Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ذاكرة السوريين تحن لمونديال 2010: أين ذهبت مقاهينا؟

شبكات الاتصالات تتأثر بانقطاع الكهرباء وأعلام المنتخبات اختفت من الشرفات لصالح مواقع التواصل

المقاهي السورية انتهت من تجهيزاتها لبث مباريات كأس العالم ولا تزال تنتظر زبائنها (مواقع التواصل)

مع ارتفاع صوت المعارك في سوريا خلال السنوات الماضية، خفتت أصوات مناسبات كانت لزمن قريب تحمل معها طقوساً واحتفالات يتشارك بها أبناء البلد الواحد مثل مونديال كأس العالم لكرة القدم، الذي مر خجولاً في زمن الحرب والدمار. وعلى رغم أن ذاكرة الإنسان قصيرة في ما يتعلق بالأحداث العامة، إلا أن لكأس العالم في ذاكرة السوريين حيزاً ملؤه الحنين والصور التي تجعل من يستعيدها يبتسم.

حنين الذاكرة

من عاش كأس العالم في سوريا 2010 كان ليظن أن هذه البلاد مشاركة في استضافة هذا الحدث، أو ربما تستفيد منه سياحياً واقتصادياً، فإقبال السوريين على مشاهدة المباريات كان حالاً ملفتة للنظر، إذ احتشد الشباب والكبار والصغار في أي مكان يجدون لهم موطئ قدم.

فمن المقاهي المغلقة التي كانت تغص بالمتابعين، إلى تلك المفتوحة حيث يحتشد خارجها أشخاص أكثر من أولئك الجالسين داخلها، وصولاً إلى الشركات الصغيرة والكبيرة التي قدمت ميزة مجانية آنذاك لمشاهدة المباريات، عبر وضعها لشاشات عملاقة في مكان فسيح أمامها، كان الجميع يستمتع بهذا المونديال بخاصة أولئك الذين لا يملكون ثمن دخول مقهى أو لا يحبون أجواءه.

يقول فادي عن ذكرياته في مدينة جرمانا بالعاصمة دمشق، "كنت أضع ابنتي على كتفي وأذهب أمام الشاشة التي وضعتها إحدى صالات المفروشات الموجودة في الحي، وأقف هناك مع كثيرين لمتابعة المباريات، على رغم وجود أماكن للجلوس، حيث كان الجو رائعاً وممتعاً، وما زاد الجو ألفة توقف المارة لمتابعة جزء من المباراة، وما يصحب ذلك من أحاديث وانفعالات يخلقها الجو الجماعي".

مشجعة قديمة

تعتبر سناء نفسها متابعة قديمة لكرة القدم، فهي في العقد الرابع من عمرها، وتتذكر أنها كانت المشجعة الوحيدة في وقت لم تكن الفتيات يتابعن كرة القدم آنذاك، وبما أنها من مشجعي المنتخب الإيطالي تتذكر مونديال 1994 "كنت أرفع علم إيطاليا على سطح المنزل حينها، ولكن بعد خسارة إيطاليا أمام البرازيل طلب مني أصدقائي باستهزاء إنزال العلم".

وأثناء دراستها في دمشق شهدت مونديال عام 2010 الذي تعتبره تجربة جديدة، فقد كانت كرة القدم برأيها قد بدأت تأخذ حيزاً من اهتمام الفتيات، وأصبحن يشاركن في المجموعات التي تلتقي لتشاهد المباريات، وتقول "كنا نذهب وأصدقائي إلى المقاهي في دمشق، وبخاصة في المراحل النهائية حيث تتحدد الفرق التي ستواجه بعضها وتصبح المنافسة على أشدها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في 2010 لم تكن وسائل التواصل الاجتماعي قد انتشرت في سوريا، وكان عدد مستخدميها قليلاً، لذلك حافظ السوريون على عادات قديمة في التفاعل مع المونديال، وعليه فقد كان مشجعو المنتخبات المشاركة يقصدون المحال التي تبيع أعلامها، وبخاصة المنتخبات صاحبة أحد الألقاب السابقة، مثل ألمانيا والبرازيل والأرجنتين وإيطاليا وغيرها، ويملؤون بها الشوارع وشرفات منازلهم، وقد تجد على الشرفة الواحدة علمين لمنتخبين مختلفين، كما كان بعضهم يرتدي القميص الخاص بالفريق الذي يشجعه.

