Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لعنة اسم "تشارلز" تطارد ملك بريطانيا الجديد

الأول أعدم أمام قصره لإشعاله حرباً أهلية والثاني نفي 11 عاماً وشهد حكمه الطاعون وحريق لندن فهل يكون الثالث أوفر حظاً من سلفيه؟

اختار ملك بريطانيا الجديد اسم تشارلز الثالث وقد سبقه ملكان حملا نفس الاسم هما تشارلز الأول وتشارلز الثاني وشهدت فترة حكمهما أزمات مستعصية ( اندبندنت عربية)

في الثامن من سبتمبر (أيلول) الحالي اعتلى الملك تشارلز الثالث عرش بريطانيا بعد رحيل الملكة إليزابيث الثانية، وعلى خطى والدته كسر تشارلز التقاليد الملكية التي تسمح له باختيار اسم ملكي يختلف عن الاسم الذي يعرفه الآخرون به، وفضل أن يبقى باسمه الأول "تشارلز"، وذلك بعد تكهنات ومزاعم استمرت لسنوات بأن الأمير يفكر في اختيار اسم من أسمائه الأخرى من بين "فيليب" و"آرثر" و"جورج". لتجنب الإرث المقيت للملكين تشارلز الأول وتشارلز الثاني في بريطانيا.

في عام 2005 زعمت صحيفة "لندن تايمز" من "صديق مقرب" أن أمير ويلز يفكر في تجنب اسمه الأول، مدعياً أنه "مشوب بحزن شديد"، وشككت صحيفة "الغارديان" حينها عبر مصدر آخر في هذا الادعاء.

واختلف رأي كاتبة السيرة الملكية مارسيا مودي لتاون أند كانتري عن غيرها من متخصصين، إذ قالت أنه ليس من الضروري تغيير الاسم "لقد كرس حياته لمناصرة قضايا قريبة من قلبه، وكان يفعل ذلك بصفته صاحب السمو الملكي الأمير تشارلز، أمير ويلز. سيكون استمرار عمله أكثر وضوحاً إذا تقدم كملك تشارلز"، والأكيد أن انتظار تشارلز البالغ من العمر 72 عاماً وقتاً أطول من أي فرد ملكي آخر لاعتلاء العرش، وتعارف عليه الجمهور البريطاني والعالم باسمه الأول لأكثر من 70 عاماً حال عليه من تغيير الاسم. فمن هم الأسلاف الذين شوهوا اسم الملك؟

الملك المقدس

الملك تشارلز الأول هو الملك الثاني لسلالة ستيورات خلفاً لوالده جيمس الأول وكان خجولاً ويعاني إعاقة في الكلام. نشأ في ظل أخيه الأكبر الأمير هنري الذي مات بشكل غير متوقع، وتولى ولاية العهد وهو في عمر 18 سنة، وأصبح فيما بعد أميراً لويلز.

 

حكم تشارلز الأول إنجلترا واسكتلندا وإيرلندا عام 1625، لكنه لم يرث العرش الإنجليزي فحسب، بل ورث أيضاً حرباً مع إسبانيا، إضافة إلى المشكلات الدينية والمالية في عهد والده جيمس الأول الذي ترك أكثر ديون لبريطانيا في تاريخها في زمن السلم.

اشتهر بعلاقته المتوترة مع البرلمان، وقام بحله عدة مرات، والسبب تمسكه الصارم بالحق الإلهي للملوك (الاعتقاد أن الملوك يختارهم الله للحكم)، وهذا الإيمان جعله يتصادم مع النواب حول كل قضية، كما أثار سخط رعاياه والجماعات البروتستانتية بزواجه من هنريتا ماريا الابنة الصغرى لملك فرنسا الكاثوليكي هنري الرابع، وكان هذا الزواج يعتبر أقرب لصفقة تحسين العلاقات بين البلدين المتخاصمين دينياً، والمتنافسين سياسياً، فإن علاقة الزوجين الملكيين وحبهما للفن والثقافة تعمقت لولاء عميق حتى اعتبر المؤرخون أن تشارلز الأول كان أحد أعظم متخصصي الفنون.

بحلول عام 1642 اندلعت التوترات بين الملك تشارلز الأول والنواب بسبب سياساته منها حل البرلمان أحداها استمرت 11 سنة، وفرض الضرائب والتعاطف مع الكاثوليك، وجميعها أدت في النهاية إلى حرب أهلية مما أغرق البلاد بأكملها في حالة من الانقسام والفوضى، أدت في الأخير إلى حادثة تاريخية، غير مسبوقة، حيث قبض عليه، واتهم بالخيانة العظمى، وتم إعدامه أمام قصر وايت هول بوسط لندن عام 1649 بعد حكم دام 24 عاماً.

الملك الفار

بعد إعدام تشارلز الأول سقط الحكم في أيدي أوليفر كرومويل زعيم البرلمانيين، ونجح تشارلز الثاني في الهرب من أنظار جيش البرلمان، إلا أنه بعد مرور قرابة 11 عاماً توفي كروميل، وتم التفاوض مع الملك الهارب للعودة وفي عيد ميلاده الـ 30 عاد تشارلز الثاني إلى العرش الإنجليزي ليرتدي التاج رسمياً عام 1661.

