Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

باكستان تنادي العالم لانتشالها من الفيضانات والناجون يعيشون "فيلم كوارث"

يكافح عشرات الملايين أسوأ أمطار موسمية منذ ثلاثة عقود

قال وزير التخطيط الباكستاني إحسان إقبال إن بلاده بحاجة إلى أكثر من 10 مليارات دولار لإصلاح وإعادة بناء البنى التحتية المتضررة جراء الفيضانات المدمرة الناجمة عن الأمطار الموسمية الغزيرة، وأضاف "لحقت أضرار هائلة بالبنى التحتية وخصوصاً الاتصالات والطرقات والزراعة وسبل العيش".

نداء

وتطلق الأمم المتحدة والحكومة الباكستانية رسمياً، الثلاثاء 30 أغسطس (آب) الحالي، نداءً للحصول على تبرعات قيمتها 160 مليون دولار لتمويل مساعدات طارئة لباكستان التي تعرضت لفيضانات تاريخية، بحسب ما أعلن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، الإثنين الـ29 من أغسطس.

ويكافح عشرات الملايين من الباكستانيين أسوأ أمطار موسمية منذ ثلاثة عقود، أودت بـ1136 شخصاً على الأقل، وجرفت عدداً لا يحصى من المنازل، كما دمرت الأراضي الزراعية الحيوية.

وأعرب المتحدث باسم أنطونيو غوتيريش، ستيفان دوجاريك، عن قلقه خلال مؤتمر صحافي، وقال، "سيزداد الوضع سوءاً مع استمرار هطول الأمطار".

وفي هذا السياق، أضاف، "نخطط بالتعاون مع الحكومة لتوجيه نداء عاجل من أجل الحصول على 160 مليون دولار لأنشطة المساعدة الطارئة"، مضيفاً أنه سيتم إطلاق هذا النداء رسمياً، الثلاثاء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار إلى أن الأمم المتحدة "جمعت بالفعل سبعة ملايين دولار من طريق إعادة توجيه الأموال من برامج أخرى خصوصاً، لتمويل الحاجات الأكثر إلحاحاً"، والغذاء والمياه والمعدات الطبية والمأوى، كما تم تخصيص ثلاثة ملايين إضافية من قبل صندوق الأمم المتحدة للاستجابة لحالات الطوارئ.

تخفيف تداعيات الفيضانات

من جانبه، قال وزير المالية الباكستاني مفتاح إسماعيل، الإثنين، إن بلاده ستدرس استيراد الخضراوات من خصمها اللدود الهند لتخفيف آثار الفيضانات التي تسببت في زيادات كبيرة في أسعار الغذاء.

وأبلغ إسماعيل قناة "جيو نيوز" التلفزيونية المحلية، "يمكننا أن ندرس استيراد الخضراوات من الهند". وأضاف أن تركيا وإيران أيضاً قد تكونان خيارين آخرين.

وتتسارع جهود الإغاثة في المناطق التي تضربها فيضانات لمساعدة ملايين المتضررين، وتواجه السلطات والجمعيات الخيرية صعوبة في تسريع تسليم مواد الإغاثة لأكثر من 33 مليون متضرر، خصوصاً في مناطق لا يمكن الوصول إليها لانقطاع الطرق وتدمير جسور جرفتها الفيضانات، علماً أن المناطق الجافة في الجنوب والشرق محدودة، وتكتظ طرق سريعة مرتفعة وسكك حديدية حالياً بنازحين فروا من السهول الغارقة.

وقالت التلميذة ريمشا بيبي في منطقة ديرا غازي خان بوسط باكستان لوكالة الصحافة الفرنسية "ليس لدينا مكان لطهي الطعام. نحن بحاجة للمساعدة".

وتتساقط على باكستان أمطار غزيرة، وأحياناً مدمرة، خلال موسم الأمطار السنوي البالغ الأهمية للزارعة ولملء الأنهار والسدود، لكن الأمطار الحالية غير مسبوقة منذ ثلاثة عقود.

وألقى المسؤولون الباكستانيون باللائمة على التغير المناخي الذي يضاعف وتيرة ظواهر الطقس المتطرفة وشدتها في أنحاء العالم.

وقالت وزيرة التغير المناخي شيري رحمن لوكالة الصحافة الفرنسية إن "مشاهدة الدمار على الأرض تبعث على الذهول حقاً"، وأضافت "عندما نرسل مضخات مياه يقولون لنا: إلى أين نضخ المياه؟ المكان محيط واحد كبير، لا أرض جافة نسحب المياه إليها"، وتابعت "حرفياً ثلث مساحة البلاد تحت الماء" وشبهت الكارثة بأفلام الكوارث.

في المقابل، صرح وزير التخطيط إحسان إقبال بأن باكستان بحاجة لأكثر من 10 مليارات دولار لأعمال التصليح وإعادة بناء البنى التحتية المتضررة، وأوضح لوكالة الصحافة الفرنسية "لحقت أضرار هائلة بالبنى التحتية، خصوصاً الاتصالات والطرقات والزراعة وسبل العيش".

ونهر السند الممتد على طول الدولة الواقعة بجنوب آسيا، مهدد بالفيضان على وقع السيول المتدفقة من روافده في الشمال.

وسجلت البلاد ككل معدل أمطار موسمية يزيد بمرتين  على المعتاد، بحسب مكتب الأرصاد، لكن متوسط هطول الأمطار في إقليمي بلوشستان والسند بلغ أربعة أضعاف معدلاته في العقود الثلاثة الماضية.

وتأتي كارثة الفيضانات في أسوأ الأوقات بالنسبة إلى باكستان التي يشهد اقتصادها انهياراً حاداً وأعلنت حكومتها التي ناشدت المجتمع الدولي المساعدة، حال طوارئ، وبدأت أولى رحلات الإغاثة أخيراً بالوصول من تركيا ودولة الإمارات، بينما وعدت دول أخرى منها كندا وأستراليا واليابان بالمساهمة.

من جهته صرح المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ينس لاركي في مؤتمر صحافي في جنيف "شعب باكستان بحاجة ماسة إلى التضامن والدعم الدوليين"، وقال إن نحو 500 ألف شخص نزحوا بسبب الفيضانات ولجأوا إلى المخيمات فيما يقيم كثيرون بشكل موقت مع عائلات مضيفة، وتابع "من المتوقع أن تستمر الأمطار الغزيرة ومع وجود عدد من السدود والأنهار عند مستويات الفيضانات من المرجح أن يتفاقم الوضع قبل أن يتحسن".

وقال المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية كريستيان ليندماير إن المرافق الصحية في باكستان تأذت بشدة جراء الفيضانات مع إلحاق "أضرار بالغة" في 180 منها.

ووردت بعض الأنباء الجيدة، الإثنين، مع إعلان صندوق النقد الدولي الموافقة على برنامج قروض لباكستان يفرج عن شريحة أولى قدرها 1.1 مليار دولار.

وقال مالانغ جان (60 سنة) لوكالة الصحافة الفرنسية "منذ ثلاثة أيام ونحن لا نأكل غير الرز. لم أتخيل أبداً أن يأتي يوم نعيش فيه هكذا. فقدنا جنتنا والآن أرغمنا على العيش حياة تعيسة".

أنقذت عائلة جان على متن قارب بعد أن غرق منزله في مياه الفيضانات التي غمرت ثلث مساحة البلاد وأودت بحياة أكثر من 1100 شخص وطاولت أضرارها عشرات الملايين.

ملاجئ موقتة

وتنتشر ملاجئ موقتة في جميع أنحاء باكستان، في مدارس وعلى امتداد طرق سريعة وفي قواعد عسكرية، لإيواء ملايين النازحين والمتضررين من الفيضانات التي تجتاح هذا البلد.

