Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فيلم "الملك المفقود": الترفيه لا ينبغي أن يكون ترخيصا لتشويه التاريخ

لماذا تعتقد الدراما الكوميدية أنها تستطيع محو شكل من أشكال الإساءة الحاقدة التي تعرضت لها شخصية تاريخية عن طريق ارتكاب خطأ أفدح يؤدي إلى تشويهها أكثر؟

يوجد تلميح هنا إلى أن لانغلي انجذبت إلى هذه الشخصية بسبب الطريقة التي يتعامل بها شكسبير مع إعاقته (الملك المفقود)

إخراج: ستيفن فريرز. بطولة: سالي هوكينز، ستيف كوغان وهاري لويدز.

التصنيف الرقابي: 12 سنة فما فوق.

المدة: 108 دقائق.

الحياة الحقيقية لعديد من الملوك والملكات والأباطرة ضاعت في التاريخ – فقد محيت وجوههم المسكوكة على العملات المعدنية، وحذفت أسماؤهم من سجلاته، وفي حالة ريتشارد الثالث، حول ويليام شكسبير في أحد أعماله قصة الملك إلى استعراض بغيض. فصل الحقائق عن الدعاية التاريخية، عمل رصين وممل، سلسلة من المشاحنات بالحركة البطيئة محصورة داخل قاعات المحاضرات والحوليات الأكاديمية. إنه عسير على الأحلام السينمائية. وهذا ما أدى إلى رياء فيلم "الملك المفقود" The Lost King، الدراما الكوميدية للمخرج ستيفن فريرز عن اكتشاف الهيكل العظمي لريتشارد الثالث. فبغرض الترفيه، أدت حملة الفيلم المدعية لترميم سمعة الرجل موضوع الفيلم، إلى تحريف الواقع لدرجة جعلته أقرب إلى المهزلة.

يدعي الفيلم أنه يدعم تصحيح مسار الروايات التاريخية. أولاً، أنه يحكي قصة ريتشارد الثالث، الموصوم بالمغتصب والقاتل، على رغم عدم وجود دليل ملموس على أنه فعلاً أجهز على ابني أخيه في القصة المعروفة بجريمة "أميري البرج" - وهما الملك المخلوع إدوارد الخامس البالغ من العمر 12 سنة وشقيقه ريتشارد دوق يورك الذي كان في التاسعة من عمره. ثانياً، لدينا مؤرخة هاوية اسمها فيليبا لانغلي (تجسدها الممثلة سالي هوكينز)، والتي أدت حملتها المتفانية في عام 2012 إلى اكتشاف رفات ريتشارد التي كانت مفقودة مدفونة تحت موقف للسيارات في مدينة ليستر، لكن استبعد اسمها لاحقاً من شهادة التنقيب الأثري.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

صحيح أن لانغلي، في أول زيارة لها إلى موقف السيارات، انتابها شعور جارف بسبب إحساسها المفاجئ بأن شيئاً ذا أهمية كبيرة يكمن تحت قدميها. حتى إنها اعتبرت حرف "R"، المرسوم على الأسفلت للدلالة على أن الموقف محجوز [كلمة محجوز هي Reserved بالإنجليزية] على أنه إشارة من الغيب. المخرج فريرز، الذي يتعاون مجدداً مع كاتب السيناريو جيف بوب والممثل ستيف كوغان بعد عملهم المشترك في فيلم " فيلومينا" Philomena، يأخذ تفاصيل الحياة الواقعية هذه كترخيص يسمح له بتصوير لانغلي على أنها جان دارك علم الآثار الحديث. إنها مسكونة برؤى ريتشارد الثالث (يؤديه الممثل هاري لويد)، الذي صادف أنه يشبه تماماً ممثلاً يؤدي دور الملك في مسرحية شكسبير التي يعرضها مسرح محلي، كان هو السبب في إثارة هوسها بالشخصية لأول مرة. يعتقد جميع أصدقائها أنها تعيش حالة انهيار، لكنها مع ذلك ظلت مستمرة.

يوجد تلميح هنا إلى أن لانغلي انجذبت إلى هذه الشخصية بسبب الطريقة التي يتعامل بها شكسبير مع إعاقته -الجنف الذي أدى إلى وصم ريتشارد بـ"الأحدب"- على أنها إشارة جسدية ظاهرية على آثامه الداخلية. تعاني لانغلي بدورها -وهذه معلومة حقيقية- من متلازمة الإجهاد المزمن وتجد نفسها مهمشة في العمل بسبب مرضها، لكنه رابط سطحي بينها وبين ريتشارد لم يتم التعبير عنه أبداً بأي طريقة هادفة ما عدا بعض العبارات المبالغ فيها الشائعة. تقوم على الملأ بتأنيب شخص يذم ريتشارد الثالث لاعتقاده أن "العمود الفقري الملتوي يعادل شخصية ملتوية". يتوقف الفيلم للحظة - كما لو أنه يتوقع من الجمهور أن ينطلق بتصفيق حار. توضع هذه القيود المحبطة نفسها على تصوير الفيلم للتمييز على أساس الجنس والطبقية في الأوساط الأكاديمية الأثرية. تحاول الموسيقى التصويرية التي وضعها ألكسندر ديبلات جاهدة سد الفراغات وإثارة شعور بالأبهة. وهذا ما يسعى إليه أيضاً أداء هوكينز الدؤوب كالعادة.

النص الذي نسف جهود مؤرخين مثل أنيت كارسون وديفيد بولدوين في تحديد موقع دفن ريتشارد الثالث، يقلل أيضاً من أهمية البحث الدقيق الذي أجرته لانغلي من أجل رفع أهمية حدسها السحري الصافي كدليل أفضل. تصور علاقتها مع بقية الفريق الأثري على أنها قتال بحت تقريباً (لدرجة تثير ذعر الباحثين الحقيقيين). من المفترض أن نتفاعل بازدراء عندما لا يرغبون في إنفاق المال والوقت في سعيهم وراء المشاعر وحدها. في بعض الأحيان، يكاد الأمر يصل إلى درجة النزعة المعادية للفكر. كوغان، الذي يلعب دور زوج لانغلي المستقيم والمجافى جون، يحذرها في مرحلة ما من ميلنا كبشر إلى إضفاء صفة "الشيطنة أو القداسة" الصرفة على الآخرين، بالتالي لماذا يعتقد فيلم "الملك المفقود" أنه يستطيع محو شكل من أشكال الإساءة الحاقدة التي تعرضت لها شخصية تاريخية عن طريق ارتكاب خطأ أفدح يؤدي إلى تشويهها أكثر؟

© The Independent

المزيد من سينما