Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تثيرون موضوع الانتحار مع أولادكم؟

إيان راسل، والد مولي راسل، الفتاة التي وضعت حداً لحياتها في 2017، يشجع الأهل على التحدث مباشرة مع أولادهم إذا كانت لديهم شكوك تتعلق بصحتهم النفسية

الحديث عن الانتحار قد يعزز نوعاً ما فكرة الإقدام عليه (رويترز)

معظمنا لا يمكن أن يتصور ما معنى أن يريد أحدهم وضع حد لحياته، لأننا نستثمر كثيراً من الطاقة والوقت لنقوم بما قد يبقينا على قيد الحياة، بالتالي يصعب علينا حتى التفكير في الموضوع، ناهيك بالتحدث عنه مع شخص نعرفه.

وما يضاعف الصعوبة هو الفكرة الراسخة بأن الحديث عن الانتحار قد يعزز نوعاً ما فكرة الإقدام عليه أو يشجع على الأقل شخصاً ما على وضع حد لحياته، لكن من المهم معرفة أن هذه الفكرة ليست صحيحة بالضرورة، فالسماح لشخص ما بمشاركة فرد آخر ما يشعر به قد يكون مضاداً فعالاً للحيلولة دون حدوث ما لا تحمد عقباه.

ويقول إيان راسل والد مولي راسل، الفتاة التي أقدمت على الانتحار في سن الرابعة عشرة في عام 2017، إنه تمنى لو تحدث مع ابنته عن موضوع الانتحار. فبعد صدور نتائج التحقيق في وفاتها، ناشد الآباء الآخرين التحدث مباشرة مع أولادهم، إذا كانت لديهم أي شكوك تتعلق بصحتهم النفسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قد يبدو هذا الأمر بمثابة تحد شاق، بحيث يمكن أن يجد عدد من الآباء- بمن فيهم أنا- صعوبة في الحصول على أي معلومة من فم أطفالنا، تتعدى جواباً مقتضباً، لكن كما يرى إيان راسل، فإن من الأهمية بمكان تجاوز الفجوة بين الأجيال والحفاظ على التواصل والتخاطب مع أبنائنا.

لا توجد بالطبع طريقة سحرية للقيام بذلك لأن طبيعة العلاقات تختلف من شخص إلى آخر، إلا أن هناك بعض الأمور التي يتعين علينا مراعاتها وأخذها في الاعتبار.

قد يجد بعض الأهالي وأطفالهم أن من الأسهل التحدث عن أفكار الانتحار في صيغة الغائب، لذا فبدلاً من طرح سؤال مباشر عما إذا كانوا قد فكروا يوماً في الانتحار، يمكن صياغته على النحو الآتي: "هل سمعت عن آخرين راودتهم فكرة الانتحار؟" أو "ماذا يمكن أن تفعل إذا صارحك صديق مقرب لك بأن لديه أفكاراً انتحارية؟".

في المقابل، هناك بعض الطرق التي يمكن أن تحدث فارقاً في التعامل مع المشكلة ومن بينها إيجاد الوقت والمكان المناسبين للتطرق للموضوع وتجنب إعطائه أهمية كبيرة أو طابعاً رسمياً، ربما من خلال التحدث عن أمور تعرفون أنها يمكن أن تثير اهتمامهم. فمن أفضل الأوقات التي كنت أغتنمها للتحدث مع أطفالي، كانت أثناء تعلمهم قيادة السيارة، بحيث ألا مفر لهم مني داخل السيارة لمدة ساعة، ما يجعلهم يصرفون انتباههم إلى شيء آخر. ومن البديهي أن يكون الآباء على دراية بالمكان الآمن والوقت المناسب لإجراء نقاش مريح مع أولادهم.

كثير من الأمور قد تتضح أكثر بالنسبة إلينا عندما نتقدم في العمر، لكن الأمر يستحق عناء التحقق من المعلومات التي يمتلكها شخص يافع عن الصحة النفسية والانتحار. فبالنسبة إلى الفتاة مولي راسل وآلاف المراهقين مثلها، كان الإنترنت هو المكان المفضل لإشباع الفضول. وعلى الرغم من وجود بعض المواقع الإلكترونية والمنظمات الرائعة التي يمكنها تقديم الدعم اللازم، فإن الأمر لا يتطلب وقتاً طويلاً لأن يتصفحوا مواقع أقل فائدة، تماماً كتلك التي وقعت عليها مولي راسل بسهولة بالغة.

لذا، فمن المهم عدم افتراض أن الشباب يمتلكون الحقائق كلها. فحتى لو توافرت لهم، يجب التأكد من أن لديهم فرصة لمشاركة أفكارهم وتفسير ما تمكنوا من الحصول عليه من معلومات في شأن الصحة النفسية والانتحار.

إن مفهومنا للوقت يتبدل مع التقدم في العمر. لذلك، فمن المفيد أيضاً أن نتذكر كيف أن الوقت يكون ضيقاً عندما يكون الفرد يافعاً في السن، وأن حجم الضغوط الملحة يكون كبيراً في تلك الفترة، هذا الأمر يمكن أن يتسبب بأزمة، ما يحتم على الأهل تخصيص الوقت الكافي للاستماع لأبنائهم والوجود إلى جانبهم. إن التوصل إلى فهم حقيقة أن الأشياء تتغير مع مرور الوقت هو أمر قد يستغرق سنوات وخبرات طويلة، في عالم قائم على ردود فعل فورية.

تجدر الإشارة إلى أن خطر الانتحار يزداد مع التقدم في العمر من نسبة 0.4 لكل 100 ألف شخص تتفاوت أعمارهم ما بين 10 و14 عاماً، إلى نسبة 6.4 لكل 100 ألف شخص تتراوح أعمارهم ما بين 15 و19 عاماً. ومن المهم - كما هي الحال مع النقاشات المتعلقة بالمخدرات - أن يتم التعامل مع موضوع الانتحار والصحة النفسية وفقاً لعمر الطفل. فحتى مع الصغار في السن، من المفيد الإجابة عن أي أسئلة يطرحونها بشكل مباشر، إذ إن محاولة تشتيت انتباههم يمكن أن يساء تفسيرها على أنها عدم اكتراث. دعوهم يعرفون أنهم يستطيعون الوثوق بكم عندما يريدون التحدث معكم عن أمور مثل التنمر أو عن أطفال آخرين لديهم إشارات مبكرة على مشكلات مرتبطة بصحتهم العقلية.

في مرحلة المراهقة، من المرجح أن يواجه الأطفال نظراء لهم يعانون مشكلات عقلية ونفسية، بما فيها الأفكار الانتحارية. وقد يكون تشجيعهم على مشاركتكم مشاعرهم، من دون اللجوء إلى إصدار أحكام، أمراً في غاية الصعوبة، وذلك لأننا بالفطرة نريد حماية أولادنا والأفراد الذين يهتمون لأمرهم.

يبقى القول، إن ما يمكننا القيام به هو أن نعي أن التعامل مع الانتحار في أوساط الشباب اليافعين على أنه أمر محظور الخوض فيه، لم يحد منه أو يلغيه. فتجاهل الانتحار لن يوقف حدوثه، وجميع الأدلة التي لدينا تشير إلى أن التعبير عن تلك المشاعر والأفكار المزعجة، يمكن أن يسهم بشكل كبير في التخفيف من حدتها على أصحابها، وأن ينقذ أرواحاً.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات