Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تتفادى الخرطوم خطر الفيضانات المتكررة؟

تتأثر العاصمة السودانية سنوياً بتلك الظاهرة بسبب ضعف البنية التحتية الناتج عن غياب التخطيط

يبدأ موسم الأمطار عادة في السودان في يونيو ويستمر حتى أكتوبر من كل عام (حسن حامد - اندبندنت عربية)

شهدت مناطق عدة في السودان منذ أغسطس (آب) الماضي، هطول أمطار غزيرة أدت إلى ارتفاع مستوى المياه إلى معدلات عالية، ما يهدد في حال استمرارها بكثافة بحدوث فيضانات سيكون تأثيرها بالغاً، سواء لناحية الخسائر في الأرواح أو الممتلكات، في ظل ضعف الاستعدادات لمواجهتها.
وأكد والي الخرطوم المكلف، أحمد عثمان حمزة، في مؤتمر صحافي، حاجة الولاية الملحة لإيجاد التمويل اللازم لعمل الردميات والحواجز الواقية والقادرة على التعامل مع ارتفاع منسوب نهر النيل، مبيناً أن مشاكل الأمطار المتكررة لا تنفصل عن تهالك البنية التحتية للعاصمة التي يسكنها نحو تسعة ملايين نسمة.

بلوغ مستوى الفيضان

وبحسب بيان صادر عن لجنة الفيضان التابعة لوزارة الري السودانية، الثلاثاء 30 أغسطس، فإن الخرطوم وعطبرة بلغتا مستوى الفيضان، مشيراً إلى أن "منسوب النيل الأزرق بلغ عند الحدود السودانية الإثيوبية 557 مليون متر مكعب بانخفاض 60 مليون متر مكعب عن العام الماضي، وسجل منسوب نهر عطبرة 482 مليون متر مكعب بارتفاع 282 مليون متر مكعب عن عام 2021، بينما سجل منسوب النيل الأبيض 160 مليون متر مكعب في اليوم". وأضاف البيان، "شهد كل من قطاع عطبرة – مروي – دنقلا، وقطاع جبل أولياء- الخرطوم ارتفاعاً نسبياً، كما سجل قطاع خشم القربة – عطبرة ارتفاعاً ملحوظاً، فيما شهد كل من قطاع الخرطوم- عطبرة، والقطاعات على النيل الأزرق استقراراً بالقرب من مناسيب الفيضان، في حين لم يتجاوز التصريف خلف خزان الروصيرص 500 مليون متر مكعب لتخفيف حدة الفيضان".


تحت السيطرة

وأشار مقرر لجنة الفيضان في وزارة الري السودانية، رضوان عبد الرحمن إلى أن "هناك استقراراً في مناسيب النيل بكل مناطق البلاد، وأن الجهات ذات العلاقة تراقب وتتابع المناسيب بشكل دقيق، فضلاً عن قفل بعض الخزانات بشكل جزئي مثل خزان الروصيرص وجبل أولياء لتخفيف ضغط المياه تفادياً للضغط على الخرطوم، وبالتالي كسر حدة الفيضان".
وأكد عبدالرحمن أن "أوضاع الفيضان تحت السيطرة، ولا توجد حتى الآن أي مؤشرات سلبية، لكنه حض المواطنين الذين يقطنون على ضفاف النيل الرئيس من شمال الخرطوم حتى دنقلا ونهري عطبرة والدندر اتخاذ الحيطة والحذر من أجل الحفاظ على أرواحهم وممتلكاتهم".
ولفت مقرر اللجنة إلى أن "لجنة الفيضان ترصد السحب الماطرة فى الهضبة الإثيوبية، ومتابعة المياه في جميع الأحباس للحماية من الفيضان".

وضع مختلف

وأوضح وزير الري السابق في السودان، عثمان التوم، أن "وضع الفيضان هذا العام سيكون مختلفاً عن العامين السابقين، ففي عام 2020 أكمل سد النهضة المرحلة الأولى من الملء بنحو ثلاثة مليارات متر مكعب من المياه. وفي عام 2021 اكتمل ملء المرحلة الثانية بحجم خمسة مليارات متر مكعب، وكان ذلك مبكراً وتحديداً في 20 يوليو (تموز)، إذ ارتفعت المياه فوق الحاجز الأوسط وبالتالي أصبح من الصعب حجز المياه لتجري باتجاه السودان وتسببت في الفيضانات التي شهدتها البلاد خلال السنتين الماضيتين، لكن في المرحلة الثالثة للملء التي اكتملت في 11 أغسطس 2022 تم حجز 14 مليار متر مكعب، فقد استمر الملء هذا العام لفترة أكثر من العامين السابقين بشهر، لذلك لم يحدث فيضان كما كان يجري سابقاً في مثل هذه الأيام". وأضاف التوم، "من المستبعد أن تكون هناك قمة فيضان مزعج هذا العام والسنوات المقبلة إلا في حالات شاذة، لأنه كلما تأخر الملء يقل أثر الفيضان، وهو ما حدث الآن، فاحتمال أن يكون هناك فيضان خلال هذه الفترة ضعيف جداً، إذ يُتوقع أن يحمي سد النهضة السودان من الفيضانات خلال السنوات المقبلة، لذلك ليس هناك حاجة للقيام بتحوطات أو إقامة سدود جديدة على نهر النيل أو النيلين الأزرق والأبيض وغيرها، فالمطلوب فقط أن تكون هناك متابعة متواصلة من خلال السدود القائمة".
وتابع وزير الري السابق، "وفق هذه المؤشرات، يُستبعد أن تكون هناك قمة فيضان أكبر ذات تأثير سلبي على المناطق المجاورة للنيل خصوصاً وأننا في نهاية أغسطس، لكن المناطق المنخفضة حول النيل قد تتأثر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


