Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لعنة "الإجهاض" تصيب الجمهوريين في الانتخابات

النتائج المترتبة على تقويض الحق بالإجهاض بالغة الأثر في شعبية الجمهوريين ولن تنقضي سريعاً

النتائج الأولية أظهرت أن الناخبين اهتموا بمسألة الإجهاض أكثر مما كان متوقعاً (أ ب)

كان هناك اعتراف على مستوى واسع من قبل المعلقين أن الناخبين الأميركيين لا يكترثون كثيراً بمسألة الإجهاض، وكي نكون عادلين فلم يكن هؤلاء المعلقون يسعون إلى إصدار تخمينات عامة، فاستطلاعات الرأي كانت بالفعل تفترض أن حق الإجهاض لم يكن من أبرز أولويات الناخبين، ولنأخذ على سبيل المثال استطلاعاً للرأي أجري بالاشتراك بين قناة "إيه بي سي" الإخبارية ABC News، وصحيفة "واشنطن بوست" تم نشر نتائجه في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأظهر ذلك الاستطلاع أن الناخبين وضعوا مسألة الإجهاض في المرتبة الخامسة كأهم الأولويات بالنسبة إلى المقترعين خلال الانتخابات النصفية، بعد الاقتصاد والتعليم والمدارس والتضخم والجريمة، ولكن قبل مواضيع الهجرة والتغيرات المناخية أيضاً.

لكن حتى المواقف في تلك المرحلة الباكرة يمكن أن تتغير، فليس علينا في العادة قبول ما يصدر عن استطلاعات الرأي وكأنه حقيقة قائمة، لأن الاستطلاعات كما هو معروف ليست علماً دقيقاً محسوم النتائج، وكانت قضية الإجهاض مسألة يصعب تحديد الموقف منها عبر استطلاعات الرأي، لأنها تاريخياً لم تكن موضوعاً انتخابياً بشكل واضح تماماً كما هو الوضع حالياً، خصوصاً بعد قرار المحكمة العليا الأميركية الذي نقض الحكم بقضية "رو ضد وايد".

الخبيرة السياسية إيلين كامارك قالت لقناة "أيه بي سي" الإخبارية "يرتابني بعض الشك في نتائج الاستطلاعات التي أجريت أخيراً، وأعتقد أننا لا نعرف بعد حجم تأثير مسألة الإجهاض [في الانتخابات] لأنها لم تكن من بين مواضيع السياسات العامة الخلافية المطروحة عادة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبالفعل فإن الاعتقاد العام الأولي أن الحق في الإجهاض لن يكون ذا شأن مؤثر [يعتد به] خلال الانتخابات النصفية، كان خاطئاً.

ولم تصدق التوقعات حول موجة حمراء [جمهورية] كاسحة، فطبعاً بعض المرشحين الذين دعمهم الرئيس ترمب أبلوا بلاء حسناً، ويمكننا أن نذكر على سبيل المثال نجاح رون ديسانتيس ومارجوري تايلور غرين، لكن مرشحين آخرين خسروا ببساطة السباق (من بين هؤلاء دكتور محمد أوز)، أو بعض الآخر ممن عانوا بشكل أكبر من المتوقع، (وفيما أنا أكتب هذه السطور تواجه المرشحة لورين بوبيرت منافسة شديدة وغير متوقعة في ولاية كولورادو، إذ يتقدم المرشح الديمقراطي آدم فريش بشكل طفيف، وتتأخر المرشحة سارة بالين خلف منافستها الديمقراطية ماري بيلتولا في ولاية ألاسكا).

المرشحة بالين لطالما كانت في طليعة الشخصيات ضمن حركة معارضة الإجهاض، والأمر نفسه ينطبق على لورين بوبيرت.

وفيما ننتظر صدور نتائج ذلك السباق فإن موقفها [بالين] الحاد المعارض للإجهاض لم يسمح لها حتى باكتساح الولاية، أما بخصوص أوز الذي كان ادعى بشكل مخجل أن قرار الإجهاض يجب أن يعود "للنساء والأطباء وأيضاً للقادة السياسيين المحليين"، قد خسر الانتخابات لمصلحة المرشح الديمقراطي جون فيترمان الذي قاد حملة مؤيدة بوضوح لحق الإجهاض والحرية الإنجابية.

