Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معركة على مياه الألب تلوح في الأفق وسط أزمة التغير المناخي

المياه الصافية والوفيرة التي تنبع من جبال الألب على مر قرون قد تصبح متنازعاً عليها بشكل متزايد بسبب تأثير التغير المناخي وذوبان الأنهار الجليدية في عشرات ملايين الأشخاص خلال الأعوام المقبلة

تصدعات في نهر جليدي فوق منتجع "ساس-في" سويسري في جبال الألب، يوليو 2022 (أ ف ب)

من المتوقع أن تشهد أعلى قمم أوروبا معركة توشك على الانفجار حول أهم وأثمن مورد على كوكب الأرض.

فقد تصبح المياه الصافية النابعة من جبال الألب والتي كانت وفيرة على مر قرون محل نزاع متزايد بسبب تأثير التغير المناخي وذوبان الأنهار الجليدية على عشرات ملايين الأشخاص خلال الأعوام المقبلة: تحتاج إليها إيطاليا لري المحاصيل خلال الربيع والصيف، بينما تود السلطات السويسرية وقف التدفقات لضمان زيادة سرعة محطات توليد الطاقة الكهرومائية عند الحاجة.

للمرة الأولى خلال أربعة أعوام، وبعد الركود الذي تسببت به جائحة كورونا، يجتمع مبعوثون حكوميون من ثماني دول تقع جبال الألب ضمن حدودها – دول كبيرة وصغيرة - في منطقة بريغ في جنوب سويسرا في إطار تجمع يعرف باسم "اتفاق جبال الألب" Alpine Convention التي أبرمت منذ ثلاثين عاماً للمساعدة على تنسيق الحياة والترفيه والموارد المحدودة لأكثر الجبال شهرة في أوروبا.

وقد أولت الدول بدءاً من إمارة صغيرة كموناكو ودولة سلوفينيا الصغيرة إلى القوى الكبرى مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا اهتماماً كبيراً لما يعرف باسم "تحالف سيمبلون" Simplon Alliance. سمي هذا التحالف تيمناً بممر في جبال الألب بين إيطاليا وسويسرا ويهدف إلى جعل النقل أكثر صداقة للبيئة بما في ذلك من خلال تفضيل السكك الحديدية على الطرقات والنقل العام على السيارات الخاصة في الجبال.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بيد أنه مع تسبب الاحتباس الحراري في تراجع مقلق في الأنهار الجليدية في جبال الألب هذا العام، وخصوصاً في سويسرا، تتخذ مسألة المياه المتجمدة في أعلى الجبال أو التي تمطر أو تتساقط ثلوجاً عليها، أهمية متزايدة. ويقول المدافعون عن البيئة إن التنافس على المياه لم يعالج بطريقة طارئة وبإلحاح كاف ويطالبون دول الألب بالقيام بمزيد من المحادثات في شأن مستقبل هذه الموارد.

وليس هذا بالأمر الجديد، إذ إن تركيا والعراق، والإسرائيليين والفلسطينيين، هم من بين عديد من البلدان والشعوب الذين يشعرون بضغوط مشكلات المياه، بيد أن أوروبا التي تتمتع بأراض مروية بشكل كبير والغنية نسبياً، كانت بعيدة عن هذه المشكلات إلى حد كبير وكانت تجني موارد مائية وفيرة للزراعة والطاقة الكهرومائية ومنتجعات التزلج والاستهلاك البشري.

يشير "التقرير التاسع عن حالة جبال الألب" الذي صاغه المضيفون السويسريون والذي من المتوقع أن تتم المصادقة عليه يوم الخميس، إلى أن إمدادات المياه "قضية ملحة بشكل خاص" لأن جبال الألب هي خزان ضخم للمياه يستفيد منه نحو 170 مليون شخص على طول بعض أنهار أوروبا الأكثر شهرة، بما في ذلك نهر الدانوب وبو والراين والرون.

وفي هذا السياق، بحسب المسودة شبه النهائية للتقرير والتي حصلت عليها وكالة أسوشييتد برس (AP)، "تتطلب إمدادات مياه الشرب، والإنتاج الصناعي والإنتاجية الزراعية والطاقة الكهرومائية والاستخدامات الأخرى توفراً ثابتاً لمياه جبال الألب. ويضع تغير المناخ هذه الوظائف تحت الضغط، حيث تنحسر الأنهار الجليدية وتتغير أنظمة هطول الأمطار باستمرار، بالتالي سيكون انخفاض كميات المياه ومحدودية الموثوقية في إمدادات المياه قضية رئيسة في العقود المقبلة".

وفي سياق متصل، قال كاسبار شولر، مدير "سيبرا إنترناشيونال" (CIPRA International) وهي لجنة تعنى بحماية جبال الألب ومقرها في ليختنشتاين، إن الحكومات توقفت بشكل مقلق عن اتخاذ خطوات لمعالجة المشكلة كما ينبغي- من خلال إنشاء مجموعات عمل أو توسيع البحث أو التوصل إلى طرق يمكن من خلالها مشاركة المياه بشكل أفضل في المستقبل.

وصرح شولر في مقابلة، "نحن – أي المنظمات المراقبة - سعداء بوجود هذا على جدول الأعمال، لكننا مندهشون حقاً من ضبابيته. هم يدركون حقيقة أن هذه ستكون القضية الكبرى في المستقبل لكنهم يتصرفون كما لو أنها ليست مهمة جداً حتى الآن. وصف السويسريون الصعوبات بشكل جيد، لكنهم ما زالوا يفتقرون إلى الشجاعة ليكونوا مباشرين".

وفيما تعتمد القرى والمنتجعات في جبال الألب على المياه، فإن مستخدمي المنبع الرئيسين هي محطات الطاقة الكهرومائية في سويسرا التي ترغب في التمسك بالمياه حتى تشتد الحاجة إليها لتشغيل التوربينات التي توفر نحو 60 في المئة من الكهرباء في البلاد.

ولكن أكبر مستهلكي المياه ينتشرون في مناطق أقرب إلى المصب بالتالي ستشعر المناطق الصناعية مثل غرونوبل وآنسي في فرنسا، والعاصمة النمساوية فيينا، والمناطق المحيطة بمدينة بولتسانو في جنوب تيرول الإيطالية بهذه التأثيرات.

وأشار التقرير إلى أن المدن الواقعة في جنوب جبال الألب، وبخاصة في فرنسا وإيطاليا بمناخها الأكثر جفافاً، من المرجح أن تعاني نقصاً في المياه بحدة أكبر مقارنة بالمدن الشمالية. وأوضح التقرير أن "هذا ينطبق بشكل خاص على الوديان الجافة في جبال الألب الداخلية مثل وادي أوستا في شمال غربي إيطاليا، وقد تأثرت بالفعل بإجهاد مائي كبير".

وقالت وزيرة الدولة بيتينا هوفمان، التي تمثل وزارة البيئة الألمانية في بريغ، إن بلادها تعمل على "تجميع" قضايا المياه المستدامة في السياق الأوسع لمحاربة أزمة المناخ التي ستكون محور مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في شرم الشيخ ابتداءً من 6 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وتابعت بالقول "يتعين على بلدان جبال الألب العمل على مستويين: العمل المناخي الحازم الذي يوقف الاحتباس الحراري العالمي بما يمكنه الحفاظ على الأنهار الجليدية المتبقية. وفي الوقت نفسه، التكيف مع التغيرات في توازن المياه في جبال الألب وفي الأنهار التي تغذيها المياه الآتية منها".

ودعت إلى "تشارك معمق حول كيفية حماية دورة المياه في جبال الألب" واقترحت على الدول في المنطقة تبادل أفضل الممارسات والأفكار قائلة: "نحن بحاجة إلى إشراك جميع أصحاب المصلحة، من السياحة إلى الزراعة وصولاً إلى قطاع إمدادات المياه".

وقال شولر من "سيبرا" إن كثيرين اعتادوا بشكل كبير على المياه الوفيرة لجبال الألب، وقد تنتهي تلك الأيام قريباً. وأضاف، "حتى الآن، كانت البلدان غير الألبية – المناطق المنخفضة - سعيدة لأن جبال الألب توفر كثيراً: المناظر الطبيعية للترفيه والرياضة، ومنتجعات التزلج، والمياه بقدر ما يحتاج إليه الجميع، كما توافرت الكهرباء والطاقة الكهرومائية عند الطلب. كان الجميع سعيداً حتى الآن وكانت جبال الألب تلبي كل الحاجات، لكن سيشهد المستقبل معركة حول هذه الموارد لأن نقص المياه يمكن أن يلحق ضرراً بكثيرين من الناس".

(أ ب)

المزيد من بيئة