منذ ما يزيد على 100 سنة والمتحف المصري الواقع في ميدان التحرير في القاهرة يعد رمزاً لتاريخ وحضارة البلاد، بما يحمله من كنوز تعود إلى عصور قديمة كتب لها الخلود، على الرغم من مرور آلاف السنين، ويضم مجموعة من أكبر وأهم الكنوز في قلب العاصمة على مدار أكثر من قرن، فمنذ بدايات القرن العشرين وهو مزار رئيس في البلاد. وحالياً يخضع لعملية تطوير شاملة يتم تنفيذها على 3 مراحل بمنحة من الاتحاد الأوروبي، وبالتعاون مع اتحاد مكون من 5 متاحف هي اللوفر في باريس، والبريطاني، والقومي للآثار بليدن، والمصري في برلين وتورينو.
تهدف عملية التطوير إلى خلق رؤية استراتيجية جديدة للمتحف وتطوير نظام عرض المجموعات الأثرية ومعامل الترميم. ووفقاً لوزارة الآثار المصرية، "فإنه تم الانتهاء من إعداد سيناريو العرض الجديد الخاص بقاعة آثار ما قبل التاريخ وقاعات الدولة القديمة والآثار اليونانية الرومانية والعصر المتأخر، حيث تمت الاستعانة ببعض المواد الأرشيفية حول المواقع الأثرية التي اكتشفت لربط الزائر بتاريخها".
وعن مشروع التطوير، تقول صباح عبد الرازق، مدير المتحف المصري، لـ"اندبندنت عربية"، "إنها تشمل تطوير متحف الطفل وإعداد سيناريو عرض جديد له، وإضافة محاكاة لمناطق الحفائر وبيئتها لتمثل تجربة إثرائية للأطفال من طريق المعايشة".
ماذا سيحل مكان المومياوات الملكية وكنوز توت عنخ آمون؟
أخيراً نقلت المومياوات الملكية من "المتحف المصري" في الموكب المهيب الذي شهده العالم إلى مقرها الجديد في "متحف الحضارة" بالفسطاط، كما سيخصص في نظيره "الكبير" المتوقع افتتاحه قريباً قاعة كبيرة لتضم كنوز توت عنخ آمون، وكان كل منهما من أشهر مقتنيات الأول، التي يحرص الزوار على رؤيتهما، فماذا سيحل في هذا القاعات ليكون بنفس الأهمية والقيمة ويحمل نفس عامل الجذب للزوار؟
تقول عبد الرازق، "لا يقتصر المتحف المصري على قاعة المومياوات وكنوز توت عنخ آمون، فالدور الأرضي مليء بقطع أثرية ثقيلة من التماثيل والمنحوتات تعد فريدة من نوعها، أما الثاني فهو مخصص للآثار الأقل وزناً فكل قاعاته كما هي وتزخر بكنوز وقطع أثرية عظيمة، وبالنسبة إلى قاعة توت عنخ آمون فبعد انتقالها إلى المتحف الكبير ستحل محلها مجموعة جديدة لا تقل أهمية وإبهاراً تتمثل في مجموعة كنوز تانيس التي يصل عددها إلى 2500 قطعة، وبالفعل انتهى إعداد سيناريو العرض المتحفي لها وجارٍ إعدادها للعرض".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تضيف "بالنسبة إلى قاعة المومياوات الملكية فمنذ انتقالها إلى مقرها الجديد في متحف الحضارة، تم تخصيص القاعات لعرض مجموعة نادرة ومميزة من التوابيت يطلق عليها الخبيئات الثلاث التي عثر عليها في طيبة في البر الغربي بالأقصر، وهي خبيئة كهنة المعبود مونتو، والثانية الملكية، والأخيرة كهنة المعبود آمون، وكل منها لها قيمة كبيرة وتضم توابيت وأثاثاً جنائزياً".
تطوير وتحول رقمي
تعتمد مصر بشكل عام مشروعاً قومياً للتحول الرقمي، تأتي من ضمنه المنشآت الأثرية والسياحية بينها المتحف المصري، الذي يضع ضمن أولوياته إعداد مسار خاص يناسب ذوي الهمم حتى يمكنهم زيارته بسهولة ومن دون عناء، تقول مديرة المتحف، "تم تنفيذ بعض الإجراءات بينها اعتماد التذاكر المميكنة وتركيب بوابات إلكترونية للمتحف وستتوالى تباعاً الإجراءات المتصلة في الشأن ذاته. ويولي المتحف أهمية كبيرة لزواره من ذوي الهمم، حيث نُفذ مسار خاص زيارة المكفوفين يتضمن بطاقات شارحة بطريقة "برايل" لبعض القطع الأثرية المختارة، ويجري إعداد مسار خاص يسمح لمستخدمي الكراسي المتحركة بالمرور بسهولة في المتحف".
ملف لتسجيل المتحف المصري على قائمة التراث العالمي
كنوز المتحف المصري تعد من أهم القطع الأثرية في العالم، وهو مزار رئيس لزوار القاهرة من كل الجنسيات. وبمرور السنوات ووصول عمر المتحف إلى 119 عاماً، فإن المبنى ذاته بطرازه الفريد أصبح قيمة أثرية، تشير مديرة المتحف إلى أن "مبنى المتحف ذاته أصبح مسجلاً كأثر وهو على الطراز الكلاسيكي الحديث بطابع عمارة القرن الـ19، ووضع تصميمه المعماري الفرنسي مارسيل دورنون، فالمبنى تاريخه عريق وهو من علامات ميدان التحرير الذي يعد الأشهر في القاهرة، وقد تم افتتاحه عام 1902 في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني، بينما بدأ العمل في إنشائه ووضع حجر الأساس منذ 1897، كما أنه أول متحف قومي في الشرق الأوسط، وأخيراً تم اعتماده ضمن قائمة لجنة التراث التابعة لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو"، كما تم إدراجه على القائمة التمهيدية لمواقع التراث العالمي لليونسكو بعد تقديم مصر لملف تمهيدي لإدراجه على قوائم التراث العالمي".