في تقرير حديث، حذر البنك الدولي من تراجع حجم الإنفاق على التعليم في مصر، وقال إن هذا التراجع سيؤدي إلى نقص أعداد المعلمين والفصول. وتسبب تراجع الإنفاق العام على التعليم إلى نقص عدد المعلمين والفصول الدراسية في البلاد، ما يضع التعليم العام في مصر تحت ضغط كبير.
وتعاني المدارس الحكومية في مصر نقصاً في عدد المعلمين جراء وقف التعيينات الجديدة في الوقت الذي ترتفع فيه أعداد طلاب المدارس الابتدائية باطراد. وأشار البنك الدولي إلى أن مصر بها أكبر عدد من الطلاب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومعظمهم في المرحلة الابتدائية. ويوجد حالياً أكثر من 24 مليون طالب في مراحل التعليم ما قبل الجامعي في البلاد، نحو 90 في المئة منهم في المدارس الحكومية، ويوجد ما يقرب من نصف أولئك الطلاب في المرحلة الابتدائية.
وأشار التقرير إلى أن ما يقرب من مليون معلم يعملون في مجال التعليم، وأكثر من 40 في المئة منهم يقومون بالتدريس في المرحلة الابتدائية. ويضيف العاملون من غير المعلمين، بما في ذلك إدارة المدرسة والمشرفون وأطقم الصيانة، 500 ألف شخص آخر إلى النظام.
ويكون تسجيل الطلاب أعلى خلال سنوات التعليم الابتدائي وينخفض خلال المرحلة الثانوية. ويتم تسجيل جميع الأطفال في المرحلة الابتدائية تقريباً، وكذلك 91 في المئة من الأطفال في الفئة العمرية في المرحلة الإعدادية. من ناحية أخرى، يكون التسجيل في أدنى مستوياته في المرحلة الثانوية. وذكر البنك الدولي أن صافي معدل الالتحاق للمرحلة ما قبل الابتدائية يبلغ حالياً 21 في المئة، مضيفاً أن هذا يعد من أدنى المعدلات في المنطقة. وينخفض معدل القيد مرة أخرى بعد المرحلة الإعدادية ليبلغ 60 في المئة بالتعليم الثانوي.
جودة التعليم
وذكر البنك الدولي، أيضاً، أن نقص المعلمين واكتظاظ الفصول الدراسية أديا إلى انخفاض جودة التعليم، وفقاً للتقرير الذي استخدم مقياسين لتقييم جودة التعليم، وهما نسبة الطلاب إلى المعلمين، ونسبة الطلاب إلى الفصول الدراسية. ويحدد هذان العاملان عبء العمل على المعلمين ومستوى الاهتمام المقدم للطلاب. ويتحسن تحصيل الطلاب مع وجود فصول أصغر ونسبة أقل من الطلاب إلى المعلمين.
ويبلغ متوسط نسبة الطلاب إلى المعلمين في المدارس الابتدائية الحكومية حالياً 32، وتنخفض إلى 17 في المدارس الثانوية. ولا تحتوي النسبة المثالية بين الطلاب والمعلمين على عدد محدد ومقبول عالمياً، لكن يتفق عديد من الخبراء على أن النسبة المثالية بين الطلاب والمعلمين هي واحد إلى 18، وتمكن هذه النسبة المعلمين من تعزيز بيئة تعليمية إيجابية وتقديم مساعدة متخصصة كما أن التحصيل لدى الطلاب يتحسن في الفصول الأصغر ومع النسب الأقل بين الطلاب إلى المعلمين.
نقص حاد في أعداد المعلمين والفصول
وتواجه المدارس الحكومية في مصر نقصاً شديداً في أعداد المعلمين، وقدر وزير التعليم السابق طارق شوقي ذلك النقص بما يصل إلى 250 ألف معلم. ويواجه معلمو المدارس في مختلف مراحل التعليم الأساسي مجموعة متنوعة من التحديات بما في ذلك الأجور المنخفضة والافتقار إلى المؤهلات اللازمة.
وفي ما يتعلق بنسبة الطلاب إلى الفصول الدراسية، هناك نحو 56 طالباً في المتوسط لكل فصل دراسي بالمرحلة الابتدائية، وهي بيئة صعبة سواء للمعلمين أو الطلاب. ويقول التقرير إن متوسط نسبة الطلاب في الفصول الدراسية ينخفض إلى 34 في المدارس الثانوية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وذكر التقرير، أيضاً، أن مصر بحاجة إلى بناء نحو 117 ألف فصل دراسي في غضون خمس سنوات لتخفيف الضغط على المدارس الحكومية وتقليل كثافة الفصول إلى 45 طالباً، على افتراض أن متوسط النمو السنوي في عدد الطلاب من 2017 إلى 2021 سيظل ثابتاً حتى عام 2026. وإذا كانت الحكومة ترغب في الاحتفاظ بالأرقام كما هي، فيجب بناء 50 ألف فصل دراسي بحلول عام 2026 من أجل الحفاظ على عدد الطلاب في الفصول عند 56 طالباً. وإذا ظل هناك نقص في الإنفاق العام، وإذا جرى بناء 10 آلاف فصل دراسي فقط بحلول عام 2026، فسيرتفع متوسط عدد الطلاب في الفصول من 56 إلى 65.
كم تبلغ مخصصات التعليم في الموازنة؟
وفق نشرة "إنتربرايز" يستحوذ التعليم على 26.4 في المئة من مخصصات الإنفاق العام للعام المالي الحالي البالغة 2.1 تريليون جنيه (107.69 مليار دولار)، مع تخصيص نحو 555.6 مليار جنيه (28.492 مليار دولار) للاستثمارات والإنفاق في التعليم والتعليم العالي والبحث الأكاديمي. وقد ركزت الحكومة بشكل أكبر على سد النقص في المعلمين والفصول الدراسية وتطوير البنية التحتية للمدارس في موازنة هذا العام، كما خصصت نحو 4.5 مليار جنيه (0.23 مليار دولار) في الموازنة لبناء 25 ألف فصل دراسي، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 40 في المئة عن الاستثمارات التي جرى تخصيصها لإنشاء الفصول الدراسية في العام المالي الماضي، بينما سيتم إنفاق 1.8 مليار جنيه (0.092 مليار دولار) لمعالجة أزمة نقص المعلمين، لكن يجب أن تضيف الموازنة المعدلة مزيداً من الفصول والمعلمين، كجزء من إصلاحات التعليم الأساسي الجارية التي تنفذها وزارة التربية والتعليم. ولإدارة النقص قبل العام الدراسي 2022/2021، لجأت وزارة التربية والتعليم إلى توظيف معلمين موقتين وتوزيع الطلاب على فترات متعددة خلال اليوم، ومن غير الواضح بعد تأثير ذلك على جودة التعليم. وقررت الحكومة تعيين 30 ألف معلم جديد كل عام بدءاً من العام الحالي، ليصبح المجموع 150 ألف معلم جديد على مدار خمس سنوات، مع التركيز على الصفوف الأولى.
موازنة التعليم
ورأى البنك الدولي أنه ينبغي مراجعة كيفية تحقيق مستهدفات الإنفاق على التعليم، ووجد التقرير أن عملية تخصيص الأموال في موازنة التعليم تعتمد بشكل كبير على مقدار الأموال التي جرى إنفاقها في السنوات الثلاث الماضية. وهذا يجعل تمويل القطاع غير فعال، لأن عدد الطلاب، وعدد المعلمين المطلوب، والتقدم المحرز في استراتيجيات تعليمية محددة لا يؤخذ في الاعتبار، ويجعل هذا النهج من الصعب للغاية مطابقة أولويات التعليم الوطني وأهدافه مع الموارد الكافية.
وأشار التقرير إلى أن زيادة الاستثمار في التعليم الابتدائي وتدريب المعلمين الموقتين يجب أن تكون على رأس قائمة الأولويات. وسيؤدي ضغط النمو السكاني إلى زيادة التحاق الطلاب خلال السنوات الخمس المقبلة، ما قد يستلزم استخدام مدرسين بديلين. ولفت التقرير إلى أنه يمكن إدخال المعلمين الموقتين تدريجاً في النظام، ما يحافظ على جودة المعلم، ويمكن إعطاء المعلمين، بعقود قصيرة الأجل، تدريباً متخصصاً قبل تعيينهم بعقود طويلة الأجل.