Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

متى تنتهي ظاهرة التعذيب من السجون العراقية؟

السوداني يعلن فتح تحقيق في حادثة حسن محمد أسود وأكثر من 300 قضية لم يحاكم المتورطون فيها

أرجعت قضية حسن محمد أسود إلى الواجهة من جديد ملف الاعترافات المنزوعة بالقوة من قبل الجهات (أ ف ب)

عادت قضية التعذيب داخل السجون والمعتقلات العراقية للواجهة من جديد بعد تعرض مواطن من سكان محافظة كركوك إلى تعذيب شديد على يد عناصر أمنية بشكل مستمر طوال أشهر، ليعيد إلى الأذهان هذا الملف الذي لا يزال يمثل مشكلة كبيرة للمجتمع في بلاد الرافدين.

أثارت قضية حسن محمد أسود، وهو حارس أمني اعتقل لمدة ثلاثة أشهر وتم تعذيبه من قبل الأجهزة الأمنية، واضطر الأطباء إلى بتر كفه الأيسر وأصابع يده اليمنى، موجة من الغضب الشعبي والرسمي من استمرار حالات التعذيب، على رغم التأكيدات الحكومية محاولتها الحد منها خلال السنوات القليلة الماضية.

السوداني يفتح تحقيقاً

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أعلن فتح تحقيق في الحادثة لمعرفة المتسببين بما حصل لأسود من انتهاكات كبيرة على يد عناصر الأمن بمدينة كركوك.

وذكر المكتب الإعلامي للسوداني أن "من المهم توفير جميع الضمانات القانونية للمتهم أثناء مراحل التحقيق، ومنها عدم انتزاع الاعترافات منه بالإكراه أو قسراً، وفقاً لما جاء بالدستور".

ودعا "كل من تعرض لأية صورة من صور التعذيب أو الانتزاع القسري للاعترافات إلى تقديم شكواه إلى مستشار رئيس مجلس الوزراء لحقوق الإنسان، معززة بالأدلة الثبوتية".

وخصص مكتب السوداني أرقام هواتف لتلقي البلاغات من المواطنين حول انتهاكات حقوق الإنسان التي تجري بحقهم.

تأتي هذه الدعوة على أساس معلومات وتقارير تفيد بأن لجنة "مكافحة الفساد"، التي عرفت أيضاً بـ"لجنة أبو رغيف" نسبة إلى رئيسها وكيل وزارة الداخلية لشؤون الاستخبارات أحمد أبو رغيف في الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي، بأنها انتهجت التعذيب خلال مراحل التحقيق مع رجال أعمال وسياسيين اعتقلتهم بتهم فساد.

ولا يقتصر التعذيب على هذه اللجنة فحسب، بل إن التعذيب تحول إلى أشبه بالظاهرة في السجون والمعتقلات العراقية، وفقاً للتقارير التي رصدت ذلك طيلة السنوات الماضية.

الاعترافات تحت التعذيب

أرجعت قضية أسود إلى الواجهة من جديد ملف الاعترافات المنزوعة بالقوة من قبل الجهات، ورفع المطالبات بضرورة اتخاذ الإجراءات الكفيلة لوضع الحلول لهذا الملف.

المرصد العراقي لحقوق الإنسان قال إنه على رئيس الحكومة محمد شياع السوداني إشراك المجتمع المدني في اللجنة الخاصة التي أعلنها لاستقبال شكاوى الأشخاص الذين تعرضوا للتعذيب.

وذكر المرصد، في بيان، "من المهم ألا يتحول عمل هذه اللجنة إلى انتقامي يفتقد للمعايير الحقوقية ويتنافى مع مبادئ حقوق الإنسان، ويحدد هدفها (اللجنة) بكشف الحقائق ومحاسبة الجناة على أية مخالفات أو انتهاكات أو جرائم ارتكبوها".

التعذيب مستمر

وأضاف المرصد أن عمليات التعذيب لا تقتصر على مراحل التحقيق فحسب، بل في مراحل الحبس والسجن أيضاً، مبيناً أن اعترافات سجناء أفرج عنهم أو ذوي بعضهم الذين ما زالوا في السجون تؤكد أن الظاهرة ما زالت مستمرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بدوره قال مدير مركز العراق للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل إن هناك آلاف الموقوفين والمحكومين غالبيتهم معتقل بطريقة غير قانونية، مشدداً على ضرورة إعادة النظر بالتهم والإجراءات القضائية التي جاءت عن طريق المخبر السري.

وأضاف أن "قانون العفو العام عند تعديله للمرة الثانية عام 2017 أهمل مشكلة كبرى، وهي المخبر السري والإجراءات التحقيقية المخالفة للدستور والقانون"، مبيناً أن "الدستور العراقي يشدد على احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية ضمن إطار الاتفاق الدولي الذي يتعلق بمنع الخطف والاعتقال القسري للأشخاص".

واعتبر أن عملية الاعتقالات التي جرت لا سيما بعد أحداث الحرب على تنظيم "داعش" تمت نسبة كبيرة منها بطريقة غير قانونية.

محامو الدفاع

وشدد على ضرورة أن يكون هناك محامون للدفاع عن الضحية، وعدم أخذ الاعترافات تحت التعذيب، مشيراً إلى أن المفروض اليوم بعد الانتصار على تنظيم "داعش" وذهاب العراق إلى التعايش السلمي والمجتمعي أن تكون هناك تعديلات على قانون العفو لتجاوز الأخطاء التي ارتكبت بالتحقيق أو من خلال المخبر السري أو الأحكام التي صدرت في عدم وجود محامي وكذلك مسألة الخطف.

ودعا فيصل السلطات المتخصصة إلى أن تعيد النظر بالتهم والإجراءات القضائية والأحكام التي صدرت ضد أسود، وقال لا يجب أن يطبق القانون بطريقة انتقائية وتعسفية.

تعذيب واغتصاب

بدورها تؤكد عضو مفوضية حقوق الإنسان السابقة الناشطة بحقوق الإنسان وقضايا المرأة بشرى العبيدي عدم وجود إحصاءات بشأن عدد الذين انتزعت اعترافاتهم بالتعذيب، وأشارت إلى رصد حالات اغتصاب بين سجينات.

وقالت العبيدي إن "المعتقلين تحدثوا خلال لقائها بهم عندما كانت تشغل منصب عضو مفوضية حقوق الإنسان للفترة من 2012 إلى 2016 عن قصص مخيفة عن التعذيب وتكلموا عن حالات كثيرة عن حالات للتعذيب وانتزاع الاعترافات بالقوة".

سجن الحوت

وأضافت العبيدي أن هناك عديداً من السجينات تعرضن للاغتصاب في مرحلة التعذيب، فضلاً عن حالات انتهاك وتعذيب بحق سجناء كانت الأبشع منها هو سجن الحوت.

ولفتت إلى أن هناك حالات تعذيب خطرة بعضها أدت إلى وفاة المعتقل، وهذه جميعها مخالفة للقوانين الدولية، التي تحظر التعذيب، والعراق ملزم بتطبيق هذه القرارات.

وأشارت إلى أن الأنباء التي تصل إليها تشير إلى تزايد هذه الحالات بنسبة أكثر من السابق، وأن المشكلة تكمن في كيفية إثبات التعذيب لكون الضباط والمحققين يؤخرون الضحية ويعالجونه من أجل ذهاب آثار الجريمة.

المحاكمات غائبة

وأوضحت العبيدي أن من يثبت تورطهم في عملية التعذيب لا تتم محاكمتهم، سواء كانوا ضباطاً أم محققين، "رفعنا في حينها إلى الادعاء العام الشكاوى التي جاءتنا، إلا أنه لم يتم اتخاذ إجراءات بشأنها".

وأشارت إلى أن هناك أكثر من 300 قضية لم يجر فيها محاكمة الشخص المتسبب إلا في حال واحدة وشهدت أحكاماً مخففة، وبينت أن الإحصاءات غير متوفرة لكون الدولة ترفض أن تقر بأنها تنتهك القانون.

المزيد من تقارير