Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سانت كاترين المصرية بين "التجلي الأعظم" والتخلي البيئي

نشطاء يحذرون من تأثير الإنشاءات الضخمة في المواقع الأثرية والحكومة تؤكد أنها للحماية

يهدف مشروع "التجلي الأعظم" إلى إنشاء مزار روحاني على الجبال المحيطة بالوادي المقدس في سانت كاترين (المكتب الإعلامي لمحافظة جنوب سيناء)

بينما تواصل الحكومة المصرية تنفيذ مشروع "التجلي الأعظم" الذي أطلقته في شهر سبتمبر (أيلول) 2020، لتحويل مدينة سانت كاترين إلى وجهة سياحية عالمية، عبر إنشاء مزار روحاني على الجبال المحيطة بالوادي المقدس، بإجمالي استثمارات تقدر بأربعة مليارات جنيه مصري (205 ملايين و800 ألف دولار) للمرحلة الأولى، هناك مخاوف بأن يؤثر المشروع في البيئة الفريدة لتلك المنطقة التراثية، بخاصة بعد أن حذر المدير السابق لمشروع الاتحاد الأوروبي لسانت كاترين جون جرينجر، خلال بيانات رسمية، من أن "استكماله يعد انتهاكاً واضحاً لقوانين اليونسكو ويستدعي تصنيف سانت كاترين كمنطقة تراث في خطر".

أهمية المشروع

يهدف مشروع "التجلي الأعظم" إلى إنشاء مزار روحاني على الجبال المحيطة بالوادي المقدس، للمكانة الدينية والتاريخية العظيمة التي تمتاز بها مدينة سانت كاترين، وكذلك تعظيم هذا الإقليم سياحياً عبر ربطه ببقية المدن السياحية الممتدة إلى الطور وشرم الشيخ ودهب، مع ترميم جميع الكنائس والمزارات الأثرية.

ويركز المشروع على إعادة تخطيط مدينة سانت كاترين بشكل شمولي عبر تنفيذ 14 مشروعاً، وهي "تطوير النزل البيئي القديم، وإنشاء نزل بيئي جديد، وإنشاء ساحة السلام، والفندق الجبلي، ومركز الزوار الجديد، والمجمع الإداري، وتطوير مركز البلدة التراثية، وتأهيل المنطقة السياحية، وتطوير منطقة إسكان البدو، وتطوير وادي الدير، وإنشاء المنطقة السكنية الجديدة، وشبكة طرق ومرافق، ومخرات للحماية من أمطار السيول، ومجمع تجاري سياحي".

رئيس لجنة تسويق السياحة الثقافية محمد عثمان قال إن "مشروع التجلي الأعظم يضع سيناء على خريطة السياحة العالمية، وسيحدث طفرة تنموية تخلق استثمارات مباشرة وغير مباشرة للقطاع السياحي المصري، ومن ثم توفير فرص عمل كثيفة للشباب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف أن مقاصد السياحة الدينية تصنف ضمن روافد السياحة الثقافية، لذلك أولت الدولة المصرية اهتماماً خاصاً بهذا المشروع باعتباره تنموياً شاملاً سيجذب استثمارات متنوعة لإقليم سيناء، كما تستعد وزارة السياحية للترويج له عبر سلسلة حملات متنوعة، لافتاً إلى أن كبرى شركات السياحة العالمية تتابع حجم الإنجاز في المشروع باهتمام.

وأفاد مصدر مسؤول بوزارة الإسكان والمرافق لـ"اندبندنت عربية" أن نسب الإنجاز والتنفيذ الخاصة بالمرحلة الأولى قاربت على الانتهاء، فجرى إنجاز 95 في المئة من مبنى ساحة السلام، و80 في المئة من المشروع الفندقي الجبلي، و95 في المئة من مركز الزوار الجديد، و90 في المئة من سوق البازارات وكذلك 90 في المئة من مشروع الممشى السياحي بوادي الدير.

وأضاف المصدر أنه "جرى تنفيذ 21 مجمعاً سكنياً تضم أكثر من 540 وحدة سكنية بنسبة تنفيذ تجاوزت 80 في المئة، ونفذ 65 في المئة من مشروع الحماية من أخطار السيول و40 في المئة من مشروعات المياه والشرب والصرف الصحي والكهرباء والاتصالات".

مخاوف بيئية

بدأت التحذيرات والمخاوف من الآثار البيئية على منطقة سانت كاترين من مشروع "التجلي الأعظم"، تتزايد حينما أطلق مدير مشروع الاتحاد الأوروبي لتطوير محمية سانت كاترين في الفترة من 1994: 2002 جون جرينجر تحذيرات صريحة من عواقب مشروع "التجلي الأعظم" جراء إهمال البعد البيئي والتراثي، قائلاً "المشروع تحد واضح وانتهاك لقوانين وأنظمة المحميات ومواقع التراث العالمي، لا بد من تسجيل منطقة سانت كاترين كمنطقة تراث عالمي في خطر، كما أن هيئة اليونسكو اشترطت عند تسجيل سانت كاترين على قوائم التراث العالمي حظر التطوير غير الملائم بها".

المنبر المصري لحقوق الإنسان أطلق أيضاً تحذيراً من غياب التخطيط البيئي المتأني للمشروع، مما قد يتسبب في تغيير معالم المدينة التراثية العالمية.

وذكر الباحث المتخصص في التراث السيناوي وصاحب كتاب "سيناء محور مصري" مهند صبري في تصريحات صحافية، أن "الإنشاءات الضخمة التي ينفذها مشروع التجلي الأعظم ستضر بالمباني الأثرية، ويخرق المشروع قانون هيئة اليونسكو، وبخاصة أنه عديم القيمة الاقتصادية لأن منطقة سانت كاترين مزار ديني، من يزوره لا يبحث عن الفنادق الفارهة ولا البازارات".

الحكومة ترد

في المقابل أكد محافظ جنوب سيناء خالد فودة لـ"اندبندنت عربية" أن "مشروع التجلي الأعظم سيجعل من سيناء قبلة السياحة العالمية، عبر تعظيم المكانة البيئية والأثرية والدينية لهذه المنطقة، فمشروعات التطوير لم ولن تضر بالبيئة من قريب أو من بعيد، لذلك جرى مراعاة الأثر البيئي لعمليات التطوير منذ التخطيط الأولي بما يتناسب مع طبيعة المكان وخصوصيته"، لافتاً إلى أن المشروع سيحمي المناطق الأثرية من أخطار الأمطار والسيول، كما سيرمم المتهالك منها بأحدث الإمكانات العالمية.

 

وذكر أمين عام اتحاد خبراء البيئة العرب مجدي علام أن مشروع "التجلي الأعظم" من أهدافه الحفاظ على خصوصية المكان وحمايته من العوامل البيئية، عبر مشاريع مخرات السيول والصرف الصحي، كما جرى مراعاة البعد البيئي خلال التخطيط للمشروع عبر كوكبة من خبراء البيئة.

وأضاف علام أنه "لم يصدر أي بيان رسمي من جهة بيئية رسمية تحذر من أي مخاوف بيئية، لأن الحكومة المصرية تراعي الآثار البيئية في التخطيط ليس في هذا المشروع فحسب بل منذ التخطيط لبناء السد العالي".

وأشار الباحث في تراث سيناء عبدالله العنزي إلى أن غالب ما كتب للتحذير من الأخطار البيئية الناجمة عن مشروع التجلي الأعظم جاء بأقلام محسوبة على جماعة الإخوان، بهدف التقليل من حجم الإنجاز والتنمية على أرض سيناء، وتلك المحاذير لم يصاحبها دليل واحد على مساس عملية التطوير والتنمية بالحياة البيئية، على رغم أن المشروع وضع في حسبانه تعظيم الأثر البيئي والتراثي للمنطقة كاملة.

المزيد من بيئة