Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ينأى الجمهوريون بأنفسهم عن "الترمبية"؟

يواجه ساكن مارالاغو تحدياً في الحفاظ على مكانته كصانع للملوك داخل حزبه

يحمل بعض الجمهوريين ترمب المسؤولية عن أدائهم المخيب للآمال في الانتخابات النصفية (أ ف ب)

ودع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في عام 2021 لقبه كسيد للبيت الأبيض، لكنه ما لبث أن عاد نجماً ساطعاً في سماء الحزب الجمهوري، فعلى رغم الخسارة المرة من خصم كان يصمه بـ"النعسان"، أوجد ترمب نفسه كصانع ملوك داخل حزبه، مدفوعاً بهامش هزيمته الضئيل في الانتخابات، التي يرفض الاعتراف بنزاهتها.

لكن "صانع الملوك" الذي عاد أخيراً ليطلق العنان لكلماته اللاذعة في التجمعات الانتخابية الداعمة للمرشحين الجمهوريين لا يبدو اليوم في أحسن أحواله، إذ لا تنفك تتعالى أصوات بين المحافظين تشير إلى أن ترمب أعاق بدعمه مرشحين يميلون إلى اليمين الحزب الجمهوري من استعادة السيطرة على مجلس الشيوخ، وترك مصير مجلس النواب معلقاً.

وبدلاً من أن تكون الانتخابات النصفية استفتاءً على شعبية ساكن البيت الأبيض جو بايدن الذي تنفس الصعداء بعد الخروج بخسائر أقل من المتوقع ومحافظة حزبه على مجلس الشيوخ، تحولت أنظار الناس على غير العادة إلى ساكن مارالاغو الذي حمّله البعض مسؤولية الأداء الجمهوري المخيب للآمال، بعد دعمه مرشحين يعتبرهم نقاد الرئيس السابق أقل شعبية، على حساب آخرين لا يشاركونه الحماس نفسه تجاه آرائه حول عدم نزاهة النظام الانتخابي.

"ترمب ينفر الأصوات"

وفي مقالة رأي نشرتها صحيفة "نيويورك بوست" المحافظة، قال جون بودهوريتز إن الطريقة الأضمن لخسارة الانتخابات النصفية الأخيرة كانت عبر الحصول على تأييد ترمب، فعلى رغم أن الجميع توقع تقدم الجمهوريين في السباق الانتخابي نتيجة لميل الناخبين التاريخي إلى الحزب الذي لا يملك البيت الأبيض أو الغالبية في الكونغرس، فإن الناخبين كان لهم رأي مختلف تجاه المرشحين الذين دعمهم ترمب.

الكاتب اعتبر أداء الجمهوريين المتواضع نجاحاً لاستراتيجية جامعي التبرعات من الليبراليين الذين دعموا مالياً مرشحين محسوبين على ترمب واليمين خلال انتخابات الحزب الجمهوري التمهيدية، ليسهل على الديمقراطيين هزيمتهم في الانتخابات العامة. ووصف بودهوريتز نهج الديمقراطيين هذا بأنه "انتهازي" و"استغلال للعملية السياسية"، إلا أنه كان مفيداً لهم في الانتخابات الأخيرة.

خصوم ترمب الذين اعتبروا دوره في الانتخابات الأخيرة سلبياً يستدلون بفشل الجمهوريين في الحفاظ على مقعد مجلس الشيوخ عن ولاية ميشيغان، حيث فازت مرشحة الديمقراطيين هيلاري شولتن ضد جون غيبس المرشح المدعوم من الرئيس السابق، إذ من نقاد ترمب من يرى أن الجمهوريين كانت فرصتهم أقوى في الحفاظ على المقعد لو ترشح لتمثيلهم عضو مجلس الشيوخ الحالي بيتر ماير، إلا أن الأخير خسر أمام غيبس في الانتخابات التمهيدية، ولم يدعمه ترمب لأنه صوت لصالح عزله بعد اقتحام الكونغرس العام الماضي.

وبعد منافسة محتدمة، احتفظ السيناتور الديمقراطي مارك كيلي بمقعده في مجلس الشيوخ عن ولاية أريزونا، بعد فوزه على منافسه الجمهوري المدعوم من ترمب بليك ماسترز الذي فضله الرئيس السابق على دوغ دوسي، حاكم ولاية أريزونا المنتهية ولايته، الذي أراده قادة جمهوريون في مقدمهم زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل أن يخوض السباق الانتخابي أمام كيلي، إلا أن دوسي الذي انتقده ترمب لمصادقته على فوز بايدن بولاية أريزونا في الانتخابات الرئاسية، قرر عدم الترشح للكونغرس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

انقسام بين المحافظين

بول رايان، العضو الجمهوري، رئيس مجلس النواب من 2015 إلى 2019، اعتبر ترمب عبئاً على الجمهوريين، مشيراً إلى أن الحزب فقد مجلس النواب ومجلس الشيوخ والبيت الأبيض في عامين عندما كان ترمب مرشحاً للانتخابات ورئيساً.

ويلوم مراقبون ترمب على عدم حدوث "الموجة الحمراء" التي يقصد بها المكاسب الكبيرة التي يحققها الحزب الجمهوري في الانتخابات، مشيرين إلى دعمه مرشحي أقصى اليمين، الذين خسروا الرهان الانتخابي في ولايات بنسلفانيا، وأريزونا، وكارولاينا الشمالية، وواجهوا صعوبة في الفوز بولايات أخرى.

وفي سياق متصل، قال رستي هيلز، المحاضر في السياسة العامة في جامعة ميشيغان والزعيم السابق للحزب الجمهوري في الولاية، إن "غالبية الناخبين لا يوافقون ما يروج له ترمب"، ولذلك فإن تأثيره سلبي على تنافسية الحزب في الولايات المتأرجحة، التي لا تحتوي على غالبية جمهورية أو ديمقراطية.

في المقابل، هناك من الجمهوريين من يشيد بدور ترمب في الانتخابات الأخيرة، ويرونه حاسماً في فوز عدد من مرشحي الحزب، فبالنسبة إلى النائب الجمهوري في مجلس النواب عن ولاية نيوجيرسي جيف فان درو، فإن تأثير الرئيس السابق كان إيجابياً.

فان درو الذي كان محسوباً على الحزب الديمقراطي قبل أن ينضم إلى الجمهوريين عام 2019 بعد تصويته ضد عزل ترمب، واستقبال الأخير له في المكتب البيضاوي، قال إن ترمب "ساعد المرشحين في كثير من المقاطعات في أنحاء البلاد، والغالبية العظمى من الذين أيدهم فازوا". وتابع "عندما كان ترمب رئيساً قبل عامين كانت بلادنا في وضع أفضل، وكنا رائدين في كل شيء من الطاقة إلى التعليم، لذلك سأكون سعيداً لعودة ترمب إلى الرئاسة لتعود أميركا التي عهدناها".

في المقابل، نقلت شبكة "فوكس نيوز" عن نائب جمهوري آخر لم تسمه قوله إن ترمب أثر في الجمهوريين في الانتخابات، وإن الأميركيين يحاولون "الابتعاد عن الدراما" التي اتسم بها عهده والالتفات إلى ما يخدم حاجات البلاد الحقيقية. وتوقع عضو الكونغرس أن يواجه ترمب مرشحين جمهوريين مؤثرين في الانتخابات الرئاسية التمهيدية لعام 2024.

وفي مقابلة مع شبكة "سي أن أن" ألقت مساعدة ترمب السابقة أليسا غريفين باللوم في إخفاق الجمهوريين على سوء نوعية المرشحين الذين دعمهم الرئيس السابق. وقالت في إشارة إلى الجمهوريين "هل سيستمرون في تسمية مرشحين ضعفاء لإرضاء دونالد ترمب؟". وأضافت "إذا كنتم تريدون الحزب الجمهوري أن يزدهر فعلينا أن نتحدث بصراحة ونقول: هذا الرجل خاسر، لقد خسر عام 2020، والآن يخسر مقعداً يمكن الفوز به".

وذكر سكوت جينينغز، المستشار السابق لزعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، أن النتائج أظهرت أن آمال ترمب في استعادة الرئاسة غير واقعية. وتساءل متعجباً "كيف يمكنك متابعة النتائج الليلة وتعتقد أن ترمب لديه أي فرصة للفوز في الانتخابات الوطنية في 2024؟".

أما كيلب هال، محلل تواصل استراتيجي عمل في حملة انتخاب ترمب عام 2016، قال إن الوقت قد حان لكي يمضي الحزب الجمهوري لمرحلة ما بعد ترمب.

صعود ديسانتيس وتحذير ترمب 

يرى منتمون للحزب الجمهوري أن ترمب كان ناجحاً عندما كانت رؤيته تدور حول "جعل أميركا عظيمة مرة أخرى"، لا حول نفسه كمرشح للرئاسة في عام 2024.

ونقلت "فوكس نيوز" عن أحد أعضاء حملة الحزب الجمهوري في جورجيا قوله إن على الرئيس السابق مغادرة المشهد و"ترك حاكم فلوريدا رون ديسانتيس يتولى زمام الأمور". وقال "من أجل جعل أميركا عظيمة حقاً، حان الوقت لترمب أن يعلق قبعته الحمراء، ويترك ديسانتيس يقود الموجة الحمراء التي فشل ترمب في قيادتها".

لكن الرئيس الجمهوري يؤكد نجاح المرشحين الذين دعمهم في الانتخابات الأخيرة، ورفض أخيراً التقارير التي أشارت إلى أنه لم يكن راضياً عن نتائجهم، وقال "هناك رواية إخبارية مزيفة أنني كنت غاضباً، لكن الحقيقة عكسها"، مضيفاً "الأشخاص الذين دعمتهم أبلوا بلاءً حسناً".

لكن بالنسبة إلى كثير من الجمهوريين خالف أداء الحزب التوقعات الكبيرة، مما أثار انتقادات داخلية، خصوصاً بعد خسارة مجلس الشيوخ وبقاء مصير مجلس النواب معلقاً.

لكن من جانب آخر، ينظر للانتخابات الأخيرة كهزيمة لترمب لا الجمهوريين وحدهم، باعتبار أن أداء مرشحي ترمب الباهت قد يشجع الأسماء البارزة في الحزب على الترشح ضد ترمب في الانتخابات الرئاسية التمهيدية المقبلة.

ومن أبرز هذه الشخصيات حاكم فلوريدا رون ديسانتيس (44 سنة) الذي حقق انتصاراً كاسحاً في انتخابات الولاية، وينظر له كمرشح محتمل لمنافسة ترمب منذ أن غادر الأخير البيت الأبيض. ويتوقع مراقبون انتخابات تمهيدية محتدمة على مستوى الحزب الجمهوري في حال ترشح حاكم فلوريدا ضد ترمب، لأن ذلك سيحفز سياسيين آخرين على اتخاذ خطوة مماثلة.

ويبدو أن الرئيس السابق ينظر إلى هذا التهديد بعين الاعتبار، إذ هاجم أخيراً ديسانتيس وقال إن ترشحه "سيضر بالحزب الجمهوري"، مهدداً بالإفصاح عن معلومات خاصة به من دون تقديم تفاصيل.

وأصبح ديسانتيس من أبرز الأسماء المرشحة للتنافس على الانتخابات الرئاسية المقبلة، منذ انتخابه حاكماً لولاية فلوريدا في عام 2019.

المزيد من تقارير