Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تونس تتجه نحو "استراتيجية صناعية 2035" لمواكبة متطلبات الأسواق

مديرة البنية التكنولوجية: نتطلع إلى إنجاز مشاريع ذكية بمشاركة عالمية و150 مؤسسة تعتمد على الذكاء الاصطناعي

المديرة العامة للبنية التحتية الصناعية والتكنولوجية في تونس ندى الأشعل (اندبندنت عربية)

يبدو أن الحكومة التونسية عازمة على إجراء حزمة من الإصلاحات تتضمن رؤية مستحدثة للصناعة وفقاً لمتطلبات السوق العالمية والمستجدات الإقليمية، إذ كشفت المديرة العامة للبنية التحتية الصناعية والتكنولوجية بوزارة الصناعة والمناجم والطاقة ندى الأشعل في حديث خصت به "اندبندنت عربية" عن تفاصيل الاستراتيجية الصناعية والتكنولوجية في آفاق 2035.

وقالت الأشعل إن الاستراتيجية ترتكز على الحوار والمشاركة، إذ تأخذ بعين الاعتبار مقترحات ومطالب المنظمات التونسية والهياكل القطاعية المتخصصة عبر تنظيم ورش للحوار المجتمعي المحلي بسائر المحافظات، إضافة إلى 26 ورشة حوار على مستوى القطاعات تشمل 14 قطاعاً في المجالات المختلفة للوصول إلى مخطط متكامل يتضمن سياسات جديدة تستجيب للمتطلبات الداخلية والتطورات الإقليمية.

وأضافت، "تم تنظيم لقاء مع أصحاب المؤسسات والصناعيين لمناقشة التوجهات الاستراتيجية ومخطط العمل الذي انبثق عنها، إذ دارت الدراسة الممولة من البنك الأفريقي للتنمية بعد التصديق عليها في يوليو (تموز) 2022 حول تقييم السياسات العمومية الصناعية السابقة للتركيز على النقائص والهنات ووضع سياسات مستحدثة تتماشى مع المستجدات العالمية بخاصة بعد جائحة كورونا وما ترتب عنها من تغييرات للخريطة الصناعية".

وحول تنفيذ تلك الاستراتيجية أفادت الأشعل بأنه تم إعداد برنامج للترويج والتسويق والاتصال، وتتابع التنفيذ لجنة قيادة تتكون من الوزارات ذات الصلة وأبرزها وزارت التعليم العالي والبحث العلمي والتجارة والاقتصاد والتخطيط وتكنولوجيا الاتصال والنقل والمالية، علاوة على المنظمات الوطنية والإدارات التابعة لوزارة الصناعة، بعد الأخذ بعين الاعتبار التجارب المثلى لعديد من البلدان، خصوصاً في القطاع الصناعي ومنها البرتغال والشيلي وبولونيا والمغرب والتشيك.

وفي شأن الركائز التي استند إليها البرنامج أوضحت الأشعل أن أبرزها التغييرات التي طرأت على الاقتصاد العالمي ومخلفات الإجراءات التي رافقت انتشار جائحة كورونا وما ترتب عنها من اختيار عدد كبير من المؤسسات الصناعية إعادة تمركزها وعودتها إلى مقار بلدان الاتحاد الأوروبي، وما رافق ذلك من بحث على مساحات أخرى للاستثمار الصناعي، ويراعي التوجه الجديد هذه الحاجات الأوروبية في محاولة لاستقطابها بحكم المعطيات الجغرافية والتقاليد السابقة في مجالات الاستثمار، والاقتصاد بصفة عامة.