وخلال أثناء كتابة هذه السطور كان المرشح هيرتشيل والكر الذي كان قال بشكل علني إنه معارض للإجهاض إلى درجة أنه لا يؤيد حتى السماح بالإجهاض في حالات الاغتصاب أو سفاح القربى أو من أجل إنقاذ حياة الأم، هو الآخر ليس في صدارة السباق في جورجيا.

وكانت النتائج الأولية أظهرت أن الناخبين اهتموا بمسألة الإجهاض أكثر مما كان متوقعاً، وحلت تلك القضية في المرتبة الثانية بين القضايا الأكثر أهمية بالنسبة إلى الناخبين بحسب استطلاعات قناة "أن بي سي" الإخبارية NBC News، بعد قضية التضخم وقبل قضايا مثل الجريمة وسياسة حيازة السلاح ومسائل الهجرة.

أما في الولايات حيث كانت قضية الإجهاض ضمن مواضيع الاقتراع، صوّت الناس لمصلحة حقهم في الوصول إلى تلك الخدمة لو كانوا بحاجة إليها.

إن المقترعين في ولاية كاليفورنيا وفيرمونت وميشغان صوتوا لمصلحة تعديل دساتير تلك الولايات لتضمن بشكل واضح الحق في الإجهاض.

وفي ولاية كانتاكي رفض المقترعون تعديلاً لدستور تلك الولاية كان يقترح الصيغة التالية، "لا شيء في هذا الدستور يجب أن يتم اعتباره سبباً لتأمين أو حماية الحق في الإجهاض، أو أن يتم تخصيص الموازنات من أجل توفير الإجهاض".

وفي ولاية مونتانا يستمر فرز الأصوات بخصوص مشروع قانون غريب يمنح حق الحماية للمواليد الجدد والذي يتخوف الأطباء بأن من شأن ذلك المشروع أن "يحد من مستوى الخدمات الصحية التي تقدم للأطفال الحديثي الولادة ممن خلقوا ولكنه من المستبعد أن يتمكنوا من البقاء على قيد الحياة"، بحسب صحيفة "نيويورك تايمز".

مشروع القانون الذي يعرف بـ "ولد حياً" Born Alive ينظر إليه على أنه يعكس بشكل رمزي مشاعر الناخبين بخصوص حقوق الإجهاض، ولدى كتابة هذه السطور كان حوالى 52.4 من الأصوات التي تم فرزها صوتت ضد مشروع القرار المقترح هذا، وذلك يعني أنه لم يكن هناك ولاية اعترض ناخبوها على حق الإجهاض من بين الولايات التي طرح فيها الموضوع على التصويت حتى في الولايات ذات قواعد المؤيدة للحزب الجمهوري.

بالطبع علينا أن نتوقع عالماً من الفوضى إذا نجح الحزب الجمهوري في انتزاع الأغلبية في مجلس النواب، لكن الانتخابات النصفية هذه قد علمتنا درسين، الأول هو أن الترمبية [نسبة لدونالد ترمب] تنحسر قوتها تدريجياً، والأمر الثاني هو أن مسألة الإجهاض مهمة في الواقع في عالم الانتخابات، ولماذا قد لا تكون تلك المسألة مهمة؟ فهي قضية اجتماعية وقضية حقوق إنسان وقضية اقتصادية، فمسألة الإجهاض تؤثر في الجميع وليس فقط في الأشخاص الذين قد يكونون قادرين في الوصول إليه من عدمه، بل هي قضية مهمة للأقرباء وشريك الحياة أيضاً، فحق الإجهاض على بال الجميع كما يجب أن يكون، ومن شأن ذلك أن يتسبب بمشكلات على المدى البعيد بالنسبة إلى الحزب الجمهوري.

إن نقض حكم "رو ضد وايد" ربما هو أحد أهم العوامل المهمة التي أثرت في إرث الحزب أخيراً، وكان ذلك القرار نتيجة عقود من التحديات القانونية وحملات الترويج العنيفة، ولا بد من أن الجمهوريين كانوا يعتقدون في الغالب بأن من شأن القرار أن يشد عصب الدعم في أوساط شريحة مؤيديهم لسنوات طويلة مقبلة، لكن الواقع هو أكثر تعقيداً بمن ذلك كثير.

علينا أن نأخذ هذا الأمر في الاعتبار دائماً، خصوصاً فيما نحن بصدد الاقتراب من موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024.

© The Independent

المزيد من آراء