تتطلع الجزائر من خلال تنظيمها القمة العربية في دورتها الـ31، يومي الأول والثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، إلى أن تكون قمة الاستثناء، في مسار القمم العربية التي حفت بها الخلافات، ومزقتها الأزمات.
كما تريدها الجزائر قمة رأب الصدع في الداخل الفلسطيني، من خلال
المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية، وإعادة سوريا إلى الحضن العربي، علاوة على العمل على إيجاد تسوية سياسية للأزمة في اليمن، ودفع التكامل العربي اقتصادياً وأمنياً.
وبحكم مكانتها الجيو سياسية في ظل مخاض عسير يعيشه العالم العربي، ومتغيرات دولية طارئة، بات الرهان كبيراً على ما ستفضي إليه القمة العربية من نتائج، فهل تنجح الجزائر في تقريب وجهات النظر بين مختلف الأفرقاء العرب؟ وتوفق في لم الشمل العربي في عالم يعيش تحولات كبرى؟
ضرورة تشكيل تكتلات عسكرية واقتصادية
يؤكد أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة التونسية منتصر الشريف أن "الجزائر تلعب اليوم دوراً كبيراً بخاصة في تقريب وجهات النظر بين الأفرقاء الفلسطينيين، في إشارة إلى القطيعة التي استمرت لسنوات بين حركتي حماس وفتح، بينما اقتلعت الجزائر أخيراً اتفاق مصالحة بين الجانبين وهو ما يحسب لنجاح دبلوماسيتها"، إلا أنه استدرك بالقول إن "الجزائر لا يمكنها أن تقوم بدور حاسم في منطقة المغرب العربي لأنها طرف في النزاع حول الصحراء الغربية مع المغرب".
ويعتقد أستاذ العلاقات الدولية أن "القمة العربية المقبلة، ستكون كغيرها من القمم، فرصة لتبادل التهاني، والنوايا الحسنة بين الوفود المشاركة، بينما يواجه العالم تحديات كبرى، وهو ما يفرض على العرب تعزيز التكامل بينهم اقتصادياً ومالياً، من أجل مجابهة المتغيرات العالمية الجديدة، وبخاصة تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية".
ودعا الشريف الدول العربية إلى "اتباع سياسة التحالفات والتكتلات في هذا الظرف العصيب الذي يمر به العالم، في ظل تشكل تحالفات جديدة عسكرية ومالية واقتصادية بينما بقيت المنطقة العربية الوحيدة في العالم تقريباً التي تغيب عنها التحالفات الاقتصادية أو العسكرية".
ويرى منتصر الشريف أنه "من الصعب تشكيل تحالفات بين الدول العربية، بالنظر إلى واقع الحال، وحتى إن وجدت بعض التحالفات، فهي للتناحر والصراعات الأيديولوجية لا غير"، معتبراً أن "السياق الحالي الذي يعيشه العالم في ظل ندرة الطاقة وارتفاع أسعارها عالمياً، يمكن أن تستفيد منه الدول العربية، من خلال تشكيل قوى ضغط اقتصادية ومالية"، لافتاً إلى الزيارة التي أداها وفد فرنسي رفيع إلى الجزائر من أجل تحسين العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
وحذر الشريف أن "الوضع العالمي الجديد، سيجعل المنطقة العربية عرضة إلى مزيد من الضغوط بسبب النفط"، مضيفاً أن "القضية السورية باتت من الماضي، وستعمل الجزائر على إعادة سوريا إلى الصف العربي"، مشيراً إلى أن "مصالحة الدول العربية، وتركيا والدول الأوروبية مع نظام بشار الأسد آتية لا محالة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
مكانة استراتيجية للجزائر في المنطقة
في المقابل يترقب الدبلوماسي السابق عبدالله العبيدي في تصريح خاص تحقيق نتائج مهمة في ختام هذه القمة، لأن "الجزائر تحوز مكانة استراتيجية في المنطقة"، مستحضراً "تقرب فرنسا من الجزائر في الآونة الأخيرة من أجل تعزيز التعاون الاقتصادي بين البلدين".
ويضيف العبيدي أن "التوازنات في المنطقة العربية تغيرت وباتت سوريا لها مقبولية عند كل الدول العربية التي باتت تتداول ضرورة إعادة سوريا إلى الحضن العربي، وهو ما سيساعد في تقريب وجهات النظر بين الدول العربية بعد ذوبان جليد الخلافات العربية - العربية، ولو نسبياً".
ودعا الدبلوماسي السابق إلى ضرورة "البحث عن توازنات جديدة، بعد توتر نسبي للعلاقات مع الولايات المتحدة"، لافتاً إلى أن "الجزائر تربطها علاقات جيدة بروسيا والصين وهو ما سيفتح آفاقاً أرحب للتعاون العربي مع هذه الجهات"، بحسب تقديره.
وتراهن القمة العربية المقبلة على أن تكون محطة جديدة لدعم القضية الفلسطينية ولم الشمل العربي، وفرصة لبحث ملفات التعاون العربي في مختلف المجالات، وكان الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون أكد أنه يتطلع بأن تكون القمة العربية "ناجحة بالنظر إلى أن الجزائر ليست لديها أية خلفية من وراء تنظيمها هذه القمة ما عدا لم الشمل العربي، بعد حال التشرذم الكبير الذي وقع في العلاقات العربية - العربية في السنوات الماضية، وظهور نزاعات وخلافات بين بعض الدول العربية".
وأبدت الجزائر استعدادها لاحتضان القمة والخروج بنتائج فارقة تقطع مع قمم المجاملات من خلال خطوة المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية، والأمل في انطلاقة جديدة لعمل عربي مشترك، لمواجهة التحديات الراهنة التي قد ترسم خريطة عالمية جديدة.
وكانت الجزائر وجهت دعوات رسمية إلى القادة العرب، إلى جانب الأمين العام للأمم المتحدة، وعدد من ضيوف الشرف، من أجل المشاركة في القمة التي وفرت لها كل ضمانات النجاح على رغم ما يشوب الواقع العربي من خلافات، وسط مؤشرات ضعيفة عن التعاون الاقتصادي بين الدول العربية على رغم ما تتوفر عليه من إمكانات ضخمة.