Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تظاهرة مصرية في "حب الآثار" احتفالا بحجر رشيد

إقبال غير مسبوق على المتاحف وفعاليات مختلفة شارك فيها الآلاف من المواطنين والأجانب

إقبال كبير من المصريين على زيارة المتاحف في ذكري فك رموز حجر رشيد (وزارة السياحة والآثار المصرية)

شهدت مصر أخيراً حدثاً تاريخياً وهو مرور 200 سنة على فك رموز حجر رشيد، مما نتج عنه نشأة علم المصريات، الذي أصبح واحداً من أهم فروع العلم التي تُعنى بالتاريخ والحضارة.

واحتفالاً بالمناسبة، التي توافقت في اليوم نفسه مع اليوم العالمي للسياحة، فتحت مصر جميع مواقعها الأثرية مجاناً للجمهور من المصريين والعرب والأفارقة والأجانب المقيمين في البلاد، ونظمت احتفالات وفعاليات مختلفة بجميع المواقع الأثرية.

عشرات الآلاف من المواطنين اصطفوا في طوابير طويلة أمام بوابات المتاحف والمواقع الأثرية، مما شكل احتفالية شعبية بالتراث والحضارة المصرية القديمة.

وشهد المتحف المصري بالتحرير (وسط القاهرة) إقبالاً غير مسبوق، ورصد متحف الحضارة بالفسطاط دخول 10 آلاف زائر، كما لاقت المتاحف المنتشرة في جميع المحافظات إقبالاً كبيراً على الزيارة والمشاركة في الفعاليات، كما شهدت المواقع الأثرية في جنوب مصر احتفالات مختلفة شارك فيها المصريون والأجانب.

وبالتواكب مع الحدث أطلقت وزارة السياحة والآثار، ممثلة في الهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي، ولمدة أسبوع، حملة إعلانية إلكترونية تحت عنوان "200 عام من العلم المستمر" (years of science in the making 200) في العديد من دول العالم، منها الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا والسعودية وكندا وإسبانيا وفرنسا، بهدف تعريف العالم بالسبق الحضاري والعلمي الذي تميزت به الحضارة المصرية القديمة.

نشاطات متنوعة

نظمت المتاحف في جميع أنحاء مصر فعاليات مختلفة احتفالاً بالحدث، من بينها تنظيم متحف رشيد الوطني مجموعة من الفعاليات والأنشطة المتميزة، التي شملت معرضاً فنياً وتراثياً عرض نموذج طبق الأصل لحجر رشيد بالحجم الطبيعي، وتمثالاً نصفياً للعالم الفرنسي شامبليون، ومجسماً لقلعة قايتباي مكان اكتشاف الحجر، إضافة إلى ورشة تفاعلية مع الأطفال والشباب للتعرف على أبجديات الخط الهيروغليفية، بينما نظم متحف ملوي بالمنيا (جنوب مصر) ورشة عمل لتعليم الأطفال مبادئ اللغة المصرية القديمة، وأقام معرضاً مؤقتاً بعنوان "اللغة المصرية نشأتها وتطورها".

 

واحتفالاً بالمناسبة افتتح متحف شرم الشيخ معرضاً مؤقتاً بعنوان "نشأة وتطور التعليم"، الذي يلقي الضوء على أحد أهم مجالات الحضارة الإنسانية بشتى أشكالها ألا وهو التعليم، والذي كان بدوره ضرورة من ضرورات الحياة في مصر القديمة.

بينما افتتح متحف الإسكندرية القومي معرضاً مؤقتاً تحت عنوان "قصة حضارة: يوم في حياة المصري القديم"، إضافة إلى تنظيم ورشة عمل لذوي الاحتياجات الخاصة لتعليم الخط الهيروغليفي لتنمية مهارات وقدرات ذوي الهمم وتنمية الوعي الأثري والتاريخي لديهم.

وفي القاهرة نظم متحف الحضارة المصرية بالفسطاط عديداً من الفعاليات والورش والمحاضرات التي شاركت فيها الجماهير بكثافة خلال الأيام الماضية، من بينها ورشة للنحت على حجر الجرانيت لنموذج حجر رشيد ونحت النص الهيروغليفى منه، وأخرى للكشف عن أحد نصوص حجر رشيد باستخدام الحبر السري التي أبهرت جمهور الزائرين بتجربة الحبر السري بأنفسهم والتعرف على ترجمة جزء من النص الهيروغليفي للحجر.

كبير أمناء المتحف القومي للحضارة المصرية ولاء الدين بدوي قال "المشهد أمام المتاحف وفي جميع المواقع الأثرية بمصر كان مبهراً، ويدل على اهتمام ووعي كبيرين من المصريين بأهمية الحدث، واهتمامهم بالتراث والحضارة، فالعلاقة بين المصريين وتراثهم وثيقة دائماً".

 

وأضاف بدوي، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، "الأعداد غير المسبوقة التي شاركت في الفعاليات بجميع المواقع الأثرية تعكس الوعي والاهتمام، فمشهد الأسر التي حرصت على اصطحاب أطفالها للزيارة والمشاركة في الحدث كان لافتاً، ولا بد أن يتم تكرار الأمر في مناسبات أخرى، ففكرة الدخول المجاني للمواقع الأثرية أو تخفيض سعر التذاكر لها عامل بالطبع في الإقبال، لكنه ليس العامل الوحيد".

وأشار إلى أن "متحف الحضارة نظم فعاليات متنوعة، كان من أبرزها عرض نسخة طبق الأصل من حجر رشيد، وأخيراً تم عرض نسخة من كتاب وصف مصر الذي كتبه علماء الحملة الفرنسية، ويعتبر من أهم ما كتب عن مصر خلال هذه الفترة وعكس تراثها وثقافتها في جميع مناحي الحياة"، لافتا إلى أن "المتحف نظم أيضاً محاضرة عن أسرار حجر رشيد واللغة المصرية القديمة لاقت إقبالاً كبيراً من الجمهور".

إقبال في الجنوب

لم يقتصر إقبال الناس على المتاحف، إنما امتد إلى المواقع الأثرية المختلفة في جميع ربوع البلاد، وعلى رأسها منطقة جنوب مصر، التي تزخر بمجموعة تعد من الآثار الأبرز في العالم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال مدير أثار الكرنك مصطفى الصغير، في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، "شهد معبد الكرنك حالة من الإقبال الكبير احتفالاً بالحدث، وفكرة فتح المواقع الأثرية مجاناً للجماهير أحدثت حالة من الزخم وكشفت عن الارتباط الوثيق بين المصريين وحضارتهم، فلا بد دائماً من استغلال هذه المناسبات لربط الناس بتراثهم وحضارتهم، فالحملات الدعائية التي صاحبت الحدث منذ بداية الشهر والفعاليات المختلفة في المتاحف والمواقع الأثرية، إضافة إلى فتحها مجاناً خلق حالة احتفالية في عموم البلاد، وقدم دليلاً على اهتمام المصريين بحضارتهم، فلا بد أن يكون الناس دائماً جزءاً من الحدث، فذلك يخلق لديهم شعوراً بأن هذه الأماكن الأثرية تخصهم وعليهم مسؤولية في الحفاظ عليها والتجارب السابقة في هذا الشأن دائماً ناجحة".

 

وأضاف "نظم معبد الكرنك احتفالاً بنشأة علم المصريات وبيوم السياحة العالمي فعاليات مختلفة من بينها عروض للفنون الشعبية واستعراضات للأطفال، كما تم غرس شجرة في الساحة الخارجية للمعبد لنشر الوعي البيئي بالتواكب مع قرب افتتاح مؤتمر المناخ في مصر، ونظمنا جولات للجمهور مصحوبة بالشرح من المرشدين، وإضافة للمصريين كانت هناك مشاركات فعالة من الأجانب الموجودين في الأقصر، حيث أبدوا اهتمامهم بالحدث وأهميته".

احتفالية رسمية

إضافة إلى الإقبال الشعبي الكبير، وعلى الصعيد الرسمي نظمت وزارة السياحة والآثار في حديقة المتحف المصري بالتحرير احتفالية رسمية بيوم السياحة العالمي ومرور 200 عام على نشأة علم المصريات، حيث رأت أنه أفضل مكان لتنظيم هذه المناسبة التاريخية الاستثنائية لكل المهتمين بالحضارة المصرية.

وتم الإعلان عن الانتهاء من تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع تطوير وتأهيل المتحف، وجارٍ تنفيذ باقي المراحل بالتعاون بين الوزارة والاتحاد الأوروبي، بمشاركة تحالف من أهم 5 متاحف أوروبية هي: المتحف المصري بتورين، ومتحف اللوفر بباريس، والمتحف البريطاني بإنجلترا، ومتحف برلين بألمانيا، ومتحف ليدن بهولندا، إضافة إلى المعهد الفرنسي للآثار الشرقية بالقاهرة.

 

وشهد الاحتفال عدداً من الفعاليات تضمنت افتتاح معرض مؤقت للآثار بالقاعة رقم 44 بالطابق الأرضي للمتحف، لتسليط الضوء على أهمية الكتابة المصرية القديمة، من خلال عرض مجموعة من التماثيل للكاتب المصري، وأدوات الكتابة، كما تم إعادة عرض قاعة الحياة اليومية رقم 34 بالطابق العلوي بالتعاون مع السفارة الأسترالية، التي تحتوي على العديد من الأدوات التي استخدمها المصري القديم في حياته اليومية كأدوات الزينة والألعاب والأدوات والمعدات المستخدمة في الزراعة والصيد والبناء.

وتم افتتاح قاعة آثار تانيس (صان الحجر) للجمهور بعد الانتهاء من تطويرها وتحتوي القاعة على مجموعة كبيرة من كنوز مدينة تانيس، عاصمة ملوك الأسرتين 21 و22، والتي اكتشفها عالم الآثار الفرنسي بيير مونتيه أثناء الحرب العالمية الثانية، وتضم ما يقرب من 2500 قطعة أثرية من مقابر ملوك هاتين الأسرتين.

كما تم افتتاح معرض مؤقت بالرواق رقم 43 بالطابق العلوي لمجموعة من الصور الأرشيفية من أرشيف مركز تسجيل الآثار المصرية وأرشيف المتحف المصري تصور من خلالها مناظر لعدد من المواقع الأثرية على مستوى الجمهورية خلال القرن 19، إضافة إلى إقامة معرض لبيع الكتب بأسعار مخفضة.

المزيد من ثقافة