غير أن الارتياح إزاء إيجاد بر أمان يمكن أن يتحول إلى يأس بالنسبة لكثيرين، ففي بلدة ناوشيرا بشمال غربي البلاد تم تحويل كلية للتدريب المهني إلى ملجأ لنحو 2500 من المتضررين في حر الصيف مع مساعدات غذائية متقطعة وكمية محدودة من مياه الاغتسال.

وتنتشر الخيام في حدائق الكلية، وتمتلئ قاعات الدراسة بعائلات من أوائل الواصلين كانت لها فرصة الحصول على بعض الخصوصية.

أما آخرون، فيجلسون كتفاً إلى كتف في ممرات ومعهم حزم تحتوي على قليل من المقتنيات، فيما ترعى رؤوس ماعز وطيور دجاج أنقذت من المياه المرتفعة في حرم الجامعة.

وتدير المخيم الذي يضم 2500 شخص جمعيات خيرية وأحزاب سياسية ومسؤولون إداريون يعملون على قدم وساق نظراً إلى هول الكارثة.

ويوزع متطوعون الخيام والفرش والمياه والعدس والخبز، وقال المسؤول القضائي مشفق الرحمن الذي جاء للإشراف على توزيع المساعدات الغذائية نيابة عن الإدارة المحلية "هناك حال هلع"، مضيفاً "هناك ما يكفي من المواد الغذائية، لكن الناس يشعرون باليأس لأنهم غير متأكدين من الحصول على وجبة طعام أخرى".

يمثل الوضع صعوبة بشكل خاص للنساء في هذه المجتمعات المحافظة جداً اللاتي يرتدي معظمهن البرقع ونادراً ما يختلطن برجال ليسوا من أقاربهن.

وقالت ياسمين شاه (56 سنة) التي تقيم الآن في إحدى قاعات الكلية مع عائلتها "نحن من البشتون ولا نخرج كثيراً من منازلنا، لكننا الآن مجبرات على الخروج"، وتقف شابات يرتدين البرقع وقد كشفن عن وجوههن، يراقبن من طوابق علوية.

وأضافت امرأة أخرى تعتني بقريب ضرير "لا يمكنني الخروج من هذه القاعة ما لم أكن مضطرة إلى ذلك"، فيما تصطف نسوة أكبر سناً في طوابير لتأمين حصة من المساعدات الغذائية.

وتشتد وطأة الحر عندما تتوقف المراوح القليلة التي تعمل بسبب انقطاع التيار الكهربائي ولا توجد أماكن للاغتسال ولا تتوافر سوى حمامات معدودة للنازحين، وقال فضل المالك "العيش هنا سيء، كرامتنا مهانة. رائحتي نتنة لكن لا مكان للاستحمام"، ويقيم هذا الرجل مع عائلته المكونة من سبعة أفراد في خيمة، وأضاف "نساؤنا يواجهن مشكلات وهن أيضاً يشعرن بالذل".

وعندما تصل المساعدات الغذائية إلى المدرسة، يندفع أفراد العائلات اليائسة نحو الشاحنات، بينما تبعدهم أحياناً عناصر من الشرطة المسلحة بعصي طويلة.

وقالت ياسمين "الناس يرسلون مواد إغاثة، لكن التوزيع ليس منظماً بشكل جيد"، وأضافت "تتكرر المشاجرات ويتعارك الناس للحصول على بعض الطعام. وفي نهاية الأمر يحصل البعض على حصة أكبر فيما لا يحصل آخرون على شيء".

أقيم أكبر مخيم للمتضررين في البلدة في أكاديمية لسلاح الجو الباكستاني وتؤوي هذه المنشأة المخصصة للتدريب 3000 شخص.

وعلى مقربة من المكان، يقوم أفراد مسلحون من أعضاء حزب سياسي محلي بحماية منازل مهجورة مستخدمين قوارب تجديف للتنقل في الشوارع العائمة ومنع أي عمليات نهب.

وبالنسبة إلى بعض الفارين من الفيضانات العارمة، فإن المناطق الجافة الوحيدة هي طرق مرتفعة وسكك حديدية لجأ إليها آلاف الريفيين الفقراء مع ماشيتهم.

 

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات