Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

العقوبات البديلة لمواجهة ارتفاع عدد السجناء في المغرب

طرح حلول تتمثل في ترشيد اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي والبحث عن تدابير ردعية أخرى

عدد السجناء يرتفع في المغرب بنسبة 10 في المئة (وكالة المغرب العربي للأنباء)

دق مسؤولون وفاعلون ناقوس الخطر في شأن ارتفاع عدد السجناء في المغرب، لما يترتب عن ذلك من تداعيات وآثار على موازنة الدولة، وعلى ظروف معيشة السجناء، وأيضاً على وضعية موظفي هذه المؤسسات الذين يتعين عليهم العمل في مواجهة أعداد كبيرة من المعتقلين.

واشتكى محمد صالح التامك المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، رسمياً من معضلة اكتظاظ السجون وما تفرزه من مشاكل تدبيرية ومالية واجتماعية ونفسية، في الوقت الذي يطرح فيه كثيرون حلولاً تتمثل في ترشيد اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي، والبحث عن تدابير ردعية أخرى.

شكوى المسؤولين

وكشف التامك، المسؤول الأول عن إدارة السجون في المغرب، في مجلس النواب لدى مناقشة موازنة هذا القطاع، عن ارتفاع في عدد السجناء بلغ نسبة 10 في المئة، منتقلاً من 89 ألف سجين إلى 98 ألف سجين في الفترة الممتدة بين شهري أكتوبر (تشرين الأول) 2021 و2022.

وتوقع المسؤول المغربي أن يرتفع عدد السجناء إلى 100 ألف سجين في الأمد القريب، نظراً إلى وتيرة ارتفاع عدد المعتقلين في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الحالي.

وسجل التامك أن الارتفاع القياسي في عدد السجناء في المغرب صاحبه ارتفاع في نسبة الاعتقال وصلت إلى 265 سجيناً لكل 100 ألف نسمة في 2022، معتبراً أن هذه النسبة تعتبر النسبة الأعلى بين دول الجوار.

وتوقف عند إشكالية ارتفاع نسبة الاعتقال الاحتياطي في السجون المغربية، حيث ارتفع المعدل ليبلغ في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي 43 في المئة، بعد أن كان المعدل هو 39 في المئة في نهاية 2019.

ولفت المسؤول نفسه إلى جملة من المشاكل التي تعترض السجناء بسبب هذا الارتفاع، من بينها مشكلة الإدماج في التكوينات التأهيلية، وضعف الطاقة الاستيعابية للسجون، وكذلك تحسين معيشة السجناء، آملاً أن يتم إخراج مشروع قانون العقوبات البديلة في أقرب الآجال.

يذكر أن وزارة العدل تعكف على مشروع قانون حول العقوبات البديلة بدلاً من تلك السالبة للحرية، سيكون مستقلاً عن ترسانة القانون الجنائي، حيث تتضمن هذه العقوبات البديلة: العمل لأجل المنفعة العامة، والغرامة، والمراقبة الإلكترونية، أو ما يسمى السوار الإلكتروني، وتقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية.

أسباب الارتفاع

وأرجع عبدالإله الخضري مدير المركز المغربي لحقوق الإنسان، الارتفاع المهول لعدد المعتقلين في المغرب، وتجاوزهم القدرة الاستيعابية للمؤسسات السجنية إلى عدة عوامل رئيسة منها ارتفاع نسبة الموقوفين على سبيل الاعتقال الاحتياطي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع الخضري، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، بأن نسبة الذين لم تصدر بعد الأحكام في شأنهم توشك أن تقترب من نصف نزلاء السجون المغربية، ما يستدعي دراسة معمقة من داخل منظومة العدالة، لمعرفة الأسباب.

ولفت في هذا الصدد إلى القوانين المؤطرة للسلطة المكلفة بإصدار قرارات الإيداع في السجن، في ظل غياب العقوبات البديلة من القانون الجنائي المغربي بشأن بعض الجنح والجرائم البسيطة، إضافة إلى كثرة الملفات المعروضة على القضاء.

واستطرد الخضري "هناك عامل آخر يتمثل في ارتفاع منسوب النزاعات داخل المجتمع المغربي وسقوط عديد من المواطنين في خرق القانون، بسبب الجهل بالقوانين أو وجود ثغرات قانونية تسهل عملية الإيقاع بالأبرياء المغفلين".

وسجل المتحدث أن "نسبة مهمة جداً من المعتقلين تعود للشباب المراهقين واليافعين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 سنة، حيث ترتمي هذه الفئة في أتون المخدرات والتسكع والإجرام"، مشيراً إلى أن ظاهرة التفكك الأسري وارتفاع نسبة المواليد خارج المؤسسة الزوجية، وارتفاع البطالة في صفوف الشباب، أسباب مباشرة لزيادة منسوب الإجرام والنزاعات وبالتالي ارتياد السجون.

سن عقوبات جديدة

من جانبه يرى رشيد وهابي المحامي بهيئة مدينة الجديدة، أن عدد نزلاء السجون بالمغرب ارتفع بنسبة 10 في المئة في سنة 2022، ما يمثل 327 سجيناً عن كل مئة ألف نسمة، بينما في الولايات المتحدة الأميركية يوجد 621 سجيناً لكل مائة ألف نسمة، رغم أنها دولة تبيح شراء السلاح الناري للجميع.

وأفاد وهابي بأنه لا يمكن إنكار جهود إدارة السجون في تحسين حياة السجناء رغم قلة عدد موظفي هذه المؤسسات، وأيضاً عمل رجال الأمن في مواجهة الجريمة، ودعوة رئاسة النيابة العامة في أكثر من مناسبة لترشيد سياسة الاعتقال.

واستدرك أنه "رغم كل هذه الجهود يتعين على المسؤولين البحث عن أسباب زيادة الجرائم، ومحاولة احتوائها بطرق توعوية وتعليمية ووقائية، فضلاً عن ترشيد أكبر للاعتقال الاحتياطي وتعويضه بتدابير ردعية أخرى حتى يقل عدد السجناء".

ودعا وهابي السلطات إلى تكثيف الجهود لتخفيض عدد السجناء لكون ارتفاع عددها يؤثر على الصحة العقلية والبدنية لهم ويعرض سلامة السجون للخطر والموظفين للإرهاق في عملهم ويقلل من فرص إعادة دمج السجناء.

واستطرد "التوجه المفرط لسجن الأشخاص لا يفضي فقط إلى تكاليف مادية باهظة تتحملها الدولة، ويؤثر بشكل غير متناسب على الفقراء، بل إنه يمنع أنظمة السجون من التعامل المفترض لأن يكون فعالاً في حالة لو كان عدد النزلاء قليلاً".

وخلص وهابي إلى أن "السجن ليس الحل الأفضل لبعض المشاكل الاجتماعية والجرائم البسيطة التي تقع، وأن عديداً منها قد تجد استجابة أكثر فعالية خارج نطاق العدالة الجنائية"، داعياً إلى التوجه لسن سياسات عقابية جديدة تعوض السجن بعقوبات أخرى.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير