Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وزيرة الداخلية البريطانية "ضللت البرلمان" لكنها لم تخضع للتحقيق

حصري: بريتي باتيل ترفض تصحيح السجل البرلماني بعد أن زعمت أن معظم مهاجري القوارب "مهاجرون لأسباب اقتصادية" في حين أن نسبة 94 في المئة منهم هم من طالبي اللجوء

من المتوقع أن يقوم رئيس الوزراء الجديد بتنحية باتيل عن منصبها في وزارة الداخلية (غيتي)

لم تتعرض وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل لأي تحقيق في مسألة انتهاكها مدونة السلوكيات الوزارية، على الرغم من قيامها "بتضليل البرلمان" بالإدلاء بسلسلة من التصريحات الخاطئة عن المهاجرين الذين عبروا القنال الإنجليزي إلى المملكة المتحدة.

وفيما كانت وزيرة الداخلية تقف خلف مجموعة كبيرة من القوانين التي تجرم عبور القوارب الصغيرة إلى بريطانيا، كررت مراراً لنواب البرلمان القول إن غالبية الوافدين هم "مهاجرون لأسباب اقتصادية"، لكن إحصاءات جديدة صادرة عن وزارة الداخلية، بينت أنه منذ عام 2018، قدم نحو 94 في المئة من الأشخاص الذين وصلوا على متن قوارب صغيرة إلى البلاد، طلبات لجوء، ولم يتم رفض سوى 8 في المئة فقط من الملفات التي تمت دراستها والبت فيها.

أليستر كارمايكل المتحدث باسم الشؤون الداخلية في حزب "الديمقراطيين الأحرار" علق بالقول، "قبل بضعة أعوام، كان تضليل البرلمان يؤدي إلى الاستقالة من الحكومة".

واعتبر أن "الحقيقة المتمثلة في رفض بريتي باتيل حتى التقدم باعتذار عما قامت به، تظهر أن الوزراء "المحافظين" باتوا بكل بساطة ووضوح، يعتقدون أن القواعد لا تنطبق عليهم. لقد دمر بوريس جونسون (رئيس الوزراء المنتهية ولايته) ووزراؤه أي شعور بالنزاهة أو المساءلة في الحكومة.

وكانت تقارير وزارة الداخلية البريطانية الصادرة خلال الفترة التي أدلت فيها السيدة باتيل بتصريحات خاطئة - بين أكتوبر (تشرين الأول) وفبراير (شباط) - قد أفادت بأن "جميع المهاجرين تقريباً" الذين عبروا القنال الإنجليزي إلى المملكة المتحدة طلبوا فعلاً اللجوء.

وتنص مدونة السلوكيات الوزارية التي تحدد طريقة تصرف أعضاء الحكومة ومساءلتهم على ما يأتي، "إن من المهم للغاية أن يقدم الوزراء معلومات دقيقة وصادقة إلى البرلمان. وفي حال حدوث أي خطأ غير مقصود، يتعين أن يتم تصحيحه في أقرب فرصة ممكنة. أما الوزراء الذين يقومون عمداً بتضليل البرلمان، فيتعين عليهم أن يقدموا استقالتهم إلى رئيس الحكومة، لكن وزيرة الداخلية باتيل لم تقدم استقالتها، ولم تلتزم وزارتها حتى بتصحيح السجل البرلماني عندما طرحت "اندبندنت" عليها سؤالاً في هذا الصدد.  

"المجلس المشترك لرعاية المهاجرين" Joint Council for the Welfare of Immigrants (مؤسسة خيرية تعنى بعدالة قوانين الهجرة والجنسية واللاجئين) وجه اتهاماً إلى وزيرة الداخلية بأنها "تنسج شبكة من الأكاذيب الخبيثة، كي تسجل عناوين رئيسة سخيفة في الصحف من جهة، وتبرر سياسات الهجرة القاسية والعنصرية التي تعتمدها من جهة أخرى".

السيدة زهرة حسن مديرة الشؤون القانونية في المنظمة وصفت تصريحات الوزيرة باتيل بأنها "مخزية وعبثية للغاية، خصوصاً أن الإحصاءات الصادرة عن وزارتها تتعارض مع ادعاءاتها".

في المقابل، اتهمت منظمة "ديتنشن أكشن" Detention Action الخيرية (مؤسسة غير حكومية تقدم مشورة للمهاجرين الذين هم قيد الاحتجاز) السيدة بريتي باتيل بأنها "ضللت بصورة متكررة البرلمان والناس، من خلال نشر معلومات غير صحيحة، ونزع الشرعية عن بعض الأشخاص الأكثر عرضة لصدمات نفسية على وجه الأرض".

ورأت مديرة المنظمة بيلا سانكي أن "رفض وزيرة الداخلية والحكومة تصحيح السجل البرلماني، يشكل انتهاكاً لمعيار دستوري آخر".

بريتي باتيل التي من المتوقع أن يقوم رئيس الوزراء الجديد بتنحيتها عن منصبها في وزارة الداخلية الأسبوع المقبل، كانت قد احتفظت بوظيفتها على الرغم من أن تحقيقاً أجري في عام 2020، أثبت أنها انتهكت مدونة السلوكيات الوزارية، بسبب سوء معاملتها لموظفي الخدمة المدنية لديها.

يشار إلى أن السير أليكس ألن استقال من منصب المستشار المستقل للأخلاقيات والمعايير الوزارية، بعد أن رفض بوريس جونسون نصيحته، كما استقال خليفته اللورد غايت على أثر فضيحة "بارتي غيت" Partygate (المتعلقة بإقامة حفلات في مقر رئاسة الحكومة خلال إغلاق "كوفيد").

ولم يتم منذ ذلك الوقت تعيين مستشار جديد، وسيكون على الرئيس العتيد للحكومة أن يوافق على أي تحقيق يجرى، ما يعني أن من غير المرجح أن يتم التحقيق مع الوزيرة باتيل في شأن أي انتهاك محتمل جديد.

وقد وقع أكثر من 30 ألف شخص على عريضة قدمتها مجموعة حملة "فول فاكت" Full Fact (جمعية خيرية تعمل على تصحيح الأخبار الكاذبة، وكذلك الادعاءات التي يتم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي)، تدعو إلى "وضع قواعد جديدة من شأنها أن تسهل تصحيح الأخطاء، وأن تمنع السياسيين من تضليل البرلمان".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكانت "اندبندنت" قد تحققت من 4 مناسبات على الأقل، أدلت خلالها وزيرة الداخلية بتصريحات غير صحيحة أمام "مجلس العموم" واللجان البرلمانية، في ما يتعلق بخصائص مهاجري القوارب الصغيرة. وفي شهر فبراير (شباط) الماضي، قالت باتيل للجنة الشؤون الداخلية في مجلس العموم، إن "غالبية أولئك (الذين يعبرون القنال الإنجليزي)، هم أفراد لا يطالبون باللجوء، أو ليسوا بهاربين من الاضطهاد في بلدانهم".

كذلك في أثناء مناظرة أجريت في "مجلس العموم" في شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، أشارت باتيل خطأً إلى أن الرجال الذين يسافرون بمفردهم لا يمكن أن يكونوا لاجئين، معتبرة أنه يتعين على المملكة المتحدة أن تعتمد "نهجاً مختلفاً لوقف تدفق المهاجرين الاقتصاديين، الذين يتنكرون في شكل طالبي لجوء، والعمل على غربلتهم والتركيز على تقديم الدعم لفئة النساء والأطفال منهم الذين هم أكثر حاجة للمساعدة".

وقبل ثلاثة أيام فقط، تحدثت الوزيرة باتيل أمام "مجلس العموم" قائلة إن "70 في المئة من الأشخاص الذين يعبرون القنال الإنجليزي إلى بريطانيا، هم من الذكور غير المتزوجين، وهم مهاجرون لدواع اقتصادية".

جاء ذلك أثناء ردها على أحد أعضاء البرلمان الذي أشار إلى بحث يظهر أن معظمهم هم من طالبي اللجوء. وأضافت باتيل أن "غالبية هؤلاء الأفراد - 70 في المئة - هم مهاجرون لأسباب اقتصادية. وقالت إنهم رجال عازبون يريدون فقط المجيء إلى المملكة المتحدة".