جسر أفريقي - أوروبي

وعرجت المديرة العامة للبنية التحتية الصناعية والتكنولوجية بوزارة الصناعة والمناجم والطاقة في تونس إلى سعي بلادها لمد جسر يربطها بالقارة الأفريقية وبلدان الاتحاد الأوروبي، إذ يعد ذلك أبرز ركائز الاستراتيجية الجديدة، إضافة إلى مراعاة الانتقال الإيكولوجي البيئي وما يتضمنه من انتقال طاقي وما يوفره لتونس من فرص استغلال النقاط الواردة في اتفاقية المناخ العالمية بفضل مناخها ووفرة الموارد للطاقة المتجددة لديها وموقعها القريب من القارة العجوز، مشيرة إلى أن "الوزارة أدرجت مخططين لتنفيذ استراتيجيتها يمتد الأول من سنة 2023 إلى سنة 2025 والثاني من سنة 2025 إلى سنة 2035".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتعمل تونس في الوقت الحالي وفق رؤيتها الجديدة على خلق منوال تنموي صناعي جديد مبني على المعرفة والتجديد والانتقال الرقمي مع ضمان الانتقال الطاقي والإيكولوجي. ورداً على سؤال حول الإضافات المرتقبة من تلك الإصلاحات في صلب القطاع الصناعي التونسي، قالت الأشعل إن "ميزة البرنامج المتبع هو انتهاج إصلاحات جوهرية للنهوض بالقطاع وتجاوز مجرد مسايرة الإشكاليات إلى مراجعة النصوص القانونية، خصوصاً المتعلقة بقانون الصرف والاستثمار والإجراءات الإدارية في اتجاه تبسيطها ومراجعتها وتوفير البنية التحتية والخدمات لفائدة المؤسسات الصناعية بما في ذلك المد اللوجيستي والصناعي لتحفيز الصناعة ذات الجودة".

وتابعت أن "من خصائص هذه الخيارات أيضاً تحقيقها للتكامل بين التكوين العلمي وحاجات المؤسسات التونسية بملاءمة الجهود الأكاديمية لمتطلبات سوق الشغل، إذ لا يتوقف الإصلاح عند هذه الإجراءات، بل يخضع لمتابعة دورية مع التقييم المستمر والتحيين وفق التطورات على المستويين العالمي والمحلي".

مناخ ملائم

وحول الرؤية لتحقيق صناعة ذات قدرة تنافسية متطورة ومتقدمة تكنولوجياً بينت أن الاستراتيجية تعمل على توفير مناخ أعمال ملائم لتنمية الاستثمارات والأنشطة الاقتصادية ودعم التجديد، خصوصاً في مجال الرقمنة، مروراً إلى الصناعة الذكية والانتقال الطاقي والبيئي، إضافة إلى دعم ومساندة المؤسسات أثناء التصدير بتسهيل الإجراءات، علاوة على تشجيعها على تطوير الاختصاصات القطاعية وسلاسل القيمة الواعدة، إلى جانب أن الصناعة النظيفة والخضراء عبر الطاقة المتجددة تحظى بدعم خاص.

وشرعت الحكومة التونسية في تطبيق الرقمنة من طرف وزارة الصناعة وهياكلها، خصوصاً الخدمات المالية، إضافة إلى برنامج تأهيل الصناعة عن طريق توفير منصة رقمية توفر خدمات عن بعد للمؤسسات، كما انطلقت وزارة الصناعة منذ 2018 في تنفيذ مبادرة للمرور إلى الصناعة الذكية في إطار برنامج التعاون الثنائي التونسي - الألماني بالتنسيق مع الوكالة الألمانية للتعاون الفني والمنظمة الدولية للتطوير الصناعي (ONUDI) بهدف النفاذ إلى رقمنة الصناعة التونسية، وأبرز الأهداف التي ترمي إليها المبادرة تأهيل المستوى العلمي المهني ومساندة المبادرة الوطنية للصناعة الذكية لتركيز محيط مؤسساتي ملائم لتطوير الصناعة الذكية، إذ تعتبر تونس التحول الرقمي للصناعة أهم الآليات التي ستمكن من تطوير إنتاجية المؤسسات الصناعية وفقاً لحديث الأشعل.

التحول الرقمي

وتابعت أن ذلك يتم على مستوى الإنتاج، بالتالي دعم قدرتها التنافسية من خلال الضغط على كلفة الإنتاج لاقتحام أسواق جديدة، ويعد التحول الرقمي من أولويات القطاعات المتصلة بالصناعة، حيث سيمكن هذا التوجه من جعل تونس منصة رقمية جهوية للأسواق الأفريقية والأوروبية، مشيرة إلى أن تنفيذ برنامج التعاون مع المنظمة الدولية للتطوير الصناعي في مجال دعم الانتقال الرقمي للصناعة التونسية ومواصلة العمل على تجسيد برنامج التعاون التونسي الألماني في مجال المرور للصناعة الذكية يقع بالتوازي في إطار التكامل بينهما لخلق مناخ ملائم لاستغلال التكنولوجيا الرقمية ودفع التنمية الدامجة التي تسهم في التجديد والنهوض بالمؤسسات على مستوى الاقتصاد الرقمي وخلق مواطن الشغل في هذا المجال.

وكشفت المديرة العامة عن أنه "يتم التركيز في العمليات المبرمجة خلال الفترة المقبلة على التأسيس لتطوير محيط مجال الذكاء الاصطناعي (Artificial intelligence ecosystem) والمرور إلى الصناعة الذكية (الجيل الصناعي الرابع)، خصوصاً في مجال تكوين الخبرة وإحداث منظومة للإحاطة بالمؤسسات التونسية للاندماج في هذا المسار وتحديد آليات التمويل إلى جانب تقديم الإحاطة الضرورية لفائدة 350 مؤسسة صناعية للعبور إلى الصناعة الذكية في حدود سنة 2025.

50 مشروعاً ذكياً في 2025

وفي ردها على سؤال حول تمويل هذا البرنامج الخاص بالمؤسسات قالت المديرة العامة إن "تطوير آلية لتمويل العمليات المندرجة يقع في إطار المخططات المقترحة من قبل المؤسسات الصناعية للعبور إلى الصناعة الذكية وإحداث مركز للتحول الرقمي للإحاطة بالمؤسسات الناشئة والمتخصصة في تطوير البرمجيات والتكنولوجيات لتسهيل الانتقال إلى الصناعة الذكية، كما يقع العمل على إنجاز مشروعات نموذجية للذكاء الاصطناعي في القطاعين العمومي والخاص تصل إلى 50 مشروعاً في سنة 2025.

وأكدت الأشعل تخصيص آلية وطنية لتمويل المشروعات النموذجية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي ووضع برنامج تكويني في هذا المجال يستهدف الأعوان العموميين ليشمل خمسة آلاف موظف حتى نهاية 2025. كما ردت عن سؤال حول مواطن الشغل المستحدثة من خلال هذا التوجه ومدى استجابته لآفاق التشغيل قائلة إن "الإضافة تتمثل في توفير الآلاف من مواطن الشغل المتخصصة مما يسهم في الضغط على نسبة البطالة في صفوف الإطارات ومواجهة هجرة الأدمغة ودمج الإطارات ذات الكفاءة في سوق الشغل، علاوة على إحداث توازن وتناغم بين حاجات سوق التشغيل والتكوين الأكاديمي العلمي".

150 مؤسسة صناعية

وكشفت الأشعل في هذا الإطار عن إحداث مراكز كفاءات متخصصة في الصناعة الذكية لمساندة المؤسسات على هذا الانتقال وتتمركز بالقطب التكنولوجي بسوسة (الوسط الشرقي) والقطب التكنولوجي بصفاقس (الجنوب الشرقي) والقطب التكنولوجي سيدي ثابت بالعاصمة تونس، إذ تتمثل أهداف المبادرة الوطنية للمرور للصناعة الذكية في تأهيل المستوى العلمي المهني المستمر وتطوير الكفاءات ومرافقة المؤسسات التونسية في مرورها للصناعة الذكية بالتمويل والتكوين ومساندة المؤسسات الناشئة (START UP) في سعيها نحو تطوير الحلول الذكية لفائدة المؤسسات الصناعية. وكشفت في الإطار نفسه عن أن" 150 مؤسسة صناعية تونسية بصدد تركيز برنامج اعتماد الصناعة الذكية"، مشيرة إلى أن "عدداً منها انطلق في العمل بتكنولوجيا برنامج الصناعة الذكية (الجيل الصناعي الرابع)".