Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحروب تلاحق السوريين حتى في باطن الأرض

العثور على لوحة فسيفساء استثنائية من العصر الروماني 

اللوحة المكتشفة في مدينة الرستن بريف حمص (اندبندنت عربية)

"لكل إنسان وطنان، وطنه الذي ولد فيه وسوريا". لم يقل أندريه بارو مكتشف مدينة إيبلا الأثرية هذا الكلام جزافاً، فعلى أرض هذه البلاد تعاقبت حضارات قديمة، ودارت رحى حروب ومعارك ملحمية خلدتها لوحات فسيفسائية نفيسة كتلك اللوحة التي اكتشفت في مدينة الرستن بريف حمص عن حرب الأمازونات.

واكتشفت اللوحة من قبل مختصين في المديرية العامة للآثار والمتاحف، ورممت بعض الأجزاء الصغيرة المتضررة منها التي تعرضت للتخريب سابقاً عندما حاولت العصابات المسلحة استخراجها بغية تهريبها إلى الخارج. 
واللوحة المكتشفة عبارة عن مشهدين رئيسين، وفق وصف مديرية الآثار، المشهد الأول هو ثلاثة أطر ودائرة بالمنتصف، فيها رسوم لأخيل مع ملكة الأمازونيات، وتجسيد لهرقليس مع ملكة أمازونيات أخرى، وحول الإطار رسوم لأمازونيات مع ملوك اليونان، وهي إشارة إلى قصة أسطورية معروفة في النصوص الأثرية للملحمة الشعرية "الإلياذة" التي تتحدث عن حرب الأمازونيات بين طروادة واليونانيين.
وتضم اللوحة أيضاً أسماء ملوك اليونان كافة الذين اتحدوا ضد طروادة، وأسماء الملكات الأمازونيات وبعض الشخصيات التي ذكرتها النصوص الأثرية وشخصيات أخرى لا يوجد لها ذكر في تلك النصوص، وفي اللوحة تمثيل لآلهة الرياح، إضافة إلى فصول العام ورسومات متجهة مع عقارب الساعة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عمل نادر 

في مدينة الرستن بريف حمص، تمتد هذه اللوحة الأثرية بكل بهاء على الأرض تزينها الحجارة الفسيفسائية المرصوفة وبأشكال متنوعة لأبطال وأساطير، إنها لوحة من العصر الروماني، اعتبرها الخبراء المشاركون بأعمال التنقيب "استثنائية". وتروي اللوحة المكتشفة منذ عام 2018 ونجح الفريق التقني على إبراز تفاصيلها أخيراً، قصة حرب الأمازونات. يجزم معاون المدير العام للآثار في النظام السوري، الدكتور همام سعد حول فرادة هذا العمل الفسيفسائي، فاللوحة التي تحمل اسم "حرب الأمازونات" تعد من أكثر الاكتشافات الأثرية أهمية.

يروي الدكتور سعد وهو المشرف على أعمال التنقبب "تبرز أهميتها بإظهار كامل مشهد حرب الأمازونات، بالتالي لم يعثر إلى اليوم على أية لوحة فسيفسائية شبيهة بها، وتحمل كل هذا البعد وفيها الملحمة بشكل دقيق مع ذكر الشخصيات".

 
 
 
ولدى المديرية العامة للآثار خيارات عدة بعد اكتمال مشهد لوحة الأمازونات، ويرى معاون المدير العام أنه "يمكن استخدام بيت ثاني يعود ملكيته للمديرية، أو هدم البيت المجاور ونستكمل أعمال التنقيب والاستكشاف للوحة بالكامل، والرؤية المستقبلية يمكن إنشاء متحف فوق المبنى من دون نقل أي جزء من مكان الاستكشاف إلى مكان للعرض، يمكن أن يكون مكان اللوحة الحالي هو مكان مميز للعرض ومتحف".
ويعتقد الدكتور سعد أن هذا الطريق يمكن أن تسلكه المديرية لاسيما مع وجود تجربة سابقة ببناء متحف مصغر في قرية طيبة الإمام، مشيراً في الوقت ذاته إلى مساعي حثيثة في الموقع للتوسع في إظهار المشهد المعماري، علاوة على أهمية وجود هذه اللوحة بمدينة تتوسط سوريا، ويقصد بها (الرستن) التي تتوالى فيها أعمال التنقيب لاحتواء أرضها على كنوز أثرية قيمة.

في خطوط النار

تسرد الأساطير الإغريقية معارك الأمازون، وأفرد صانعو هذه اللوحات في ذلك العصر للحرب مساحة واسعة، إذ لا تخلو لوحة فسيفسائية أو منحوتة حجرية من سلاح وقتال، لمعارك أسطورية بين الإغريقيين القدماء والأمازونات، أمة كلها من المحاربات النسوة.

وعلى رغم احتفاء السوريين بهذا الاكتشاف، يستذكر خبراء مختصون بفن الفسيفساء متحف "معرة النعمان" الذي يعد أكبر تجمع لأهم وأبرز اللوحات في سوريا، ويمكن القول إنه من الأهم في المنطقة، إذ دارت حول المتحف منذ عام 2013 وسبقها الحراك الشعبي في عام 2011 معارك بين طرفي الصراع، ووقع في يد فصائل متشددة. وتشير المعلومات الأولية بعد إعادة السيطرة عليه إلى دمار جزئي في المتحف.
في المقابل أوضحت مصادر خبيرة أن نقل أجزاء من المتحف مع أهم القطع واللوحات إلى أماكن آمنة حفاظاً عليها من التدمير المقصود والممنهج الذي دأبت عليه تلك الفصائل، كما فعلت عناصر تنظيم داعش في تدمر وسط سوريا.
وتضم مدينة الرستن عديداً من المواقع الأثرية القديمة التي تعود إلى العصر الروماني، ولاسيما القلعة التي تعرضت لأعمال تخريب ونهب وتنقيب غير مشروع عن الآثار من قبل الجماعات المسلحة خلال السنوات الماضية.
وعام 2018 عثرت دائرة آثار حمص بالتعاون مع الجهات المختصة على لوحة فسيفسائية تعود إلى الفترة الكلاسيكية في العهد الروماني داخل أحد أحياء مدينة الرستن شمال مدينة حمص.
اقرأ المزيد

المزيد من منوعات