 

فور توليه الحكم عدل الملك تشارلز الثاني جميع الوثائق القانونية والملكية، كما لو أنه خلف والده كملك بعد إعدامه مباشرة عام 1649، لكن عصره شهد عدة مشكلات جديدة، وتفشي الطاعون، وكذلك حريق لندن، في الوقت الذي تفاقمت فيه الكراهية الكاثوليكية، وزادت حدة المشكلات السياسية فقام بحل البرلمان مرة، إلا أنه في الوقت نفسه تميز بأنه ذهبي للثقافة، بسبب تأثره بالروح الفرنسية خلال إقامته في المنفى من فن وطعام وموسيقى، وحتى الأزياء التي تطورت في عهده، فشهد إعادة فتح المسارح مرة أخرى، ورفع الرقابة عن الصحافة، وروج للعلوم من خلال إنشاء الجمعية الملكية التي ما زالت موجودة حتى يومنا هذا، وعاد الشعب الإنجليزي يحتفل بعيد الميلاد بعد أن حظره كرومويل بداعي أنه مهرجان للتبذير وليس له مبرر في الكتاب المقدس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عرف الملك بـ"صانع السعادة" أو "الملك السعيد" إشارة للمرح وحياة الصخب داخل بلاطه الملكي على رغم ظروف البلاد، وقتئذ، حيث ارتبطت سمعته بالشراب الفاخر، والنساء الجميلات، في الوقت نفسه عانت زوجته من مشكلة في الحمل، فلم تنجب وريثاً له، على رغم أنه أنجب ما لا يقل عن 10 أطفال غير شرعيين، فاستبعدهم جميعاً عن العرش ليخلفه شقيقه جيمس الثاني.

لعنة الاسم

وفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال" لا تزال مستعمرات بريطانية سابقة تعتبر الجالس على العرش البريطاني رأساً للدولة على رغم حصولها على استقلالها، لكن وفاة الملكة إليزابيث الثانية وتسلم ابنها تشارلز العرش ربما يعزز الحركات الداعية إلى إلغاء الملكية، وانتخاب رؤساء محليين ضمن أنظمة جمهورية، حيث ذكرت الصحيفة أن الملك تشارلز الثالث وبعد رحيل والدته بات يرأس 14 دولة حول العالم خارج المملكة المتحدة، بما فيها كندا ونيوزيلندا وأستراليا إلى جانب دول أخرى في البحر الكاريبي والمحيط الهادئ.

الدولة الكاريبية أنتيغوا وبربود كانت الأولى التي أعلنت أنها تسعى إلى الخروج من عباءة الملك تشارلز الثالث، وتوقعت جاسيندا أرديرن رئيسة وزراء نيوزيلندا، في وقت سابق، أن تتحول بلادها إلى جمهورية خلال حياتها، بينما أقر 60 في المئة من الكنديين، في استطلاع رأي أجراه "معهد أنغوس ريد" الكندي، أنهم يدعمون التحركات الجارية في بلدان أخرى لقطع الصلات مع الملكية البريطانية، وأن نصف الكنديين لا يؤيدون بقاء بلادهم في ظل حكم ملكي دستوري لأجيال مقبلة، وأخيراً اشتد النقاش مرة أخرى حول الأمر في أستراليا بعد أن حاولت سابقاً إعلان الجمهورية، لكن الاستفتاء لم يكن لصالحها.

 

التخلي عن عباءة الملك تشارلز الثالث ليس بالسهولة التي يتصورها البعض، فبحسب صحيفة "الغارديان"، من المرجح أن تظل كندا مقيدة بالنظام الملكي بسبب القواعد المعقدة التي تحكم دستورها، ومصالح الدول هي التي جعلت ارتباطها مع بريطانيا ضرورة أو مصلحة وثيقة.

يعتبر بعض الناس اسم الملك "تشارلز" ملعوناً، نظراً إلى ارتباطه بالحرب الأهلية الإنجليزية والطاعون وحريق لندن. وقال عالم الأنساب باتريك كراكروفت برينان لصحيفة "التايمز" في عام 2005، "لم يحالف الحظ الملوك الذين يطلق عليهم تشارلز"، لذلك ربما يكون اختيار الملك الاحتفاظ باسمه مفاجأة لبعض المؤرخين والمعلقين الملكيين.

ذكرت د. إميلي أم برينكمان المتخصصة بالتاريخ في صحيفة "واشنطن بوست" أن الجميع توقع من تشارلز أن يختار اسماً مختلفاً لتجنب الارتباط بتشارلز الأول والثاني، فأحدهما ينظر إليه على أنه طاغية، والآخر مستهتر، ولكن واقعياً فإن الاحتفاظ بهذا الاسم يستحضر اثنين من أسلافه قدم كل منهما مساهمات تاريخية في التاريخ البريطاني سواء للأفضل أو للأسوأ، لكن يظل اسم "تشارلز الثالث" ليس الخيار الأسوأ لهذا الملك حديث العهد بالتاج البريطاني، لأنه يستحضر الإرث الثقافي الغني لأسلافه من عائلة ستيوارت.

المزيد من تحقيقات ومطولات