثر من سبع سنوات.

وانخفض الإنفاق على الإلكترونيات الاستهلاكية وديكور المنازل والأثاث إلى جانب انخفاض قيم المساكن، بنسبة 14.1 في المئة و8.7 في المئة و6.6 في المئة على التوالي في أكتوبر من العام السابق، وفقاً لمكتب الإحصاء الصيني.

ويشعر كثيرون بالقلق من أنه نظراً إلى أن قواعد الصين الصارمة المتعلقة بعدم انتشار فيروس كوفيد-19 تمتد إلى عام رابع، فقد تترك ندوباً دائمة مع انتشار فقدان الوظائف، مما يدفع الأسر إلى ادخار أكثر وإنفاق أقل.

وقال ماتيو ديفيد الرئيس التنفيذي لشركة "داكسيو" للاستشارات، وهي شركة أبحاث سوق مقرها شنغهاي، إن تسريح العمال في التكنولوجيا والقطاعات الأخرى، إلى جانب عوائد سوق الأسهم المحلية الباهتة وانخفاض أسعار العقارات، قد أثار مخاوف عديد من الأسر بشأن تقلص مدخراتها.

اقرأ المزيد