Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجمهوريون بعد الانتخابات النصفية الأميركية... انتهى عصر ترمب

لم يفز أي من المرشحين الذين أيدهم الرئيس السابق والطريق مفتوح أمام رون ديسانتيس

دعم الرئيس السابق دونالد ترمب رون ديسانتيس لمنصب حاكم فلوريدا في عام 2018     (غيتي)

لقد تحدى الرئيس بايدن والحزب الديمقراطي قوانين الجاذبية السياسية للتو. لا تزال النتائج تتوالى، لكن في سباقات كبرى في أنحاء البلاد كلها، شجبت الترمبية [نسبة إلى ترمب]. وما رأيناه كان عبارة عن فضح رواية "الموجة الحمراء" [الجمهورية] المصطنعة وتبرير لأداء الديمقراطيين السياسي.

مع اقتراب الانتخابات النصفية، الثلاثاء الماضي، تلخص الضخ الإعلامي السائد حينها في أن مخاوف [الناخبين] في شأن التضخم والجريمة ستتفوق على أي مخاوف أخرى تتعلق بالحقوق الخاصة بالإجهاض وبالديمقراطية. وانتُقد حينها الديمقراطيون بوصفهم بعيدين عن المسائل الأكثر أهمية التي تواجه الشعب الأميركي، كما رجحت التوقعات أن يخسر الديمقراطيون مجلس الشيوخ باحتمال يفوق 50 في المئة، وكذلك أن يخسروا مجلس النواب بهامش كبير باحتمال ساحق، لكن مع بدء تدفق النتائج ليلة الانتخابات، كان من الواضح أن الموجة الحمراء كانت في الواقع مويجة حمراء.

لأولئك الذين تمكن النوم منهم، أنهى الأميركيون الليلة في حين كانت بعض السباقات النيابية الرئيسة في فرجينيا تحسم لصالح الديمقراطيين جينيفر وكستون في المقاطعة العاشرة وأبيغيل سبانبرغر في المقاطعة السابعة. وكثيراً ما تشكل المقاطعتان مؤشرات إلى الاتجاه الذي ستشهده الليلة، ولم يكن أداء الجمهوريين بالجودة التي كانوا يأملونها. وفي ساعات الصباح الباكرة، هزم جون فيترمان الدكتور أوز في بنسلفانيا، محققاً للديمقراطيين تبدلاً لصالحهم في أحد مقاعد مجلس الشيوخ كان الأول خلال الانتخابات النصفية لعام 2022.

وستتحدد أغلبية مجلس الشيوخ الآن وفق نتائج السباقات في أريزونا وجورجيا ونيفادا. وسنعرف نتائج أريزونا (تميل الترجيحات نحو الديمقراطيين) ونيفادا (غير محسومة) خلال ساعات أو أيام. وسيحال السباق على أحد مقعدي جورجيا في مجلس الشيوخ بين رافاييل وارنوك (ديمقراطي) وهيرشل ووكر (جمهوري) إلى دورة ثانية في السادس من ديسمبر (كانون الأول) بعد أن فشل كلا المرشحين في تسجيل أكثر من 50 في المئة من الأصوات. وبعد فوز فيترمان [في بنسلفانيا]، سيكون لزاماً على الجمهوريين الفوز في مقعدين ليمسكوا بأغلبية مجلس الشيوخ. وقد يمسك الديمقراطيون بها في النهاية. كذلك أبدى الديمقراطيون أداء متفوقاً في بعض السباقات الخاصة بمجالس النواب والشيوخ في الولايات، على غرار ميشيغان ومينيسوتا.

ولا يزال الجمهوريون الأكثر حظاً للاستحواذ على أغلبية مجلس النواب، على الرغم من صعوبة التوقع الآن بسبب تقارب النتائج، لكن مع عدم الاقتراب أبداً من الهامش الذي كان متوقعاً. ومن المرجح أن ينتهي بهم المطاف بأغلبية مكونة من بضعة مقاعد متفرقة. ومن الواضح الآن أن أداء الرئيس بايدن وحزبه تجاوز عقوداً من السوابق التاريخية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كان أداؤهما أفضل أداء لحزب حاكم في الولاية الرئاسية الأولى منذ حصل جورج دبليو بوش على ثمانية مقاعد في مجلس النواب ومقعدين في مجلس الشيوخ عام 2002 في أعقاب هجمات الـ11 من سبتمبر (أيلول). وكان أيضاً أفضل أداء في الولاية الرئاسية الأولى لأي رئيس ديمقراطي منذ كينيدي. إذا نظرنا فقط إلى السنوات الـ30 الماضية، تكون الاتجاهات متسقة إلى حد كبير. خسر الرئيس كلينتون 52 مقعداً في مجلس النواب وثمانية مقاعد في مجلس الشيوخ في انتخابات منتصف ولايته الأولى عام 1994. وخسر الرئيس أوباما 63 مقعداً في مجلس النواب وستة مقاعد في مجلس الشيوخ في انتخابات منتصف ولايته الأولى أيضاً عام 2010. وكذلك خسر الرئيس ترمب 40 مقعداً في مجلس النواب في انتخابات منتصف ولايته الأولى والوحيدة عام 2018. وبحلول موعد انعقاد مجلس النواب، نعلم أن بايدن لن يكون في وضع قريب من ذلك بأي شكل من الأشكال. وعلى حد تعبير عضو مجلس الشيوخ ليندسي غراهام (جمهوري – ساوث كارولينا)، هذه الانتخابات "لم تكن بكل تأكيد موجة جمهورية، وهذا أمر مؤكد في شكل مطلق".

إذاً، كيف أخطأ الخبراء في توقع هذا النتائج؟ يبدو الأمر وكأن الاستطلاعات فوتت نسبة مشاركة أعلى من المتوقع من قبل الشباب في ولايات عديدة، وقللت من أهمية الأثر الذي خلفه إبطال المحكمة العليا قرارها في قضية رو ضد وايد Roe v Wade [الذي اعتبر عام 1973 قيود الولايات على الإجهاض غير دستورية]. وضخمت الاستطلاعات التي رعاها الحزب الجمهوري معدلات الاقتراع. ويبدو أن رأي الشعب الحقيقي قد فوت، وأن تطرف الحزب الجمهوري نفر من الأميركيين عدداً أكبر من ذلك الذي تصوره كثر.

وفي تأكيد على هذه النقطة، عانى المرشحون المدعومون من ترمب من ليلة رهيبة. حتى هذه اللحظة، وفق إحصاء أعدته "سي أن أن"، "لم يفز أي جمهوري أيده ترمب في انتخابات غير محسومة على منصب حاكم أو مقعد في مجلس الشيوخ الأميركي أو مقعد في مجلس النواب الأميركي". ويشمل أبرز الخاسرين الدكتور أوز ودوغ ماستريانو في سباقي بنسلفانيا. ويعد ماستريانو من المنكرين الفخورين لنتائج الانتخابات الرئاسية عام 2020، وكان ليتولى قدراً هائلاً من النفوذ في ما يتصل بكيفية إدارة الانتخابات لو أصبح حاكماً. ومن حسن الحظ أن الديمقراطي جوش شابيرو سيتولى هذا المنصب. وكان الجمهوريون يتصورون أن تأييد العصيان من شأنه أن يعود عليهم بالمنفعة. وأثبت الأميركيون أنهم مخطئون.

في مقابلة أجراها يوم الأربعاء الماضي، قدم ترمب انعطافة كلاسيكية تكاد تكون مضحكة في انكشافها إذ قال: "إذا فازوا، ينبغي أن أحصل على الفضل كله، أما إذا خسروا، لا ينبغي لأحد أن يلومني على الإطلاق". حسناً، يلقي الجمهوريون عليه اللوم كله، وعلى الشبكة التلفزيونية الأكثر قرباً إلى قلبه [فوكس نيوز]. غردت جاكي هاينريتش، مراسلة "فوكس نيوز" "تقول لي مصادر في الحزب الجمهوري: ’إذا لم يكن الأمر واضحاً قبلاً فينبغي أن يكون واضحاً الآن. لدينا مشكلة تتعلق بترمب’". ووصف المعلق في "فوكس نيوز" مارك ثيسين الانتخابات بأنها "اتهام حارق موجه إلى الحزب الجمهوري" و"كارثة مطلقة". وقال إن الحزب يحتاج إلى القيام ببعض التأمل الذاتي الجدي.

وفي يوم الخميس الماضي نشرت "فوكس نيوز" قصة بعنوان: "يشير المحافظون بأصابع الاتهام إلى ترمب بعد نتائج الحزب الجمهوري المخيبة للآمال في الانتخابات: "فهو لم يكن يوماً أضعف مما هو الآن". وشاركت "فوكس" القصة على شبكة ترمب للتواصل الاجتماعي "تروث سوشال"، لتضمن أنه سيراها. وذكر جيم أكوستا من "سي أن أن" أن "ترمب غاضب" و"يصرخ بالجميع".

ماذا يعني ذلك لانتخابات عام 2024 الرئاسية؟ ربما يمكن الرد على هذا السؤال من خلال ترويج "فوكس نيوز" لقصة نشرتها "النيويورك بوست" تحت العنوان "رون ديسانتيس يبين أنه مستقبل الحزب الجمهوري". وقال المعلق المحافظ بن شابيرو "إذا أصبح الجمهوريون جادين وتخلوا عن الثرثرة الطائشة، قد يبدو عام 2024 مختلفاً تمام الاختلاف. إذا فعلوا".

هل سيبدو العام مختلفاً؟ هل سينفذ الحزب الجمهوري أي تأمل ذاتي، وهل سيطرد أخيراً من نفسه شياطين مواقفه المناهضة للديمقراطية وجهوده الرامية إلى تقويض الحقوق الأساسية؟ على الأرجح لا. إذا شهدنا كيفن ماكارثي (جمهوري – ساوث كارولينا) رئيساً لمجلس النواب يقود أغلبية جمهورية ضيقة، سيصعب عليه احتواء الأعضاء الأكثر تطرفاً في تجمعه. وقد يكون بوسعنا جداً أن نرى بروز تحقيقات حزبية وحروباً ثقافية طائشة. وإذا استمر ماكارثي في السير على الطريق الذي يسلكه الجمهوريون الآن، وظل بعيداً من الواقع في ما يخص الأميركيين العاديين، قد يعاني حزبه من خسارة رئاسية أخرى عام 2024 في مواجهة حزب ديمقراطي أصبح أكثر جرأة الآن.

وفي الحديث عن عام 2024، تختفي الحماسة حول الإعلان المقبل عن حملة ترمب الرئاسية، لا سيما مع توجه جورجيا إلى دورة ثانية لحسم مصير مقعدها في مجلس الشيوخ. وغردت ماغي هابرمان من "نيويورك تايمز" "هناك أشخاص يدفعون ترمب إلى إعادة جدولة إعلانه الأسبوع المقبل، ويتساءل [جمهوريون] كثر في رسائل نصية عما إذا كان سيفعل".

لكن هل يعني هذا الابتعاد الجديد عن ترمب أننا سنشهد عام 2024 مرشحاً جمهورياً ليس متطرفاً؟ أشك في ذلك. من المرجح أن نحصل على شخص يتشبه بترمب فحسب. وبعبارة أخرى، مولود جديد لحركة "جعل أميركا عظيمة مجدداً": رون ديسانتيس.

© The Independent

المزيد من آراء