ضعف البنية

في سياق متصل، صرح نائب مدير هيئة المساحة السودانية السابق صديق مكي، بأن "الأساس في حماية المدن التي تقع على ضفاف النيل، خصوصاً الخرطوم من الفيضانات، يكون بعمل خارطة طبوغرافية يتم من خلالها مراجعة وتحديد استخدامات الأراضي ومعرفة مناسيب المياه، فالآن توجد تطبيقات وتقنيات تمكن من وضع الحماية اللازمة من أي خطر يتعلق بالفيضان، وذلك بتصريف المياه بطريقة مثلى. فالعاصمة الخرطوم، على الرغم من أنها تأسست وفق نهج علمي بتتبع الخرائط الهيكلية منذ خمسينيات القرن العشرين الماضي، التي تشمل تصوراً مستقبلياً يراعي عدد السكان والخدمات المختلفة، لكن المؤسف هو أن موجات الجفاف والتصحر التي ضربت بعض أقاليم البلاد أدت إلى هجرة باتجاه الخرطوم فتمددت في المساحات السكنية من دون مراعاة لأسلوب التخطيط الحضري المثالي".
وأردف مكي، "لكن بشكل عام يمكن القول، إن تأثر العاصمة سنوياً بالفيضانات يعود إلى ضعف البنية التحتية الناتج عن غياب التخطيط، وإن إصلاح هذا الوضع ممكن، لوجود الرؤية والفكرة والخبرات، إلا أن المشكلة تكمن في عدم توفر الإمكانيات المادية لتنفيذ هذه الأعمال على أرض الواقع، كذلك من الجوانب السلبية المتبعة من قبل الجهات المختصة، السماح بتنفيذ خطط سكنية من دون تقيد بالنظم الهندسية المتعارَف عليها، ما أحدث اختلالات واضحة في عمليات تصريف المياه والحماية من الفيضانات والأمطار والسيول التي تجتاح الخرطوم".
وزاد مكي، "كل هذه المشكلات التي تعاني منها معظم مدن البلاد كان من الممكن تفاديها أو التغلب عليها أو على الأقل التخفيف من آثارها إذا اتُبعت الأساليب والطرق العلمية المدروسة من قبل السلطات المختصة، وهذا ما لم يحدث إطلاقاً، فمن المعروف أن هناك أنظمة محددة في التصريف لكل نمط من تخطيط المباني والشوارع يأخذ في الاعتبار الطبيعة الجغرافية للمنطقة السكنية بحيث يكون من أسفل إلى أعلى، أي أن يتم البدء بتخطيط شبكة المجاري وليس العكس، لذلك ظللنا نعيش في أوضاع مأساوية وكارثية كلما اجتاحنا فيضان أو سيول وغيرها من الكوارث".


حالة تأهب

وأعلن السودان، الأحد 27 أغسطس الماضي، رفع حالة التأهب القصوى في كافة غرف العمليات في البلاد مع بدء ذروة فيضان النيل، وذلك من خلال المتابعة الدقيقة المستمرة لمناسيب النيل ومستوى الأمطار.
ولقي أكثر من 80 شخصاً العام الماضي مصرعهم في حوادث مرتبطة بالفيضانات خلال موسم الأمطار الذي يبدأ عادة في السودان في يونيو (حزيران) ويستمر حتى أكتوبر (تشرين الأول)، وتصل الفيضانات إلى ذروتها في أغسطس وسبتمبر (أيلول).
وتأتي هذه التحذيرات في وقت ضربت فيه الأمطار والسيول البلاد منذ الأسبوع الثاني من أغسطس، شملت 10 ولايات من أصل 18 ولاية، واجتاحت أكثر من 250 قرية وأدت إلى مقتل 100 شخص تقريباً، وسط صعوبات بالغة في إيصال المساعدات الإنسانية المقدَمة من الخارج ومن منظمات محلية، وذلك بسبب المياه الجارفة التي عزلت معظم تلك القرى وأحدثت أضراراً بالغة ببعض الطرق الرئيسة.

المزيد من متابعات