Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تسميد المحيط بالحديد يكافح تغير المناخ

رش نثار المعدن من الجو يسرع نمو غابات المحيط

تحت سطح المياه في البحار والمحيطات، ثمة نظام إيكولوجي متكامل. هل يستفيد من رشّه برذاذ الحديد من الجو، أم يزيده اضطراباً؟ (أ.ف.ب.)

ما برح العلماء يستكشفون مخططات جريئة في الهندسة الجيولوجية سعياً إلى امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، كجزء من خطط طوارئ احتياطية لإنقاذ كوكب الأرض من تدهور المناخ.

تتمثل إحدى الأفكار في تسميد المحيط بالحديد في محاولة لتنشيط الطحالب التي تمتصّ ثاني أكسيد الكربون من البحر ومن الجو أيضاً.

اكتشف الخبراء هذه الطريقة للمرّة الأولى في التسعينيات من القرن العشرين. وحاضراً، يشجّع الآن ديفيد كينغ الذي شغل سابقاً منصب كبير المستشارين العلميين للحكومة في المملكة المتحدة، الخبراء على إعادة النظر بجدية فيها.

إذ يعتقد ذلك الأستاذ في جامعة كامبريدج البريطانية أن رش رذاذ الحديد من الجو فوق المحيط، يمكن أن يتسبّب في تطوّر غابات كبيرة "خلال أسابيع".

وفي حديث مع صحيفة "التايمز"، أورد كينغ أنه لداى إمعان النظر "في المناطق الساحلية للمحيطات الضحلة، نرى أن كثيراً منها كان زاخراً بالأعشاب البحرية وطحالب "الكالب"... إنّ إعادة تخضير تلك المناطق لدعم عودة الأعشاب البحرية والطحالب مسألة بسيطة نسبياً، وممكنة تقنياً ضمن تكلفة منخفضة".

ويتمثّل الأمر الأكثر إثارة للجدل في اعتقاد كينغ بأنّ الحديد يمكن أن يستخدم أيضاً في أعماق المحيطات لتحفيز العوالق النباتية. قد يشكل ذلك وسيلة لتعزيز "بالوعة" الكربون الطبيعي (أي أعماق المحيطات) لأن أزهار الطحالب تحوّل ضوء الشمس إلى طاقة كيماوية باستخدام ثاني أكسيد الكربون الذائب في مياه البحر.

وفقاً لبحث أجراه "المركز الوطني لعلوم المحيطات" في "ساوثاهامبتون" في جنوب إنجلترا، تحتوي المناطق الغنية بالحديد في المحيطات على ما يتراوح بين ضعفين وثلاثة أضعاف من كمية الكربون المحتجز في رواسب قاع البحر. وتراكمت تلك الرواسب على مدى آلاف السنين عِبر الطحالب التي تموت وتغرق إلى قاع المحيط، آخذة الكربون معها.

يعتقد كينغ الذي من المقرر أن يناقش اقتراح تسميد المحيط بالحديد في "المعهد الملكي" مساء الخميس المقبل، بأن ازدهار الطحالب قد يزيد أيضاً مخزون الأسماك. وفي هذا الصدد، أعرب كينغ عن قناعته بأنه "في غضون فترة زمنية قصيرة نسبياً، يمكننا أن نكون على ثقة في أن مليارات الأسماك ستتغذي على تلك الأعشاب والطحالب، فتعود الموارد البحرية لتزدهر في المحيطات".

ومع ذلك، يعتقد علماء آخرون أن لتلك الخطة الطموحة عيوباً خطيرة.

إذ اشتغل البروفسور أندرو واتسون الذي يعمل في "جامعة إكستر" وينتقد خطة كينغ، على الدراسات الأصلية التي تناولت تخصيب المحيط بالحديد في التسعينيات من  القرن  العشرين. وأخبر واتسون صحيفة "الاندبندنت" أنه يعتقد بأن "مخاطر سلبية غير معروفة بشكل واضح ما زالت موجودة" بشأن تسميد المحيط... صحيح أنه من الممكن إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي عن طريق التسميد بالحديد في بعض مناطق المحيط، مثل منطقة المحيط الجنوبي. في المقابل، تطبيق ذلك الإجراء على نطاق واسع بهدف إبطاء ظاهرة الاحتباس الحراري، سيستتبع تغييراً إيكولوجيا في مناطق كبيرة في المحيطات"، بحسب تعبيره.

يعتقد البروفسور واتسون أن أحد الجوانب السلبية المحتملة لتسميد المحيط بالحديد خفض نسبة الأوكسجين في المياه الموجودة تحت سطح المحيط مباشرة، ما قد يؤدي إلى إنتاج أنواع اخرى من غازات الدفيئة.

ووفق كلماته، "ثمة حاجة إلى مزيد من البحوث، قبل السعي إلى محاولة للتسميد بالحديد على نطاق المحيط... لا مجال لأن يكون التسميد بالحديد بديلاً عن خط العمل الأول في مكافحة تغير المناخ، المتمثّل في خفض الانبعاثات التي نتسبب بها".

في المقابل، رأى الدكتور كريستيان مايرز، وهو أستاذ مشارك في الكيمياء الحيوية بجامعة ليدز البريطانية، إن المشكلة الرئيسة في تخصيب المحيط بالحديد أن الكتلة الحيوية الطحلبية الميتة لا تسقط بالضرورة إلى قاع البحر.

وفي تصريح إلى "الاندبندنت"، أشار مايرز إلى أنّ "معظم الطحالب يتحلّل في الـ 100 متر الأولى تحت سطح مياه المحيط، وتتغذى عليه الميكروبات، ما يؤدي إلى عودة معظم ثاني أكسيد الكربون المحتجز فيها إلى الغلاف الجوي. وحتى في قاع البحر، تستمر عمليات التحلل... لذا، يبدو أن المشكلة الرئيسة المتعلقة بتسميد المحيط بالحديد تتمثّل في أنه، حتى إذا نحينا جانباً آثاره المحتملة الأساسية التي يصعب على النظام البيئي تقييدها، هناك كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون المحتجز في الطحالب لا تجد طريقها إلى قاع البحر فعلاً".

© The Independent

المزيد من