وتؤكد أرقام وزارة الداخلية أنه منذ شهر يناير (كانون الثاني) عام 2018، كان 70 في المئة من مهاجري القوارب الصغيرة من الذكور البالغين، لكن الإحصاءات لا تشير إلى ما إذا كانوا "عازبين"، وتشير في المقابل إلى أن الغالبية العظمى من هؤلاء كانوا من طالبي اللجوء، وليس "من المهاجرين لدواعٍ اقتصادية".

السيدة باتيل أدلت بإفادة مماثلة في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، حين قالت للجنة العدل والشؤون الداخلية في "مجلس اللوردات"، أن "70 في المئة من الأفراد الذين وفدوا إلى البلاد بصورة غير شرعية عبر قوارب صغيرة هم ليسوا طالبي لجوء حقيقيين".

وتظهر الأرقام التي نشرت يوم الخميس أن الغالبية العظمى من طلبات اللجوء التي يتقدم بها مهاجرون وافدون على متن قوارب الصغيرة، لا تزال تنتظر في سجل وزارة الداخلية للحالات المعلقة، لكن من بين تلك الملفات قررت الوزارة رفض 8 في المئة منها، وقبول 49 في المئة، فيما رفضت المملكة المتحدة النظر في 43 في المئة المتبقية منها، لأنها تقول إن هؤلاء الأشخاص كان بإمكانهم طلب اللجوء في بلد آخر.

ستيوارت ماكدونالد، المتحدث باسم شؤون الهجرة في "الحزب القومي الاسكتلندي"، كان حاضراً في جلسة الأدلة التي عقدتها لجنة الشؤون الداخلية قبل نحو عامين، والتي أكد فيها مسؤولو وزارة الداخلية أن "جميع الوافدين على متن القوارب الصغيرة يطلبون اللجوء لدى وصولهم إلى المملكة المتحدة". وقال لـ"اندبندنت" إن وزيرة الداخلية "حاولت مراراً عدة أن تطرح ما هو عكس الواقع على أنه حقيقة".

وأضاف ماكدونالد، "ينبغي إجراء تصحيح رسمي للسجل. فالفهم الصحيح من جانب البرلمان والتصوير الحكومي الدقيق لحقيقة ما يحدث في القنال هما أمران ضروران، لكن على العكس من ذلك، يبدو أن وزيرة الداخلية تعطي الأولوية للتوجه السياسي".

ورأى أن ذلك "ليس في الواقع بالأمر المفاجىء، لكن من المؤسف أن ندرك أننا لا نستطيع الاعتماد على وزيرة الداخلية في توضيح ما يحدث فعلاً على النحو اللائق، سواء كانت تختلق سياسة رد طالبي اللجوء، أو لجهة فهمها الخاطىء لمراكز التأشيرات للأوكرانيين، أو الادعاءات غير الدقيقة في شأن مشروع قانونها المناهض للاجئين".

وقالت كلير موزلي، مؤسسة جمعية "كير فور كاليه" الخيرية Care4Calais (تعنى بتسهيل أوضاع طالبي اللجوء في شمال فرنسا وبلجيكا)، إن المعلومات المضللة أصبحت "شائعة" في شأن الظروف المحيطة بعبور القنال.

وأضافت أن "من المشين أن تكون المعلومات الكاذبة التي ترد علينا، والتي تحدث انقساماً عميقاً في بلادنا، إنما هي صادرة عن وزراء في حكومتنا. فالبرلمان هو الذي يسن قوانين تحدد حاية الملايين من الناس العاديين ومصيرهم".

أخيراً، رفض ناطق باسم وزارة الداخلية الرد مباشرة على ادعاءات بأن وزيرة الداخلية تنتهك مدونة السلوكيات الوزارية بالقول، "يتعين على الناس أن يطلبوا اللجوء في أول بلد آمن يصلون إليه، بدلاً من مبادرتهم إلى ركب المخاطر من خلال قيامهم بعبور القنال الإنجليزي بصورة غير قانونية، من دول آمنة مثل فرنسا. إن "الخطة الجديدة للهجرة" New Plan for Immigration - التي تعد الإصلاح الأكثر شمولاً لنظام اللجوء منذ عقود من الزمن - ستسهم في تقويم النظام المعطل لدينا".

© The Independent

المزيد من دوليات