ويروي نزار الذي كان يفضل مشاهدة كأس العالم في منزله عن ذكرياته بمدينة اللاذقية الساحلية، يقول "كان المونديال يأتي في الصيف الحارق والرطب، لذلك كان والدي يضع التلفاز القديم على الشرفة ونجلس وإخوتي لمتابعته، واعتدت منذ طفولتي مشاهدته في المنزل، لذلك قررت في مونديال 2010 شراء الجهاز والكارت الخاص لنقل المباريات، وبذلك تحولنا إلى مشاهدته عبر شاشات حديثة".

شاشة محمول

هذه الشاشات انتقلت اليوم لتصبح شاشة الهاتف المحمول عند كثير من الأشخاص، وبخاصة في ظل ارتفاع ثمن اشتراك الكارت والجهاز المرافق لها، الذي لا يستطيع أي فرد شراءه، هذا إن وجدت الكهرباء، فكلما تقدمت أيام الشتاء صار حال الكهرباء أسوأ.

واستطاع بعض الأشخاص الادخار لشراء الحاجات التي تؤمن له مشاهدة كأس العالم، لكنهم اصطدموا بالواقع وارتفاع الأسعار الذي قلص من فرص متابعتهم لما يعشقون.

لذلك يلجأ بعضهم إلى متابعة المونديال على شاشة الموبايل من خلال الاشتراك في باقات خاصة تقدمها شركات الاتصالات السورية، وعن هذا يقول فادي "يصلني كل يوم عدد كبير من الرسائل الخاصة بعروض الإنترنت، ولأوسع خياراتي اشتريت شريحة إضافية، لكن حتى هذا الإجراء لا يلبي طموحاتي بمشاهدة المباريات بشكل مستمر، فشبكات الاتصالات لا تغطي كل الأماكن بطريقة جيدة وتتأثر بوجود الكهرباء أو غيابها".

شرفة "فيسبوك"

يعتبر المشجعون القدامى لكرة القدم أن وسائل التواصل الاجتماعي أفقدت هذه اللعبة طقوسها وألقها، فعلى رغم كثرة التحليلات والمعلومات إلا أنها برأي نزار "نقلت المشجع من حاله الرياضية إلى حال من التحزب والتبجح والاستعراض الذي يفقد هذه اللعبة الشعبية حسها الإنساني البسيط"، وتوافق سناء هذا الرأي بقولها "لقد ابتعدت عن متابعة كرة القدم بعد أن شاهدت أن كثيرين يعتبرونها نوعاً من إثبات الذات والتفوق على الآخر".

ولكن للمشجعين من الجيل الجديد رأياً آخر، إذ أصبح من الملاحظ اليوم تراجع عادة رفع أعلام المنتخبات على شرفات المنازل، وانتقالها إلى شرفة "فيسبوك" و"إنستغرام" وغيرهما من وسائل التواصل، وما كان صعباً أن تعبر عنه على الملأ أصبح من السهل قوله على حائط "فيسبوك"، إذ يجد كثير من الأفراد أنهم يستطيعون التعبير عن أنفسهم بحرية من خلاله، وعن هذا تقول سارة "أستطيع من خلال ’فيسبوك‘ أن أعبر عن حبي وتشجيعي للفريق الأرجنتيني، فأنا مهتمة بأدق التفاصيل، ولولا وجود ’فيسبوك‘ لما استطعت أن أشارك ما أعرفه بهذه الطريقة المريحة".

المقهى المكان الأفضل

يبقى المكان الأفضل لمتابعة المونديال بالنسبة إلى كثيرين هو المقهى، إذ ما زال يحمل في طياته وأجوائه الذكريات الممتدة من أعوام عديدة خلت، فمرتادوه أوفياء لهذه العادة، وعلى رغم ارتفاع الأسعار بشكل عام إلا أن بعض الشباب يحاول أن يضبط موازنته لمتابعة بعض المباريات.

كما أعلنت معظم المقاهي في المحافظات السورية اكتمال تحضيراتها لعرض المباريات، وانتشرت الصور على صفحاتهم الخاصة على "فيسبوك" ووسائل التواصل الاجتماعي التي تبين أن المكان أصبح جاهزاً لاستقبال المشجعين، وفي هذا السياق يشرح علاء وهو صاحب أحد المقاهي في مدينة اللاذقية بعض الخطوات التي اتخذوها، يقول "فعلنا الاشتراك بباقة كأس العالم، وزودنا عدد الشاشات في المقهى، وفرشنا المكان بأعلام المنتخبات المفضلة، إضافة إلى عروض خاصة بالمونديال".

وتحاول بعض الشركات في سوريا الاستفادة من موسم المونديال، إذ عمدت إحدى شركات الرقائق المقلية على إصدار نكهات بأسماء المنتخبات وألوان أعلامها، كالنكهة الأرجنتينية والنكهة الألمانية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير