Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ينتهي المطاف بترمب إلى خوض الانتخابات من السجن؟

كيف يؤثر تعيين محقق خاص بقضايا الرئيس السابق في فرصه نحو البيت الأبيض؟

ترمب يندد بـ"إساءة السلطة" و"أسوأ تسييس للعدالة" في أميركا ويتحدث عن "صفقة مزورة" (أ ف ب)

تسبب الجدل القانوني والسياسي، الذي فجره قرار المدعي العام الأميركي ميريك غارلاند تعيين محقق خاص للإشراف على التحقيقات الجنائية للرئيس السابق دونالد ترمب، في طرح تساؤلات عدة حول مدى التأثير الذي سيخلفه القرار خلال الأيام والأشهر المقبلة على مستقبل ترمب السياسي، وفرصه في الانتخابات الرئاسية، وما إذا كان سيضره أم يفيده، سواءً في مواجهة منافسيه المحتملين داخل الحزب الجمهوري أو ضد خصومه الديمقراطيين وعلى رأسهم الرئيس جو بايدن.

لم تمض سوى ثلاثة أيام على إعلان الرئيس السابق ترمب ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية عام 2024 حتى قرر المدعي العام ميريك غارلاند تعيين محقق خاص للإشراف على تحقيقين جنائيين في شأن سوء تعامل ترمب المحتمل مع وثائق حكومية سرية تتعلق بالأمن القومي في منزله بولاية فلوريدا.

إضافة إلى التحقيق المتعلق بدوره المحتمل في قضية الهجوم على مبنى الكابيتول هيل في 6 يناير (كانون الثاني) لوقف التصديق النهائي على نتيجة انتخابات 2020 الرئاسية.

لكن على رغم إعلان غارلاند أن قراره يستهدف المصلحة العامة والابتعاد عن شبهة تضارب المصالح بعد ترشح ترمب للرئاسة والنية المعلنة للرئيس الحالي جو بايدن أن يرشح نفسه أيضاً، فإن الهجوم على قرار المدعي العام جاء كما كان متوقعاً.

هل القرار مسيس؟

الرئيس ترمب اعتبر القرار إساءة مريعة للسلطة وأسوأ تسييس للعدالة في أميركا وصفقة مزورة، في إشارة إلى جاك سميث المحقق الخاص المعين الذي اعتبره المستشار الخاص لليسار الراديكالي، وناشد الجمهوريين التحلي بالشجاعة للتصدي للقرار ومحاربته.

ووصف متحدث باسم حملة ترمب القرار بأنه حيلة سياسية عقيمة متوقعة من وزارة العدل التابعة للرئيس بايدن، كما ندد الحلفاء الجمهوريون للرئيس السابق مثل النائب آندي بيغر بقرار غارلاند، الذي وصفه بأنه أكثر القرارات التي استخدمت السياسة سلاحاً في التاريخ الأميركي.

كما اعتبر السيناتور تيد كروز أن الرئيس بايدن استخدم وزارة العدل سلاحاً لمهاجمة خصومه السياسيين، وغرد على "تويتر" قائلاً إن العدالة فاسدة.

لكن على رغم أن التحقيق مع ترمب وربما توجيه الاتهام إليه ومحاكمته سيكون الأول من نوعه لرئيس سابق في التاريخ، فإن غالبية الديمقراطيين وقليلاً من الجمهوريين يرون أن ما فعله ترمب خلال فترة حكمه كان أيضاً استثنائياً وخارج سياق التاريخ، وأن وظيفة المدعي العام هي محاسبة من ينتهكون القانون ويعرضون الأمن القومي للبلاد إلى الخطر.

ويرى هؤلاء أن التحقيقات التي كانت سارية بالفعل يجب أن تمضي في طريقها، ويجب ألا يكون ترشح ترمب للانتخابات الرئاسية المقبلة ذريعة مناسبة لوقفها أو تعطيلها، بالتالي فإن تعيين مدع خاص للتحقيق بعد الترشح الرسمي لترمب ليس سوى خطوة تقليدية آمنة سياسياً ومناسبة مؤسسياً بسبب تغير الظروف، وبهدف تجنب تضارب المصالح الذي أكده غارلاند.

ما مدى استقلالية التحقيق؟

قد تبدو مسألة استقلالية التحقيق من الوهلة الأولى مثيرة للشكوك، فقد تم تعيين المدعي العام نفسه من قبل الرئيس الديمقراطي جو بايدن، الذي هزم ترمب في محاولة إعادة انتخابه عام 2020.

ومن المرجح أن يواجه بايدن ترمب مرة أخرى في انتخابات عام 2024، إذا قرر الرئيس الحالي الترشح وانتصر ترمب على منافسيه الجمهوريين.

كما أن المدعي أو المحقق الخاص ليس مستقلاً تماماً، لأنه يكون مسؤولاً أمام المدعي العام، وهو الذي يقرر ما إذا كان يجب نشر بعض أو كل التقرير النهائي بعد الانتهاء من التحقيق، وفقاً للوائح وزارة العدل.

ويمكن أيضاً عزل المدعي الخاص من الوظيفة بسبب سوء السلوك أو أي سبب وجيه آخر، كما تقول اللوائح، ولا يتخذ قرار العزل سوى المدعي العام.

ومع ذلك، يتمتع المدعي الخاص بقدر واسع من الاستقلالية، إذ لا يخضع للإشراف اليومي من مسؤولي وزارة العدل بحسب راندال إليسون، المحقق الفيدرالي السابق، وإذا أبطل النائب العام توصية من المدعي الخاص فعليه أن يشرح ذلك للكونغرس، كما أنه إذا حدثت تدخلات سياسية فإنها عادة ما تتسرب للإعلام الذي يشكل ضغوطاً كبيرة على المدعي العام.

وعلاوة على ذلك، فإن النظام القديم الذي كان يمنح المحققين الخاصين استقلالية كاملة لإجراء تحقيقاتهم من دون إشراف وزارة العدل انتهى عام 1999، بعد أن أدى ذلك إلى تجاوزات وإساءات مثل تحقيق وايت ووتر، الذي أقنع الكونغرس في نهاية المطاف بأنه لا ينبغي تجديد القانون القديم.

وأصبح نظام المحقق الخاص الحالي هو حلاً وسطاً ليس مثالياً، لكنه يسعى إلى توفير درجة واسعة من الاستقلالية، على رغم أن المدعي العام لا يزال هو المسؤول في نهاية المطاف، فمن المتوقع أن يكون هناك ضغط سياسي هائل على غارلاند للسماح لسميث بأداء وظيفته من دون تدخل.

متى تصل القضايا إلى نهايتها؟

قد يبدو قرار المدعي العام بمثابة أخبار سيئة للرئيس السابق، لكن هذا هو أفضل ما كان يأمله ترمب، بحسب ما يقول موقع "سلايت" الأميركي، حيث من الممكن أن تضيف هذه الخطوة شهوراً وربما سنوات من التأخير في تحقيقين يقول الخبراء إنهما قدما بالفعل أكثر من أدلة كافية لتوجيه الاتهام إليه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبعد تعيين مدع خاص يمكن تأجيل لائحة اتهام ترمب إلى الحد الذي يجعله قادراً على استكمال حملته الانتخابية وربما الفوز في الانتخابات ومنح نفسه عفواً رئاسياً أو الحصول على عفو رئاسي من أي رئيس جمهوري آخر في يناير (كانون الثاني) عام 2025.

غير أن غارلاند يعتقد أن عمل المحقق الخاص يمكن أن يتم على وجه السرعة بالنظر إلى خبرته السابقة في وحدة النزاهة العامة بوزارة العدل، وتركيزه على الفساد العام، وعمله السابق مدعياً عاماً بالمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وهو ما أكده سميث أيضاً بأن التحقيقات لن تتوقف وتيرتها تحت إشرافه، وأنه سيمارس حكماً مستقلاً وبشكل شامل لأي نتيجة تمليها الحقائق والقانون.

لكن لو توصل سميث وغارلاند إلى هذا بأحسن النيات، فإن هذه الخطوة تعتبر مقامرة محفوفة بالأخطار للغاية، لأن التأخير الطويل سيمنح ترمب فرصة للوصول إلى موسم الانتخابات التمهيدية بعد أكثر من عام، وفي هذه المرحلة سيكون من الصعب متابعة لائحة الاتهام والمحاكمة وهو ما لاحظه مدعون سابقون وباحثون أكاديميون اعتبروا أن أي تأخير محتمل يسببه تعيين مدع خاص قد يكون كارثياً.

تمديد الجدول الزمني

ووصف المدعي العام السابق دينيس أفرغوت والباحث الدستوري لورانس أتش أن هناك كل الأسباب للاعتقاد أن تعيين مدع خاص سيؤدي إلى تمديد الجدول الزمني، حيث تتطلب اللوائح تشكيل فريق وطلب ميزانية ومعرفة القضية، ولهذا سيكون من الصعب، إذا صدرت لائحة اتهام، الحصول على حكم نهائي ضد ترمب قبل 20 يناير 2025، وفي ذلك اليوم يمكن أن تصل إدارة جمهورية إلى السلطة وتفسد القضية بشكل غير قانوني.

على سبيل المقارنة، قضى المحقق الخاص روبرت مولر الذي عينه نائب المدعي العام لترمب رود روزنشتاين نحو عامين مدعياً خاصاً يحقق في الصلات المزعومة بين التدخل الروسي في الانتخابات وحملة ترمب، كما تم تعيين المدعي الخاص جون دورهام منذ أكثر من عامين من قبل المدعي العام لترمب، ويليام بار لمواصلة التحقيق في أصول ذلك التحقيق الروسي، ولا يزال دورهام يعمل مدعياً خاصاً، ومن المتوقع أن ينهي عمله خلال الأشهر المقبلة.

وعلاوة على ذلك، قد يواجه فريق التحقيق عقبات من نوع آخر، حيث من المرجح أن يطرح التحقيق المستمر في شأن ترمب ضمن جلسات الاستماع الرقابية في مجلس النواب عندما يتولى الجمهوريون السلطة العام المقبل.

وغردت النائبة الجمهورية مارغوري تايلور غرين بأن الجمهوريين سيحتاجون إلى رفض تخصيص أي تمويل للمدعي الخاص الذي عينه ميريك غارلاند.

هل يستفيد ترمب؟

إضافة إلى ما يمكن أن يستفيد منه ترمب حال تأخير التحقيقات والمحاكمة إلى موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، فإن عديداً من مستشاري ترمب ينظرون إلى تحقيقات وزارة العدل على أنها رصيد سياسي محتمل وصيحة قوية لحشد أنصار ترمب، لا سيما في معركة الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، وخصوصاً بين الناخبين الذين يتعاطفون مع سياسة ترمب ويتفاعلون مع خطاب المظالم الذي يردده دائماً، مثلما فعل في خطاب ترشحه حين اعتبر نفسه ضحية. وقال "يجب أن نجري إصلاحاً شاملاً من أعلى إلى أسفل لإزالة العفن والفساد المتفاقم في واشنطن العاصمة".

ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" عن أحد مستشاري ترمب السياسيين، قوله إنه إذا تمكنت إدارة بايدن من فعل ذلك مع ألد خصومها السياسيين، وإذا كان بإمكانها فعل ذلك مع الرئيس السابق للولايات المتحدة، فيمكنها فعل ذلك بأي مواطن أميركي.

المنافسون الجمهوريون

يحتفظ الرئيس ترمب بعدد من المؤيدين في مجلسي الشيوخ والنواب، لكن صوتهم ضعف نسبياً بعد نتيجة انتخابات التجديد النصفي، التي كانت مخيبة لآمال كثيرين في الحزب، وهو ما يشجع على تعزيز الأصوات المعارضة لترمب ومنازعة نفوذه ليس فقط في الكابيتول هيل، حيث تحدى أنصاره زعامة كيفين ماكارثي للجمهوريين بمجلس النواب، وميتش ماكونيل في مجلس الشيوخ، وإنما أيضاً بين المنافسين المحتملين الذين أبدوا رغبة في الترشح للمنصب الرئاسي.

وفي الوقت الذي تصاعدت فيه التصريحات المساندة لترمب بعد تعيين محقق خاص صمت الخصوم المحتملون، بينما عبر ويليام بار المدعي العام السابق لترمب، في تصريح لشبكة "بي بي أس"، عن اعتقاده بأنه ربما يكون لدى وزارة العدل الأسس اللازمة لتوجيه اتهام قانوني للرئيس السابق، وهو تحد يضاف إلى مجموعة الأصوات داخل الحزب الجمهوري التي تنادي الآن بتجاوز ترمب والمضي قدماً إلى الأمام.

ومع ذلك عبر حاكم أركنسو آسا هاتشينسون، الذي يفكر في الإعلان عن حملة رئاسية في يناير المقبل، عن قلقه في شأن الآثار المترتبة على تعيين مدع خاص على اعتبار أن القضية يمكن تمتد إلى دورة انتخابات 2024، وهو ما سيكون بمثابة إلهاء عن الانتخابات بدلاً من التنافس على السياسة أو اتجاه الدولة وهو ما قد يفيد الرئيس ترمب ضد خصومه الجمهوريين.

هل يستفيد الديمقراطيون؟

يقول الديمقراطيون إنهم سيستفيدون في النهاية من قرار ترمب تبني مزاعم وجود مؤامرة كبرى ضده ويشيرون إلى نتائج انتخابات التجديد النصفي، التي رفضت على نطاق واسع المرشحين الذين تبنوا النظريات القانونية التآمرية التي دفع بها ترمب، ويعتبرون أن أحد الدروس المستفادة من الانتخابات هو أن الناخبين رفضوا منكري الانتخابات والمرشحين المناهضين للديمقراطية.

ويقول نيك غوريفيتش، خبير استطلاعات الرأي الديمقراطي ورئيس فريق البحث في مجموعة الاستراتيجية العالمية، إن ترمب يركز حملته حول الملاحقة القضائية ضده بينما يركز الجمهوريون على التحقيقات ضد هانتر بايدن نجل الرئيس الحالي، وهي استراتيجية محفوفة بالأخطار بالنسبة إليهم.

بينما يرى البعض أن تعيين محقق خاص هي فكرة ميؤوس منها، يجادل المعارضون بأن مؤيدي ترمب سيرون أي محاكمة على أنها سياسية، بغض النظر عن السبب، وإذا كان من المحتمل أن يكون هناك 40-45 في المئة من البلاد الذين لن يقبلوا شرعية محاكمة ترمب، فمن المحتمل أن يكون هناك 40-45 في المئة آخرون ممن لا يفهمون سبب عدم وجود ترمب في السجن وسيقبلون بسهولة أي تهم جنائية على أنها مبررة تماماً، كما سيكون هناك 10-15 في المئة يمكن إقناعهم بالدلائل التي تكشف عنها التحقيقات والمحاكمات ما إذا كان ترمب مداناً أم لا.

هل تعطل إدانة ترمب أو سجنه ترشحه للرئاسة؟

الإجابة هي لا، بحسب ما تشير ستيفاني ليندكويست أستاذة القانون والعلوم السياسية في جامعة ولاية أريزونا، لدرجة أنه يمكن لأي مرشح رئاسي أن يدير حملته الانتخابية من زنزانة السجن، وذلك لأن دستور الولايات المتحدة يحدد بلغة واضحة المؤهلات المطلوبة لشغل منصب الرئاسة وليس من بينها ما يشير إلى أن الاتهامات أو الأحكام القانونية يمكن أن تحول دون ترشحه، ولا يجوز للكونغرس أن يتدخل لتغيير ذلك، بحسب ما توضح المحكمة العليا، ولهذا السبب لا يمكن الآن وضع أي قيود على ترشيح ترمب، ولا يمكن منعه من تولي المنصب إذا وجهت إليه لائحة اتهام أو حتى إدانته.

ومع ذلك، يستبعد الدستور في التعديل الرابع عشر أي شخص من تولي منصب فيدرالي في حالة مشاركته بتمرد بما يخالف الدستور الذي أقسم في السابق يميناً بدعمه، وهذه إحدى القضايا التي ينظرها المحقق الخاص، لكن هناك عوائق في تنفيذه، حيث يحتاج إلى تشريع لاحق لإنفاذ التعديل الرابع عشر.

كما يمكن أن يشير ترمب إلى حقيقة أن الكونغرس سن قانوناً للعفو في عام 1872، الذي رفع بمقتضاه الحظر المفروض على تولي مناصب المسؤولين في عديد من الولايات الكونفيدرالية السابقة التي تمرد قادتها ضد دستور البلاد.

حتى في حالة الإدانة والسجن لن يمنع المرشح الرئاسي من مواصلة حملته الانتخابية، حتى لو كان بصفته مجرماً، غير قادر على التصويت لنفسه، إذ إن التاريخ مليء بأمثلة على ذلك، فقد تم انتخاب عضو مجلس النواب ماثيو ليون عضواً في الكونغرس من زنزانة سجن، حيث كان يقضي عقوبة بتهمة التحريض على الفتنة بسبب التحدث ضد إدارة آدامز الفيدرالية.

كما ترشح يوجين دبس مؤسس الحزب الاشتراكي الأميركي للرئاسة عام 1920 بينما كان يقضي عقوبة بالسجن بتهمة إثارة الفتنة، على رغم خسارته في الانتخابات، لكنه حصل على 913693 صوتاً، ووعد دبس بالعفو عن نفسه إذا تم انتخابه، وكذلك ترشح السياسي المثير للجدل ليندون لاروش للرئاسة من زنزانة في عام 1992.

المزيد من تقارير